شربل بلوطين: النظام الغذائي الخضري يستطيع إنقاذ البيئة والكون

الرابط المختصر

تقرير: روزين عودة يؤمن شربل بلوطين مؤلف كتاب الخضرية الذي خرج إلى النور نهاية العام الماضي، - والذي حمل في أطيافه مصطلح جديد نقي من شوائب التلويث البيئي كأحد أهدافه، حيث يكشف فيه عن الهجوم الشرس الذي يشنه الإنسان على الحيوان والبيئة- أن النظام الغذائي الخضري هو من سينقذ البيئة من موتها، فيشدد بلوطين، قائلاً :" الخضرية هي تعامل أسمى للإنسان مع الأرض والحيوان". والخضرية هي نظام غذائي للإنسان، مصدره كل شيء من الطبيعة، والامتناع عن تناول أي نوع غذاء مصدره الحيوان. يقول بلوطين:" النظام الغذائي الخضري يختصر علينا المعاناة التي تنتظرنا مستقبلاً، يختصر المعاناة التي تنتظر الحيوان والبيئة من حولنا والكون أجمع، ويرتقي بنا إلى حياة ثرية وناجعة وصحية، والحقائق تثبت وجهة النظر هذه. نظر بنو البشر إلى العالم وكأنهم أعلنوا انه ما من شيء عدانا وأهم من مصلحتنا وجميع الأمجاد والعجائب موجودة هناك لكي تكون مستغلة، وإذا لم يكن استغلالها ممكنا، فلن تكون ذات قيمة كبيرة. والحقيقة هي أننا لا نستطيع أن نبني حياة ولكننا نعرف كيف ندمرها بنجاعة، كيف نكون عديمي المسؤولية والوعي، بدون القلق من التأثيرات على المدى البعيد لهذه العمليات". غاز الميثان يتعلق الحفاظ بالبيئة بعوامل عديدة، والحقيقة أن البيئة لا تقتصر فقط على الحفاظ على الأرض والتربة إنما الكون بكل ما يشمل، والحقيقة التي يقولها شربل في كتابه الخضرية، إن:" تربية الضأن والأبقار هي ثاني أكبر عامل لغازات الاحتباس الحراري الكوني"، ويضيف " يأخذ غاز الميثان الحصة الأساس في محو النبات البري والحيوان، حيث يرتقي بهذا لأن يكون العامل الأول لاختفاء الأحراش، أيضاً هو في صلب الكوارث البيئية في العالم تقريباً، ومن بينها عمليات التصحر وتلويث الماء والهواء، وتلويت النيتروجين والمطر الحمضي ودمار وجه الأرض وحتى إنتاج حشرات قاتلة، وكل ذلك لأن الكائنات الحية هي مجرد مستَهلَك آخر، وكبقية المستهلَكات كلها، يجب أن نكون مقتنعين في مواصلة استهلاكها دونما أدنى اهتمام بالضرر الذي سيحققه". استنزاف الأرض يستطيع حتى الناس البسطاء التأثير بشكل ايجابي على البيئة والحد من الهجمات غير المقصودة – أن تكون- عليها، حيث يقول شربل بلوطين أنه "وبالرغم من عمليات التدوير والمعالجة والتي يعتبرها البعض ناجحة وفعالة يمكننا حفظ وتوفير الطاقة والمياه". تشير الإحصائيات أن هناك 20 مليار رأس من الماشية يسيرون على الأرض أي أنهم أكثر بـ3 أضعاف عدد سكان الأرض، بالتالي يقول بلوطين:" نحن نسرف على الماشية موارد طبيعية بالغة الأهمية بدلاً من استخدامها للموارد بشكل صحيح لخدمة أنفسنا، فالنتيجة الحتمية هي تدمير البيئة". اللحوم ترفع درجة الحرارة العالمية يقول شربل بلوطين:" إن أحد أعظم المشاكل البيئية التي تقلق راحتنا هي التحكم في نواتج الغاز المنبعثة إلى الجو، تلك العالقة في الهواء والتي تسبب أضراراً كبيرة. تسمح سقوف الزجاج في الدفيئة الصناعية لحرارة الشمس في التسرب أثناء امتصاص الحرارة من الداخل، عن طريق حرق المتحجرات وتكوين منتجات الغاز بنسبة لم يسبق لها مثيل، نحن بذلك نرفع من درجات الحرارة العالمية ونساهم في تغييرات