التطبيقات الرقمية.. بوابة لخلق فرص العمل في محافظة المفرق

الرابط المختصر

في عصر التكنولوجيا المتسارعة والتحول الرقمي، أصبحت التطبيقات الرقمية واحدة من أهم الأدوات التي تسهم في خلق فرص العمل، خصوصًا بين فئة الشباب.

مع تزايد الاعتماد على الهواتف الذكية والأجهزة المحمولة في الحياة اليومية، ظهرت التطبيقات الرقمية كوسيلة فعالة لتحويل الأفكار المبتكرة إلى مشاريع تجارية ناجحة توفر فرص عمل جديدة وتساهم في دفع عجلة الاقتصاد.

في محافظة المفرق، التي تقع في شمال شرق الأردن، يواجه الشباب تحديات اقتصادية كبيرة نظرًا لمحدودية الفرص التقليدية وسوق العمل المحلي الضيق. ومع ذلك، تبرز التطبيقات الرقمية كنافذة جديدة ومبتكرة لخلق فرص عمل تمكّن الشباب من تجاوز العقبات الاقتصادية وتحقيق النجاح  من خلال التكنولوجيا

في المفرق، حيث تتداخل التقاليد العريقة مع التحديات الاقتصادية، تمكنت شابة مها الجبور طموحة من تحويل شغفها بالأزياء إلى مشروع ناجح يحقق لها الاستقلال المالي ويخدم مجتمعها المحلي.

بدأت مها، التي لطالما كانت مولعة بتصميم العبايات، مشروعها الخاص في مجال أزياء العبايات من خلال إطلاق موقع تجاري إلكتروني، مما شكل قصة نجاح ملهمة للعديد من الشباب في المنطقة.

 

من الفكرة إلى الواقع

كانت البداية بفكرة بسيطة تتمثل في تصميم عبايات تعكس التراث الثقافي لمنطقة المفرق، مع لمسة عصرية تناسب الأذواق المختلفة. أدركت مها أن هناك طلبًا متزايدًا على العبايات التي تمزج بين الأصالة والحداثة، لكنها كانت تواجه تحديات كبيرة في الوصول إلى جمهور أوسع خارج نطاق مجتمعها المحلي. لذلك، قررت أن تأخذ خطوة جريئة وتنتقل إلى الفضاء الرقمي من خلال إنشاء موقع إلكتروني لبيع تصاميمها.

 

إطلاق الموقع الإلكتروني

بفضل دعم أسرتها وبعض الأصدقاء الذين يؤمنون بموهبتها، قامت الشابة بتصميم وإطلاق موقعها الإلكتروني " ترف" خاص ببيع العبايات. كان الموقع مصممًا بشكل احترافي، حيث يعرض تصاميمها المختلفة بأسعار تنافسية، مع توفير خيارات متعددة للتسوق، مثل الدفع الإلكتروني والتوصيل إلى مختلف مناطق المملكة وخارجها.

لم يكن الأمر سهلاً في البداية، فقد واجهت تحديات تتعلق بالتسويق الإلكتروني وجذب العملاء، ولكنها سرعان ما تعلمت أساسيات التسويق الرقمي من خلال دورات عبر الإنترنت، كما استفادت من منصات التواصل الاجتماعي للترويج لمنتجاتها.

 

نجاح مستمر وإقبال متزايد

مع مرور الوقت، بدأ الموقع الإلكتروني يجذب انتباه المزيد من العملاء، ليس فقط من محافظة المفرق، بل من مختلف أنحاء الأردن و تلقت تصاميمها إشادة واسعة لجودتها العالية وتفردها في الجمع بين الأصالة والحداثة. أصبح مشروعها مصدر إلهام للشباب في المفرق، مما أظهر أن الطموح والعمل الجاد يمكن أن يتجاوز التحديات الاقتصادية والاجتماعية.

 

تأثير إيجابي على المجتمع المحلي

لم يتوقف نجاح مها عند مجرد بيع العبايات، بل كان له تأثير إيجابي على المجتمع المحلي. قامت بتوظيف عدد من الفتيات في المفرق للعمل معها في تصميم وخياطة العبايات، مما وفر لهن فرص عمل محلية

وقالت مها لـ "صوت شبابي" ،إنني اطمح إلى توسيع مشروعي ليصبح علامة تجارية معروفة على مستوى الإقليم، مشيرة أنها تخطط لإطلاق خط إنتاج جديد يتضمن ملابس تقليدية أخرى بلمسات عصرية. كما تسعى إلى تطوير متجرها الإلكتروني ليشمل خدمات مبتكرة مثل التصميم حسب الطلب، مما يعزز من تفاعلها مع العملاء ويوفر لهم تجربة تسوق فريدة.

