العنف المجتمعي وسيادة القانون

العنف المجتمعي وسيادة القانون
الرابط المختصر

في خضم اطّراد وازدياد وتفاقم قضية العنف الإجتماعي أوالأهلي أوالمجتمعي بأشكاله المختلفة في مجتمعنا الأردني في الآونة الأخيرة كاحدى مخرجات وافرازات الربيع العربي، مما حدا بها الانتشار في بعض المناطق على شكل هبّات وفزعات انتقاميّة أوثأرية سريعة من قبل مجموعات للحصول على حقوق فردية لشخص أولمجموعة -يعتقد بأنها منقوصة- أوربما لإنتزاع بعض الحقوق. وهذه القضية تعتبر عند البعض –وليس الكل- مؤشر على الفزعة الاجتماعية المرتبطة بروابط الدم أوالغوغائية الاجتماعية أحيانا، ومؤشر على ضعف التربية المدنية وربما على بعدنا عن المجتمع المدني، ومؤشر على عدم احترام القانون لدرجة الاستهتار والعبث بالأماكن والممتلكات العامة، ومؤشر على النزقيّة وضيق النفس الذي يعيشه البعض، ومؤشر على ضعف أدبيات الحوار وتفهّم الآخر والانصات له، ومؤشر على ضعف الوازع الديني أحيانا “ولا تزر وازرة وزر أخرى”، ومؤشر على تغليب المصالح الضيقة على مصالح الوطن، ومؤشر على ضعف الانتماء واحترام دولة القانون، ومؤشر على العبثيّة والاستهتار وحب الفوضى، ومؤشر على غياب لغة العقل والحكمة، ومؤشر على عدم تقبلنا للتحوّلات والتغيرات الاجتماعية التي تفرضها طبيعة الحياة العصرية، وربما أخيرا مؤشر على عدم احترام هيبة الدولة عند البعض!

ولأنني من الذين يحترمون هيبة العشيرة ككيان مؤسسي اجتماعي محترم ودوما يدعم احترام الآخر ويحافظ على الحقوق من دون غبن، ولأنني من الذين يحترمون العادات والتقاليد الاجتماعية النابذة للفوضى أوالعبث، ولأنني من الذين ينبذون الواسطة كوسيلة اجتماعية أواستخدام العشائرية كوسيلة لتبرئة المخطئين أوالعابثين في أمننا الاجتماعي أوالمجرمين أحيانا، ولأنني من الذين يؤكدون دوما على ضرورة اعطاء القصاص العادل والسريع لكل من يستحق، ولأنني من الذين يجرّمون مفتعلي الفوضى الاجتماعية، ولأنني ... ولأنني، فانني أحلم بما يلي:

1. التسريع في ايقاع العقوبة على الجاني في القضايا ذات الطابع العشائري وخصوصا جرائم القتل العمد وقضايا الشرف–وبالطبع من خلال قضائنا العادل والذي نعتز بنزاهته-، واظهار العقوبة في وسائل الاعلام كافة لتعطي درسا ونموذجا للغير ولتؤشر على سيادة القانون.

2. التجريم والتعزير المجتمعي لمن تثبت ادانته في قضايا العنف الاجتماعي، وعدم مدارات أواسترضاء الخارجين عن القانون.

3. الايمان بسيادة القانون وهيبة الدولة وعدم الايمان بالواسطة والمحسوبية، وتجريم كل من يتدخّل للإخلال بحقوق الآخرين أوالعبث أوالتخريب أوالتحريض.

4. اقتصار الدور العشائري في قضايا القتل العمد وقضايا الشرف على المساهمة في احلال الأمن الاجتماعي والوطني، وعدم التدخّل في القضايا الحقوقية أوالجزائية للفاعل أوالمشتكى عليه.

5. اضافة مادتي الثقافة القانونية ومهارات الحياة العصرية لمناهجنا التربوية والأكاديمية في مدارس وزارة التربية والتعليم والجامعات الأردنية ليدرس ويمارس فيهما نظريا وعمليا مواد القانون العام واحترام الدستور والقانون والثقة بمؤسسات الوطن الأمنية والعدلية والقضائية وغيرها وأدبيات الحوار وفض النزاعات وحل المشاكل واحترام الآخر واحترام الاختلاف ولغة العقل ولغة الحكمة وفنون الصبر والتروي وغيرها. وربما تضاف هذه العناوين لمساقات التربية الوطنية على أن تدرّس بطرق أخرى حديثة لا تستخدم الأسلوب التلقيني بل التشاركي.

6. تغليب لغة العقل والحكمة على لغة العاطفة والفزعة ولغة “هبّين الريح وين راحوا” أولغة “أنصر آخاك ظالماً أومظلوماً.

7. وضع استراتيجية واضحة المعالم لمراجعة ما لنظامنا الإجتماعي وما عليه وتعزيز وتعظيم الجيد فيه ومعالجة مواطن الخلل فيه. وبالطبع يقترح أن يكون الإطار العام للإستراتيجية تشاركيا بين المجتمع بعامة ومؤسسات الدولة المختلفة.

8. تشكيل “مجالس حكمة” أو“مجالس استشارية” لكل عشيرة أردنية تهدف الى المساهمة كرديف لأجهزة الدولة المختلفة للعمل على حل المشاكل الاجتماعية وتهدئة النفوس في حال وقوع خلل لا قدّر الله.

9. عمل مؤتمر وطني حول ظاهرة العنف الاجتماعي أوالأهلي لدراسة أسباب ومسببات وحلول هذه الظاهرة.

ولأننا نفخر بحال الدولة الأردنية المستقر والآمن مقارنة بمن حولنا من الدول ونفخر بمنجزاتنا التراكمية ومؤسساتنا وتشريعاتنا والتي رعاها الهاشميون الأطهار، فاننا نأمل أن نحافظ على هذه الانجازات ولا نترك المجال لعابث أومُفتن بأن يولّد بؤراً انشطارية للفتنة.

وربما أن تعزيز لغة الحوار والتواصل الاجتماعي بين الناس واحترام بعضنا البعض تعتبر المفاتيح الرئيسة للقضاء على العنف المجتمعي، وربما تفعيل منظومة مواثيق الشرف المجتمعي تؤثر أيضاً في حالة نبذ العنف والغلوعند البعض قبل أن نهمّ بتطبيق القانون على أصوله.

وأخيرا، فاننا نأمل أن يحافظ الجميع على أمننا الإجتماعي والوطني وينبذ العنف الاجتماعي والعنف بأشكاله كافة، وأن نلتزم بأدبيات الحوار وثقافة القانون، ونجرّم الواسطة والمحسوبية التي تنقص حقوق الآخرين أوتعزّز سلوكيات العبث في الممتلكات العامة، ونعزّز مواطنتنا الصالحة من خلال المحافظة على وطننا الأشم ونجعل ذلك في ميزان انتمائنا ومواطنتنا!

* زير الأشغال العامة والاسكان السابق

span style=color: #ff0000;الدستور/span

أضف تعليقك