مناخية متنوعة في أرجاء الأرض مما ينتح عنها انعكاسات فتاكة جداً، مثل الفيضانات، أزمات المحل والجفاف، ظواهر متطرفة وخطيرة". ويقول أيضاً:" ومن بين الغازات الممتصة للحرارة المرتفعة في الغلاف الجوي، فإن ثاني أكسيد الكربون هو أكثر الغازات الذي نسمع عنها وإضافة له غاز الميثان الذي يمتص 21 ضعفاً من الحرارة لكل جزيء نسبة لثاني أكسيد الكربون، ومصدره التجشُؤ. والمثير للاهتمام هنا، أن بقرة سمينة تقف على أقدامها وتأكل غذاء مصطنعا بكميات كبيرة ونتحدث هنا عن 1.3 مليار بقرة حول العالم، ستنتج 100-520 كوارتسا (كوارتس + ربع غالون) من الميثان يومياً". إن وجود الميثان لا يسبب بطبيعته أي ضرر بحيث أنه يحافظ على اتزان مع غازات أخرى في الغلاف الجوي، لكن وجود هذا الكم الهائل من الحيوانات التي نهدف من وراء تربيتها إنتاج الغذاء يساهم في إنتاج مفرط للميثان لحد تخطيه المستوى المطلوب للحفاظ على التوازن الطبيعي. ويضيف بلوطين:" لو أن جميع الناس تبنت التغذية المرتكزة على النبات، لاستطعنا تقليل إنتاج الغاز المنبعث من الدفيئة بما نسبته 60% خلال يوم واحد فقط". ويذكر بلوطين في كتابه الخضرية، أنه " تنتج هذه البقرات ملايين الأطنان من النفايات المليئة بالمواد المضادة الحيوية وهرمونات النمو التي تتسرب إلى جوف الأرض وإلى موارد المياه" وحول الطاقة المستهلكة في غير مكانها حسب مبدأ النظام الخضري، يذكر بلوطين في كتابه أيضاً، أن:" تستهلك حظائر الحليب مئات الآلاف من الكيلو واطات، خلال عدد لا يخصى من الساعات سنوياً في استخدام الكهرباء، وذلك لكي تستطيع تشغيل المضخات التي تحلب البقر". إن صناعة اللحوم هي صناعة متطلبة جداً للنفط، قياساً إلى البروتين في الحبوب، فإن إنتاج البروتين الحيواني يتطلب 11 ضعفاً من تلك الطاقة. والأصعب من ذلك، بيئياً، إن رعي الأبقار هو العامل الأكبر في تدمير غابات المطر، حيث تخسر الطبيعة والإنسان 2.4 دونم من الغابات الاستوائية كل ثانية، أي 144 دونماً في الدقيقة الواحدة، 75 مليون فدّان في السنة. فيقول بلوطين في بحثه إن:" كل همبورجر واحد يتطلب إخلاء قطعة أرض بمساحة مطبخ صغير". علماً أن الغابات الاستوائية هذه تنتج 40% من الأكسجين الذي نتنفسه. القلق على التنوع الطبيعي يقدر أنه داخل قسيمة من ستة كيلومتر مربع لغابة استوائية، كنت ستجد هذه الأحياء: 60 نوعاً من الحيوانات البرمائية، 100 صنف من الزواحف، 125 نوعاً من الثديات المختلفة، 400 نوع من الطيور والعصافير، 750 نوعاً من الشجر و1500 صنف من النبات المزهر. يؤمن بعض الباحثين أن خلال كل ساعة، هناك ستة أصناف من النباتات أو الحيوانات مهددة بالانقراض، وهذا يؤدي حتمياً لموت البيئة من حولنا. ويقول بلوطين في هذا الشأن:" من الواضح لنا أن الغابات الاستوائية هي أكثر من مجرد كونها غابات، إن تنوعاً طبيعياً من هذا النوع، لن يعود على نفسه ولن يظهر مرة أخرى خلال فترة حياة جيل واحد ولا حتى مئة جيل. عندما تستغل قطعة من الأرض لأجل إطعام ورعي البقر، التي سرعان ما ستغدو أرضاً قاحلة صحراوية، فإن هذه القطعة ستختفي للأبد". غازات في الغلاف الجوي ثاني أكسيد الكربون، غاز الميثان وأكسيد النيتروس هي الغازات المنتشرة في الغلاف الجوي. الغاز الذي يلحق الضرر الأكبر بالبيئة هو ثائي