مؤسسات المجتمع المدني تحقق الاندماج المجتمعي بين السوريات والأردنيات

 اسراء حلقي( 22 عاما) لجأت من سوريا إلى الأردن عام 2013، لكنها لم تتوقع إسراء أن تجربة اللجوء ستحدث تأثيراً إيجابياً عليها من صقل شخصيتها وتكوين صداقات مع المجتمع الأردني بعد انخراطها ببرامج تطوعية مع مؤسسات المجتمع المدني.

التجربة الأولى لإسراء بدأت عام 2018 مع مؤسسة مجتمع مدني ضمن برامج تهدف لتمكين الشباب اقتصاديا واجتماعيا، متيحة لها المجال للمشاركة مع مؤسسات المجتمع المدني "حاليا بعد سنوات من التطوع والتدريب صرت مدربة في مجال حملات كسب التأييد".

تعمل مؤسسات المجتمع المدني في الأردن على العديد من برامج تمكين النساء السوريات ودمجهن في المجتمع من خلال مشاريع متنوعة، حيث شهدت هذه المؤسسات تحسناً في استدامتها بعد توسع الأهمية الجيوسياسية للأردن مما شجع مجتمع المانحين للمؤسسات والجمعيات على التركيز على ضمان استقرار المملكة؛ وساهم  بإبراز دور مؤسسات المجتمع المدني في تعزيز الأمن والاستقرار وتمكين المجتمعات المهمشة وبشكل خاص فئة الشباب.

 وبلغ عدد مؤسسات المجتمع المدني في الأردن إلى 6800 مؤسسة مسجلة في وزارة التنمية الاجتماعية، حسب تقريرها الصادر عام 2019.

يقول طارق العموش مدير مركز آفاق للريادة والتدريب في محافظة المفرق كإحدى مؤسسات المجتمع الدني "اشتغلنا بأكثر من مشروع لتمكين النساء السوريات، مثل برامج تدريبية منتهية بفرص عمل، وأهم أهدافها هي خلق فرص عمل للسيدات في المحافظة من خلال مشاريع إنتاجية مثل مطبخ انتاجي ، صالون تجميل ..الخ".

مؤكداً "أن النساء اللاتي خضعن في برامج التمكين أصبح لديهن وجود في السوق من خلال مشاريعهن الخاصة مثل المطابخ الإنتاجية، صالونات التجميل، أو في مجال الحرف اليدوية".

يشير العموش أن عملهم على برامج التمكين مع النساء السوريات بدأ من خلال برامج الدمج المجتمعي مع المجتمع الأردني من خلال جلسات توعوية للطرفين حول أهمية العلاقات الاجتماعية والترابط الاجتماعي، "في بداية  اللجوء كان الاندماج الاجتماعي موجود لكن ضعيف كثير، أما حاليا احنا بربطنا علاقات عائلية مثل النسب، وشراكات اقتصادية".

لا يختلف التمكين في المفرق عن جرش فالهدف هو تمكين النساء السوريات اقتصاديا ودمجهن في المجتمع ، تقول لنا جليلة الصمادي رئيسة جمعية جراسيا "نركز في عملنا على  دعم النساء في السوريات والأردنيات من خلال الاستفادة من البيئة  المحيطة في تصنيع المواد الغذائية المختلفة  لتوفير مردود اقتصادي  لهن".

تضيف الصمادي أن الجمعية أقامت شراكات مع عدة جهات لتساعد النساء السوريات على تسويق منتجاتهن، أما الأردنيات فعملوا على التشبيك مع وحدة تمكين المرأة في بلدية جرش ليتم ترخيص مشاريع الأردنيات مما يزيد ثقة الناس بهذه المشاريع.

وعن الاندماج الاجتماعي بين السوريات والأردنيات تتفق الصمادي مع العموش حول بداية برامج التمكين المتعلقة بالدمج الاجتماعي، " البيئة من الأساس مش بعيدة عن بعض لكن عملنا في الجمعية على عقد جلسات تبادل خبرات بين السوريات والأردنيات لتحقيق الاندماج الاجتماعي".

تلفت جليلة صمادي إلى أنهم في جمعية جراسيا مستمرين في العمل على مشاريع دمج وتمكين النساء السوريات في محافظة جرش من خلال مشروع جديد في مجال الزراعة.

يقول الدكتور فيصل السرحان الباحث والمتخصص في دراسات المرأة والأطفال، أن فكرة دمج المرأة السورية والأردنية في المشاريع الصغيرة هي فكره ابتكاريه، لما تعود بالفائدة الاقتصادية والاجتماعية على كلا الطرفين، فمعظم النساء الأردنيات لديهن الخبرة العملية في ميدان التعليم والحرف، بالمقابل تمتلك المرأة السورية المهارة الكافية في تنفيذ معظم المشاريع التي تحتاج إلى مهارة يدوية، لذا لا بد من الاستفادة من مهارات النساء الأردنيات والسوريات لإنتاج منتج عالمي ذو مواصفات ممتازة يساهم في نمو الاقتصاد الأردني، مؤكدا أن هذه المشاريع تساعد على تخطي أي صعوبات تعيق الاندماج المجتمعي بين النساء الأردنيات والسوريات.

بدوره  يؤكد د. السرحان أن العلاقات الاجتماعية بين الشعب الأردني والسوري هي علاقات عشائرية ونسب منذ القدم، فهما مشتركون بانتمائهما إلى دين ولغة وعادات وتقاليد واحدة، لذا فالعامل الاقتصادي سيكون عاملاً ثانوياً في الدمج المجتمعي، وعليه فإن فكره الشراكة بين النساء الأردنيات والسوريات هي فكره جديده وتستحق الدراسة لتساهم في رفعة ورفاهية المجتمعين الأردني والسوري.

وصل عدد اللاجئين السوريين في الأردن منذ بداية اندلاع الحرب عام 2011 إلى ما يقارب 1.30 ألف لاجئا حسب دائرة الإحصاءات العامة  لعام 2015، فيما بلغ عدد المسجلين في المفوضية السامية للاجئين السوريين 665ألف لاجئا ولاجئة.

ولاء (17 عاما) تدربت بفترة القصيرة في العاصمة عمان مع إحدى مؤسسات المجتمع المدني على مشروع "ريزن" إلا أن طموحها ساعدها على الاستمرار لتنتقل من أساسيات الحرف اليدوية إلى عمل مشروعها الخاص بها، تقول "كانت مدة التدريب 3 أيام، بس أنا حبيت الفكرة وظليت أتعلم وأتابع كل الصفحات المشابهة لمشروعي حتى قدرت  بعد سنة تقريبا يكون عندي مشروعي الخاص".

صعوبة العمل وفكرته الجديدة لم يثني ولاء عن التعلم "كنت أسأل مدربتي دايما عن أي شي ما       بعرفه، وأحضر فيديوهات كثير والحمدلله اليوم قدرت أكمل دراستي من خلال عملي في المشروع".

ترى ولاء أن للعمل أثر بشكل إيجابي على حياتها " أنا من البداية شخصية اجتماعية بس ما كنت بتخيل إنه ييجي يوم أروح وأحكي مع ناس ما بعرفهم بس طبيعة شغلي ساعدتني إنه انخرط اكثر في المجتمع وأكون علاقات  كثير مع  أردنيين".

يشار إلى أن الريزن هو نوع من أنواع الحرف اليدوية، يستخدم في الفن وصنع اللوحات من خلال تفاعل كيميائي عن طريق خلط مكونين  بحيث يتحول الريزن  السائل تدريجياً إلى بلاستيك صلب.

 

أضف تعليقك