التعليم بوابة لتعزيز الاندماج بين الطلبة السوريين والأردنيين
يعد “الدمج” ضرورة ملحة في المجتمعات كافة، فهو وسيلة تعليمية تسهم في تعليم فئات متنوعة، ومنهم طلبة المدارس، فدمج الطلبة السوريين والأردنيين في المدارس، يتيح الفرصة لهؤلاء الطلبة أن يتعرفوا ويتعلموا كباقي أقرانهم، ويساعدهم على تطوير شخصيتهم، ودمجهم في المجتمع المحيط بهم.
"اول ما بلشت دوام صباحي مع الأردنيين، كنت خايفة كثير، ولكن مع مرور الوقت صار عندي كثير صديقات، وتعودت على الناس وبلشت افهمهم واندمج معهم"، هذا ما بدأت به الطالبة سارة البالغة من العمر 16 عام، سورية الجنسية حول موقفها من الانتقال للفترة الصباحية التي تدمج بين الطلبة الأردنيين والسوريين، بعدما كانت في الفترة المسائية المخصصة للطلبة السوريين.
اتّخذت الحكومة الأردنية منذ اندلاع الأزمة في سوريا عام 2011، سلسلة من الإجراءات لاستيعاب حاجات هؤلاء الأطفال التعليمية، إلا أن خبراء وحقوقيين يؤكدون على أن دمج الفترة المسائية بين الطلبة الأردنيين والسورين تسرع من عملية الاندماج في المجتمع الأردني.
فصل الطلبة يؤثر سلباً على حقوق أخرى
المعلمة الهام في إحدى المدارس الحكومية، تقول "كمعلمة، رأيت الفرق بين التكوين الثقافي الذي تحدثه الفترة التي تحتوي على طلبة اردنية وسورية، والفترة التي تفصل بينهم، ففترة الإعدادي والثانوي، تدمج بين الطلبة السوريين والاردنيين، ونجد بينهم ثقافة متبادلة، نلمسها من خلال اللهجة، والسلوك، والعادات المكتسبة".
وتوضح المعلمة إلهام، أن دمج الطلبة السوريين مع الأردنيين بعد أحداث الثورة التي شهدتها سوريا، تجعلهم يشعرون أنهم جزء من هذا المجتمع، وأنه يحظى بفرصة متساوية كغيره من الطلبة الأردنيين.
بدوره يرى المحامي والحقوقي معاذ المومني أن قرار فصل مرحلة الابتدائي في فترة مسائية، هدفه تنظيمي والتخفيف من الضغوطات على المدارس، رغم ذلك، دعا إلى دمج هذه الفئة مع المجتمع.
وأشار المومني في حديثه، أن دمج الطلبة في هذه المرحلة يساهم في التقليل من خطاب الكراهية، وخلق بيئة مسالمة بين الطلبة، من خلال تشكيل علاقات مع بعضهم، ويضمن لهم حقوق أخرى ثقافية واجتماعية.
تشير الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين في المادة (22) منها "تمنح الدول المتعاقدة اللاجئين نفس المعاملة الممنوحة لمواطنيها فيما يخص التعليم الأولي."
آثار اجتماعية ونفسية لفصل الطلبة السورية في المرحلة الابتدائية
تتفاوت الآثار الاجتماعية والنفسية على فصل الطلبة السوريين والأردنيين بفترتين، في حديث مع الخبير الاجتماعي حسين الخزاعي، يوضح ذلك بقوله "إن لدمج الطلبة السوريين والاردنيين إثر إيجابي، من خلال تعارف الطلبة على بعضهم وإثراء علاقاتهم الاجتماعية، وخلق روح التعاون بينهم، كما يساهم في تخفيف آثار الغربة والمعاناة النفسية التي يعيشها السوريين، وما يعزز ذلك أن علاقات الصداقة في هذه المرحلة جداً مهمة ومؤثرة، ويمتد الأثر هذا الى الأسر".
وأضاف "أن الفصل بين الطلبة في المرحلة الأساسية يؤثر سلبياً، يؤدي الى العزل، وتكوين جماعات سورية لوحدها، لا يتفاعلوا مع غيرهم من الطلبة ومع المجتمع، ويؤدي الى غياب الحوار بينهم".
أما حول الأثر النفسي بفصل الطلبة السوريين في المرحلة الابتدائية يقول الأخصائي النفسي الدكتور موسى المطارنة، أن وجود الطلبة السوريين في المدارس مساءً دون دمجهم يؤدي بهم إلى حالة من الانفصال الاجتماعي، رغم انهم بحاجة إلى أمان نفسي نتيجة الحرب والقلق الذي يعيشونه ودمجهم يحقق الأمان، وفق قوله.
ويضيف المطارنة "الوحدة تجعلهم يشعرون بعدم تقبل المجتمع لهم، وهذا مؤلم، فالدمج أكثر استقرارا للأطفال، فالمدرسة مؤسسة اجتماعية ولها قنوات اتصال مع المجتمع التي تمتد مع اسر الأردنيين والسوريين، التي تشكل حالة من التعارف والأمان، فالدمج المجتمعي يمكن ان يخفف الصدمة النفسية التي يعيشونها".
لكن الدمج في المدارس قد لا يكون وحده كفيلا في حل إشكالية العزل ما بين الطلبة والتي تتكون نتيجة فصلهم في مرحلتين، في حديث مع المرشدة التربوية الدكتورة اسيل مرشد، تقول " نحن بحاجة الى حلول تتجاوز فكرة الدمج في الفترة المسائية، قد تصل الى ضرورة وضع يوم للأنشطة الجماعية بين الطلبة السوريين والاردنيين، سواء كانت منهجية أو لا منهجية".
وأشارت انه هذا الدمج مهم والتنوع مهم، فيه اثراء شخصي و ثقافي وأكاديمي، ويمكن وضع خطة للدمج لها معايير تتناسب مع ظروف الاسرة والطفل، بالإضافة الى ضرورة استثمار حصة النشاط لتحقيق أهداف الدمج الاجتماعي.
وبحسب تصريحات وزارة التربية والتعليم، فأن عدد المدارس التي تعمل على نظام الفترة المسائية للطلبة السوريين ٢٠٢ مدرسة، وعدد الطلاب السوريين في الفترة المسائية ٦٩,٢٧٧ حسب بيانات نظام إدارة المعلومات التربوية-وزارة التربية ٢٠٢٠/ ٢٠٢١؛ وتؤكد هذه الأرقام أهمية دمج الطلبة السوريين في الفترة المسائية.