حزبيات: المرأة الأردنية بين التمكين السياسي والتحديات الاقتصادية
في مناظرة نظمها راديو البلد، لمناقشة عدد من قضايا المرأة، تم التركيز على أهمية التمكين الاقتصادي والسياسي للمرأة، وأبرز التشريعات التي تم تعديلها لخدمة مصلحة المرأة، بالإضافة إلى التشريعات التي لا تزال بحاجة إلى مراجعة لتعزيز حقوقها.
كما تناولت المشاركات في المناظرة أبرز التحديات التي تواجه المرأة، مشددات على ضرورة معالجتها، خاصة مع التقدم الذي تحقق في هذا المجال، بالإضافة إلى أهمية تغيير النظرة النمطية المجتمعية تجاه المرأة.
أدارت المناظرة، التي بثت عبر تطبيق زووم، مديرة راديو البلد عطاف الروضان، وشاركت فيها ممثلات عن الأحزاب السياسية، نهى محريز من الحزب المدني الديمقراطي، والدكتورة ميرفت العبادي من حزب الشورى.
التمكين الاقتصادي للمرأة
توضح نهى محريز من الحزب المدني الديمقراطي أن الحزب يعمل ضمن الاستراتيجية الوطنية وفقا لمنهجه المدني، متكاملا مع منظومة التحديث الاقتصادي والسياسي.
وتشير محريز الى أن الحزب قام بتشكيل فريق متخصص وتزويده بالمهارات اللازمة لينتشر على مستوى المملكة بهدف تعزيز مشاركة المرأة الاقتصادية.
وتصف مشاركة المرأة الاقتصادية بالضعيفة جدا لأسباب متعددة، منها ضعف بيئة العمل، اللوائح، الثقافة المجتمعية، التحديات الموجودة داخل بيئة العمل، ضعف الأجور، التمييز، والتحرش في بعض الأحيان.
ولكن الحزب يعمل على رفع الوعي في المجتمع المحلي وتطوير قدرات النساء داخل الحزب ليكن الصوت الأقوى في مجتمعاتهن، كما يمتلك الحزب أوراق سياسات وأوراق عمل مخصصة لقضايا العمل النسائي تهدف إلى تعزيز مشاركة المرأة الاقتصادية والسياسية، وهناك فرصا جديدة ظهرت بفضل قانون الأحزاب والانتخاب، بالإضافة إلى التعديلات التي طرأت على المادة 6 من الدستور، ما يعزز المساواة بين المرأة والرجل، بحسب محريز.
من جانبها، تبين الدكتورة ميرفت العبادي من حزب الشورى أن الحزب يركز بشكل أساسي على الملف الاقتصادي ويعتمد في عمله على القوانين النافذة والمخرجات الناتجة عن تحديث المنظومة السياسية والاقتصادية، كما يعطي الحزب أهمية كبيرة لتمكين المرأة، ويتناول في أوراقه النقاشية دور المرأة والتمكين الاقتصادي.
وتشير العبادي إلى أن الحزب، من خلال لجنة المرأة واللجان الاقتصادية، يركز على فهم التحديات التي تواجه المرأة اقتصاديا وإيجاد حلول ملائمة لها ضمن مجتمعنا.
كما قام الحزب بالتعاون مع مؤسسات محلية ودولية تسعى إلى تمكين المرأة من خلال رفع وعيها وتعزيز اعتمادها على نفسها اقتصاديا، وذلك عبر تقديم الدعم المالي والتدريبات اللازمة لتصبح قادرة على الإنتاج ومتمكنة اقتصاديا داخل المجتمع المحلي، بحسب العبادي.
التمكين السياسي للمرأة
تشير محريز إلى أن المجال السياسي والمشاركة السياسية كان لها دور بارز للحزب المدني الديمقراطي في إشراك اللجان النسوية ضمن هيكله، من خلال تمكين النساء من الانخراط في المجالس التنفيذية والمجلس المركزي، وفي عمليات التحضير والتقييم وإعداد البرامج وأوراق السياسات، ملفة إلى أن قائمة المرشحات تشمل حوالي سبع نساء، لكن نسبة النساء الأعضاء في الحزب تصل إلى حوالي 48%.
