أمريكا تلقي العرب تحت عجلات المركبة

 أمريكا تلقي العرب تحت عجلات المركبة
الرابط المختصر

في مناظرتهما الثالثة، ظهر مرشحا انتخابات الرئاسة الأمريكية، باراك أوباما ومنافسه الجمهوري ميت رومني وكأنهما على وشك الدخول في مبارزة "قاتل أو مقتول"، أملاً في الاستحواذ على قلب المحبوبة إسرائيل، إذ تنافس الاثنان بطريقة مكشوفة وتسابق لمن خدم ويخدم وسيخدم مصالح الدولة الصهيونية بسخاء أكثر واخلاص أكبر.

جزء من العرض كان يستهدف الأصوات اليهودية في فلوريدا، حيث موقع المناظرة، فهي ولاية حسمت النتائج النهائية أكثر من مرة: فجورج بوش الابن فاز على منافسه آل غور بعدما قررت محكمة متخصصة أن تعداد الأصوات، مرة ثانية، كانت لصالح الأول في قضية ما زالت موضع خلاف وشكوك، وقد يستمر الجدل فيها في أروقة السياسة والقانون إلى وقت بعيد.

في الانتخابات الأخيرة اضطر المرشح أوباما إلى الاستنجاد بالدبلوماسي المخضرم، وأحد أهم المدافعين عن إسرائيل، دينيس روس، ليقوم بجولة في الولاية الجنوبية لكسب أصوات الناخبين اليهود، والمؤيدين للصهيونية من غير اليهود، وعينَ روس بعدها، في مواقع حساسة.. بدءا من وزارة الخارجية ومن ثم البيت الأبيض، ولكنه بعد فترة ترك الموقع الرسمي ومن ثم هجر حملة أوباما الثانية في مؤشر على خلاف حول الموقف من إيران وبرنامجها النووي.

أوباما بأمسّ الحاجة إلى كسب هذه الأصوات، خاصة وأن منافسه اليميني رومني اعتمد في حملته الانتخابية هجوما شرساً على الرئيس الأمريكي، متهماً إياه بالتفريط بأمن إسرائيل وإلى "رميها تحت عجلات المركبة"، نتيجة للتردد الأمريكي في اتخاذ خطوات حاسمة تجاه طهران وعدم تأييد واشنطن، في الوقت الحالي على الأقل، لضربة عسكرية إسرائيلية ضد منافستها الإقليمية.

لكن أوباما أشار بكل ثقة بأن في عهده وصل التعاون العسكري الأمريكي الإسرائيلي إلى درجات غير مسبوقة، مؤكداً أن أمريكا ستتحرك للدفاع عن إسرائيل في حال أي هجوم إيراني عليها ، لأن " أمن إسرائيل هو من أمن أمريكا".

المواقف التي أعلنها المرشحان ليست بجديدة، فلا اختلاف جذريا بينهما، ولكن في الوقت نفسه تعكس الخلافات الجارية على الساحتين الإسرائيلية والأمريكية، حول كيفية التعامل مع "الخطر الإيراني على إسرائيل"، وامتداداً لجدل إسرائيلي حاد انتقل إلى أمريكا وأثر بوضوح على أجواء حملة الانتخابات الأمريكية.

معسكر بنيامين نتنياهو، أثبت أن له حضورا قويا في أمريكا، خاصة وأنه نفسه يخوض حملة انتخابية، أساسها ادعاء استعراضي باعتباره الزعيم التاريخي الأمثل لقيادة إسرائيل في "مرحلة حرجة" ولا يمكن الاعتماد فيها على حسابات الإستراتيجية والأمنية الأمريكية في الدفاع عن "وجودها".

لكن هناك من في المؤسسة الإسرائيلية من يعتقد أن أوباما هو الرئيس الأفضل للحفاظ على مصالح إسرائيل، إذ لم يتأخر وانبرت شخصية إسرائيلية بارزة بالرد على حملة رومني في هجوم قل نظيره،على تاريخ وسياسات الحزب الجمهوري تجاه إسرائيل.

تحت عنوان " من الذي رمى إسرائيل تحت عجلات المركبة؟ " ، نشر رئيس الموساد السابق، افرايم ليفي مقالاً حاد اللهجة، في صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية، اتهم الجمهوريين بأنهم من عرضوا أمن إسرائيل ومصالحها إلى خطر شديد في أكثر من مرحلة تاريخية إلى درجة اهتمام عدة رؤساء من الحزب الجمهوري بالتعامل مع إسرائيل "بأسلوب بارد ومتعمد جرح مشاعرها القومية، وحساسيتها ومصالحا الإستراتيجية".

فمن تهديد ووقف العدوان الثلاثي على قناة السويس في عام 1956، إلى منع إسرائيل من الرد على صواريخ سكاد خلال الحرب على العراق في عام 1991، وبعدها مباشرة إلى تجميد قروض لإسرائيل شرط انضمامها إلى مؤتمر مدريد للسلام ، مروراً "بفرض" خريطة الطريق للسلام ، لقولها أن الوضع النهائي للقدس مرهون بالمفاوضات، وانتهاء بالسماح لحركة حماس بالمشاركة في الانتخابات الفلسطينية، كلها وقائع تثبت سجلاً من الضغوط على إسرائيل التي مارسها رؤساء جمهوريون و لم يمارسها الديمقراطيون.

بالمحصلة النهائية فإن المرشحين رميا العالم العربي تحت المركبة من دون أي تفكير أو اعتبار.

العرب اليوم