هل تفعلها الرياض على الأرض السورية؟

هل تفعلها الرياض على الأرض السورية؟
الرابط المختصر

 

أثارت التصريحات السعودية الأخيرة حول توجهها لإرسال قوات برية إلى الأراضي السورية لمحاربة مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية، جدلا حول مدى جدية هذا التوجه، ومدى تأثيره على الأزمة السورية، خاصة بعد توقف محادثات جنيف للسلام.

 

ويرى الكاتب فهد الخيطان أن تلك التصريحات التي أطلقها المستشار العسكري في وزارة الدفاع السعودية عن استعداد بلاده لإرسال قوات برية لمحاربة "داعش" في سورية عبر تركيا وبمشاركة قوات من دول عربية وإسلامية، لم يكن كلاما في الهواء.

 

ويشير الخيطان إلى الاتهامات التي وجهتها موسكو لأنقرة بالتحضير لتدخل بري في سورية، دون الإشارة إلى السعودية، مقابل ترحيب واشنطن بمقترح الرياض، ووعود قادة حلف شمال الأطلسي بدراسته، أما طهران فقد وصفت الخطوة حال تنفيذها بـ"الانتحار".

 

ورغم عدم استبعاد المراقبين اتخاذ السعودية لذات المنحى الذي اتخذته في اليمن، بالتدخل العسكري الواسع والمفاجئ، إلا أن الخيطان يؤكد أن الوضع في سورية مختلف تماما عن اليمن، والتدخل العسكري وحتى وإن كان مبرره محاربة "داعش" في سورية، فهو يعني أيضا مواجهة مفتوحة مع إيران وروسيا والجيش السوري، وحزب الله اللبناني.

 

ويطرح الكاتب مجموعة من الأسئلة حول هذه الخطوة، فهل تسمح روسيا بتدخل عسكري سعودي بهذا الحجم، يقوض خططها الاستراتيجية في سورية؟؟ وهل تغامر السعودية بمواجهة عسكرية مع دولة عظمى بوزن روسيا، وصدام مباشر مع حلفاء إيران؟؟

 

وعلى المقلب الآخر، أبدت واشنطن، ومن خلال تصريحات الرئيس أوباما المرحبة بالتدخل السعودي، عدم نيتها المجازفة عسكريا في سورية، والاكتفاء بالضربات الجوية لشل قدرات تنظيم "داعش"، تاركة المسرح للروس لفرض وقائع جديدة ربما تساهم آجلا أم عاجلا في دفع الجميع إلى طاولة المفاوضات.

 

أما الكاتب عريب الرنتاوي، فيرى أن المقترح السعودي، يثير العديد من الأسئلة والتساؤلات، السياسية والقانونية والتقنية، التي يتعين الإجابة عليها، قبل الحكم على جدية الفرص التي يتوفر عليها، أو طبيعة التحديات التي سيواجهها.

 

ويوضح الرنتاوي أن السعودية وبعض الدول العربية الأقرب لها، لا تتوفر على "المقدرات البشرية" التي تمكنها من تشكيل هذه القوة، سيما وأنها وحلفاءها، ما زالوا عالقين بين جبال اليمن ووديانه.

 

ويشير الكاتب إلى أن الرياض "تراهن على حسم الملف اليمني في الربيع المقبل، لكن أحداً ليس بمقدوره أن يضمن ذلك، ولقد سبق للرياض أن بنت حساباتها على حسم الحرب في غضون أسابيع، فإذا بها تقترب من إتمام عامها الأول".

 

أما المظلة التي ستتشكل هذه القوة تحتها، فيقول الرنتاوي إنها ستكون “فوق قومية”، طالما أنها مفتوحة لمشاركة دول إسلامية عديدة، دون أن يعطي مجلس الأمن، تفويضاً لتشكيل هذه القوة إن لم ترض عنها موسكو وبكين.

 

ويؤكد الكاتب أن البوابة الوحيدة الممكنة لدخول مثل هذه القوة هي البوابة الحدودية التركية مع سورية، أما الأردن فهو مضطر لأن “يعد للألف” قبل أن يفتح حدوده لمقترح كهذا، بالنظر لارتداداته الخطيرة على أمنه واستقراره ووجوده.

 

ويلفت الرنتاوي إلى أن التردد والتحفظ سيطبعان مواقف الدول الحليفة للرياض، من ماليزيا حتى الباكستان، مروراً بمصر والأردن وربما بعض دول الخليج ذاتها، فيما يمكن أن تحدث تركيا فرقاً، بقلب “المقترح” السعودي رأساً على عقب.

 

فـ"إن قُدّر لهذا المقترح، بعد “الترحيب” الأمريكي المفتوح، أن يجد طريقه للترجمة، فإننا سنكون أمام “سياسة حافة الهاوية”، التي قد تستجر المنطقة برمتها إلى أتون حرب إقليمية شاملة، وربما تشعل شراراتها حرباً بين العملاقين، يجهد الكبار في تحاشيها بكل ثمن وتحت أي ظرف"، بحسب الرنتاوي الذي ينتهي إلى القول إن هذا المقترح ينتج من داخله، عوامل تعثره و”لا واقعيته”.

 

فيما يرى الكاتب طارق مصاروة أن لا شيء يمنع أكثر من دولة عربية من الاستعداد للمشاركة بالمقترح السعودي، شريطة أن تشترك كل دول التحالف الدولي وهي 24 دولة، وعلى رأسها أميركا وفرنسا وبريطانيا، بانتظار موافقة النظام السوري.

 

ويلفت مصاروة إلى أن محاربة تنظيم "داعش" كان من المفترض ان تكون قبل أربع سنوات، لكن واشنطن لم تكن مستعدة للنزول على الأرض، فيما كانت تركيا تتعامل مع سيناريو سوري غاية في الطموح وغاية في قصر النظر، على حد تعبيره.

 

وينتهي الكاتب إلى التساؤل إن كنا سنشهد مقاتلين سعوديين وخليجيين وأتراكا وأميركيين في الجزيرة السورية: من البوكمال الى الحسكة إلى جبال الاكراد؟ أم أن كل شيء سيبقى بانتظار الهجوم على الموصل؟! أو بانتظار انتهاء التمرد الحوثي في اليمن، طالما أن السعوديين وحلفاءهم موجودون على الأرض وفي السماء والبحر؟