سودانيون يخترقون الحدود بعد رفض إسرائيل منحهم اللجوء السياسي: لا هم لاجئون ولا هم عاملون !

عرب 48 - روزين عودة - مضمون جديد

خوفاً على المناخ الديموغرافي في إسرائيل وخوفاً من فتح الأبواب أمام لجوء فلسطينيين إلى إسرائيل بحجة اللجوء السياسي، وباعتبارها -إسرائيل- "يشكلون خطراً على الدولة"، ترفض إسرائيل رفضاً قاطعاً أن تمنح أي سوداني حق اللجوء السياسي فيها، وحول هذه القضية الشائكة، يقول المسؤول عن الخدمات الاجتماعية عبد ناطور من مدينة شفاعمرو إنه :" وخلال عملي أقابل العديد من الأشخاص الذين لجئوا إلى إسرائيل هرباً من الموت في أوطانهم لكن قابلتهم إسرائيل بالرفض خوفاً على المناخ الديموغرافي، فدخلوا إسرائيل متسللين يبحثون بقواهم عن مأوى يدفئهم في شتائهم ويحميهم من حر صيفهم، فلم تعترف فيهم إسرائيل لا كلاجئين سياسيين ولا ما يحزنون، في الوقت الذين هم يبحثون أيضاً عن ملبسهم المتواضع وخبز عيشهم".

ويضيف:" على سبيل المثال، لنأخذ السودانيون الذين تسللوا عبر صحراء سيناء، وكانوا بين الحياة والموت، وليس ببعيد، تعرضت مجموعة لا بأس فيها إلى إطلاق النار من قبل بدو سيناء، وحادثة أخرى هي توليد امرأة وبعد أن ولدت فارقت الحياة أيضاً على الحدود. إسرائيل تدعي أنهم تسللوا إلى أرضها بطريقة غير شرعية وغير قانونية ولذلك لا تعتبرهم لاجئين سياسيين، ولا تمنحهم حق اللجوء السياسي والذي يمنحهم حق المسكن والعيش بكرامة وهي الشروط الأدنى لحياة كريمة".
ويقول:" لكن إسرائيل تتعامل معهم على أساس أنهم يشكلون خطراً عليها، ولذلك هم بلا حقوق"،

إشكالية كبيرة عاشتها قرية كفرمندا ولا زالت تعيشها بكامل تفاصيلها الإنسانية تارة والأنانية تارة أخرى، فيعيش في كفرمندا المئات من السودانيين الذين يعاركون الحياة ليحصلوا على لقمة العيش لتسكت أمعائهم، لكن الظروف شاءت بهم أن يتسللوا إلى الدولة وبالتالي ليكونوا مسؤولين عن كل تفصيل حياتهم من طعام وشراب ولباس وسكن، في الوقت الذي لو منحتهم إسرائيل حق اللجوء السياسي سيعيشون معززين مكرمين.
بات السودانيون في القرية على يبحثون عن زوجات لهم في القرية ليحصلوا في الدرجة الأولى على الهوية الإسرائيلية حينها، لكن غضب وهوج صعق نبض الشارع المنداوي، وذلك مع ازدياد عددهم.
ويقول ناطور:" من المفروض أن تمنح إسرائيل حق اللجوء السياسي لكل من يطلبه، رغم أن القانون يجبرها على منح حق اللجوء السياسي، والقانون يخضعها لأن توفر لهم الشروط الأدنى لحياة كريمة. وطبعاً اللاجىء السياسي لا يشترك في انتخابات أو ترشح، أو اتخاذ إجراءات أو غيره، تماما مثل الولايات المتحدة، والتي تمنح الـ"جرين كارد"، ويعتبر ترخيصاً لوجوجه في أرضها".

ويضيف ناطور:" باعتقادي أن هذا الرفض جاء من منطلق عنصري بحت، فقبل عدة أعوام أسقط سورياً طائرة، وطلب اللجوء السياسي في إسرائيل ومباشرة تم منحه حق اللجوء السياسي وحتى اليوم يعيش حياة بمستوى رفاه ورقي كبيرين، وهنا السؤال يطرح نفسه... لماذا هذا يحق له اللجوء السياسي؟ والسوداني لا يحق له؟!، من الواضح أن إسرائيل ذكية بما فيه الكفاية لتنتقي الأشخاص بعناية شديدة، ولتحدد ممن تستفيد وممن لا تستفيد".

