USAID تعقد ورشات تدريبية لأعضاء مجالس اللامركزية لتعزيز قدراتهم

USAID تعقد ورشات تدريبية لأعضاء مجالس اللامركزية لتعزيز قدراتهم
الرابط المختصر

 

USAID ورشات تدريبية لأعضاء مجالس اللامركزية لتعزيز قدراتهم

 

عمان نت ـ أمل الأطرش

 

في الوقت الذي يطالب فيه اردنيون بتجميد مجلس النواب, بهدف توفير نفقات كبيرة تتحملها الخزينة تتمثل برواتب النواب ونفقات المجلس, لا يزال الجدل متواصلاً حول أهمية وإنجازات مجالس المحافظات "اللامركزية" بعد خمسة أشهر من انتخاب هذه المجالس والتي تشكل التجربة الأولى في تاريخ المملكة.

 

فيما تنفذ الوكالة الأميركية للتنمية الدولية USAID إبتداءً من يوم (الثلاثاء), ورشات تدريبية لأعضاء "مجالس المحافظات",  ابتداءً مع مجلس محافظة المفرق, وتستمر  لمدة 3 أشهر, وسيتم خلالها تزويدهم بكتيبات تتضمن القوانين التي تنظم عمل هذه المجالس, وقد جرى تزويد الوزارات المعنية (الداخلية, التنمية السياسية, والتخطيط والتعاون الدولي) بنسخ من الكتيب الأحد الماضي. وأكد حاتم الهباهبة رئيس قسم تنمية المحافظات في وزارة التخطيط  صرح لنا في وقت سابق, أن "اللامركزية" مسألة طويلة الأجل بحاجة إلى تطوير مستمر، وإنجاحها يحتاج إلى مقومات، منها بناء قدرات الأعضاء, وأن الوزراة ستنظم ورشات تدريبية لأعضاء مجالس المحافظات والبلديات بالتعاون مع الشركاء, تهدف إلى بناء وتعزيز قدراتهم في  في القيادة والتنمية والتواصل مع مؤسسات المجتمع المدني وكافة القطاعات المعنية  "شركاء التخطيط التشاركي".

 

مقارنة مجحفة

في ضوء ذلك,  من المجحف المقارنة بين المجلسين المنتخبين من حيث الإنجازات, على الأقل بسبب الفارق الكبير بينهما من حيث الممارسة الزمنية. وبالرغم من ذلك, يؤكد د. محمد حياصات ناشط اجتماعي, بأنه لا يوجد أي "ملامح" انجاز لأعضاء هذه المجالس, ولا تأثير لهم في تغيير أي خطط أو استراتيجيات, لأنها تجربة جديدة, مشيراً إلى أن عدم رفد المجالس التنفيذية بالكفاءات المطلوبة, ساهم بإضعاف مجالس المحافظات.

 

بتذكير د. حياصات بأن هذه المهام والصلاحيات قانوناً ليست من اختصاص مجلس المحافظة, فيما تتمثل مهام مجلس المحافظة بإقرار دليل إحتياجات المحافظة, الذي يحدده  المجلس التنفيذي, المعين من قبل وزارة الداخلية. يرد د. حياصات بالقول بأنه "يحق لهم إبداء ملاحظاتهم وإعادة بناء الخطط حسب أولويات المحافظة وحتى إعادة توزيع الميزانية". ملاحظاً أن لديهم ضعف في الإداء الإعلامي, والتواصل مع منتخبيهم, مع أنهم ابناء المناطق التي ترشحوا عنها, وهم الأعرف بإحتياجاتها, مشيراً إلى أن التوصيف يشمل كافة مجالس المحافظات, وليس فقط مجالس "منطقته" محافظة البلقاء. معرباً عن استغرابه: "لماذا لم يقسم اعضاء المجالس المحافظة إلى مناطق, لماذا لم يجتمعوا مع المواطنين, ومطالبتهم بمنحهم مهلة عام, يقدمون بعدها "جردة" حساب بعملهم.. على الأقل يكسبون ثقة المواطنين".. بما أنهم "متهمون", فليدفعوا عن أنفسهم.

 

ترد د.هيام كلمات الخبيرة في الحوكمة والتنمية المستدامة على تساؤلات د. حياصات بتوضيحها أن "اللامركزية" تدعو إلى إعادة الهيكلة الإدارية على المستويين المركزي والمحلي لتفويض المجلسين التنفيذي والمحافظة بجزء من الميزانية والصلاحيات الإدارية من المركز لإقامة المشاريع التنموية وتقديم الخدمات بكفاءة أكبر محليا, مع ضرورة عدم إغفال تبني نظام للمراقبة والمساءلة على المستويين المركزي والمحلي لتقييم الأداء ومحاربة الفساد وسوء الإستغلال للمركز وللوظيفة.

