ذوو الإعاقة.. بين التهميش والنسيان

ما يزال ذوو الإعاقة يحاولون انتزاع حقوقهم في العمل والتعليم لتصبح واقعا ملموسا، ساعين الى كسر جليد الصورة النمطية التي وضعتهم ضمن إطار العجز، آملين أن يتركوا بصماتهم حاضرة في قلب المجتمع ليكونوا قادة ومؤثرين.

بدأ الشاب أحمد برسم أحلاما وطموحا عالية سعى اليها جاهدا من خلال دراسة الصحافة والإعلام تمنى ان يكون إعلاميا رائدا في مجاله، إذ بدأ طريقه بالبحث عن وظيفة لكنه ارتطم بواقع يجبره على إخفاء حقيقته ليصل الى مساعيه.

 

انتزاع فرص العمل

أحمد منينة 25 عاما من مدينة حماة السورية، يقيم في عمان وتخرج من كلية الإعلام بتقدير امتياز ولكن رغم ذلك يواجه تحديات عدة في حياته خاصة بعد التخرج والبدء برحلة البحث عن عمل اذ يقول " دائما بكون في عدم أيمان من قبل القائمين على المؤسسات الإعلامية بقدرة الشخص الكفيف على أنو يحرر خبر أو يكون قادر ينزل على الميدان"

يتعرض احمد الى العديد من المضايقات بسبب الأسئلة التي تطرح عليه أثناء مقابلات العمل حسب تعبيره " بتعرف تستخدم ورد لما يسألني مدير مؤسسة هيك سؤال بحس بالقرف لأني بتعامل مع أشخاص لا يفقهون أدني مستوى من أساسيات التعامل مع الاخر وتقبل الاختلاف"

يجبر أحمد على إخفاء اعاقته ليحصل على فرصة عمل في ظل الإجراءات التعسفية للمؤسسات والشركات "مضطر لإخفاء أنى شخص كفيف عن المؤسسة اللي بشتغل فيها حاليا بسبب طبيعة عملي من المنزل حتى ما يتم طردي بالنهاية عم أتحاكم على شيء مالي ايد فيه"

يلجأ أحمد الى وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يقدم محتوى طريفا من خلال قناته على اليوتيوب يجيب فيها على أسئلة متابعيه حول حياة المكفوفين وتجاربهم في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي ويعمل في المونتاج والتعليق الصوتي فيقلد أصوات المشاهير والشخصيات الكرتونية

وللحديث عن تحديات العمل يقول الناشط في شؤون الأشخاص ذوي الإعاقة رامي زلوم " صار في مبادرات مشتركة بين ذوي الإعاقة والمجلس الأعلى ع أساسها تم تدريب عدد من الشباب والصبايا وتوظيفهم في أماكن معينة لكن مشكلة المبادرات انها غير معتمدة على تفعيل قانون العمل ودور الوزارات" ومن هنا يمكننا القول أن ذوي الإعاقة بحاجة الى توعية المجتمع بكيفية توظيف شخص من ذوي الإعاقة والتعامل معه على أساس امكانياته فغالبا ما تكون طبيعة العمل أصعب من أن يتحملها هؤلاء الأشخاص

ويشارك زلوم تجربته في سوق العمل باعتباره من ذوي الإعاقة ويقول " أنا من الأشخاص اللي تعرضت لكثير مواقف بمقابلة العمل بأحد المقابلات ما اتطرق المدير لأي نوع من أنواع الأسئلة الخاصة بالوظيفة اللي قدمت عليها كل الأسئلة كانت عن وضعي الصحي وبالأخر تم رفضي".

وطالب زلوم أن يتم محاسبة المؤسسات التي ترفض تشغيل ذوي الإعاقة فيما يأمل أن يتم تنفيذ حملات توعوية قوية لذوي الإعاقة تغير من نظرة المجتمع لقدراتهم كحملة "اوعدينا تفحصي" التي لا تزال عالقة في أذهان الناس حول السرطان

ويقول حمدان يعقوب مدير وحدة الاستجابة للأزمة السورية في وزارة العمل" بموجب القانون والتعليمات المحلية مسألة تشغيل الأشخاص غير الأردنيين ليست مسألة ملزمة لكن الكثير من المشاريع التي تنفذها المنظمات المحلية والدولية ضمن خطة الاستجابة للأزمة السورية توجه أنشطة لذوي الإعاقة تتعلق بتأهيلهم وتشبيكهم "

ويوضح يعقوب" لدينا مشروع النقد مقابل العمل لأعاده تهيئة البنى التحتية يعتمد على التشغيل المؤقت لذوي الإعاقة بنسبه 3-5% والهدف منها ادماجهم في سوق العمل وتهيئة ظروف مناسبة لهم" فيما يضطر الأكاديميين وخريجي الجامعات الى العمل بموجب قوائم المهن المفتوحة فقط وليس المهن المغلقة.

