مخيمات خارج السياج
منذ بدء موجات الصقيع في بداية الشتاء أصبح عماد الصالح من دون عمل بعد إبلاغه من قبل صاحب المزرعة التي يقطن فيها مع أسرته في المخيمات العشوائية بأنه ليس بحاجة لعمال بسبب ماحل بالزراعة من صقيع وقارس الشتاء وتلف نسب عالية من المحاصيل.
يعمل عماد الصالح، لاجئ سوري، مُزارع في بيوت بلاستيكية بحرارة عالية جداً بأجرة لا تزيد عن دينار أردني على الساعة الواحدة، يبدأ عمله من الساعة السادسة صباحاً ويحاول أن يعمل قرابة عشرة ساعات ليحصل على ما يكفي لقوت يومه، ويذكر أنه مؤخراً لا يجد عمل لمدة عشرة ساعات في الزراعة وأقصى مدة عمل في هذا القطاع لا تتجاوز ستة ساعات يومياً.
حالة العامل عماد تتشابه مع العديد من حالة المزارعين السوريين في المزارع الأردنية في ظل عدم وصول المساعدات والخدمات اللازمة لهذه الفئة، وعدم وجود مصدر دخل آخر يلبي احتياجاتهم، يذكر عماد أن صاحب المزرعة يقوم بإيقاف إيصال الماء والكهرباء لخيمته هو والعديد من العمال محاولة لطردهم من المزرعة.
انتهاك حقوق العمال
تعرض خالد أحمد مزارع في الغور الجنوبي للعديد من عمليات الانتهاك والتهرب من أصحاب المزارع من دفع اجرته ويروي خالد أنه عندما قدم شكوى على صاحب المزرعة قلب الشكوى ضده وقام بتهديده فأثاره الخوف ولم يعاود المطالبة بحقه.
لم يعمل خالد منذ قرابة خمسة أشهر ولديه سبعة أولاد وثلاث بنات ويشكي من أن أصحاب المزارع باتوا يفضلون تشغيل العمالة المصرية لعدم وجود عائلاتهم معهم وبالتالي استهلاكهم للماء والكهرباء وتشغيل أدوات كهربائية بشكل أقل على حساب أصحاب المزارع على حد قوله.
يعبر خالد بلهجته " بستنى المواسم بالغور لأشتغل رغم أن دينار عساعة ما بتكفي شي ".
ويروي أنه بسبب قلة المياه الموزعة على الأراضي الزراعية أدى للجفاف في بعض المواسم وقلة عدد الدونمات المزروعة مقارنة بالأعوام السابقة أثرت على أصحاب المزارع وبالتالي على عملهم.
تصاريح بدون فائدة وقوانين غير مطبقة
وفقا لقانون العمل الأردني فإن " الحد الأعلى لساعات العمل الاعتيادية هي (8) ساعات عمل باليوم الواحد أو (48) ساعة أسبوعياً. وفي حالة عمل العامل أكثر من ثمانية ساعات باليوم أو أكثر من ثمانية وأربعين ساعة أسبوعياً فيحق له / لها أن يتقاضى بدل أجر العمل الإضافي. علماً بأن الوقت المقتطع من الدوام للراحة والطعام لا يحتسب من ساعات العمل اليومية.
الحق في بدل أجر العمل الإضافي حسب قانون العمل (وبعد موافقة العامل الخطية على العمل الاضافي): في حالة العمل خلال يوم عطلته الأسبوعية أو الأعياد أو العطل الوطنية أو الدينية فإنه يتلقى أجر العمل الإضافي وهو 150% من أجر العامل المعتاد. وللعمل الإضافي خلال أيام العمل الاعتيادية يستحق العامل 125% من أجره المعتاد.
أن يتلقى / تتلقى العامل/ة أجره/ا خلال مدة لا تزيد عن سبعة أيام من تاريخ استحقاقه للأجر".
يجدد خالد تصريح العمل الزراعي كل عام برسوم تكلفه أكثر من 70 دينار بدون أية فائدة كما يذكر ، ويعمل العديد من السوريين بتصاريح زراعية ولكن في مهن مختلفة لسهولة إصدار التصاريح في القطاع الزراعي مقارنة بالقطاعات الأخرى.
كما أن أغلب العمالة يخالف أجرهم الحد الأدنى للأجور بحسب القانون الأردني، عدا عن تشغيل العديد من العائلات أطفالهم تحت السن القانوني للعمل في المزارع بأعمال شاقة وتحت حرارة عالية جداً.
