من يراقب التبرعات التي تتلقاها الأحزاب الأردنية؟

الرابط المختصر

في ظل التطورات السياسية التي تشهدها المملكة ومع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية، تبرز قضية التبرعات المالية المقدمة للأحزاب السياسية بعد جدل كبير واتهامات بربط تلك التبرعات في بعض الأحزاب بـ"بيع مقاعد بالقائمة الحزبية".

في هذا السياق، تثير مسألة تنظيم التبرعات الانتخابية للأحزاب في الأردن جدلًا واسعًا حول ما إذا كانت القوانين الحالية كافية لضمان الشفافية والمساءلة، أم أنها تحتاج إلى تعديلات لمواكبة المتغيرات السياسية والاجتماعية.و يلعب دور الرقابة على هذه التبرعات أهمية قصوى في الحفاظ على توازن الفرص بين مختلف الأحزاب ومنع أي تأثير غير مشروع قد يؤثر على نتائج الانتخابات . 

وكانت الهيئة المستقلة للانتخاب احالت في تموز الماضي إلى النائب العام ثلاثة أشخاص من بينهم أمين عام أحد الأحزاب، وهم أطراف قضية جرى تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي متعلقة بادعاء مرشَّح عن فئة الشباب الانسحاب من الانتخابات النيابية المقبلة بسبب رفضه دفع مبلغ مالي لقاء ترشحه ضمن قائمة حزبية والتي ذكر فيها أن هذه المبالغ "لا تندرج تحت بند التبرع".


الأحزاب: لا تأثير للتبرعات على تشكيل وترتيب القوائم
قال مساعد الأمين العام للشؤون الإدارية والمالية في حزب الميثاق الوطني، طارق حجازي، إن الحزب بدأ في بناء موازنته التقديرية للحملة الانتخابية لقائمة الميثاق بعد الإعلان عن أسماء مرشحي القائمة العامة. مؤكدًا أن تشكيل القائمة العامة الحزبية وترتيب المرشحين لا علاقة له بتبرعات الحملة الانتخابية، وأنه لم يتأثر بأي تبرعات حصل عليها الحزب، وأضاف أن الحزب قد وافق على موازنة الحملة الانتخابية التي بلغت حوالي 400 ألف دينار، وبدأ أعضاء الحزب وقياداته والشركات الداعمة في دفع المبالغ المالية اللازمة لتغطية موازنة الحملة و أن التمويل جاء تعبيراً عن ثقتهم في برنامج الحزب ومصداقيته، وإيمانهم بقدرة الحزب على تنفيذ برنامجه الانتخابي

حزب جبهة العمل الإسلامي وعلى لسانه ناطقه الإعلامي  ثابت عساف، قال إن تمويل الحملة الانتخابية  للحزب يأتي من مصدرين رئيسيين: التمويل الحكومي للأحزاب، والذي من المفترض أن يُقدم في شهر حزيران، لكن هذه المرة ارتبط التمويل الحكومي بالنتائج، والمصدر الثاني هو تبرعات المرشحين والأحزاب، متابعًا أن التكلفة المرصودة والمتوقعة للحملة الانتخابية للحزب، سواء للقوائم المحلية أو الوطنية، تبلغ حوالي 300 ألف دينار. وأوضح أن هذه التكلفة تم تمويلها من تبرعات المرشحين على قوائم الحزب الوطنية والمحلية وأعضاء الحزب، دون تقييد أو شروط إلزامية لهم. مؤكدا أنه لا يوجد أي تأثير لقيمة التبرع من المرشحين والأعضاء على تشكيل القوائم أو ترتيب المرشحين فيها .

فيما بيّن نائب رئيس المجلس المركزي في حزب البناء الوطني، المهندس أسامة عبد القادر الربابعة، إنه لا يوجد رقم محدد للتمويل " التبرعات" حتى الآن، حيث تتفاوت الأرقام يومياً بناءً على التغيرات في الظروف المحيطة في المناطق الانتخابية الساخنة التي حددها الحزب. و أن التغيرات تؤثر على مقدار الجهود المبذولة من حيث تكاليف الحملة الإعلانية والإعلامية ومصاريف مقرات المرشحين، مشيرًا إلى أن الحزب حريص في هذه المرحلة على دعم الحملة الانتخابية من تبرعات الأعضاء المسجلين فقط، ويبتعد عن أي مصدر دخل خارجي حتى لا تتأثر برامجه وخطط العمل بالمؤثرات الخارجية التي قد تحيدها عن مسارها، مؤكدًا أن الحزب حرص على اختيار وترتيب المرشحين في القائمة الحزبية من ذوي الكفاءات القادرة على إدارة الملفات الإصلاحية المنوي التركيز عليها، ولا علاقة للتبرعات والتمويل بتشكيل قائمة الحزب وترتيبها.