 

 

وتضيف د. كلمات أن العملية التي تجمع ما بين عنصرين هامين للتنمية المستدامة تحتاج إلى عمل تكاملي يشتمل على اللامركزية السياسية والإقتصادية والإدارية والمالية. وهو عمل تكاملي معقد إلى حد ما, يتطلب الإستعانة بالخبرات المحلية والدولية من جهة، وبناء القدرات الوطنية والمحلية من جهة أخرى. ولضمان إستدامة العمل لا بد من مأسسة العمل التكاملي لينعكس في النهاية على تنمية المحافظات, وإدماجها في العملية التنموية المحلية والوطنية للنهوض بها ولمحاربة الفقر والبطالة, وهو عمل تكاملي يتطلب وقتا قبل أن تنعكس آثاره إيجابا على المواطن والوطن.

 

ورش تدريبية لأعضاء مجالس المحافظات

وفي هذا الصدد, تنفذ الوكالة الأميركية للتنمية الدولية USAID منذ ايلول/ سبتمبر 2016 برنامج "دعم اللامركزية والحكم المحلي" والذي يهدف إلى دعم اللامركزية وتعزيز مفهوم الحوكمة على المستوى المحلي، ودعم مديريات التنمية المحلية ومجالس المحافظات لتعزيز التنمية. وقد تم استهداف 17 بلدية حتى الآن, وبنهاية آذار/ مارس المقبل ستبلغ مجموع البلديات المستهدفة 33 بلدية, وستعمل هذه البلديات على تقديم قوائم تحدد اولويات احتياجاتها وفقاً لرغبة المجتمع المحلي, وماهية المشاريع التي ستقوم بتنفيذها وفقاً  لقدراتها, فيما تحيل المشاريع التي لا تستطيع تنفيذها إلى مجلس المحافظة.

وينفذ البرنامج بالشراكة مع وزارة الشؤون البلدية والبلديات والمجالس البلدية ووزارة الداخلية ومديريات التنمية المحلية في المحافظات ومجالس المحافظات والمجتمع المحلي, وسيستمر حتى العام 2021, ويتوقع أن  يخرج البرنامج بالنتائج التالية:

• هيكل لامركزية ملائم ومترابط يتضمن تدابير فعالة لضمان الشفافية والمساءلة.

• بلديات قادرة على تقديم الخدمات واسترداد الكلفة.

• بلديات قادرة على معالجة الازمات المحلية والتعامل مع بواعث القلق الملحة لدى المواطن.

• مجتمع محلي را ض عن أداء الإدارات المحلية.

• مجتمع محلي أكثر اطلاع ومعرفة بالاستراتيجيات والأولويات الحكومية وتقديم الخدمات.

في الغضون, يؤكد أعضاء مجالس اللامركزية "المحافظات" أن المعيقات كثيرة أمامهم, أقلها عدم وجود مقار ثابتة, وهنا توضح د. سهام شديفات عضو مجلس منطقة النصر في العاصمة عمان, أن أعضاء مجالس المحافظة يجتمعون في مبنى غرفة التجارة أو في أمانة عمان بمشاركة نصف موظفي الأمانة. فيما يؤكد د. علي البقوم عضو مجلس محافظة المفرق, أن وزارة الداخلية لم تمنحهم المقر الذي وعدت بتقديمه للمجلس بعد إعادة تأهيله, وهو مقر سابق لإقامة المحافظ..! مشيراً إلى أن قانون "اللامركزية" يكبل أيضاً عملهم, وأن اللجنة القانونية عملت على تقديم تعديلات لرئاسة الوزراء, إضافة إلى "مناكفة" النواب, الذين يرفضون الإكتفاء بمهمة التشريع, ويواصلون التغول على صلاحيات مجالس المحافظات وعرقلة أعمالهم, على سبيل المثال, يقوم نائب بإصطحاب عشيرته إلى رئيس الوزراء من أجل تقديم خدمات معينة, فيما يطالب نائب آخر بعد جلب عشيرته إلى عمان, يطالب وزير بتخصيص مخصصات أحد بنود ميزانية مجلس المحافظة لمصلحة العشيرة..!!

