نحو استراتيجية فعّالة لدعم القدس
خرج الفلسطينيون والعرب والمسلمون والعالم بمظاهرات واحتجاجات عفوية حقيقية تعبّر عن رفضها لقرار أحادي الجانب من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حدّد مستقبل القدس قبل التفاوض حولها.
من الضروري أن تستمر عمليات الاعتراض لكن يجب أن نجد وسيلة لتحويل الفزعة إلى خطة تتشكّل من برنامج يضمن الاستمرار، وفي نفس الوقت نعمل على دعم صمود أهلنا في القدس للبقاء على أرضهم لأن ذلك قد يكون من أهم وأقوى عمليات الاحتجاج لدينا.
من المعروف أن الطرف الآخر يراهن على قصر مدته الفزعة الحالية وبعد مرور أسابيع أو أشهر يتم العودة للوضع القائم.
وضع خطة واضحة ومبرمجة تضمن نفس طويل للاحتجاجات، ولفرض ضغوطات على الحكومات العربية لكي يتم ترجمة الاستنكارات والبيانات إلى قرارات، وخطوات عملية تساهم في إيصال الموقف المعارض للموقف واشنطن الأخيرة المتحيز وغير المسؤول.
كما من الضروري أن يتم العمل بصورة موازية للضمان دعم حقيقي ومستمر لصمود أهلنا في القدس.
من أهم عناصر نجاح أي تحرك رافض لقرار ترامب الأخيرة هو وجود شعب حي ومنتفض، وذلك يتطلب عناصر استمرار وصمود من دعم سياسي ومادي يفرض على الطرف الاخر التعامل بندية، فالمطلوب ليس الدفاع عن الحجر بل الدفاع عن البشر وهو دفاع يحمي الإنسان والأرض.
لقد سطر المقدسين في الصيف الماضي درساً مهماً في التعامل مع محاولات “إسرائيل” فرض قيود على الصلاة والعبادة في الحرم الشريف، وإذا كان التصدي للبوابات الحديدية نجحت في تراجع “إسرائيل” عن قرارها كم بالحري قدرة شعبنا رفض قرار ترامب حول مستقبل المدينة المقدسة، ولكن عملية الصمود والتحدي لا تحدث في فراغ ولا يمكن أن تستمر فقط من خلال بيانات الاستنكار.
موضوع دعم المقدسين طبعاً قديم جديد. فالقمم العربية أعلنت مراراً عديدة وأصدرت قرارت يتضمن مبالغ هائلة من الدعم الشهري للقدس ولكن تلك القرارت لم تترجم على الأرض وإن وصل فتات منها فالمواطن المقدسي لم يشعر بتأثيرها بسبب شحها وغياب أي استراتيجية فعالة لكيفية صرفها.
طبعا الصمود في القدس يتطلب الانتهاء من حالة التشرذم وتعدد المرجعيات الوطنية في القدس، فقد أثبتت أحداث الأقصى في الصيف الماضي أن أهل القدس أدرى بشعابها وعلى الجهات الخارجية احترام إرادة القيادات الوطنية والدينية والشعبية وتوفير الدعم لها من دون المحاولة في تعطيل عملها.
إن قرارت الإدارة الأمريكية جاءت كهدية ممتازة للشعب الفلسطيني والشعوب المحبة للسلام لأنها كشفت التحييز الأمريكي لـ “إسرائيل” ووفرت الفرصة المناسبة لوقف الهرولة وراء السراب المسمى بصفقة القرن، فقد أصبحت عناصر تلك الصفقة واضحها وأهمها غياب أي مكان للقدس العربية في أفكار الأمريكيين المتصهينين.
من الضروري التعامل مع تلك الهدية الأمريكية بتوحيد الجهود، ووضع خطة عملية تضمن استمرار ممنهج ومرتب لعمليات الاحتجاج ترافقها وبنفس القوة تحرك جدي ضد الولايات المتحدة، ودعم جدي لشعبنا في القدس لكي يصمد ويبقى على أرضه لغاية تغيير موازين القوى لكي يتم فرض الرأي بدلاً من فقط رفض ما يتم فرضه من قبل واشنطن أو “إسرائيل”.
داود كتّاب: مدير عام شبكة الإعلام المجتمعي. أسس العديد من المحطات التلفزيونية والإذاعية في فلسطين والأردن والعالم العربي.