الصرافات الآلية وغياب التهيئة: تحديات وصول الأشخاص ذوي الإعاقة إلى الخدمات المالية     

الرابط المختصر

تشكل غياب التهيئة البيئية المناسبة في الصرافات الآلية عائقاً حقيقياً أمام الأشخاص ذوي الإعاقة للوصول إلى الخدمات المصرفية المقدمة، مما يضطرهم إلى الاستعانة بمرافقين لسحب أو إيداع أموالهم الشخصية ,وهذا ما ترويه هناء مبيضين ذاتالإعاقة الحركية، معاناتها اليومية في استخدام الصراف "ألجأ دائما لمرافق لاستخدام الصراف الآلي لأن الصرافات غير مهيأة للأشخاص ذوي الإعاقة الحركية. المكان غير مناسب ولا يوجد مصف مخصص، مما يجبرني على البقاء في السيارة بينما يقوم المرافق بالسحب أو الإيداع بدلاً مني"

هذه التجربة تسلط الضوء على التحديات التي يواجهها الأشخاص ذوي الإعاقة في الحصول على الخدمات المصرفية، وتدعو إلى ضرورة تحسين التهيئة البيئية في الصرافات الآلية لضمان سهولة الوصول والتمتع بالخدمات المصرفية بشكل مستقل وآمن.

حمزة القضاة يواجه مشكلة مماثلة، حيث اضطر إلى تكوين صداقة مع صاحب دكان قريب ليساعده في سحب النقود. يقول حمزة: "تجد أحيانًا أن هناك رامب من الشارع إلى الرصيف، ولكن لا يوجد رامب للصراف نفسه. أحيانًا تكون هناك حواجز أمام الصراف مثل درجة او كابينة  مما يجعل الوصول إليه مستحيلاً."

معاناة نفسية 

تسبب هذه التحديات انتهاك للخصوصية ومعاناة نفسية كبيرة لذوي الإعاقة. تقول هناء: "لا أحب أن يعرف أحد ما لدي من أموال، هذا يزعجني كثيرًا." ويوافقها حمزة: "ليس هناك خصوصية، الجميع يعرف ماذا أفعل وما لدي من أموال".

 

التزامات وتحديات

تنص المادة 43 من حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة رقم (20) لسنة 2017 على ضرورة عدم استبعاد الأشخاص ذوي الإعاقة من الخدمات المصرفية وخدمات الائتمان. كما تلزم البنوك بتطبيق إمكانية الوصول لمباني ومرافق البنوك مما يتيح للأشخاص ذوي الإعاقة الاستفادة من الخدمات المقدمة. تعليمات حماية المستهلك المالي للعملاء ذوي الإعاقة رقم (18/2018) تشدد على توفير أجهزة صراف آلي بارتفاع مناسب وإمكانية استقبال وإرسال الخدمات الصوتية وتوفير سماعات خاصة لذلك ,علما أن النسبة المقررة بالتعليمات هي 10 % من مجموع الصرافات الالية .

بحسب تعليمات البنك المركزي، فإن جميع البنوك ملزمة بتطبيق معايير معينة لتهيئة الصرافات الآلية لذوي الإعاقة. وقد صرح البنك المركزي: "نولي أهمية كبرى لإدماج العملاء ذوي الإعاقة في النظام المصرفي الأردني ونتابع باستمرار تطبيق البنوك لهذه التعليمات."

تبين أن هناك تهيئة جزئية للصرافات الآلية التي تبلغ 2246 جهازًا منتشرًا في كافة أنحاء المملكة، وفقًا للنشرة الإحصائية للبنك المركزي الأردني لشهر آذار 2024.

يقول طلال ملحس من البنك الأردني الكويتي: "نحن ملتزمون بتهيئة الصرافات الآلية وفقًا للنسب المقررة من البنك المركزي، ونسعى لتحقيق تغطية كاملة خلال العامين المقبلين."

 

دور المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة

ينص قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة رقم 20 لسنة 2017 على أنه لا يجوز استبعاد الشخص أو تقييد وصوله إلى الخدمات المصرفية على أساس الإعاقة ,ويؤكد القانون ضرورة توفير بنية تحتية مناسبة لذوي الإعاقة في جميع البنوك.

ويقول رأفت الزيتاوي، الناطق الإعلامي باسم المجلس الاعلى للاشخاص ذوي الاعاقة : "نقدم الدعم الفني للبنوك لتهيئة الصرافات الآلية وتوفير البيئة المناسبة لذوي الإعاقة. و نعمل على إعداد تقارير تحدد المتطلبات اللازمة ونقوم بزيارات ميدانية للبنوك.

وأشار الزيتاوي إلى أن بعض الفروع لا تزال غير مهيأة، مما يستدعي تطبيق التدريج في التهيئة".

 

شكاوى دون جدوى

يقول حمزة إنه قدم طلبًا لتهيئة الصراف الآلي في منطقته منذ عام 2017 ولم يتم الرد رغم مراجعته المستمرة. البنك المركزي أكد أنه يتابع الشكاوى الواردة من العملاء ذوي الإعاقة ويتعامل معها، مشيرًا إلى إجراء استبيان سنوي لقياس رضا العملاء ومعالجة الملاحظات.

المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بالتعاون مع البنك المركزي والبنوك يعقد دورات وورش تدريبية لتوعية الأشخاص ذوي الإعاقة بحقوقهم وآليات التواصل وتقديم الشكاوى.

تلعب البنوك دورًا توعويًا مهمًا من خلال عقد دورات تدريبية تهدف إلى زيادة الوعي بأهمية تهيئة البيئة المصرفية لتكون ملائمة لذوي الإعاقة, حيث يقوم البنك الاردني الكويتي بعقد دورات تدريبية  للموظفين  عن كيفية التعامل مع العملاء ذوي الإعاقة وتقديم الخدمات لهم بطريقة تحترم خصوصياتهم وتلبي احتياجاتهم بشكل فعّال, بحسب طلال ملحس .

لا تزال خدمات الصرافات الآلية في الأردن غير ملائمة للأشخاص ذوي الإعاقة، مما يضطرهم للاعتماد على الآخرين. رغم جهود المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والبنك المركزي والبنوك المحلية، لا تزال الحلول الحالية غير كافية. يتطلب الأمر تعاوناً حقيقياً بين جميع الأطراف لتوفير بيئة مصرفية شاملة تضمن استقلالية وخصوصية ذوي الإعاقة في تعاملاتهم المالية.

هذا التقرير نفذ بالشراكة مع المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.

أضف تعليقك