كما أن للحزب دورا مهما في التوعية بقضايا عدة، من ضمنها تعريف النساء بحقوقهن والتحديات التي يواجهونها في العمل السياسي، مثل العنف السياسي والتنمر، كما أن المرأة تواجه أحيانا تركيزا زائدا على نقاط ضعفها مقارنة بالرجل، وللتصدي لذلك، يقدم الحزب تدريبات ومهارات تساعد النساء على تعزيز دورهن في المشاركة السياسية، بحسب محريز.
وتؤكد أن المرحلة القادمة ستشهد وجودا مشتركا للنساء والرجال من الأحزاب تحت قبة البرلمان، حيث من المتوقع أن تكون هناك 41 مقعدا مخصصة للأحزاب، لذا، من الضروري أن يكون الجميع متمكنين سياسيا، اقتصاديا، واجتماعيا.
من جانبها، تقول العبادي إنه لا يوجد تمييز بين المرأة والرجل داخل حزب الشورى، إذ يدعم الحزب وجود المرأة في المجلس المركزي، كما يعمل الحزب على تمكين المرأة من خلال تدريبها وتنظيم ورش عمل تركز على التمكين السياسي، الاقتصادي، والاجتماعي، موضحة أن القوائم الحزبية تشمل 8 سيدات، مما يعكس التزام الحزب بتعزيز دور المرأة في المجالس المحلية والبلدية والأمانة.
القوانين والتعديلات
تشير محريز إلى أنه في السنوات الماضية، بذلت جهود كبيرة لتعديل القوانين مثل قانون الضمان الاجتماعي، قانون العمل، وقانون الأحوال الشخصية، وكانت هذه الجهود جيدة ملبية لاحتياجات النساء، لكنها لم تحقق بعد الطموح الكامل للمساواة والعدالة الاجتماعية، ما زالت هناك فجوات في القوانين، خاصة في قانون الأحوال الشخصية.
وتوضح محريز أن قانون الانتخاب كان طموحا ولبى احتياجات النساء، حيث رفع نسبة الكوتا النسائية إلى 18 دائرة انتخابية، والزم بوجود سيدتين ضمن أول ستة مرشحين في قانون الأحزاب، مما يعكس تلبية احتياجات النساء.
أما قانون العمل، تؤكد أن له دور في أهمية دور المرأة في العمل وتوفير الحضانات التي يجب أن تراعي احتياجات النساء وتشجعهن على العمل في بيئة لائقة.
ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر هو انخفاض الرواتب مقارنة بمستوى الفقر، والحاجة الملحة لتأمين المواصلات وتعميم الحضانات في جميع المؤسسات، رغم العمل على تطبيق نظام العمل المرن، إلا أنه لم يطبق بشكل شامل لأنه يتطلب موافقة المدير أو المسؤول، وهو ما قد ينحاز لصالح أصحاب السلطة، بحسب محريز.
من جانبها، تقول العبادي إن الحزب لديه لجنة قانونية تتابع آخر التطورات في تعديل القوانين وتناقشها بحضور لجنة المرأة، مشيرة إلى أن بعض التعديلات على القوانين لم تكن كافية أو مرضية للنساء، مما دفع الحزب إلى تقديم أوراق توصيات للجهات المختصة لمعالجتها.
وتأمل العبادي أن يأخذ مجلس النواب القادم توصيات الحزب بعين الاعتبار، خاصة مع تخصيص 41 مقعدا للأحزاب، وأن يكون لممثلي الأحزاب دور كبير في تعديل القوانين التي تهم المرأة.
وتلفت إلى أنه من المتوقع رفع نسبة مشاركة المرأة في مجلس النواب من 15% إلى 25%، وهو تحسن يصب في صالح المرأة، لكنه لا يزال غير كاف، وتسعى العبادي إلى تغيير النظرة المحدودة لوجود المرأة من خلال الكوتا النسائية فقط، بحيث تتمكن من الوصول إلى مجلس النواب عبر المقاعد التنافسية.