دينار واحد تكلفة "النمرة الحمراء"

بسؤال د. شديفات عن أهمية المطالبة بلوحات سيارات حكومية " نمر حمراء" إسوة بالنواب, في الوقت الذي لا يوجد لهم على أرض الواقع, أي انجازات تذكر. تجيب: نطالب بهذه "اللوحات" من أجل تسهيل حركة تنقلاتنا, وليس من أجل منافسة النواب على امتيازاتهم, وهذه العملية لا تكلف الخزينة سوى دينار واحد, وهو ثمن "سكب" لوحة الرقم, بينما تبلغ مكافأتي 500 دينار, يقتطع منها  34 ديناراً, رغم أن قانون الضريبة العامة 2014 ينص على عدم اقتطاع أي ضريبة من "المكافأة", فيما تبلغ تكاليف المواصلات بسيارتي الخاصة 400 دينار, ويتبقى 30 ديناراً تصرف على  الإتصالات الهاتفية. وتتساءل د. شديفات من "المبذر" نحن أم الحكومة التي عرضت على مجالس المحافظات شراء باص وبكب لكل مجلس, تكلف الخزينة 2 مليون دينار, إضافة إلى ما سيترتب عليها من نفقات محروقات وصيانة, والتي سيتم اقتطاعها من ميزانية المجالس نفسها, فيما تكلف "النمر الحمراء" الخزينة فقط ديناراً واحداً..؟

 

تطفيش المستثمرين

وبطرح سؤال الإنجازات المتحققة خلال الخمسة أشهر الماضية, على د. علي هلال البقوم رئيس اللجنة المالية والاقتصاية والتنموية في مجلس محافظة المفرق, يؤكد بأن المعاناة واحدة لدى كافة المجالس, وبأن المدة الماضية انقضت بإختيار اللجان وتحديد اعمالها, والقيام بزيارات محددة مسبقاً للمجلس من قبل الوزارات والدوائر المعنية, مشيراً إلى أنه لا يوجد أي إنجازات للمجالس ككل, وأن الإنجازات التي يمكن أن تحسب هي انجازات فردية. فعلى سبيل المثال, يحاول الأعضاء جلب مشاريع تنموية لمناطقهم تخلق فرص عمل لمنتخبيهم الذين تنتشر بينهم البطالة بنسب مرتفعة, معرباً عن تخوفه من قرار وزير الصناعة والتجارة الخاص بمساواة المصانع خارج المناطق التنموية بمثيلتها العاملة داخلها خاصة بالرسوم الجمركية على مدخلات الانتاج, الذي سيحرم المحافظات التي تعاني من الفقر من هذه المشاريع, مؤكداً أن ذلك تبلور على أرض الواقع بمحافظته التي حرمت بعد القرار من إنشاء سبعة مصانع تعمل في قطاع القهوة والمكسرات والزعتر, بعد أن قام سبعة مستثمرين بنقل مصانعهم إلى المفرق, أقام اثنان منهما هناجر لمصنعهما, وفضلا العودة إلى عمان وتحمل خسائر بناء هذه الهناجر,  وكذلك فعل الخمسة الآخرين. وبذلك حرم أهالي المنطقة من 200 فرصة عمل على الاقل. فيما تسبب اغلاق مصنع للمنظفات الكيماوية بحرمان 65 عاملاً من مصدر رزقهم بينهم نساء, يعملن على مساعدة ازواجهن بتحمل كلف الحياة المرتفعة, وبعضهن يشكلن المعيل الوحيد لأفراد عائلتهن.   ويضيف د. البقوم أن هذه القرارات المتخبطة وغير المدروسة تعمل على إفشال  فكرة "اللامركزية" من أساسها,  مؤكداً أن قرار وزير الصناعة والتجارة  سيقضي  على البيئة الإستثمارية للمناطق التنموية التي اقيمت في المحافظات النائية والفقيرة من أجل إيجاد بيئة جاذبة للاستثمارات, وتحقيق التنمية المستدامة,  وبالتالي, تخفيف حدة الفقر والبطالة. مشيرا ً إلى وجود تخوف كبير بين بقية القطاعات الصناعية داخل المناطق التنموية من أن القرار سيشملهم. إضافة إلى تهديد مستثمري "الحسين التنموية" وبقية المناطق التنموية بنقل استثماراتهم خارج الأردن، ما سينعكس سلباً على تسريح العمالة الموجودة داخل هذه المنطقة التنموية, وبالتالي, خلق "خلخلة" اجتماعية في المحافظات الاشد فقراً, وتقويض الأمن المجتمعي.

وتثني د. شديفات على تخوفات د. البقوم, وهنا تكشف عن أن مستثمراً أردنياً, يعتزم توجيه استثماراته إلى تركيا, بعدما دفع مليوني دينار من أجل الحصول على تراخيص لمجمع  طبي يشمل عيادات طبية وجامعة إضافة إلى مسجد, بتكلفة مليار دينار, كان سيوفر هذا المجمع خمسة آلاف فرصة عمل في شرق العاصمة عمان,  مشيرة إلى أن مصر تمنح المستثمرين أعفاءً ضريبياً لمدة 10 سنوات, بينما يتم تطفشيهم في الأردن..!

