تعليمات الاجتماعات العامة انتهاك جديد لحرية التجمع

تعليمات الاجتماعات العامة انتهاك جديد لحرية التجمع
الرابط المختصر

حق التعبير وحق التجمع من الحقوق الأساسية الواجب على الدولة أن تكفلها لجميع سكانها، مواطنين أو وافدين، على حد سواء.

والحقوق الأساسية ومدى ضمانتها وكفالتها تشريعاً وممارسة هي أداة لقياس مدى التزام السلطة التنفيذية بالعهود والمواثيق الدولية التي صادقت عليها وتم نشرها في الجريدة الرسمية، وبموجبها يتم تصنيف الدولة على أنها تحترم حقوق الإنسان وتسير نحو تعزيز الديمقراطية أم أنها تشكل تراجعاً عن نهج الديمقراطية والنهوض بحقوق الإنسان.

إن حرية التعبير وحرية التجمع يشكلان ركانين رئيسيين وعاملين ضروريين لأي دولة ديمقراطية، وبتغيبهما أو بفرض قيود عليهما يعني أن النظام قمعي أو لا ديمقراطي.

فقانون الاجتماعات العامة لا يرتقي إلى المعايير الدولية، بل لا يرتقي إلى الحقوق التي كفلها الدستور، وبالرغم من ادعاء الحكومة وزعمها بأنها حكومة (إصلاحية) وتدلل على ذلك بأنها عدّلت قانون الاجتماعات العامة، بحيث اتاحت للمواطنين بشعار الحاكم الإداري بموعد ومكان وغايات الفعالية المراد تعريفها بالاجتماع العام، إلا أنها أبقت على حق الحاكم الإداري بفض الاجتماع أو الندوة أو ورشة العمل أو الاعتصام أو المسيرة ضمن رؤية تقديرية، وهذا يعني انتهاك صارخ لحق التجمع وحق التعبير، ويعني أيضاً عدم جدية السلطة التنفيذية بضمان وحماية حق التجمع والتعبير، مهما زاد الطين بلّة التعليمات الصادرة عن وزارة الداخلية ونشرتها صحف يومية عن وكالة الأنباء الأردنية (بترا) فحملت هذه التعليمات مزيداً من القيود على حرية التعبير وحرية التجمع ومع القيود:

- عدم القيام بأي دعم أو إعلان قبل إشعار الحاكم الإداري بعقد الاجتماع أو التجمع أو المسيرة.

- عدم استخدام أي شعارات أو هتافات أو رسومات أو صور أو رموز تمس سيادة الدولة أو الوحدة الوطنية أو الأمن أو النظام العام.

- الالتزام بعدم عرقلة السير أثناء المسيرات.

- عدم السماح لأي كان بالإخلال بالأمن أو النظام داخل أماكن الاجتماعات.

- تحديد خط سير المسيرة ومكان انطلاقها ومكان انتهائها والوقت المتوقع لانتهائها.

بعد هذه القيود، فماذا بقي للأحزاب والقوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني والفعاليات الشعبية في ظل غياب تعريف لسيادة الدولة أو الوحدة الوطنية أو الأمن أو النظام، فهذه كلمات فضفاضة لإتاحة المجال للحاكم الإداري والأجهزة الأمنية للتدخل ومنع هتافات ورفع شعارات وملصقات ترى أنها تمس تلك العناوين، ولتستخدم ذلك كمبرر لفض الفعالية، مهما كانت سواء في مكان عام أو في قاعة أو فندق.

ولماذا تحظر التعليمات الإعلان عن أي فعالية قبل إشعار الحاكم الإداري، فالأصل هو الإباحة لذلك فإن هذه المادة مراد بها أيضاً التدخل الحكومي وفرض الوصاية على منظمة الفعاليات، ويعني أيضاً عدم قناعة السلطة وأجهزتها الاكتفاء بالإعلان عن الفعالية وفقاً للقانون وإتاحة الحق للمنظمين بالتحضير والإعلان لإنجاح الفعالية وهذا اعتداد صارخ على الحق في التعبير والحق في التجمع.

وأما الزام منظمي الفعالية بعدم عرقلة حركة السير أثناء المسيرات، فالسؤال الذي يطرح نفسه هل يمكن لمسيرة أن تكون في فندق أو قاعة أو على رصيف مشاة، فالطبيعي أن تكون المسيرة في الشوارع العامة ومن الواجب على وزارة الداخلية أن تنظم السير أو تحوله باتجاه آخر، وهذا هو أحد الغايات التي من المفروض أن تقف وراء إشعار الحاكم الإداري.

وأما عدم السماح لأي كان بالإخلال بالأمن أو النظام داخل أماكن الاجتماعات، ليست بأجهزة أمنية ولا تستطيع أن تميز المندسين من غيرهم، ومن الطبيعي أن يُعلم المنظمون الجهات الأمنية في حال محاولة مندسين تعكير صفو أمن الاجتماع داخل القاعات، وأما في المناطق المفتوحة والشوارع فهذا واجب الأمن، وهذه التعليمات تأتي بهدف التدخل لفض الفعالية تحت مبررات واهية.

وأما تحديد خط سير الميسرة ومكان انتهائها والوقت المتوقع لانشائها، فهذا بهدف إجهاض فعاليات كبيرة، وبهدف منع الاعتصامات المفتوحة، وهذا أيضاً مخالف للحق في التجمع، وهذا ينذر وينبئ بضعف النظام السياسي وضعف ثقته بالتفاف الشعب حوله.

لذلك فالمطلوب من الأحزاب والقوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني النضال بكافة الوسائل السلمية لإسقاط هذه التعليمات وتعديل قانون الاجتماعات العامة، بما يتفق والعهود والمواثيق الدولية.

فكفى للسلطة من التهرب بالسير نحو تعزيز الديمقراطية وضمان حق التجمع..