أجندة الأحزاب للوصول إلى البرلمان
تشير العبادي إلى أن قضية العنف الأسري تحتل أهمية كبيرة، نظرا لتأثيرها العميق على تأسيس الأسرة والمجتمع المحلي، مما ينعكس بدوره على الاقتصاد والسياسة، مؤكدة أن الحزب يولي اهتماما خاصا بقوانين الأحوال المدنية والشخصية، خاصة البنود المتعلقة بالمرأة، إذ أن المرأة لن تتمكن من العطاء الكامل داخل منزلها وفي المجتمع إذا لم تكن راضية عن القوانين التي تمثلها وتحمي حقوقها.
من جانبها، تؤكد محريز على ضرورة تعديل العديد من القوانين، وأبرزها قانون الجنسية، الذي تعتبره من أكثر القوانين ظلما للنساء، حيث يعاملهن كمواطنات من الدرجة الثانية، وتؤكد أن المواطنة يجب أن تكون متساوية للجميع بغض النظر عن الجنس، خاصة إذا كنا نؤمن بالديمقراطية.
وتضيف محريز أن مسألة الوصية الواجبة كانت نقطة سوداء في قرارات مجلس النواب السابق، حيث أقر المجلس حق الذكور الذين توفي آباؤهم في الحصول على الإرث، بينما تم استثناء البنات اللواتي توفيت أمهاتهن، مما يشكل تمييزا كبيرا ضد حقوق المرأة الأردنية.
وفيما يتعلق بسن الزواج، ترى محريز أن سن الزواج يجب أن يكون 18 عاما دون استثناءات، مشيرة إلى أن هذا يتطلب دورا فاعلا للأحزاب في مجلس النواب لتعديل التشريعات ذات الصلة.
التفكير النمطي تجاه قضايا المرأة
توضح العبادي أن حزب الشورى يعمل من خلال لجنة المرأة على تغيير الأفكار والمبادئ التي ترسخت على مدى سنوات طويلة، ولكن تغيير النظرة النمطية المتأصلة في المجتمع المحلي، والعشائرية، والمرجعيات الدينية ليس بالأمر السهل.
ولكن بحسب العبادي، يمكن تحقيق ذلك من خلال لقاءات توعوية في المحافظات بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المحلي، تجمع بين النساء والرجال، بهدف تعزيز فكرة وجود المرأة على أساس العدالة والمساواة.
وتشدد على ضرورة التواصل مع الرجال بشكل كبير، لأنهم يشكلون الأساس في تشجيع المرأة على تحقيق العدالة والمساواة، مؤكدة أنهم لا يطالبون بمساواة كاملة بين الجنسين لأنها صعبة التحقيق، ولكنهم يدعون إلى العدالة.
من جانبها، ترى محريز أن العدالة والمساواة بين الجنسين في المجتمع موضوع جدلي، وأن مفهوم المساواة غير واضح لدى الكثير من الناس.
وتشدد على أن الحقوق لا تتجزأ، فإذا لم تكن الحقوق متساوية، كيف ستحصل المرأة على حقها في التعليم، أو الصحة، أو الزواج؟ ولذلك، يجب أن تحصل المرأة على حقوقها كاملة.
وتشير إلى أنه لا يمكن الوصول إلى العدالة إلا بعد تحقيق المساواة في الحقوق الإنسانية، مؤكدة أن الحزب يعمل على تعزيز مفهوم المساواة وتغيير الصورة النمطية في المجتمع، وتشجيع المرأة على مكافحة هذه النظرة من خلال تثقيفها وزيادة مشاركتها في الحياة العامة.
النظرة المستقبلية للأحزاب
تأمل العبادي أن تشهد الفترة القادمة حضورا أكبر للمرأة في مواقع صنع القرار، خاصة بعد التوجيهات الملكية بتفعيل دور المرأة، ومع تخصيص 41 مقعدا للنساء في قانون الأحزاب، مما يتيح لها مشاركة أكبر مقارنة بالسنوات السابقة
من جانبها، تشير محريز إلى أنه بالرغم من وجود بعض الفجوات، إلا أن هناك نظرة إيجابية للمستقبل مع وجود إرادة سياسية حقيقية لدعم المرأة.
ومع تخصيص الأحزاب 41 مقعدا للنساء،تتوقع محريز أن تزيد نسبة مشاركة المرأة على مدى الأعوام المقبلة، إذا التزمت الأحزاب بمبادئها على أرض الواقع، سيكون للمرأة دور كبير وتأثير واضح في المجتمع من خلال تشريعات عادلة تدعم الجميع.