وكشف عضو المكتب السياسي وأمين السر في حزب العدالة والإصلاح زيد أبو زيد أن قيمة التبرعات للحزب للآن مبالغ صغيرة، بلغت حوالي عشرة آلاف دينار، قام بتغطيتها أعضاء الحزب فقط. وأضاف أن الحزب لم يتلقَ أي تبرعات خارجية من أي شخص كان، وأن أعضاء القائمة ساهموا بالجزء الأكبر من التبرعات دون أي اشتراطات تتعلق بالقيمة. مؤكدًا أن التمويل المالي أو الدعم لم يؤثر على ترتيب المرشحين في القائمة، حيث تم ترتيب القائمة بمعزل كامل عن التبرعات، حيث أن القائمة كانت جاهزة منذ حوالي شهرين، وتم اختيار وترتيب الأسماء بشكل منهجي من خلال اجتماعات رسمية وبالاقتراع السري. 


الجانب المالي القانوني للأحزاب :
الدعم الحكومي للأحزاب :
بحسب المادة 24 من قانون الأحزاب السياسية رقم 7 لسنة 2022، ينص القانون على الحزب الاعتماد كلياً في موارده المالية على مصادر تمويل أردنية مشروعة ومعلنة ومحددة بما يتفق مع أحكام القانون. يسمح له بقبول الوصايا والهبات والتبرعات النقدية والعينية من الأشخاص الأردنيين الطبيعيين والمعنويين، شريطة أن يتم دفع التبرع الذي تزيد قيمته على 5000 دينار بموجب شيك مسحوب على بنك أردني . ويحضر البند (ج) من نفس المادة على الحزب تلقي أي تمويل أو هبات أو تبرعات نقدية أو عينية من أي دولة أو جهة غير أردنية أو شخص غير أردني وأي مصدر مجهول ومن 
المؤسسات الرسمية أو العامة أو الشركات التي تملك الحكومة ما نسبته 51% فأكثر من أسهمها 

فيما بيّن البند (د) من المادة نفسها الموارد المالية للحزب  وهي الاشتراكات السنوية للمنتسبين والمؤسسين والهبات والوصايا والتبرعات النقدية والعينية و عوائد استغلال عقاراته و عوائد الصحف والمطبوعات العائدة له وموقعه الإلكتروني و عوائد حساباته البنكية و المساهمة المالية السنوية المقدمة له وفقاً لأحكام هذا القانون .

وبحسب المادة 4 من نظام المساهمة المالية في دعم الأحزاب، الصادر بمقتضى المادة 27 من قانون الأحزاب السياسية رقم 7 لسنة 2022، فإن الحزب يستحق مساهمة مالية  مقدارها ثلاثون ألف دينار إذا حقق الحزب نسبة تعادل 50% فأكثر من نسبة الحسم المنصوص عليها في قانون الانتخاب لمجلس النواب من عدد أصوات المقترعين في الدائرة الانتخابية العامة وعشرة آلاف دينار عن كل مقعد يفوز به الحزب في الانتخابات النيابية وإضافة 20% من المبلغ المشار إليه في البند 2 عن كل فائز من الفئات التالية: المرأة، الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و35 سنة، الأشخاص ذوي الإعاقة . ومبلغ ثلاثة آلاف دينار عن كل مقعد يفوز به أحد مرشحي الحزب بعضوية مجلس بلدي أو مجلس أمانة عمان الكبرى أو مجلس المحافظة، وبما لا يتجاوز ثلاثين ألف دينار


 

أما بالنسبة للتحالفات الحزبية فقد نص النظام على أنه يصرف للتحالف الحزبي ثلاثون ألف دينار في حال حصوله على نسبة تعادل 50% فأكثر من نسبة الحسم المنصوص عليها في قانون الانتخاب لمجلس النواب من عدد أصوات المقترعين في الدائرة الانتخابية العامة، ويقسم المبلغ المستحق بين الأحزاب المتحالفة بالتساوي ، وكذلك يصرف للتحالف الحزبي عشرة آلاف دينار عن كل مقعد يفوز به التحالف في الدائرة الانتخابية العامة، ويقسم المبلغ بين الأحزاب المتحالفة بالتساوي .
رأي قانوني
قال الخبير القانوني الدكتور صخر الخصاونة إن قانون الأحزاب السياسية يتيح التبرعات كأحد مصادر تمويل الأحزاب، شرط أن تكون منصوصاً عليها في النظام الداخلي وتخضع لمراجعة مدقق الحسابات القانوني. وأوضح أن القانون لا يحتوي على أي بند يسمح ببيع المقاعد الانتخابية، مما يعني أن أي عملية لبيع المقاعد تتعارض مع أحكام قانون الانتخابات . وأضاف الخصاونة أن قانون الانتخابات يحظر شراء الأصوات والتعامل بالمال الأسود، سواء للمرشحين أو للناخبين. مؤكدًا أنه لا يوجد نص قانوني يتيح للحزب بيع المقاعد أو التصرف بها بناءً على المبالغ المالية المدفوعة وأن التبرعات محكومة بموجب أحكام القانون، وإذا صحت الأخبار المتداولة حول بيع المقاعد الانتخابية أو تلقي مبالغ مالية مقابل الحصول على مقاعد، فإن ذلك يشكل مساساً بالعملية الانتخابية من الناحية الدستورية والقانونية .