وفوق هذا الذل الذي يتعرض له من يطلب اللجوء وترفضه إسرائيل، أيضاً يتعرضون للسجن، ومنهم من تعيده إسرائيل إلى وطنه الهارب منه، باعتبارها أنهم "متسللون يمسون في كيان الدولة"، وللعلم، إنهم مجردون من أبسط الحقوق وبالتالي مجردين من الحقوق التي تحمي حياتهم.

حاولت عدة مؤسسات حقوقية من الداخل التدخل عندما لجأت مجموعة من السودانيين لإسرائيل لطلب الحماية عبر صحراء سينا وتلقوا الرفض وتعرضوا حينها لإطلاق الرصاص، حيث حاولوا على الأقل أن يدخلوا النساء والأطفال إلاّ أنهم لم ينجحوا.

مئات السودانيين في إسرائيل مهددون في الخطر بكل لحظة، فنتيجة لتسللهم وعدم اعتراف إسرائيل بوجودهم، فلا يملكون أي حقوق تحميهم، كما حال الفلسطيني الذي يعمل في إسرائيل دون تصريح، لا يستطيع حتى تلقي العلاج في الدولة.

ويعتقد السيد عبد ناطور أن المطلب الوحيد هو أن تقبل إسرائيل اللجوء السياسي لمن يطلبه، ويقول:" رفض إسرائيل لقبول اللجوء السياسي يعود إلى سبب بسيط جداً، لنتخيل أن مليونين فلسطيني من الضفة والقطاع طلبوا اللجوء السياسي في إسرائيل، وتخيلوا أن نصف مليون فلسطيني من الشتات طلب أيضاً اللجوء السياسي في إسرائيل، ماذا يحدث في إسرائيل ؟!. بكلمات أخرى، إسرائيل قلقة من فتح باب اللجوء السياسي أمام من يطلبه خوفاً من أن تضطر لاحقاُ لفتح الباب للفلسطينيين لأنها تعتبرهم يشكلون خطراً على المناخ الديموغرافي فيها".

ويضيف:" وبالطبع، الفلسطينيون في الشتات والذين يعيشون في مخيمات على أهب الاستعداد إلى أن يعودوا إلى وطنهم، ولو كانوا لاجئين سياسيين".

وفي حديث آخر مع السيّد جهاد عقل القائم بأعمال رئيس قسم التنظيم المهني في النقابة العامة، قال:" بالنسبة للعمال الوافدين من ناحية الحقوق فالقانون لا يميز بين عامل وآخر، فإذا تحدثنا عن أجر الحد الأدنى فمن المفروض أن يحصل كل العمال على أجر الحد الأدنى وإذا تحدثنا عن مخصصات التقاعد والنقاهة والعطلة السنوية وكل ما يتعلق بقضية الحقوق في القانون فالقانون لا يميز عامل عن آخر إذا كان على خلفية عرقية أو لون أو قومية".

ويضيف:" ومن ناحية اتفاقية العمل الجماعي أيضاً لا يوجد تفرقة بين عامل وآخر، أي انه عندما نتحدث عن عامل نظافة كأننا نتحدث عن عامل في مصنع، لكن على ارض الواقع، هناك بدون شك ظواهر استغلال للعمال، حيث أنهم يجهلون ما يمليه القانون بخصوص حقوق العمال، ويتم عمليات استغلال وعدم منح هؤلاء العمال حقوقهم وبشكل وافي، وبما ينص عليه القانون".