أكسيد الكربون وذلك بسبب الكميات التي يتم إنتاجها منه. ويحتل في المركز الثاني غاز الميثان، حيث أنه فعال أكثر بـ21 مرة من ثاني أكسيد الكربون في حبس الحرارة، ويبقى في الغلاف الجوي لمدة تراوح بين 9-15 سنة، وأخيراً، يحتل أكسيد النيتروس المرتبة الثالثة من ناحية الضرر، ولديه إمكانية المساهمة في الاحترار الحراري أكثر بـ296 مرة من ثاني أكسيد الكربون ويدوم تأثيره لمدة 114 سنة. إن جميع العمليات المتعلقة بالماشية ورعايتها، الإطعام، النقل، القتل وتحويلها للحوم أو إنتاج ألبان منها هي المسؤولة إلى حد كبير عن إنتاج كميات كبيرة من الغازات الثلاثة. إن العالم ليس معرضاً للخطر بسبب كميات ثاني أكسيد الكربون فحسب، إنما أيضاً من قدرته الآخذة بالانخفاض على استيعابها والاحتفاظ بها في أحواض الكربون. ماذا يقول العالم؟! يشكل ارتفاع درجات الحرارة القلق الرئيس، بحيث درجة الحرارة التي حددت قبل سنوات مضت على أنها المتوسطة، هي أعلى بثلاث درجات اليوم. ويفيد تقرير آخر صدر عن الأطباء البيطريين في صناعة اللحوم الأوروبية أنه "لا يمكننا القضاء على الكرة الأرضية ولكننا من المحتمل أن نغير المناخ في اتجاه غير متوقع – حيث نعرّض في السيناريو الأسوأ بقاءنا كجنس بشري للخطر". ويضيف البروفيسور بيتر كوكس أنه "قد يصبح من غير الممكن إيقاف ظاهرة الاحترار العالمي بحلول 2050. لا يمكن تجنب هذه المشكلة، الاستخفاف بها أو التنصل منها... الخيار هو بين عالم معيب في الحاضر وبين مستقبل عالم معيب بشكل خطير". وتشمل الأضرار معاناة 350 -600 مليون نسمة في إفريقيا من نقص المياه، انخفاض الزراعة حيث ستهبط إلى النصف، التوسع في المناطق القاحلة بنسبة 8%، معاناة مليار شخص في آسيا من نقص في المياه بعد أن تذوب الكتل الجليدية في الهيمالايا وسيطرأ انخفاض على المحصول، عواصف، أعاصير وفيضانات في كل مكان تقريباً، تجريد الغابات وفقدان التنوع الطبيعي، ونهاية، معاناة 77 مليون شخص في أمريكا اللاتينية من نقص في المياه عندما تتحول الغابات المطيرة الاستوائية إلى مناطق سافانا. 40% من مجمل مساحة الأراضي الزراعية تضررت في القرن الماضي نتيجة لضغط الحوافر القاسية للحيوانات وأجسامها الثقيلة، إضافة لنقص المواد الغذائية والتلوث المتزايد. التلويث الكيماوي تنتج الملوثات عن تغذية الحيوانات، وكذلك عن عمليات المعالجة التي تخضع لها تلك الحيوانات. فمثلاً، يحتوي براز الماشية على كمية كبيرة من النيتروجين، الفوسفات، البوتاسيوم، بقايا العقاقير، المعادن الثقيلة والجراثيم المسببة للأمراض حيث أنها تشكل تهديداً حتمياً على البيئة. ويردف بلوطين قائلا:" قُدر عام 2004 أنه تم إنتاج ما يعادل 135 طن من النيتروجين و58 مليون طن من الفوسفور من القمامة العالمية – شكل البقر منها 58%، والخنازير نحو 32% والدجاج حوالي 7%. يمكن أن يلحق فائض النيتروجين أضراراً جدية بالبيئة، من خلال إتلاف الكثير من الأراضي البور والعشبية، ويمكن أن يكون السبب في ولادة أجنة لونهم أزرق بسبب نقص الأكسجين". وينهي شربل بلوطين حديثه قائلاً "تلعب الغازات الناتجة عن النيتروجين – مثل أكسيد النيتريك وحمض النيتريك- دوراً رئيساً في تضرر طبقة الأوزون، الاحترار العالمي والمطر الحمضي" *اعد هذا التقرير لصالح مشروع مضمون جديد