2018: عام الشائعات.. 274 شائعة في 8 أشهر

2018: عام الشائعات.. 274 شائعة في 8 أشهر

 ارتبطت الأحداث السياسية المحلية والاجتماعية والأزمات في الأردن خلال العام 2018، بارتفاع حجم تداول الشائعات عبر منصات التواصل الاجتماعي ووسائل إعلام حيال هذه القضايا والأحداث، حيث طور مرصد مصداقية الإعلام الأردني "أكيد" منهجية لرصد الشائعات واصدارها في تقارير شهرية اعتبارا من الأول من أيار من العام 2018.

وساهمت الأحداث التي وقعت ومنها حادثة البحر الميت والسيول في البتراء ومأدبا وتنفيذ مجموعة من الاعتصامات بدءا فيما عرف ب"اعتصام الرابع" والتي أدت الى رحيل حكومة الدكتور هاني الملقي والاحتجاجات اللاحقة، وما عرف بقضية "الدخان"، الى جانب قضايا محلية أخرى، في زيادة حجم الشائعات، وفق الرصد التراكمي.

ويسلط التقرير التراكمي الذي سيدرج "أكيد" على اصداره سنويا، الضوء على عدد الشائعات المتداولة خلال العام 2018 وتحديدا من تاريخ الأول من أيار، مع استعراض أهم الشائعات والأحداث والجهات التي طالتها.

وبحسب منهجية "أكيد"، تعرف الشائعة بأنها "المعلومات غير الصحيحة، المرتبطة بشأن عام أردني، أو بمصالح أردنية، والتي وصلت إلى أكثر من (5) آلاف شخص تقريبا، عبر وسائل الإعلام الرقمي".

الشائعات بالأرقام

وفق هذا التقرير التراكمي الذي يشتمل على رصد ثمانية أشهر، فقد وصل عدد الشائعات المتداولة عبر منصات التواصل الاجتماعي ووسائل إعلام محلية وخارجية ونالت الشأن الأردني 274 شائعة بمعدل 34 شائعة شهريا، منها 200 شائعة بنسبة 73% مصدرها وسائل التواصل الاجتماعي و27% مصدرها وسائل إعلام، و74 شائعة كان مصدرها من الخارج (منصات تواصل اجتماعي، وسائل إعلام) بنسبة 27%، و44 شائعة نقلتها وسائل إعلام عن منصات التواصل بنسبة 16%.

شائعات من الخارج

شكل حجم الشائعات الواردة من الخارج أمرا لافتا، فمن أصل 274 شائعة كان هناك 74 شائعة من مصادر خارجية توزعت بين وسائل إعلام مهتمة بالشأن الأردني أو مواقع سورية معارضة أو موالية أو لصفحات أردنيين من الخارج الى جانب نشطاء اسرائيليين وتحديدا إيدي كوهين الذي يعرف نفسه ب"الأكاديمي والباحث المختص بشؤون الشرق الأوسط".

ولم تغب الشائعات القادمة من الخارج خلال الشهور الثمانية الماضية من العام 2018، وان كانت متفاوتة، الا أن الأشهر أيار وحزيران وتموز سجلت أعلى عدد من الشائعات الخارجية والذي وصل الى 38 شائعة شكلت نسبة 41% من حجم الشائعات في هذه الفترة والبالغ 92 شائعة.

وشكلت نسبة الشائعات الخارجية في هذه الفترة 38% من مجموع الشائعات عبر منصات التواصل الاجتماعي، و9% من أصل الشائعات القادمة عبر وسائل إعلام محلية وعربية ومهتمة بالشأن الأردني.

وفي شهر آب سجلت الشائعات الخارجية 19 شائعة بنسبة 42% من حجم الشائعات في ذلك الشهر البالغ 45 شائعة، منها 13 شائعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي ولصفحات اردنيين في الخارج ونشطاء اسرائيليين تشكل نسبة 29% من حجم الشائعات الكلي المرصود في المنصات الاجتماعية.

وكانت حصة وسائل الإعلام في شهر أب 6 شائعات تشكل نسبة 13% من حجم الشائعات عبر تلك الوسائل سواء الخارجية أو المحلية.

وسجل شهر أيلول، 5 شائعات خارجية من أصل 42 شائعة رصدت خلال الشهر، بنسبة 12% من حجم الشائعات الخارجية، منها شائعتان عبر منصات التواصل الخارجية تشكل نسبة 4.76 من حجم الشائعات الكلي الوارد عبر تلك المنصات محليا وخارجيا، وثلاث شائعات عبر وسائل إعلام خارجية تشكل نسبة 7.14% من العدد الكلي للشائعات الواردة عبر هذه الوسائل محليا وخارجيا.

