وعي سياسي في الفضاء الالكتروني
تشهد مواقع التواصل الاجتماعي إقبالا كبيرا من قبل الشباب الأردني خصوصا بين الفئة العمرية (18-29) هذه الشريحة تشكل ما يقارب 70 بالمائة من متصفحي "فيسبوك" و"تويتر".
تشير إحصاءات صادرة عن تقرير الإعلام الاجتماعي العربي الذي أصدره برنامج الحكومة والابتكار بكلية دبي للإدارة الحكومية عام2011 إلى أن هناك 32 مليون مستخدم عربي لموقع (الفيس بوك)، بمعدل نمو قدره 50% منذ بداية العام المذكور ، وأن حوالي مليون ومائة ألف مستخدم عربي يستخدمون (تويتر) للتدوين عليه، ما بين مدون ناشط، ومدون صامت.
فيما يرى سياسيون أن مواقع التواصل الاجتماعي ساهمت بشكل أو بآخر بزيادة الوعي السياسي لدى مستخدميها في ظل الربيع العربي وما رافقه من اعتصامات وثورات واحتجاجات.
أصبح "الفيس بوك" على سبيل المثال يشكل ملاذا لتعبير الناس عن آراءها وهمومها، فيما ينظر له على انها الجامع للغات والتنوع والثقافات. وقد وصل عدد المشتركين الناشطين في هذا الموقع الشهير إلى 600 مليون مشترك ومشتركة مؤخرا.
تنامي الاستخدام محليا
في الأردن وحده هناك ما لا يقل عن مليوني مشترك على "الفيسبوك"، فيما وصل عدد المشتركين في "التويتر" العام الماضي إلى 225 بالمئة في ظل الأحداث السياسية المتتالية بحيث وصل عدد المشتركين في الأردن إلى ٦٠٠ ألف مشترك.
الناشط خالد الناطور يرى أن شبكات التواصل الاجتماعي هي عالم افتراضي يعكس هموم ومشاكل الواقع “وقد ساهمت في زيادة الوعي ومعرفة الحقوق والواجبات نظرا لسهولة تبادل الآراء وتناقل الأخبار من خلالها”.
التسلية سيدة المحادثات
من جانبه، يقول المدون ورئيس تحرير موقع "البوابة" محمد عمر إن "الفيسبوك" و"تويتر" هما الشبكتان الأكثر انتشارا في الأردن، ورغم ازدياد عدد المستخدمين إلا أن القضايا الاجتماعية والتسلية والحديث عن الأمور الشخصية فما تزال تهيمن على محادثات الكثير من المتفاعلين.
فيما يشير الناطور إلى أن شبكات التواصل الاجتماعي لعبت دورا إيجابيا باعتبارها عالما افتراضيا ساهم في تنظيم العالم الحقيقي إذ أن الكثير من الاعتصامات كانت تنظم عن طريق هذه الشبكات التي قامت بدورها بتوعية الشباب سياسيا بشكل إيجابي إذ أنها تسمح بتبادل الآراء بين الأفراد بسهولة وسرعة فائقة.
أما غدير جلاد وهي معلمة في وزارة التربية والتعليم فقد أوضحت أنها تتصفح "الفيسبوك" منذ سنة تقريبا وترى أن التوعية السياسية التي حققتها شبكات التواصل الاجتماعي لدى الشعوب تنحو المنحى الإيجابي وأن المسؤولية تكمن في انتقاء الموضوعات التي يريد أن يشارك فيها المتصفح .
"إن أهم الموضوعات التي أشارك فيها في "الفيسبوك" تتعلق بالسياسة بالدرجة الأولى والاقتصاد، ثم الفساد الإداري وسوء استخدام السلطة وارتفاع الأسعار غير المبرر"، تقول غدير.
وللأحداث مكان
الناطور يرصد أهم القضايا المحلية التي يشارك فيها الشباب الأردني “حالات البلطجة على الناشطين في الحراك السياسي, حادثة 24 آذار، موضوع الهوية الأردنية وقانون الانتخابات بالإضافة إلى الاحتجاجات على التدخلات الخارجية بالشأن الأردني ومنها تصريحات السفير الأمريكي الذي قال أن الإصلاح لم يعد موجودا في الأردن وقد أثارت هذه التصريحات غضب الكثير من المستخدمين الأردنيين لهذه الشبكات”.
يوافقه الرأي في ذلك محمد عمر الذي يرى أن الثورة التونسية أحدثت تغييرا جذرية في المشاركات المتداولة على هذه المواقع “فقد أصبح هناك اهتمام متزايد في تبادل الآراء وقراءة المقالات وتناقل الأخبار.
وبيّن عمر أن من أهم القضايا التي كان يناقشها الناس عبر شبكات التواصل الاجتماعي تتمحور حول الخدمات الصحية والقضايا الخدمية والحملة على المطاعم والتي حصلت مؤخرا والعنف الجامعي والعنف المجتمعي بالإضافة إلى الإصلاح السياسي.
يوضح الناطور أن الشأن السوري والانتخابات الرئاسية في مصر لاقت صدىً كبيرا في المشاركة عبر شبكات التواصل الاجتماعي، ويقول: إن الرقابة التي قد تفرض على هذه المواقع هي رقابة غير مباشرة تقوم بها بعض الأجهزة الأمنية وذلك بإنشاء حسابات وهمية والتي بدورها تقوم بنشر بعض الفعاليات الخاصة بها وتتعرض في بعض الأحيان إلى هجوم منظم من قبل بعض الأطراف عن طريق السب والشتم والتخوين والإخراج عن الوطنية.
جيل متأثر بالعولمة
أما المحلل السياسي محمد القطاطشة، فيرى أن شبكات التواصل أنتجت جيلا متأثرا بمفهوم العولمة، ويقول إن الربيع العربي تزامن مع حكومة سمير الرفاعي وأن ثمة طرح حكومي لتقنين هذه المواقع الإلكترونية ومحاسبة بعض المدونين الذين يحاولون صنع القرار بطرق ملتوية والذين باتت شبكات التواصل الاجتماعي تشكل مصدر إزعاج لهم لكن أي من تلك الخطوات لم تجد نفعا.
ويضيف القطاطشة إن الحكومة يجب أن تعطي الحرية للشباب في التعبير عن آرائهم وإن كان هناك سوء استخدام لهذه الحرية. “أن جميع مؤسسات الدولة لم ترقَ بعد إلى متابعة هموم وقضايا المواطنين إلكترونيا".
كما يرى المحلل السياسي أنه لا توجد أي رقابة حكومية على المواقع الإلكترونية باعتبارها منبرا يعبر من خلاله المواطن عن قضاياه بحرية.
على الرغم من أن شبكات التواصل الاجتماعي نشأت في بيئة غير ممهدة لها إلا أنها تمكنت من إيصال صوت المواطن واستطاعت أن تصنع جيلا واعيا بالحقوق والواجبات مدركا لما يجري من أحداث سياسية قادرا على إبداء رأيه بالمستجدات من القضايا والمشكلات التي كانت غائبة نوع ما عن أذهان البعض.