وتضيف د. شديفات: في الوقت الذي نحاول فيه التخفيف من مشكلة البطالة من خلال البحث عن مشاريع تنموية تساعد في خلق فرص عمل للمتعطلين وخلق تنمية مستدامة,  تقضي القرارات الخاطئة والقوانين الطاردة للإستثمار على كل ذلك وتعرقل مسار اللامركزية.

ولا يقتصر الأمر على ذلك, حيث استغنت شركة حراسة تعمل في مخيم الزعتري عن عدد من العاملين لديها,  ويتخوف بقية الحراس من الإستغناء عنهم أيضاً.

إتجار بالبشر

في غضون كل ذلك, إيجاباً, نجح مجلس محافظة المفرق بوقف ابتزاز عمال حراسة آبار مياه. ويؤكد عضو المجلس صبري الزيادنة, أن المجلس تبنى قضية أكثر من عشرين عاملاً يعملون في حراسة أبار مياه شركة اليرموك والتي يبلغ عددها 60 بئراً تقع بين منطقتي الزعتري والمنارة,  حيث حاولت الشركة المشغلة لهذه الآبار وهي شركة حراسة خاصة ابتزاز العمال بتخفيض رواتبهم 70 ديناراً, مع أن راتب الحارس 220 ديناراً, ويضطر معظمهم للسكن في خيمة قرب البئر الذي يحرسه مع عائلته, لأنه مجبر على حراسة البئر 24 ساعة, ويعيش في بعض الخيم 10 أفراد. ولا يوجد تأمين صحي لهؤلاء العمال, ومن يريد الإنضمام للضمان الإجتماعي يقتطع من راتبه 10 دنانير. ويقول الزيادنة أن اللجنة القانونية لمجلس المحافظة تتابع قضية هؤلاء العاملين, وستعمل على التواصل مع بقية العاملين في الآبار الأخرى, من أجل انصافهم والعمل على شملهم بالضمان الإجتماعي والتأمين الصحي. ويوصف الزيادنة أن ما تعرض له هؤلاء العمال هو إنتهاك لحقوق الإنسان, حيث يعمل الحارس 24 ساعة متواصلة, مقابل راتب زهيد, مع أن قانون العمل يحدد الحد الأدنى للأجور بـ 220 ديناراً لمن يعمل 8 ساعات وليس 24 ساعة.

يشار إلى أن قانون منع الإتجار بالبشر للعام 2009, يعرف في المادة الثالثة 2/أ  الإتجار بالبشر أنه "استقطاب أشخاص أو نقلهم أو إيوائهم أو استقبالهم بغرض استغلالهم عن طريق التهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو استغلال السلطة أو استغلال حالة ضعف.." فيما يعرف الإستغلال حسب نص المادة الثالة 2/ ب, بــ  "استغلال الأشخاص في العمل بالسخرة أو العمل قسرا أو الاسترقاق أو الاستعباد..". ولا يندرج التوصيف أعلاه فقط على عمال حراسة الآبار, بل هي معممة في شركات التنظيف والحراسة الخاصة والتي تتعامل مع الوزارات والدوائر الحكومية, التي تفضل  التخلص من الأعباء التي ستترتب عليها من ضمان وتأمين صحي من خلال التعامل مع شركات خاصة تقوم بتوظيف هؤلاء العمال.

نختم تقريرنا بمقتطفات من مقال مطول لنقد قانون اللامركزية لوزير تطوير القطاع العام الأسبق د. ماهر المدادحة, والذي أكد فيه أن  "مفهوم اللامركزية يعني توزيع السلطات والمسؤوليات بين الحكومة المركزية والوحدات الإدارية الإقليمية أو المحلية وذلك من خلال التفويض أو النقل. وبالتالي, تخفيف العبء عن الإدارة المركزية وتحقيق العدالة الاجتماعية وكسر البطء والروتين الاداري. ويفترض ان الهدف من مشروع اللامركزية هو تحقيق التنمية المحلية والتي تحتاج بشكل اساسي لأدوات واليات اقتصادية ومن خلال مؤسسات معنية بالشأن الاقتصادي بالدرجة الاولى.

ويوضح المدادحة أن  "انجاح عملية التنمية المحلية, يتطلب مراجعة شاملة لكافة التشريعات من قوانين وأنظمة ذات العلاقة بمهام تحديد الاولويات والبرامج والمشاريع والأنشطة الاقتصادية والتنموية وعلى مختلف مستويات التخطيط والتنفيذ والمتابعة والرقابة وتأمين التمويل اللازم لها ولكل القطاعات الاقتصادية ولكافة الوزارات والدوائر الحكومية المعنية مركزيا بهذه العملية وهذا ما لم يتطرق اليه مشروع قانون اللامركزية والذي يصعب تطبيقه ضمن هذا التصور".

 

 

أضف تعليقك