وفي تشرين الأول الماضي، بلغ عدد الشائعات الكلي 26 شائعة، منها 3 شائعات بنسبة 12% من الخارج، اثنتان عبر منصات التواصل تشكل نسبة 8% من الشائعات الواردة عبر تلك المنصات بمجموعها العام، وشائعة واحدة عبر وسائل إعلام ومواقع تشكل  نسبة 4% من حجم الشائعات عبر تلك الوسائل سواء الخارجية أو المحلية.

كما سجل شهر تشرين الثاني من العام 2018، 4 شائعات خارجية بنسبة 11.4% من حجم الشائعات الكلي في ذلك الشهر البالغ 35 شائعة، منها شائعة واحدة عبر منصات التواصل الاجتماعي تشكل نسبة 5.5% من حجم الشائعات الواردة عبر تلك المنصات محلية أو خارجية، فيما كانت حصة وسائل الإعلام والمواقع الاخبارية الخارجية 3 شائعات بنسبة 17.7% من حجم الشائعات الكلي في تلك الوسائل سواء المحلية أو الخارجية.

أما شهر كانون الأول فقد سجل 3 شائعات من الخارج بنسبة 8.82% من حجم الشائعات خلال هذا الشهر البالغة 34 شائعة، منها شائعة واحدة كان مصدرها منصات التواصل تشكل نسبة 3.8% من حجم الشائعات الكلي عبر تلك المنصات، فيما كانت وسائل إعلام مصدرا لشائعتين شكلتا نسبة 25% من حجم الشائعات الواردة عبر وسائل إعلام ومواقع الكترونية سواء خارجية أو محلية.

وكانت أبرز الشائعات ما تعلق بالقوات المسلحة الاردنية التي كانت حصتها شائعتان قادمتان من وسائل إعلام خارجية تشكل نسبة 25% من أصل 8 شائعات تم تداولها حولها خلال العام  2018، وثبت عدم صحتها .

الشائعات 2018
Infogram

موضوعات الشائعات  

 وتركزت الشائعات حول أحداث وجهات معينة، نعرضها تفصيلا فيما يلي:

إجازة الملك:

عبر منصات التواصل الاجتماعي ووسائل إعلام خارجية ثارت شائعات عديدة حول الإجازة السنوية التي قضاها جلالة الملك عبدالله الثاني في الولايات المتحدة الأميركية خلال الصيف الماضي، حيث حازت تلك الشائعات نسبة 7% من أصل 92 شائعة تم تداولها خلال الفترة من الأول من أيار الى 31 تموز.
 

وتم تناقل هذه الشائعات بشكل موسع الى حين عودة جلالة الملك من الإجازة واستهجانه لحجم الشائعات في أكثر من مناسبة خلال لقاءاته المتعددة مع المسؤولين والكتاب والصحفيين.

وفي مقال نشره جلالة الملك إبان أحداث البحر الميت وتعليقا على ما يدور من سلبيات عبر منصات التواصل الاجتماعي، تحت عنوان "منصات التواصل أم التناحر الاجتماعي؟"، قال جلالته " يحضرني هنا موجة الإشاعات والأكاذيب التي انتشرت في فترة إجازتي المعتادة. لا بل حتى وبعد عودتي واستئناف برامجي المحلية، ظل السؤال قائما: أين الملك؟! ليستمر البعض بالتشكيك في وجودي حتى وأنا أمامهم. هل أصبح وهم الشاشات أقوى من الواقع عند البعض؟".

كما انتشرت شائعة على وسائل التواصل الاجتماعي تشير إلى أن الديوان الملكي يستعد لإقامة حفل فني ضخم بكلفة ملايين الدنانير بمناسبة تولي جلالة الملك عبدالله الثاني سلطاته الدستورية، وقد تبين لمرصد مصداقية الإعلام الأردني " أكيد" أن هذه الشائعة لا صحة لها.

فقد تواصل مرصد "أكيد" الذي نشر تقريرا خاصا حول الشائعة، مع إدارة الإعلام والاتصال في الديوان الملكي الهاشمي التي استغربت تداول هذه الشائعة، مؤكدة  أن "لا صحة لها على الإطلاق".

القوات المسلحة الأردنية:

أثير خلال العام 2018 مجموعة من الشائعات طالت القوات المسلحة الأردنية، وصل عددها الى 8 شائعات، وتنوّعت مصادرها بين منصات التواصل المحلية  ووسائل الإعلام الخارجية، وكان "أكيد" أفرد لها تقريرا مفصلا .

