ساهم تنوع المهن التي يتقنها اللاجئون السوريون في اندماجهم داخل المجتمع المحلي الأردني، ووجودهم في الأردن ساعدهم على استكمال مسيرتهم المهنية التي بدأوها في بلدهم الأم سوريا.
لدى محمود هلال مشروع معجنات بدأه في سوريا ويكمله حاليا في الأردن، يقول محمود " فكرة مشروعي كانت امتداد لعملي في سوريا، لكن قبل أن أبدأ مشروعي عملت فترة عند أردنيين لآخذ الخبرة في السوق الأردني ومتطلباته".
يعمل هلال مع شريكه الأردني في المشروع، ويرى أن الشراكة بين الطرفين تساهم في تعزيز العلاقات فيما بينهم، مؤكداً أن علاقته العملية لا تتوقف عند شريكه فقط بل يتبادلها مع أصحاب المشاريع الأخرى "بندعم بعض، أنا باخذ من عندهم بضاعة وهمه كمان".
أما عن العلاقات خارج إطار العمل يشير هلال "بنحرص دائما إنه نتطمن على بعض وهذا يعني أنه انخراط العمال بين بعضهم ساهم في تعزيز العلاقات الاجتماعية بيننا أكثر لنصل اليوم لمرحلة ما فينا نفصل المجتمع المحلي الأردني عن اللاجئين السوريين في المجتمع".
وعن الأثر الاقتصادي للمشاريع المشتركة يقول الخبير الاقتصادي حسام عايش إن " إقامة المشاريع المشتركة ما بين اللاجئين السوريين والأردنيين تمثل البنية التحتية الحقيقية لعلاقات إنسانية اجتماعية واقتصادية، مما يثبت أن هناك مجالا لتبادل المهارات والخبرات المؤدية لخلق مشاريع جديدة من خلال الأفكار المشتركة أو وجود مشاريع ذات طابع سوري ممثالة لمشاريع موجودة".
وأضاف عايش أن "هذه المشاريع تشكل خطوة مهمة جدا على طريق تطوير العلاقات بين الطرفين وتحويلها إلى علاقات مصالح متبادلة، مما يغني هذه العلاقة بمساعدتها الأردنيين على إيجاد فرص عمل واستفادة السوريين من الشريك الأردني بتطوير مشروعه وبالتالي يتحول الطرفان من علاقة تنافسية ما بين مستهلكين إلى علاقة منتجة وإنتاجية وذلك يفيد الاقتصاد".
ويلفت عايش إلى أن وجود الخبرات والمهارات الإضافية المقدمة من قبل اللاجئين السوريين ستولد شعور عند الأردنيين بأن اللاجئين لا ينافسونهم بل يكملونهم "النظرة المستقبلية للعلاقة الأردنية السورية وقد تتمثل بأن سوريا في المستقبل تحتاج إلى الإعمار وبحاجة للكثير من القدرات والامكانيات، والأردنيين من هذا الباب يرون أن هذا قد يكون وسيلة للحصول على فرص عمل في سوريا مستقبلا وهذا أمر مهم".
"طبيعة الدعم أغلبها معنويا مثلا.. شجعونا نفتتح مشروعنا الخاص، وأرسلوا أولادهم عنا حتى يتعلموا مهنة جديدة وهذا بدل على ثقتهم فينا" هكذا يشرح مهند لنا مدير أحد المشاريع السورية في محافظة المفرق.
يقول مهند، "كان في بينا علاقات قبل الشغل لكن بعد الشغل توطدت العلاقة ولا فرق بين أردني وسوري في العمل"، مضيفا أن العلاقات بين الطرفين أصبحت علاقة أهل ونسب.
وصل عدد اللاجئين السوريين في الأردن منذ بداية اندلاع الحرب عام 2011 إلى ما يقارب 1.300 ألف لاجئا حسب دائرة الإحصاءات العامة لعام 2015، فيما بلغ عدد المسجلين في المفوضية السامية للاجئين السوريين نحو 665 ألف لاجئا ولاجئة.
تشير المادة 10 البند (أ) من قانون الاستثمار أنه " يحق لأي شخص غير أردني أن يستثمر في المملكة بالتملك او بالمشاركة او بالمساهمة وفقا لأسس وشروط تحدد بمقتضى نظام يصدر لهذه الغاية على ان تحدد بموجبه الأنشطة الاقتصادية والنسبة التي يحق للمستثمر غير الأردني المشاركة او المساهمة في حدودها"
يمنح الأردن بطاقة المستثمر من الفئة (ب) للمستثمرين السوريين وأفراد عائلاتهم على أن يوفر المستثمر شروط الحصول على البطاقة، وتعتبر هذه البطاقة بمثابة كتاب توصية صادر عن حكومة المملكة الاردنية الهاشمية ومعتمدة لكافة الوزارات والدوائر الحكومية. وتمنح لحاملها الحق في تملك العقار وإصدار رخص قيادة السيارات وإدخال مركبات بلد المستثمر (إدخال مؤقت) إضافة الى تسهيل الخروج والدخول لأراضي المملكة.
وحسب تصريح سابق "لعمان نت" أوضحت هيئة الاستثمار أن بطاقة المستثمر من الفئة "ب" والتي تمنح للسوريين فقط دون غيرهم من المستثمرين، تشترط أن يكون السوري شريك مع مستثمر أخر أردني أو سوري، على شرط توظيف عدد محدد من الأشخاص يعتمد على عدد الشركاء في المؤسسة يبدأ من 4 وحتى 10 عمال، مع زيادة 4 عمال في حال دخول أي شريك أخر، مشيرة إلى أن شروط أن يكون حجم رأس المال المسجل في السجل التجاري 50 ألف دينار تم استثنائه في حال التزم المستثمر السوري بتشغيل 10 عمال أردنيين على الأقل حتى لو كانت المؤسسة بالشراكة بين أردني وسوري.
اكتساب مهارات جديدة لا تقتصر على فئة عمرية محددة، يعمل عبد الرحمن (21) عاما (أردني)، في أحد المطاعم السورية، يخبرنا أن شكل العلاقة ما بين العمال الأردنيين الذين يعملون لدى أرباب عمل سوريين هي علاقة صداقة، " لا فرق بين أردني وسوري في العمل بل نتعامل بين بعضنا كأخوة".
من جانبه يوضح خبير الاجتماع د حسين خزاعي أن العمل ما بين اللاجئين السوريين والأردنيين ينعكس من خلال التعارف والانفتاح على ثقافات جديدة، بالإضافة إلى تكوين صداقات خاصة عندما يكون هناك انفتاح وقبول من قبل المجتمع، "يساعد التعاون في العمل على تقوية الروابط وتقارب العلاقات مما يكسر حاجز الغربة والاشتياق للبلد والأصدقاء".
يعتبر الأردن ثاني أكبر مضيف للاجئين في العالم، حسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.