 

التحديات التي تواجه ذوي الإعاقة في التعليم

يواجه الطلبة من ذوي الإعاقة بشكل عام الكثير من المعوقات في تكيفهم مع المجتمع خاصة في ظل عدم تهيئة البنى التحتية لهم واضطرارهم للتأقلم مع ما هو موجود دون تقديم أي دعم لهم

يسعى أحمد منذ وصوله الى الجامعة الى إيجاد سبل لتسهيل الطريق أمامه أثناء دراسته الجامعية اذ يحاول التواصل مع إدارة الجامعة للوصول الى أليه تجعله غير مضطر الى طلب المساعدة من أحد فيقول " إدارة الجامعة ما كان عندها مشكلة بمساعدتنا لكن بعد التواصل مع المجلس الأعلى لذوي الاعاقة الموضوع طلع مكلف جدا وبحاجة لتغيير البنية التحتية للجامعة لتأسيس طرق امنه خاصة فينا وهو غير ممكن "

وتبدأ متاعب منينة بعد وصوله الى الجامعة مع الكادر التدريسي الذي لا يراعي الفروقات بين الطلبة ولا يمتلك أدنى مستويات التعامل مع المكفوفين فيتحدث من قلب المعاناة " حاليا عندي امتحان لكن أنا غير قادر على الوصول الى المعلومة لأن المادة موجودة فقط ورقي وبالتالي صعب تلاقي حدا يسجلها صوت ومع هيك أنا مطالب بنفس الكمية من الأداء اللي مطالب فيها شخص عادي"

ولا تتوقف التحديات عند هذا الحد فبعد التحول الى التعلم عن بعد وجد أحمد نفسه أمام مشاكل عديدة ظن أنه لن يواجهها طالما هو غير مضطر للذهاب الى الجامعة لكن الواقع كان مختلفا فيقول " بعد ما تحولت المواد اون لاين انتقلت من مشاكل البنية التحتية بالشارع لمشاكل البنية التحتية بالأنترنت مع الأسف موقع جامعة مافيو حتى قارئ الشاشة " وساهم أحمد في تسهيل حياته وحياة زملائه الذين يشاركوه المعاناة فعمل على تأسيس حملة أسماها "عصاية طريق" كانت تهدف الى توعية طلبة الجامعات والكادر التدريسي الى التعامل مع المكفوفين وحظيت باهتمام واسع من وسائل الأعلام وإدارة الجامعة

وعلى الرغم من مساعي الجهات المعنية لتسهيل حياة المكفوفين الا أنه دائما ما تتواجد العقبات التي تقف في طريقهم اذ يعبر أحمد عن استيائه فيقول "عملولنا على أساس طريق امن بشارع الجامعة خاص بالمكفوفين لكن مع الأسف بنص هاد الطريق تم وضع حاوية زبالة "

 

ذوو الإعاقة بين القانون والاتفاقية

تنص المادة رقم (18) من قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بأن “على وزارة التربية والتعليم، بالتنسيق مع المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، العمل على تضمين السياسات العامة والاستراتيجيات والخطط والبرامج التعليمية متطلبات التعليم للأشخاص ذوي الإعاقة، بما يحقق تمتعهم الكامل بحقهم في التعليم والوصول لجميع البرامج والخدمات والمرافق والمؤسسات التعليمية”.

أما الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، التي كان الأردن من أوائل الدول الموقعة عليها بتاريخ 30/ 3/ 2007، وصادق عليها بتاريخ 31/ 3/ 2008 معلنا التزامه بتنفيذ بنودها، فتنص على مراعاة الاحتياجات الفردية بصورة معقولة.

وحول التحديات التي يواجهها ذوي الإعاقة في مجال التعليم يقول الناطق الإعلامي باسم المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة رأفت الزيتاوي " عقدنا بالمجلس الأعلى عدة مذكرات تفاهم مع عدة جامعات أردنية أساس هذه المذكرات تقوم على التعاون بين المجلس والجامعات لنساعدهم كيف يتم تهيئة المباني والمرافق العامة والمناهج الدراسية للأشخاص ذوي الإعاقة"

ويضيف الزيتاوي "بدأنا بمذكرة تفاهم مع الجامعة الهاشمية وجامعة اليرموك ومؤتة وفي طريقنا الى عقد عدة مذكرات مع جامعات أخرى بموجب هذه المذكرات يلتزم المجلس بتقديم الدعم الفني وكيف يتم أعداد المناهج بطريقة يسهل لذوي الإعاقة الاطلاع عليها وأيضا يلتزم حاليا المجلس بتوفير مترجمين لغة الإشارة في الجامعات ويدفع رواتبهم لمدة ثلاث سنوات"

لا يزال ذوي الإعاقة هم الفئة الهشة الأكثر تعرضا لارتدادات الواقع المر، ينتظرون حلم ادماجهم في المجتمع والحصول على حقوقهم وسط غياب الأسس المتبعة لحمايتهم

أضف تعليقك