هكذا تكلّم المعارض السوري هيثم مناع

هكذا تكلّم المعارض السوري هيثم مناع
الرابط المختصر

اليوم يبدأ اجتماع الرياض لما يعرف بالمعارضة السورية، التي يفترض أن تكون معتدلة! ويفترض أن تكون كل الأطراف قد دعيت من دون تغييب لطرف دون آخر، ومن دون أن يكون لأي أحد حق وضع "فيتو" على أي طرف سوري معارض معتدل، أو أن يكون أساس الدعوة للحضور نابعا من ولاءات الأطراف الحاضرة لهذه الدولة أو تلك، فوعاء "معارضة الرياض" يجب أن يكون للجميع بلا استثناء.
في هذا الصدد استوقفني كلام المعارض السوري هيثم مناع، وهو المعارض الأبرز والأقدم، والذي انتهج خط المعارضة السلمية قبل عشرات السنين، وقبل أن يعرف الكثير، إن لم يكن اغلب حضور مؤتمر الرياض، ماذا تعني المعارضة أصلا، وعندما كانت الأبواب بين دمشق والرياض مشرعة ومفتوحة، كان مناع يقول كلمته، سواء اتفقنا مع ما كان يقوله أو اختلفنا معه، كان يتحدث من دون خوف أو وجل، شعاره سورية مدنية علمانية، ورأس ماله عدم الارتهان لأي محور، يرفض أن يكون كما فعل الكثير من أدعياء المعارضة، ممن تاهوا في البحث عن جنسياتهم وقوميتهم، باتوا لا يملكون رؤية واضحة، وإنما يمتلكون حرصا على تنفيذ رؤية مشغليهم ورعاتهم، ودافعي الأموال لهم، وهم بالتالي على شاكلة "داعش" و"النصرة" وأخواتهما من جيش الإسلام وغيره من مسميات ما أنزل الله بها من سلطان، ولاؤهم داعشي، وفكرهم قاعدي، وفعلهم دموي إرهابي، يريدون أن يعودوا بسورية إلى ما قبل التاريخ.
المعارض المدني هيثم مناع أشار إلى مأخذه على المؤتمر المنوي عقده اليوم، فنوّه إلى هواجس مهمة وأساسية، لافتا إلى الفقرة المتعلقة بالوفد التمثيلي والوازن، مشيرا الى أنها غير متحققة، وأن هناك قامات وطنية لم تتم دعوتها للمؤتمر، فيما تم دعوة أطراف، أعلنت صراحة رفض جنيف وفيينا، وجرّمت من قال إن الحل العسكري وهم عند أصحابه، في أي معسكر كانوا، وإن ثمة بصمات تركية واضحة بين المدعوين، ووجود مبالغ به للعناصر التي قبلت منطق الوصاية على قرارها.
الأخطر فيما قاله مناع هو وجود ممثلي فصيل عسكري هجين من السوريين والأجانب، يحمل أيديولوجيا "القاعدة" ويشاركها في العمليات العسكرية، فيما تم استبعاد قوات سورية الديمقراطية وحزب الاتحاد الديمقراطي، بدعوى وجود فيتو أميركي على حضورهم، ودعوة فصائل لا يتجاوز عدد أعضائها أصابع اليد الواحدة وتغييب فصائل أساسية مناضلة داخل الوطن.
لا أعرف بأي حق يأتي فصيل "قاعدي" لحضور مؤتمر، من المفترض به أن يناقش سبل المحافظة على مدنية الدولة السورية وعلمانيتها، وبأي حق يسمح لمن قتل الجيش السوري بالحضور؟
ورغم كل ذلك، فالأمل أن تنجح المعارضة، التي ستلتقي في الرياض في تجاوز خلافاتها، وتنبذ الإرهاب والتطرف، وتؤكد على أهمية إخراج الإرهاب من الوطن السوري، وكنس "القاعدة" و"النصرة" ومن على شاكلتهما من مفاصل الأمة العربية، ومن سورية على وجه التحديد، وان تشدد على أن الجيش العربي السوري، الذي يحارب الإرهاب والتطرف عنصر أساس يجب المحافظة عليه، وأن الوطن السوري واحد لا يتجزأ، وان خيار الشعب السوري الصابر المكافح، وليس سواه يجب أن يحترم ويقدر، سواء كان هذا الخيار سلبيا بنظر البعض، أو إيجابيا بنظر البعض الآخر.
وأعتقد أن على الجالسين في مؤتمر الرياض أن يطلبوا من كل الدول الداعمة للإرهاب، والتي تسهّل عبوره لسورية التوقف عن فعل ذلك، فالإرهاب أول ما يقتل يقتل الشعب السوري. كما أعتقد أن المؤتمرين في الرياض عليهم نبذ الإرهاب الذي ضرب باريس، كاليفورنيا، القاهرة، بيروت، الطائرة الروسية والعراق، لان الإرهاب لا يتجزأ، ولا يمكن لمن بايع "القاعدة" أن يصبح في يوم وليلة حملا وديعا، فمثل أولئك، ومهما حاول البعض جعلهم حمامات سلام فلن يفلحوا، فدم الناس ما يزال عالقا بين أصابعهم، وكفى بكلام هيثم مناع دليلا.