يبين الناطق الاعلامي باسم وزارة العمل محمد الزيود أن التصاريح الزراعية وبشكل قانوني يجب العمل بها فقط ضمن القطاع الزراعي لكن يتم ضبط عمالة وافدة مختلفة أثناء الجولات التفتيشية التي تقوم بها الوزارة لضبط سوق العمل.
ويضيف الزيود أنه بحسب القانون الأردني ونظام العمال الزراعيين رقم (19) لسنة 2021 وقانون الضمان الاجتماعي في حال تعرض العامل لأي استغلال أو انتهاك لحقوقه العمالية يقوم بتقديم شكوى على منصة حماية ويتم التعامل معها بإجراءات حل الشكاوى العمالية.
ويبين حول عمالة الاطفال في المزارع أن الوزارة تقوم بعمل زيارات تفتيشية دورية وكذلك حملات تفتيشية متخصصة على قطاعات يكثر فيها تشغيل الأطفال ومنها القطاع الزراعي.
تلوث وأمراض وافتقار للخدمات
نظرا لتداعيات كورونا وانتشار التلوث والأمراض وضرر المبيدات الزراعية فقد أثر ذلك سلباً على سكان المخيمات العشوائية في الأغوار والمناطق الزراعية الأخرى التي يعانوا سكانها بشكل مستمر من الأمراض الناجمة عن مشاكل في الصرف الصحي وعدم وجود دورات مياه وتمديدات كهرباء آمنة فيصف خالد أن المخيمات تفقد الكثير نتيجة أسلاك الكهرباء الممددة بشكل عشوائي وأن عمه فقد أطفاله الأربعة نتيجة نشوب حريق في خيمته بسبب عدم تمديد الكهرباء بشكل قانوني ومن قبل مختص يؤدي لموت العديد بسبب وجود أسلاك الكهرباء بشكل عشوائي بين الخيام.
وتفتقر المخيمات العشوائية لحملات التفتيشية السلامة العامة والصحة مما يجعلها مأوى للأمراض وعدم وجود مياه صالحة للشرب إلا القليل منهم يقوم بشراء مياه للشرب ومنهم من يعتمد على المياه العادية.
خدمات صحية معدومة
أصدر خالد هويته الأمنية الخاصة بالجالية السورية من المركز الأمني في الطفيلة أول محافظة كان يسكن فيها إلا أنه يقطن في الغور الجنوبي وتقدم مفوضية اللاجئين جزء من دفع الخدمات الصحية للاجئين السوريين لكن كل شخص يحصل على العلاج من المراكز الصحية والمستشفيات في المنطقة المسجلة على بطاقته.
ويتنقل المزارعون السوريون باستمرار بناء على متطلبات عملهم ووجود المواسم في أماكن معينة من الأغوار الشمالية والجنوبية وأماكن أخرى، ومع ذلك لا يمكنهم الحصول على العلاج المجاني إلا في مناطق بطاقتهم وفي هذه الحالة قد يكلفهم اجرة مواصلات للعلاج أكثر مما يدفعوه للمراكز الصحية.
يوضح حمزة شهاب، المدير التنفيذي لبلدية دير علا، أنهم يواجهون مشكلة في تواجد ورحيل السوريين بشكل عشوائي في المخيمات بحسب المواسم الزراعية وعدم تحديد موقعهم بشكل دائم، ويبين أن نطاق عمل البلديات يقتصر على تنظيم خدمات معينة لهم كتنظيم الرقابة الصحية وفي حال وجود أكثر من عشرة خيم في المزرعة الواحدة وجب إلزام إنشاء حمامات بلاستيكية لهم، وتحت بند السلامة العامة يتم زيارتهم من قبل لجان وكشف بين كل فترة وأخرى.
يذكر شهاب أن البلدية تمنع إيصال التيار الكهربائي بشكل غير قانوني ضمن إجراءات السلامة العامة، لكن هناك بعض التجاوزات ويوضح أن الخدمات الصحية متوافرة لهم وما ينطبق على أبناء المنطقة ينطبق عليهم وأن موضوع تنقلهم ينطبق على الأردنيين من ناحية اقتصار تقديم العلاج إلا ضمن مناطق أرقامهم الوطنية، وأنها تحديات تتعلق بوزارة الصحة.
فئة منسية
بحسب المعلومات من سكان المخيمات أنه منذ سبع سنوات زارهم العديد من المنظمات والجمعيات وقدموا شكاوى عن أوضاعهم لكن لم يروا إلا الاستبيانات والتسجيل وأخذ المعلومات والخيبات، وعدم وصول أية مساعدات لهم رغم سوء ظروفهم المعيشية وعدم وجود أبسط متطلبات الحياة لهم.