ويقول:" اليوم مثلاً وفي النقابة العامة، كل عامل يتوجه لنا يحصل على خدمة ويحق له أيضاً وحتى إن كان عاملا وافداً أن يترشح للنقابة على غرار ما كان قبل عدة سنوات حيث لم يكن هناك فرصة للعمال الوافدين أن يرشحوا أنفسهم للنقابة، لكن اليوم لا يوجد تمييز بين العمال المحليين وبين العمال الوافدين من ناحية الترشح في النقابة، فلا تفرقة إذا كان من سوريا أو مصر أو فلسطين أو الأردن، بلغاريا، تركيا، رومانيا وإلى آخره من الدول التي يأتي منها عمال إلى البلاد".

ويردف قائلاً:" ويحصل العامل الوافد على المساعدة والرعاية والحماية القانونية من النقابة، لكن الكثير من أصحاب العمل يخشون النقابة أو التنظيم في النقابة لأنهم يعرفون تماماً أنهم مجبرون على أن يمنحوا العمال لديهم كامل حقوقهم".

ويحدثنا السيد عقل عمّا حدث معه قبل أيام قليلة ماضية، إنه:" التقيت بعامل سوداني عن طريق الصدفة، فتحدثنا قليلاً، فسألني عن ماذا أعمل؟! فأجبته أنني أعمل في القضايا النقابية، فانفعل وأخرج من جيبه مكتوب كان يعتقد أنه مجرد مكتوب فصل من العمل وبهذا المكتوب يستطيع أن يحصل على مستحقات البطالة، حيث كان بعمل حينها في مطعم، لكن اتضح بعد أن قرأت مضمونه أن صاحب العمل كتب فيه أن العامل –أي السوداني الذي قابلته- كان يشتم الزبائن، ويسرق أغراضاً مختلفة من المطعم، ويتعامل بفظاظة وأمور أخرى، بالرغم من أن العامل خدم عدة سنوات في المطعم هذا. لو لم يلتقي بي هذا العامل المسكين كان يمكن أن يدخل السجن بسهولة شديدة نتيجة لما كُتب في هذا المكتوب".

ويضيف:" طبعاً صاحب العمل في إسرائيل وهنا لا أعمم، لكن الكثيرين منهم من يستغل هؤلاء العمال البسطاء الباحثين عن لقمة العيش، فلا يمنحوهم أبسط حقوقهم في العمل، وحالات كثيرة لا يدفعون لهم حتى الأجر الأدنى، ومنهم من يُدفعهم الغرامات. هناك انتهاكات فظيعة بحقوق العمال".
ويردف قائلاً:" نمنح الحماية للاجئين السياسيين وندافع عن حقهم في العمل حتى لو دخلوا البلاد بشكل غير قانوني، فنحن لا علاقة لنا بقضية دخلوهم إذا كان قانونياً أو لا، فصاحب العمل مُجبر على دفع وتوفير كامل حقوق العامل لديه".

ويضيف:" بخصوص السودانيين بشكل خاص، هناك قسم كبير منهم يعمل في شركات تنظيم أو بناء أو الخ، لكن عدد غير قليل منهم من يبحث عن فرصة العمل الآنية، وبالتالي تكمن هنا قضايا استغلال كبيرة حيث يعملون دون قسيمة راتب، هناك عمليات انفلات بهذا الاتجاه، نحن كنقابة نحاول أن نرفع مستوى الوعي لديهم، خاصة في الحالات التي يدرك فيها العامل تماماً أنه يُستغل لكن خوفاً على مصيره وحفاظاً على لقمة عيشه يفرض على نفسه الصمت. واجبنا كنقابات عمال، أن نهتم لكل العمال وإحقاق حقوقهم، ومواصلة توعيتهم، ومتابعة قضاياهم ، وإعطائهم أيضاً مواداً مكتوبة حول حقوقهم وتحصيلها، إلا انه للأسف الشديد هناك استغلال وانفلات كبيرين".

ويختتم حديثه قائلاً:" يجب أن يتواصل المجهود من قبل كل الأطراف لإحقاق حقوق العمال الوافدين، فمثل مطلبنا بضمان حقوق شبابنا الوافدين للعمل في دول أخرى، يجب علينا حماية حقوق كل الوافدين للبلاد، وأن نحميهم من أن يتعرضوا لأي استغلال أو انتهاك، وأن نُشعرهم بأن هناك ظهر يحميهم".

أضف تعليقك