تعليم السوريين: إنقاذ ما تبقى

 أكثر من ساعتين يومياً يقضي أطفال اللاجئة مطيعة حمود ذهاباً وإياباً للذهاب إلى المدرسة لأنها لاتستطيع دفع أجرة شهرية للباص ، لدى مطيعة ولد وستة بنات وبسبب بُعد المدرسة عن منزلها توقفت عن إرسال أبنائها للمدرسة .

 

حاولت مطيعة والعديد من الأهالي السوريين نقل أبنائهم لمدراس أقرب لنقطة سكنهم لكن مديرية التربية والتعليم رفضت بسبب الاكتظاظ وعدم تحمل المدارس أعداد أكثر ، وعلى الرغم من تخصيص العديد من المدارس للسوريين منذ وقت لجوئهم إلا أن بعد تجاوز الأزمة عشر سنوات فهم بحاجة لإعادة هيكلة استراتيجية التعليم الخاصة بهم من حيث دمجهم مع أشقائهم الأردنيين ومراعاة أن الأمهات العاملات لايمكن إرسال أبنائهم بالفترة المسائية لانشغالهم بالعمل. 

تشتكي عزة الخوجة لاجئة سورية وأم لأربع أطفال تقطن في محافظة البلقاء من عدم السماح لها بتسجيل أطفالها في مدارس قريبة من منطقتها ،حيث في قصبة السلط يوجد مدرسة واحدة مخصصة للسوريين في منطقة بعيدة عن أغلب مناطق سكن اللاجئين حوالي أكثر من ساعة مشياً وربع الساعة مواصلات .

وتذكر عزة أن أولادها يعانون من تقليص عدد الحصص أربع حصص فقط وهي غير كافية للتعليم كما لا يوجد وقت لراحة الطلبة ومرحهم كون الحصص غير منفصلة مما يعني عدم وجود فترات راحة قصيرة كما في الفترة الصباحية .

 

وتقول الخوجة أن المعلمات متعاونات جداً بالتعليم والتواصل مع الاهالي ويبذلون جهدهم بتغطية المنهاج لكنهم أيضاً يعانون من السرعة في إعطاء الحصص.

 

تعاني الخوجة باستمرار من تعنت أبنائها بسبب تحملهم مشقة الذهاب للمدرسة وتحاول إقناعهم بإكمال تعليمهم علماً أنهم متفوقين على حد تعبيرها ،ولا تنفي أنها فكرت بشكل جدي في بعض الأحيان بفصلهم عن التعليم بعد أن ذهبت لمديرية التربية لنقلهم لمدرسة أقرب لكنها لم تتجاوب وعجزت عن المحاولات بسبب القرارات المتعلقة بتخصيص مدارس للطلبة السوريين.

 

وتكرر الخوجة أن الفترة المسائية وبُعد المدارس غير مناسب ومنظم لنظام حياة الطلبة من الناحية التعليمية والنفسية بسبب عدم مراجعتهم لدروسهم بعد الانصراف أو تؤرقهم لوقت متأخر من الليل لإنهاء دروسهم.

 

اكتظاظ المدارس

يؤكد نبيل حناقطة مدير إدارة التعليم في وزارة التربية والتعليم أن الوزارة وانطلاقاً من خطة الاستجابة الأردنية للاجئين عملت على تنسيق الجهود والتعاون مع الشركاء الداعمين لقطاع التعليم مثل المفوضية السامية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة لتوفير الاحتياجات التعليمية للاجئين.

 

وعملت على توفير الخدمات التعليمية لهم والطاقة الاستيعابية لقبولهم في المدارس وفي ضوء تزايد عددهم يتزايد بذلك احتياج الوزارة لمزيد من الدعم اللازم لتطوير الخدمات التعليمية وعلاج التحديات التي تواجهها وزارة التربية والتعليم.

 

ويوضح الحناقطة أن الوزارة تعمل على قبول الطلبة في المدارس المسائية المخصصة لهم في مدارس قريبة من مناطق سكنهم دون مشقة أو عناء للطلبة أو أولياء أمورهم وأنه في حال عدم وجود مدارس ضمن مناطق سكنهم يتم دمجهم في المدارس ذات الفترة الصباحية .

 

وذكر الحناقطة أنه يتم تأمين الطلبة ببدل مواصلات من خلال منظمة اليونسيف وشركائها المحليين والدوليين المعنيين لنقل الطلبة في المناطق والمحافظات التي لايوجد فيها مدارس قريبة من سكن الطلبة.

 

ويكرر الحناقطة أن المدارس في المحافظات المكتظة بالسكان تعاني من اكتظاظ في المدارس حتى للطلبة الأردنيين ،وبعض المدارس تخصص فترتين لضمان جودة التعليم وتفادي زيادة عدد الطلبة فوق العدد المحدد لكل مدرسة ولضمان وصول المساعدات المخصصة للطلبة السوريين في المدارس ، ويذكر أن هناك 200 مدرسة مخصصة للسوريين في أنحاء المملكة في الفترة المسائية .

يوثق التقرير أكثر من حالة توقفوا عن إرسال أبنائهم للمدارس ومنهم من لجأ لتشغيلهم في مهن مختلفة بالأخص العائلات التي لديها عدد كبير من الأطفال بسبب التحديات المذكورة من تحمل أعباء مادية ونفسية للأطفال بالطريق الشاق للمدرسة فضلاً عن الأعباء النفسية التي عاشوها في فترة الحرب.

 

تأثيرات سلبية 

 

يرى مختصون أن الأطفال يتأثرون بشكل كبير من التغيرات المادية والاجتماعية والنفسية التي تعرضوا لها أثناء لجوئهم من الحرب وما يزيد الطين بلة تأثير ذلك على تعليمهم ومستقبلهم الدراسي .

 

يقول الدكتور أحمد عبد الخالق  اختصاصي أمراض نفسية وطبيب سابق في منظمة الهيئة الطبية الدولية. أنه تعامل مع عدة حالات لمشاكل نفسية عانى منها اللاجئون السوريون نتيجة تخصيص الفترة المسائية وعدم سير حياتهم الدراسية بشكل منتظم وذكر أن ذلك خلق نوع من الشعور بالتفرقة في داخلهم أو التمييز لعدم معاملتهم كالطلبة العاديين ورصد عبد الخالق مشاكل كتراجع التحصيل الدراسي والتسرب من التعليم بسبب الضغط المادي والنفسي .

 

وبالمقابل لا يوجد دعم كافي بدل مواصلات من الجمعيات أو المنظمات المعنية وذكر عبد الخالق أن من الأمراض الناتجة عن ذلك منها العزلة والتوتر وعدم الاستمتاع بالطفولة والتبول اللاإرادي وعدم الثقة بالنفس والعدوانية للمجتمع وتراجع القدرات العقلية والإدراكية وتفريغها بالمجتمع بطريقة سلبية.

 

نداء استغاثة 

يُجمع الأهالي على ضرورة دمج أطفالهم بالفترة الصباحية وعدم التفرقة وحل مشكلة الاستيعاب  في المدارس بأن تكون الفترة المسائية مقرونة بوجود خدمات لهم من ناحية قرب المدارس أو وجود بدل مادي لتشجيع استمرارهم بالتعليم ومراعاة شؤونهم التعليمية بوجود قرارات تسمح بنقل أبنائهم لمدارس قريبة .

 

أضف تعليقك