التسرب المدرسي يهدد مستقبل الأطفال اللاجئين

الرابط المختصر

عبد المعين دبدوب-سوريون بيننا

تغير
مسار مستقبله، وأصبح يستيقظ كل صباح للذهاب إلى العمل بدل المدرسة، بعد أن غادرها
قبل سنتين بسبب العنف الذي تعرض له من قبل أساتذته وهو في الصف الثامن.

يقول الطفل السوري
عبد الله، 16 عاما، إنه تعرض للضرب من قبل أحد مدرسيه، دون أي اكتراث من إدارة
المدرسة أو المرشد التربوي فيها، وهو ما أجبره على ترك المدرسة والبحث عن عمل،
أملا في تحسين واقع أسرته في ظل حياة اللجوء.

أما مرح التي دخلت
في سنِّ الثامنة عشر، تقول لـ "سوريون بيننا" إن فرحتها لم تكتمل عندما
تم قبولها من أجل إكمال دراستها بعد لجوئها إلى الأردن، لكنها صدمت عندما دخلت إلى
الصف ولم تجد لها مقعدا، وأجبرت على الجلوس أرضا لحضور دروسها، وهو ما ترك في
نفسها الشعور بالإحباط والإهانة، حسب وصفها.

وتضيف مرح، أنها
لم تتحمل هذا الحال وقررت ترك المدرسة في سنِّ الخامسة عشر على الرغم من محاولات
أهلها لإقناعها بمتابعة دراستها.

وكشفت اختصاصية
التعليم في منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" رنا قعوار، أن أعداد
الطلبة السوريين الملتحقين بالمدارس الأردنية بلغ 130 ألف طفل، فيما تقدر أعداد
المتسربين بـ 70 ألف، أي ما نسبته 31% من أعداد الأطفال اللاجئين.

وأضافت قعوار أن
منظمة "اليونيسف" تقيم في بداية كل عام دراسي حملة " العودة الى
المدارس" بهدف الوصول الى أكبر عددٍ من الطلاب خارج مقاعد الدراسة، وتنفذ
مجموعة من النشاطات داخل المدارس لتوعية الطلاب بأهمية التعليم وتوعيتهم بمخاطر
التسرب.

وحول
المساعدات التي تقدمها اليونيسف للأطفال السوريين في الأردن فقد أنشأت المنظمة في
وقت سابق برنامج "حاجاتي" والذي يُعنى بتقديم مساعدات نقدية لتحفيز
الأهالي على إرسال أطفالهم الى المدارس، إلّا أن هذا البرنامج لم يكن كافيا لتغطية
كافة احتياجات الأطفال بسبب قلة الدعم المقدم له.

مديرة إدارة
التخطيط والبحث التربوي في وزارة التربية، الدكتورة نجوى قبيلات، أكدت أنَّ الطالب
السوري كما الطالب الاردني في الحقوق، مشيرة إلى وجود خط ساخن في قسم الحماية من
الإساءة في مديرية الإرشاد في وزارة التربية والتعليم لاستقبال أي شكاوى تتعلق في
الإساءة للطفل، وهناك أيضا زيارات لوحدة الجودة والمساءلة الى كافة المدارس وأن
الطفل هو طفل مهما كانت جنسيته.

وأوضحت أنّ
الدستور الأردني كفل حق التعليم للطفل حتى الصف العاشر وهي المرحلة الإلزامية من
التعليم.

وفيما
يتعلق بالإجراءات المتخذة من وزارة التربية والتعليم للحد من التسرب من المدارس،
قالت قبيلات انه هناك نوعين من البرامج المقدمة في هذا المجال وهي البرامج
الوقائية والبرامج العلاجية.

وتركز
البرامج الوقائية جهودها على تنفيذ حملات للتوعية بأهمية التعليم للطفل مثل حملة
"التعليم للجميع"، وتنفيذ برامج الدعم الاجتماعي ومهارات الحياة، إضافة
إلى تنفيذ برامج حصص التقوية المعرضين لخطر التسرب.

أمّا
القسم الآخر المتعلق في المحور العلاجي فإنه ينفذ مجموعة من البرامج، ومن أبرزها
برنامج "التعليم الاستدراكي" الذي يهدف إلى توفير الفرص التعليمية
للأطفال المتسربين أو غير الملتحقين بالتعليم من الأطفال من الفئة العمرية (9-11)
سنة، وهناك برنامج "تعزيز الثقافة للمتسربين" بهدف توفير الفرص
التعليمية لهم، والذي يقدم خدماته للأطفال الذكور الذين تتراوح اعمارهم ما بين
(13-18) ومن (13-20) للإناث.

الخبيرة التربوية،
عائدة وكيلة حذرت من المخاطر الاجتماعية والنفسية للطفل والمجتمع على صعيد
المستقبل القريب والبعيد.

وأشارت
إلى أنّ التسرب من المدرسة يعتبر العامل الأول المساعد على اكتساب الطفل سلوكيات
وأخلاقيات منحرفة، منها السرقة والعدوانية وتعاطي المخدرات والتسول وغيرها، كما
حذرت من استغلال البعض لهؤلاء الأطفال عن طريق تعليمهم أمورا دينية متشددة،
وبالتالي خلق "داعشي صغير" مهيئ لأن يكون في المستقبل نواة جديدة لفكرة
مشابهة لتنظيم داعش الإرهابي، حسب قولها.

وفي ظل عدم ظهور
بوادر لانفراج قريب في حلٍ سياسيّ للأزمة السورية، تبقى أزمة اللجوء مفتوحة على
مصراعيها دون حل جذري، وتبقى قضية التسربُ منَ المدارسِ قضيةٌ من اكبرِ القضايا
والمشاكلِ التي يعاني منها الاطفالُ السوريونَ اللاجئونَ في الاردن، والتي تمسُّ
ادقَّ تفاصيل حياتهم، الأمرُ الذي يزيدُ من تفاقمِ معاناةِ اللاجئينَ السوريين
بشكلٍ عام والاطفالَ على وجهِ الخصوصِ مهدداً مستقبلهم وحياتهم.

ويبقى
السؤال المحير دون إجابة حاسمة، ما هو المصير المجهول الذي سوف يكون عليه مستقبل
هؤلاء الأطفال في
حال عدم ايجاد حلول ناجعة تحارب ظاهرة التسرب المدرسي.