 

فرص ريادة الأعمال الرقمية

تحول التطور التكنولوجي إلى عامل تمكين رئيسي للشباب، حيث يمكنهم من دخول عالم ريادة الأعمال دون الحاجة إلى رأس مال كبير أو موارد تقليدية. يستطيع الشباب تطوير تطبيقات رقمية تلبي احتياجات محلية أو إقليمية، سواء في مجالات مثل الزراعة، التعليم، الخدمات اللوجستية، أو التجارة الإلكترونية.

بدوره، قال الخبير الاقتصادي فهمي كتوت، إن فرص الشباب في الأردن في هذه المرحلة للوظائف ضعيفة جدًا مع اشتداد الأزمة الاقتصادية وتراجع النمو الاقتصادي وعدم توفير فرص عمل لعدد من أبناء المجتمع الأردني، لافتًا إلى أن البطالة وصلت إلى أعلى مستوياتها خلال السنوات الأخيرة بنسبة 22% . 

وأضاف الخبير لـ"صوت شبابي"، أن الشباب الأردني يواجه فرصاً كبيرة في مجال ريادة الأعمال الرقمية، مشيراً إلى أن الاقتصاد الرقمي يمكن أن يكون مفتاحاً لتعزيز التوظيف والإبداع بين الشباب في المملكة.

 

 

التوظيف المباشر وغير المباشر

وأشار كتوت إلى أن التطبيقات الرقمية أصبحت محركاً رئيسياً لتعزيز فرص التوظيف المباشر وغير المباشر في الأردن، مشيراً إلى أن الاقتصاد الرقمي يوفر آفاقاً واسعة لخلق فرص عمل جديدة تتماشى مع تطورات العصر الرقمي، مضيفًا أنه تؤدي هذه التطبيقات إلى خلق فرص عمل غير مباشرة في مجالات أخرى، مثل توصيل المنتجات والخدمات، مما يساعد على تعزيز النشاط الاقتصادي المحلي.

وتابع حديثه قائلا :" أنه في ظل اقتصاد يعاني من أزمات تبقى الحاجة إلى المهن الرقمية كغيرها من المهن المهمة التي تخدم المجتمع المحلي في توفير فرص وظائف شبابية ".

وقال الخبير إنه هناك حاجة في توفير فرص عمل عامة ناجمة عن التطور الاقتصادي في الأردن، مشيرًا إلى أن نمو الاقتصادي في البلاد لا يتجاوز 2,5% تعتبر هذه النسبة متدنية في الأردن ويفترض أن ترتفع إلى 8% حتى تتوفر فرص العمل، حسب تعبيره .

 

المفرق في طريقها إلى الاقتصاد الرقمي

وفي الحديث عن الاقتصاد الرقمي في المفرق قال الخبير ، أن التطبيقات الرقمية تعتبر فرصة حقيقية للشباب في المفرق للاندماج في الاقتصاد الرقمي المتنامي. ومع تعزيز المهارات وتوفير الدعم المناسب، يمكن للشباب في هذه المحافظة الريادية أن يصبحوا قادة في تطوير حلول رقمية مبتكرة تخدم المجتمع المحلي وتعزز من النمو الاقتصادي.

وأضاف،أن دخول الشباب في ريادة الأعمال والتطبيقات الرقمية ضروري جدًا في هذه المرحلة لخلق فرص عمل للتغلب على البطالة، وزيادة الدخل لديهم. 

تعتبر محافظة المفرق من المناطق التي تعاني من نقص الفرص الاقتصادية وقلة المشاريع التنموية الكبرى. هذا النقص في الفرص يؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب، مما يجعل من الصعب عليهم العثور على وظائف تناسب مهاراتهم وتطلعاتهم. بالإضافة إلى ذلك، يضطر العديد من الشباب للبحث عن فرص عمل في مناطق أخرى أو حتى الهجرة خارج البلاد، مما يساهم في تفاقم مشكلة البطالة في المحافظة. 

وفقًا للتقارير الرسمية والإحصاءات الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة ، وصلت نسبة البطالة في محافظة المفرق إلى مستويات غير مسبوقة في نهاية عام 2023 حيث سجلت أعلى معدل للبطالة على مستوى المحافظات بنسبة بلغت %24.8 

وفي الختام تقول مها "على الرغم من شح في الفرص من الوظائف التي تشهدها المملكة إلا أنه أصبح لدي عمل حر عبر الانترنت ومصدر دخل للتغلب على البطالة ، لافتة إلى أن هناك نسبة كبيرة من شباب المفرق لا يتوفر لديهم فرص عمل على أرض الواقع ولا عبر التطبيقات الرقمية بسبب عدم إمكانياتهم لخلق مثل هذه الفرص".

أضف تعليقك