ميدل ايست آي: الأردن تمد يدها لحكومة الجولاني وتطمح بحصة في إعادة إعمار سوريا
ملفات عديدة كانت على طاولة الوفد السوري الذي زار الأردن الثلاثاء الماضي، برئاسة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، أبرزها: أمن الحدود محاربة تهريب المخدرات، ونقل الطاقة (كهرباء غاز) إلى سوريا إلى جانب عودة حركة التجارة وعودة اللاجئين السوريين ( 1.3 مليون لاجئ سوري في الأردن حسب التقديرات الرسمية الأردنية).
التقى الوفد السوري مسؤولين أردنيين أمنيين على رأسهم رئيس هيئة الأركان المشتركة اللواء الركن يوسف الحنيطي ومدير المخابرات العامة اللواء أحمد حسني، وعدد من الوزراء.
عقب الاجتماع أعلن نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأردني اعلن وزير الخارجية أيمن الصفدي "تشكيل لجان مشتركة مع الجانب السوري معنية بالأمن والطاقة والمياه وأمن الحدود وخطر تهريب المخدرات والسلاح وما تمثله داعش من تهديدات بالمنطقة".
من جانبه شكر وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني الأردن على "مساهمته بملف رفع العقوبات عن سوريا، والتي بإزالتها ستنعش الحالة الاقتصادية في سوريا، مؤكدا أن أبرز "معوق أمام المرحلة المقبلة هي العقوبات على سوريا".
يواجه الاقتصاد الأردني تحديات متعددة، أبرزها ارتفاع معدلات البطالة والفقر، بالإضافة إلى تزايد الدين العام. وفقًا لتقرير البنك الدولي، انخفضت معدلات البطالة بشكل طفيف للعام الثاني على التوالي، حيث بلغت 21.4% في الربع الأول من عام 2024. مع ذلك، لا تزال هذه المعدلات مرتفعة، خاصة بين الشباب والنساء.
ترى المملكة أن إعادة الإعمار ستفتح فرصًا استثمارية وتجارية هائلة، تساهم في خلق فرص عمل وتعزيز اقتصاد الأردن، وزيادة الصادرات وتعزيز قطاع النقل والخدمات اللوجستية.
فرص استراتيجية
الباحث اقتصادي متخصص في شؤون الطاقة عامر الشوبكي، يرى في حديث لـ"ميدل إيست اي" أن "هنالك فرص استراتيجية أمام الأردن لاستثمارها في سوريا".
"يمتلك الأردن ميزات تنافسية عديدة تؤهله ليكون الشريك الأبرز لسوريا في إعادة الإعمار وتلبية احتياجاتها الأساسية. تتمثل هذه الميزات في تكاليف النقل القريبة والآمنة والأقل كلفة، ما يجعل الأردن الخيار الأكثر كفاءة لنقل السلع والخدمات إلى سوريا، القدرة على توفير الطاقة، بما يشمل الكهرباء، الغاز، والمحروقات، بأسعار تنافسية وبموثوقية عالية وسرعة اكبر،توفير مواد البناء والخدمات الفنية لدعم جهود إعادة إعمار البنية التحتية السورية،المنتجات الزراعية والسلع الحيوية، التي تلبي احتياجات السوق السوري بشكل فعّال ومستدام".
وفي خطوة مبكرة أعلن الأردن الثلاثاء عن إنشاء بري في محافظة المفرق، بالقرب من الحدود السورية، بهدف دعم عمليات إعادة الإعمار. يُتوقع أن يكون هذا الميناء مركزًا لوجستيًا لتسهيل نقل المواد والمعدات إلى سوريا، مما يعزز دور الأردن كحلقة وصل رئيسية في سلسلة التوريد.
ومنذ بدء الثورة في سوريا عام 2011 أُغلق المعبر أكثر من مرة، كانت الأولى في أبريل/نيسان 2015، واستمر إغلاقه حينها 3 أعوام، وأُعيد فتحه في أكتوبر/تشرين الأول 2018.