 

و كشف مدير مركز (الحياة- راصد) المتخصص في مراقبة البرلمان، د. عامر بني عامر، في حديث سابق لراديو البلد أن أمناء عامين لأحزاب يبيعون المقعد الأول في القائمة بـ200 ألف دينار.



تصريحات الهيئة المستقلة للانتخاب
أمين سجل الأحزاب في الهيئة المستقلة للانتخاب، أحمد أبو زيد، قال إن قانون الانتخاب الجديد قدم لأول مرة مجموعة من الأحكام والنصوص القانونية التي تنظم عملية ضبط الإنفاق في الحملات الانتخابية حيث أن المواد 25 و26 و27 من القانون تفرض على القوائم المترشحة فتح حسابات بنكية خاصة بالحملات الانتخابية، وإجراء جميع المعاملات المالية من خلالها. مؤكدًا أن النصوص القانونية تتطلب أيضاً تعيين مدقق حسابات قانوني لتقديم البيانات الختامية للقوائم، سواء كانت حزبية أو محلية، خلال ثلاثين يوماً من إعلان النتائج الرسمية، وأن الهيئة المستقلة للانتخاب ملزمة بنشر هذه الإفصاحات خلال 14 يوماً من استلامها بعد عملية التدقيق . 

وأوضح أبو زيد أن التعليمات التنفيذية بشأن الإفصاح المالي وضبط أوجه الإنفاق تضمنت تفاصيل دقيقة حول آلية فتح الحسابات البنكية وإجراءات ضبط الإنفاق، ومنحت التعليمات رئيس مجلس مفوضي الهيئة صلاحية تشكيل لجنة لمراقبة الإنفاق المالي، برئاسة الأمين العام وعضوية أمين سجل الأحزاب، ومدير وحدة الرقابة، ومسؤول الدعاية الانتخابية و مندوبين من البنك المركزي، وهيئة النزاهة ومكافحة الفساد، وديوان المحاسبة، وجمعية البنوك، ووحدة مكافحة غسيل الأموال .

وأكد أبو زيد أن التعليمات التنفيذية تلزم جميع القوائم بفتح حسابات بنكية وتقديم موازنات تقديرية لحملاتها الانتخابية، مع إيداع الأموال في هذه الحسابات و أن الموازنات التقديرية يجب أن تتضمن مصادر الأموال، سواء كانت تبرعات أو تمويل شخصي، وتوضيح ما إذا كانت التبرعات مالية أو عينية. وقد حدّد القانون حدد سقوف الإنفاق، حيث يبلغ السقف الأعلى للقوائم المحلية 100 ألف دينار، وللقوائم الحزبية والتحالفات الحزبية 500 ألف دينار . 

ونوّه أبو زيد إلى أن الهيئة بدأت في استقبال الإفصاحات المالية من اللجان الانتخابية، كما وتفرض التعليمات التنفيذية رقابة على الدعاية الانتخابية الفعلية، بما في ذلك مطابقة الإنفاق الفعلي مع الإفصاح المالي.


 

 مشيرًا إلى أن العقوبات قد تكون مغلظة في حال مخالفة أحكام القانون، حيث يمكن للجنة رفض التقرير الختامي، وقد تصل العقوبات إلى الغرامات أو فقدان المقعد النيابي .  مؤكدًا أن التبرعات تُعتبر أحد موارد الحملة الانتخابية التي يجيزها القانون، بشرط الإفصاح عنها وإيداعها في الحساب البنكي الخاص بالقائمة، وأن وجود مندوبين من وحدة مكافحة غسيل الأموال والبنك المركزي يهدف إلى متابعة حركة الأموال والتأكد من مصادرها المشروعة،  وفيما يخص المخالفات المتعلقة بالتبرعات والحملات الانتخابية تُراقب بعد انتهاء الحملة، وأنه لا يوجد نص قانوني يربط قيمة التبرع بترتيب المرشح داخل القائمة .
 

أضف تعليقك