قابلت في حياتي المهنية اكثر من مسؤول سوري، يصح وصفه بالمنشق، عن دمشق الرسمية، جراء الفوضى في سورية، وهؤلاء يبدعون في شتم النظام، وتقديم اوراق الاعتماد للمعارضة السورية. غير ان اللافت للانتباه هنا، ان هؤلاء لا يختلفون كثيرا عن الذين بقوا في النظام، ربما هم أسوأ، لانهم يريدون مبكرا حجز مكان في ما يرونه نظاما سوريا جديدا، قد يأتي على الطريق، اضافة الى التطهر من ذنوبهم السياسية والامنية التي ارتكبوها على مدى سنين طويلة. تجار الثورة السورية، كثر، من مستويات مختلفة، ونتحدث هنا عن النفر الذي وصل الى مواقع سياسية عليا، رئيس وزراء، وزير، وغير ذلك، فقرروا الانشقاق، تحت عنوان الاعتراض على دموية النظام. هذا امر جيد، لكن لا يلغي الحاجة الى سؤالهم ذات زمن عن ذنوبهم السياسية والامنية، قبل الانشقاق، لان الانشقاق المتأخر، لا يعفي من الذنوب، والتطهر قد يكون مقبولا في حالات اخرى. ذهنية التاجر الشامي الذكية، تتسرب الى الثورة السورية، اذ ان هناك نفرا يتاجر على ظهور السوريين، عبر علاقات سياسية، او منافع مالية، او عبر القفز من حضن النظام الى حضن الثورة، والاستعداد لموقع في المرحلة الانتقالية- اذا تمت- وغيرها من مراحل. مصيبة السوريين، تتعلق بالتكسب على قضيتهم، ونحن هنا، نشير الى ان من مصلحة السوريين، ألا يثقوا بكل منشق عن النظام، تحديدا، مثلما لايثقون بذات النظام، فلماذا يعود المنشق الذي ركب على اكتافهم، بحلة جديدة وعنوان جديد، ويريد مواصلة امتطاء الكتفين، تحت يافطة ضميره الذي استيقظ فجأة. اذا كان السوريون يقولون، اننا لانريد النظام، فإن هؤلاء ذاتهم، يجب الا يثقوا بأي منشق، فالحال من بعضه، وقد نرحب بانشقاق مسؤولين حاليين، لكن الاصل ان يتواروا عن الانظار، ويبحثون عن مكان للتقاعد، لا عن مكان سياسي جديد، يريدون العودة من بواباته. في سورية، لا يمكن اليوم، ان يواصل كثيرون ذات اللعبة، فأنفاس التكسب، تلفح الوجوه، لدى بعض اركان المعارضة المنتسبة سابقا للنظام، مثلما هي انفاس الدموية تلفح الوجوه، من جانب النظام القائم حاليا. مصلحة السوريين، فقط، في معارضة جديدة نظيفة، تضم رموزا، لم تكن من رعايا سابقة من رعايا دمشق الرسمية، هذا فوق ان الشكوك تبقى كبيرة حول انشقاقهم، واذا ما كان حقيقيا، ام مجرد «مهمة قومية» تم تكليف بعضهم بها، لخلخلة المعارضة من الداخل تحت عنوان...» الاختلاف في وجهات النظر».