وحسب بيانات وزارة الصناعة الأردنية تراجعت التجارة بين البلدين من 617 مليون دولار عام 2010 إلى 146.6 مليونا في عام 2023 بسبب تداعيات التوترات في المنطقة على التبادل التجاري
يسعى الأردن إلى تعزيز التبادل التجاري مع سوريا، خاصة في مجالات مواد البناء والسلع الأساسية، كما يطمح الأردن إلى لعب دور في تزويد سوريا بالطاقة الكهربائية والمساهمة في إعادة تأهيل شبكات الكهرباء المتضررة، مستفيدًا من خبراته في هذا المجال، ليمد الكهرباء لاحقا إلى لبنان بعد أن وقف قانون قيصر (قانون أمريكي فرض عقوبات على التعامل مع نظام بشار الأسد) عائقا أمام ذلك.
يقول الخبير الشوبكي "كي يتمكن الأردن من القيام بهذا الدور، من الضروري أن تضغط الحكومة الأردنية باتجاه استثناء الأردن من العقوبات الدولية المفروضة على سوريا، بما في ذلك قانون قيصر. هذا الاستثناء سيمهد الطريق لتوسيع التعاون التجاري والخدمي بين البلدين، كما أنه خطوة نحو رفع العقوبات الدولية بشكل دائم عن سوريا".
الأردن، باعتبارها دولة جارة لسوريا، كانت من أكثر الدول تضررًا من الحرب الأهلية يمتد الشريط الحدودي بين البلدين لأكثر من 375 كيلومترًا، خلال سنوات الحرب، تضاعفت محاولات تهريب الكبتاجون إلى الأردن، حيث كانت العصابات تستخدم طرقًا مبتكرة بما في ذلك الطائرات المسيّرة والسيارات المفخخة التي تحمل شحنات المخدرات.
وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني قال في المؤتمر الصحفي مع نظيره الأردني إن "الوضع الجديد في سوريا أنهى التهديدات التي كانت تهدد أمن الأردن سابقا، فيما يخص الكبتاغون والمخدرات".
سبق للأردن أن استضاف برامج تدريبية لعناصر من المعارضة السورية بالتعاون مع جهات دولية، إلا أن هذه البرامج كانت محدودة النطاق ومرتبطة بفترات زمنية سابقة وعلى رأس هذه الفصائل جيش العشائر إلى جانب تدريب فصائل في الجنوب السوري بتمويل من الإدارة الأمريكية و دول غربية مثل فرنسا وبريطانيا.
إلا أن اللواء الطيار المتقاعد، والمحلل العسكري الأردني مأمون أبو نوار، يرى أن ملف تدريب الأردن لجيش سوريا الجديد "أمر معقد بسبب عدم الاستقرار في سوريا".
يقول لـ"ميدل إيست آي"، "الأمر معقد، أي جيش سيدرب الأردن هل سيدرب هيئة تحرير الشام؟ هنالك فصائل ما زالت في الأرض السورية في الشمال والجنوب، هيئة تحرير الشام تسيطر على مدن رئيسية بينما تسيطر قوات سورية الديمقراطية تسيطر على مناطق واسعة، وكذلك هنالك فصائل في الشمال مدعومة من تركيا، وفصائل اخرى في الجنوب السوري مثل الدروز".
"هناك احتمال أن يكون جزء من هذا التدريب للأردن لكن الإشراف العام سيكون لتركيا، لكن هذا يحتاج إلى وقت، خصوصا وضع هيكل تنظيمي للجيش وخصوصا لهيئة تحرير الشام بقيادة احمد الشرع وخصوصا تدريب حرس الحدود في ضبط عمليات التهريب، ايضا هذا مفيد للسوريين خصوصا أن الأردن مقبول للغرب كونه قريب من سياسة الناتو".
الأردن استبق زيارة الوفد السوري بيوم وارسل يوم الاثنين وفدا إلى تركيا كونها المؤثر الأكبر الآن في سوريا ضم الوفد رئيس أركان الجيش الأردني الجنرال يوسف الحنيطي، ومدير المخابرات الجنرال أحمد حسني ووزير الخارجية أيمن الوزير الصفدي.
زيارة اعتبرها المحلل أبو نوار، كمفتاح اردني لدخول البوابة السورية، حيث أكد وزير الخارجية التركي هاغان فيدان في مؤتمر صحفي أن بلاده "كانت على تنسيق مستمر مع الأردن منذ اليوم الأول لسقوط نظام بشار الأسد في سوريا".