وكان من أبرز الشائعات، بيع مطار ماركا العسكري، بيوعات أراضي خزينة الدولة والقاعدة الجوية في تلاع العلي، الخلاف بين القوات المسلّحة وشركة الولاء، مقتل امرأة سورية برصاص الجيش العربي روجتها مواقع إخبارية سورية، ومنها أيضا شائعة إطلاق الجيش العربي النار على نازحين سوريين، اضافة الى إحالة ضبّاط في الجيش للتقاعد وسقوط مظلّي.

وجميع الشائعات التي صدرت نفتها القوات المسلحة ببيانات رسمية نشرتها وسائل إعلام، ويسجل لوسائل الإعلام المحلية عدم تعاملها مع الشائعات التي تصدر عبر منصات التواصل الاجتماعي والمتعلقة بالقوات المسلحة.

حادثة البحر الميت:

بعد وقوع حادثة البحر الميت والتي أدت الى وفاة 22 شخصا أغلبهم طلبة مدرسة كانوا في رحلة الى منطقة "زرقاء ماعين" في مأدبا بتاريخ 25 تشرين الأول 2018، ثارت شائعات تم تداولها بشكل واسع  عبر الوسائل الإعلامية والمنصات الاجتماعية بلغ عددها 10 شائعات وحازت على نسبة 38% من حجم الشائعات لذلك الشهر.

وتمثلت أبرز الشائعات حول الحادثة، بشائعة فتح "بوّابات" سد وادي زرقاء ماعين، استقالة وزيري التربية والتعليم والسياحة والأثار ونفيها من الوزيرين في بداية تفاعلات الحادث، والربط بين الحادثة وانهيار جسر في البحر الميت، ووجود مصابين أردنيين في مستشفى هداسا، ونشر صور موديل أميركي ومطرب فلسطيني وطفل سوري بين ضحايا حادثة "زرقاء ماعين" كان "أكيد" وثقها في تقرير منفصل.

كما رافقت الشائعات حادثة السيول في منطقة البتراء ومناطق جنوب المملكة، التي حدثت في التاسع من تشرين الثاني من العام 2018. ومنها تدفق مياه سد الوالة، فيديو مفبرك لإنقاذ مواطنين أطفالا خلال السيول.

قضية الدخان:

حظيت قضية "الدخان" التي أثيرت في وسائل إعلام بعد طرحها تحت قبة البرلمان أواسط العام 2018، بحجم من الشائعات خاصة ما يتعلق بالمتهم الأول فيها عوني مطيع، حيث حازت نسبة 17% من أصل 92 شائعة تم تداولها خلال الفترة من الأول من أيار الى 31 تموز.

وأثيرت شائعات حول القاء القبض على مطيع بعد هروبه من الأردن في أكثر من مرة، الى أن تم جلبه من تركيا واستلامه من قبل السلطات الأردنية في 17 كانون الأول من العام ذاته.

وثارت شائعات لم يتم تأكيدها أو نفيها، حول تورط أشخاص في تهريبه خارج البلاد، وتورط شخصيات أخرى في القضية، كما تم التشكيك عبر منصات تواصل بأن الذي تم جلبه ليس المتهم عوني مطيع بسبب اختلاف شكله. كما تم تداول شائعات حول القضية من قبيل "التحقيق مع بعض النواب على خلفية  الدخان، استقرار رجل التبغ الأردني الشهير في كوبا، الطيطي ساعد عوني مطيع إلى مغادرة البلاد وغيرها من شائعات.

 وقالت وزيرة الدولة لشؤون الإعلام الناطق باسم الحكومة الأردنية جمانة غنيمات حينها  في تصريح صحفي ردا على اقحام أسماء شخصيات سياسية في القضية، "إن التحقيقات مستمرة، وأن ما يتم عبر التواصل الاجتماعي لا يمكن وصفه الا باغتيال شخصية، واستخفاف بدقة المعلومة".

وتتمثل قضية "الدخان" في ضبط السلطات المختصة في أربعة مواقع داخل المنطقة الحرّة بالزرقاء، لتصنيع الدخان وبيعه بطرق غير قانونية، واتهام عوني مطيع بتهرب ضريبي يصل الى 150 مليون دينار.

حكومة الدكتور عمر الرزاز:

رافق تشكيل حكومة الدكتور عمر الرزاز منتصف حزيران الماضي التي جاءت على وقع احتجاجات نفذت على الدوار الرابع للمطالبة بإقالة حكومة الدكتور هاني الملقي رفضا لسياسة الحكومة الاقتصادية، شائعات وخطاب تمييزي وانتهاك للخصوصية، حيث حازت تلك الشائعات على نسبة 9% من أصل 92 شائعة تم تداولها خلال الفترة من الأول من أيار الى 31 تموز، ورصدها "أكيد" في تقرير منفصل.

