استقالات الرابطة بين الكرامة والأيديولوجيا

الرابط المختصر

هل كان دفاعا عن الكرامة؟ أم دفاعا عن الأيديولوجيا؟ أم انخراط في صحن الصراع بين السياسي والمثقف؟ أم اختلاف وخلاف بين خطين فكريين لا ولن يلتقيان؟ أم هما انهماك في ترتيب المصالح؟ أم هو حلقة متوالية من الثأر والثأر المضاد؟ أم فرصة لتدمير الآخر وإقصائه ونفيه؟ أم هو خلاف بين الهويات الثقافية في بيئة مؤسسية أضاعت هويتها في زحام الخلاف على تشخيص الزهايمر الثقافي وعلاقته بمرض السعال الديكي...الخ.
بعض أسئلة تُطرح على هامش استقالة اربعة أعضاء من الهيئة الإدارية لرابطة الكتاب الأردنيين أمس ويمثلون بمجملهم ما يسمى بــ" التيار القومي " ليتركوا شركاءهم من ممثلي تياري القدس والتجمع الديمقراطي في حالة ربما يمكن وصفها بـ " الإبتهاج الصحي والتعافي النفسي".
انسحب التيار القومي من إدارة بيت المثقفين الأردنيين بعد أن فقد أية ذرائع تسعفه للبقاء "في بيئة عدائية إقصائية واستحالة الاستمرار ــ على حد توصيف بيان الاستقالة ــ "، فيما للا تزال إدارة الرابطة تلتزم الصمت وعدم التعليق على تلك الاستقالة التي من المرجح أنها لن تحدث اية حالة احتجاج مؤثرة لدى الهيئة العامة،لكنها ستكون فرصة سانحة لتياري القدس والتجمع لتعزيز قبضتيهما على الرابطة في يوبيلها الذهبي الذي تبدو الرابطة فيه وكأنها تحتاج لثورة بيضاء تنقذها من حالة التفتت التي تعيشها منذ زمن طويل مضى.
يشكوا المستقيلون من حالة التهميش والإقصاء التي عاشوها داخل الادارة طيلة ثمانية أشهر مما أجبرهم على الاستقالة، والبعض يشير الى أن آخر عمليات الإقصاء تبدت في البرنامج الوثائقي عن الرابطة بمناسبة يوبيلها الذهبي الذي تم فيه تهميش تياري التجمع والقومي واقتصاره على تيار القدس، مما أشعل غضبا لدى التيار القومي فيما بقيت حالة الغضب ساكنة لدى التجمع الديمقراطي الحليف القوي لتيار القدس، مما يفتح الباب للتكهن عن شكل ومضمون حالة الانسجام بين الحليفين في الأيام المقبلات.
اليوم وقبلا كانت الرابطة ضحية لكل الصراعات الانتخابية والأيديولوجية بين الأصدقاء الحلفاء، وبين المناوئين الأعداء، فقد تم أسر الرابطة واحتجازها في سلاسل وقيود الأيديولوجيا السياسية، والتخوين، والإتهام، وبين الوطني وغير الوطني، وبالتالي فقدت الرابطة أخلاقيات الخلاف والإختلاف، وبدلا من أن تكون الرابطة نموذجا للمثقفين الذين يمارسون السياسة والثقافة بروح وأخلاقيات الخلاف والإختلاف سقطت في متهجيات السياسي السلطوي الذي يتقن سجن وحبس وقتل الآخر ونفيه.
واليوم ورابطة الكتاب الأردنيين تقف أمامنا عارية ومهشمة ومحطمة ومريضة فانها بحاجة لحملة انقاذ وعلاج ممنهجة بعيدة عن ثقافة الثأر والتحطيم، وبعيدة تماما عن تقاسم ميراث لم يحسن الورثة التصرف فيه فأضاعوه غير آسفين ولم يتركوا خلفهم غير بقايا من رماد وذكريات هلامية بلا ملامح.
ولا بد من القول هنا ان ما يجري في الرابطة ما هو إلا انعكاس لأزمة عامة يعيشها المجتمع الأردني بكل أطيافه، وهي صدى حقيقي لطبيعة وشكل الخلافات والصراعات التي تحتشد من أساس المجتمع صاعدة إلى نخبه.