الغائب عن إلغاء دعم الخبز

الرابط المختصر

 

 

 

يدور نقاش حاد حول فكرة إلغاء الدعم الحكومي للخبز مع توفير بديل مادي للمواطنين لكي لا يتكبدون أية خسارة جراء ذلك.

 

إن أسعار الخبز وفقا للدراسة التي تجريها الحكومة حاليا سترتفع بنسبة حوالى 100%، حيث سيصل سعر الكيلوغرام إلى 32 قرشا (0.45 دولار)، بدلا من 16 قرشا، مع توجه لدفع دعم نقدي مباشر للأردنيين، وتجري حاليا مناقشة الآلية المناسبة لتطبيق ذلك.

 

تركز الحكومة، في حملتها الترويجية لإلغاء الدعم، على أن معظمه يذهب إلى غير الأردنيين، وهو ما عبر عنه رئيس الوزراء، هاني الملقي، في تصريحات في وقت سابق من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، مشيرا إلى أن الدعم يجب أن يذهب للأردنيين وليس للثلث الآخر من السكان الوافدين واللاجئين.

 

رئيس الوزراء الاسبق عبد الله النسور كان قد طرح الفكرة عام 2015  مستعرضا مستقبل الأردن خلال العشرة سنوات المقبلة بقوله إن الأردنيين "لن يدفعوا قرشاً إضافياً لشراء الخبز، لأنه ستتوفر لهم بطاقة ذكية لتعويضهم عن الفرق بين سعر الخبز الجديد المطابق لسعر السوق وبين السعر المدعوم الحالي".

 

ويأتي الآن الدكتور هاني الملقي للعودة لنفس الموضوع وفي غياب نقاش حقيقي في مجلس الأمة ومؤسسات الدولة الاردنية ولا في الإعلام ولا بالتنسيق مع مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب والنقابات.

 

النقاش الذي يجري هنا وهناك  يتركز على غياب الثقة لدى المواطن، وعدم إيمانه بصدقية التعامل الحكومي من دون لتلاعبها بالأسعار وكميات وطرق توفير الدعم لمن يستحق فوراً أو بعد مرور فترة قصيرة. وبعيداً عن مناقشة مبدأ الدعم من الناحية الاقتصادية، لم يجر تناول تأثير قرار الإلغاء على غير حاملي الرقم الوطني مثل الفلسطينيين المقيمين في الأردن منذ عقود و من أصل غزي، وأزواج وأبناء الأردنيات، والجاليات من جنسيات مختلفة، واللاجئين من دول مجاورة؛ سوريين وعراقيين وغيرهم.

 

قد يقال إن الحكومة ودافع الضريبة الأردني ليس ملزماً بتوفير خبز بأسعار مدعومة للأجانب كافةً المتواجدين في الأردن. نظرياً هذا صحيح، لكن هل ترغب الحكومة فعلاً في زيادة الهوة بين من يقيم ضمن حدود المملكة؛ مواطنين حاملي أرقام وطنية وسواهم.

 

حين جرى نقاش إلغاء الدعم للمحروقات وفواتير الكهرباء كان من السهل الإشارة إلى أصحاب الفيلات والسفارات الأجنبية الذين يستغلون دعم الكهرباء لأمور ترفيهية لا ضرورة لها. لكن الحديث عن إلغاء الدعم عن الخبز لكل من هو غير أردني، فإن المتضررين هم الثلاث ملايين أو أكثر من ضيوف الأردن ممن انقطعت بهم سبل الحياة وجاؤوا هرباً من الحروب والعنف، بحثاً عن الملجأ والأمان ولقمة العيش البسيطة. فهل من أولويات الأردن أو القائمين على صندوق النقد الدولي الإضرار بهؤلاء البسطاء والمحتاجين من اللاجئين وعمال بسطاء وغيرهم. فغالبية الأغنياء والسفراء وغيرهم ليسوا من الذين يتناولون الخبز الأبيض  بكميات ذات معنى اقتصادي مهم.

 

إن فكرة توفير الدعم لكل الأردنيين وإلغائه عن البقية من دون الاهتمام بالوضع المالي للطرفين قد يهدف إلى إقناع المواطن بقبول الإلغاء مؤقتاً ومع الوقت يتم تدريجياً  سحب  الدعم للفقراء من دون الالتفات إلى أن هذا الأمر سيغضب البعض، ويوسع الهوة بين الحكومة وبين المواطن.

 

رفع الدعم عن الخبز لا ينسجم مع السياسة الأردنية، التي رحبت ولا تزال ترحب باللاجئين العرب، مع الأخذ بعين الاعتبار أنه يتم تعويض الخزينة بأموال المتبرعين الحكوميين وغير الحكوميين من أنحاء العالم كافةً.

 

تحديات كبيرة تواجه الأردن، لكن محاولة وضع فوارق بين المواطن وغير الأردني سيزيد من الحساسية والسلم الاهلي الذي طالما احتفل به الاردنيون وضيوف الاردن،. ان وقف الدعم للخبز قد يخلق مشاكل جديدة مع طرفي معادلة الفقر الاردنين وغير الاردنين ولا شك ان الدولة الاردنية بغنى عن تلك المشاكل في نفس الوقت الذي لا يجري العمل المثابر لوقف التهرب الضريبي والذي يكلف الخزينة الاردنية مئات الملايين ان لم يكن مليارات الدنانير سنويا.

 

أضف تعليقك