ومن التقارير التي تداولتها وسائل إعلام عند تشكيل حكومة الرزاز ما جاء تحت عناوين، "وزراء من حكومة الرزاز يدافعون عن أنفسهم"  و "4 وزراء يجيبون حول "معلولية" الشياب وشهادة الغرايبة وقرابة الرزاز بلطوف وخبرة الحموري ونسبه بالطراونة،  و"الرزاز يدافع عن وزراء حكومته ضد الشائعات".

ومن الشائعات التي تم تداولها أيضا حصول رئيس الوزراء على مليوني دينار عند انضمامه للحكومة، الرزاز يزور السلط لمتابعة مجريات العملية الأمنية، الرزاز يلوح باستقالته، الحكومة تضع اللمسات الأخيرة على قانون العفو العام، تقاضي الوزير مبلغ 10 الاف دينار عند دخوله الحكومة واسلاميون في تعديل الرزاز القادم.

شائعات أخرى:

ومن أبرز الشائعات الأخرى التي تم تداولها خلال العام الماضي،  شمام مستورد محقون بالأمراض في الأسواق، حالات اصابة بين الحيوانات بمرض اللشمانيا، رفع رسوم تسجيل الأراضي، السماح بوضع أبراج خاصة للاتصالات فوق أسطح بعض المدارس، رفع أسعار الاتصالات، قيام بعض خطوط الحافلات برفع أجور نقل الطلبة، وقيام المركز الوطني لتطوير المناهج بترجمة مناهج يحصل عليها من خارج البلاد اضافة الى شائعات عديدة طالت قانون العفو العام.

ملامح الشائعات وآليات انتشارها

غزارة الانتاج وسرعة الانتشار : اتسمت الشائعات في عام 2018 بغزارة انتاجها وسرعة انتشارها فقد أوضح رصد " أكيد" ما معدله 34 شائعة شهريا وهو رقم كبير وفق تعريف الشائعة المعتمد في هذا الرصد ، كما يلاحظ أن مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات تبادل الرسائل النصية كانت الفاعل الأساسي في سرعة الانتشار، وفي تحويل بعض المعلومات المغلوطة الى شائعات واسعة الانتشار.

الارتباط بالأزمات : ارتبط نحو 70 % من الشائعات بالأزمات المحلية ، وهذا ما يحدث في العادة فالشائعة وليدة حالات الطوارئ والأزمات ، كما برز ذلك في أزمات قضية الدخان وحادثة البحر الميت وأزمة السيول .

الشائعات العنيدة : يظهر الرصد بروز ظاهرة الشائعة العنيدة المرتبطة برأي عام عنيد ، وهي ظاهرة تدل على شائعة تبقى مستمرة وتمتد دورة حياتها طويلا رغم نفيها أكثر من مرة ورغم اثبات عدم صحتها، الا أن فئة من مرددي الشائعات واحيانا من محركي الرأي العام على الوسائل الجديدة يعودون الى تبني الشائعة ذاتها من جديد ، كما حدث مع شائعة فتح بوابات سد ماعين التي نفيت عدة مرات من قبل الجهات الرسمية ومن قبل خبراء وتم تنظيم جولة ميدانية مصورة لموقع السد الا أنها استمرت في العودة الى أن أقرت كافة لجان التحقيق أن لا أساس لهذه الشائعة.

البث المباشر : ارتبط ظهور بعض الشائعات أو ترويج أخرى بظاهرة البث المباشر على وسائل التواصل الاجتماعي الذي يمارسه بعض الناشطين في التعليق على الأحداث أو محاولة تفسيرها.

الخلط بين المعلومات والأراء : أوضح الرصد بعض السمات الكيفية للشائعات التي راجت خلال عام 2018 حيث تبين أن مصدر بعضها عدم التمييز بين الأراء والمعلومات وتحويل الآراء الى معلومات أو وقائع يتم تبنيها ونشرها.

الأقليات الصارخة : بات واضحا دور الأقليات الصارخة في أوقات الأزمات والطوارئ أو في الأحداث السياسية التي تتطلب التعبير عن مواقف حيالها، وظاهرة الأقلية الصارخة ظاهرة عالمية تمارس على وسائل التواصل الاجتماعي من قبل فئة من الناشطين والمؤثرين على هذه الوسائل من خلال محاولة الإيهام بان مواقفهم تعكس الرأي العام، الأمر الذي يسهم في توليد حالة استقطاب سياسي أو اجتماعي خلف هذه المواقف .

الشعبوية الجديدة : لاحظ الرصد الكيفي تكرر ظاهرة الشعبوية الافتراضية الجديدة التي رصدتها العديد من الدراسات في مناطق مختلفة من العالم ، والتي تفسر سلوك مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي من الأفراد العاديين الذين يسعون الى الشهرة من خلال نقل الأخبار الكاذبة والشائعات بالاعتماد على العناوين المثيرة من أجل جمع أكبر عدد من علامات الاعجاب والحضور على الشبكة . ولا توجد لهذه الفئة من المستخدمين أجندات سياسية أو ثقافية أو أهداف خفية أكثر من مجاراة سلوك الإثارة على الشبكة.

 هل تغير سلوك الأردنيين في التطبيع مع الشائعات ؟

يزداد قلق العالم يوما بعد يوم من تفاقم ظاهرة الأكاذيب في العالم الرقمي، والأخطر من ذلك قابلية الناس لتصديق هذه الأكاذيب والأخبار الزائفة والشائعات والتطبيع معها، وأحيانا يصبح الناس أكثر استعدادا لقبول الأكاذيب والتكيف معها أكثر من قبول الحقائق وتصديقها .

في عام 2018 ازدادت الاشارات الرسمية والإعلامية في الأردن لتنامي ظاهرة الشائعات والأكاذيب على وسائل التواصل الاجتماعي ، وعلى الرغم من الرصد التراكمي الذي يقدمه هذا التقرير الذي يشير الى تفاقم ظاهرة الشائعات في الأردن الا أنها تبقى ضمن معدلات الانتشار العالمي ، ومن المفيد التحذير ان ليس كل معلومة أو خبر مغلوط يعد شائعة بل أن تصنيفه على هذا الاساس قد يساعد في انتشار الشائعات.

تقدم وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الرقمي استعدادا جماعيا لاستهلاك الأكاذيب وجاذبية للاسترخاء في قبولها ، وبالتالي تتحول عملية تكرار الأكاذيب الى حالة لتشويه معرفة الذات والاخر ، ويصبح مستخدمو هذه الوسائل أقل استعدادا لقبول التسامح وأكثر تطبيعا مع الكراهية ، أي أن الأكاذيب تتجسد على شكل ايديولوجيا ثقافية واجتماعية .

لقد ساهمت مجموعة من العوامل في ازدياد استرخاء الأردنيين للشائعات والأكاذيب الإعلامية ، لعل ابرزها التراجع الكبير في الثقة العامة سواء الثقة بالمؤسسات العامة أو بالطبقة السياسية ، كما هو الحال في تراجع الثقة بوسائل الإعلام المحترفة . كما لعب ضعف مرفق المعلومات العامة دورا أساسيا في تفاقم هذه الحال أي ضعف وجود ممارسات وطنية في ضمان الحق في الوصول الى المعلومات العامة واتاحتها أمام المواطنين، وهو الأمر الذي أضعف من قدرة القائمين على الشؤون العامة في سرعة الاستجابة في أوقات الأزمات والطوارئ ما كان يفتح المجال لازدهار الشائعات .

الشروط الاساسية لمكافحة الشائعات

ثلاثة شروط أساسية للحد من الشائعات والأخبار الكاذبة ؛ بالاستناد للخبرات الجيدة في العالم والتي تتطلبها البيئة المحلية:

أولا : نشر التربية الإعلامية والمعلوماتية ؛ ودمج مفاهيمها في المناهج التعليمية في المدارس والجامعات، ودمجها في الأنشطة التوعوية وفي تحصين الشباب من خلال المؤسسات الشبابية من أجل محو الأمية الإخبارية والأمية الإعلامية والرقمية.

ثانيا : اتاحة المعلومات العامة للمواطنين من خلال ضمان الحق بالمعلومات ، واعادة تأسيس هذا الحق على الممارسات الجيدة في سرعة الاستجابة الرسمية وملء الفراغ المعلوماتي والمبادرة في تقديم المعلومات وايجاد منافذ للمعلومات العامة.

ثالثا: الصحافة الجيدة ؛ المقصود الصحافة المطبوعة والاذاعية والتلفزيونية والرقمية التي تٌعنى بجمع المعلومات ومعالجتها وتقديمها للجمهور ، كلما كانت هذه الوسائل أكثر مهنية وجودة، وأكثر قدرة على الإجابة على أسئلة الجمهور كلما ساهمت في محاصرة الأكاذيب والشائعات.

أضف تعليقك