"شباب التطبيقات" .. صرخة استغاثة على الطرقات

الرابط المختصر

في ظل ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب في الأردن، وجد العديد من الشبان أنفسهم مضطرين للعمل على التطبيقات الذكية للتوصيل كمصدر رئيسي للدخل. لكن هذا الحل المؤقت سرعان ما تحول إلى معاناة يومية، تتضمن ضغوطًا مالية ونفسية، تزداد سوءًا في ظل غياب التنظيم والرقابة الكافية.

أصوات من الميدان: "كباتن" يتحدثون عن معاناتهم

أيسر يوسف العجارمة، 32 عاماً، يعيش في عمان ويعمل على تطبيقات التوصيل الذكية بعد أن أنهى دراسة البكالوريوس في المحاسبة. يقول أيسر لـصوت شبابي: "لم أتمكن من الحصول على وظيفة في تخصصي، فاضطررت للعمل على تطبيقات التوصيل. أخذت قرضًا بقيمة 18,000 دينار لشراء سيارة حديثة، وأدفع قسطًا شهريًا قدره 362 دينار. ومع ذلك، أجد نفسي بالكاد أستطيع تغطية مصاريفي."

ويضيف: "العمولات المرتفعة التي تفرضها الشركات تصل إلى 29% من دخلنا اليومي، ناهيك عن الرسوم السنوية للتصاريح التي تبلغ 400 دينار، ورسوم الترخيص والصيانة التي نتحملها دون أي تعويض. هذا العمل لا يوفر لي الاستقرار المالي المطلوب."

محمد عاطف حسين،28 عامًا، أعزب من البلقاء، يعمل على سيارة لأحد أقاربه ويدفع ضمانًا يوميًا قدره 10 دنانير، بالإضافة إلى عمولة التطبيقات. يقول محمد: "بعد خصم كل هذه النفقات، بالكاد يتبقى لي شيء من دخلي. هذا العمل مؤقت ولا يمكن أن يكون حلاً دائمًا، فأنا في النهاية لا أملك السيارة، ومع ذلك أتحمل كل هذه التكاليف."

سند الحوراني، 24 عاماً، متزوج وأب لطفل، اشترى سيارة كهربائية موديل 2022 بقيمة 28,000 دينار، ويدفع قسطًا شهريًا قدره 287 دينار. يوضح سند لـصوت شبابي: "العمل على التطبيقات يزداد صعوبة، خصوصًا مع انتشار التطبيقات غير المرخصة التي أثرت بشكل كبير على عملنا. أحيانًا نتمكن من تسديد القسط اليومي، وأحيانًا لا."

ويضيف: "الزبائن لديهم سيطرة كاملة على تقييماتنا، وبمجرد كتابة تقرير سلبي قد نتعرض للحظر من التطبيق دون تحقيق، والهيئة لا تتدخل في هذه الأمور، ولا نحصل على أي دعم قانوني لحمايتنا."

الأرقام والإحصائيات: الواقع القاسي للشباب الأردني

وفقًا لدائرة الإحصاءات العامة، بلغ معدل البطالة في الأردن 21.4% في الربع الأول من عام 2024، بينما ارتفع بين حملة الشهادات الجامعية إلى 25.8%.
و بحسب التقرير الربعي لهيئة تنظيم النقل البري، لشهر حزيران العام الحالي فقد بلغ عدد الشركات المرخصة لتطبيقات التوصيل 4 شركات، تمتلك أسطولاً من 11,787 مركبة. 

وفي تقرير للبنك الدولي، أشار إلى أن معدل المشاركة في القوى العاملة في الأردن بلغ 33.0% في الربع الثاني من عام 2023 (و13.8% فقط للنساء). كما ارتفع معدل البطالة إلى 22.3%، ليظل أعلى بكثير من متوسط ما قبل أزمة كوفيد-19، والذي كان يبلغ 15.1%وبحسب التقرير فإن الأكثر تضررًا من هذه الأزمة هم الشباب بنسبة بطالة بلغت 46.1%، والنساء بنسبة 30.9%.

" الكباتن" تحت ضغوط مالية خانقة 

لورنس الرفاعي، رئيس اللجنة التطوعية للتطبيقات الذكية، يصف "لـصوت شبابي"، التحديات التي يواجهها الشباب في هذا القطاع قائلاً: "شباب البلد انخدعوا بالمشروع، البنوك فتحت التسهيلات، وصار دفتر العائلة كفيلاً للحصول على قرض، مشيرا إلى أن بيئة العمل سيئة للغاية، مليئة بالضغوطات من شركات التطبيقات و تعاملهم مع الكباتن سيء جدًا، يصل إلى درجة العبودية و يتلاعبون بالأجور، ويرفعون نسبتهم من دخل الكابتن، وعلى أقل سبب يتم حظر الكابتن دون النظر إلى الظروف المالية أو الاجتماعية."

ويتابع : "حاولنا مرارًا وتكرارًا ترخيص نقابة أو جمعية تعاونية للكباتن، ولكن قوبلنا بالرفض من كل الجهات. اليوم، نحن 13 ألف كابتن مرخص، ولكن التوزيع غير عادل حيث أن شركتي أوبر وكريم تملكان حصة الأسد بـ 11,500 تصريح، و تكلفة التصريح 400 دينار سنويًا يدفعها الكابتن، ولا يتم تجديده إلا بموافقة الشركة، منوها إلى أنه إذا حظرت الشركة الكابتن، يتم إلغاء التصريح حتى لو كان ساري المفعول." ناهيك عن أن الشركات تقتطع 29% من دخل الكباتن، منها 25% عمولة و4% ضريبة. هذه الضريبة مفروضة على شركات التطبيقات، لكنها تحملها للكباتن بطرق أخرى."

وأشار الرفاعي إلى أن الشركات المرخصة لا تلتزم بالأعداد المحددة، وتسجل سائقين بدون الحصول على تراخيص، مما أغرق السوق بالسيارات وأدى إلى تراجع دخل الكباتن.

ويطالب باسم كباتن التطبيقات  بزيادة العمر التشغيلي للسيارات إلى 10 سنوات، لكن هذا الطلب قوبل بالرفض سابقًا، وكذلك نطالب بتخفيض نسبة العمولة إلى 5% مؤكدًا على ضرورة إشراف الهيئة على توقيع العقود بين الشركات والكباتن لضمان حقوقهم. واصفًا العقود التي توقعها الشركات مع الكباتن هي عقود إذعان، تفرض شروطًا قاسية ولا تضمن أي حقوق. ، وإبرام عقود عادلة تحت إشراف هيئة النقل."

موقف الهيئة من مطالب الكباتن

في تصريح "لصوت شبابي" قالت الناطق باسم هيئة تنظيم النقل البري، الدكتورة عبلة وشاح أن هناك عدة مبادرات لتحسين ظروف عمل السائقين على التطبيقات، مشيرة إلى أن "العمولة التي تتقاضاها الشركات المشغلة من الكباتن (مقدمي الخدمة) هي بموجب عقد متفق عليه بين الطرفين، وسيتم دراسة مقترح توقيع العقود بإشراف الهيئة ودراسة بنودها لضمان الشفافية."

كما أوضحت وشاح أن العمر التشغيلي للمركبات العاملة في التطبيقات قد تم زيادته إلى 7 سنوات بدلاً من 5، استجابة لمطالب السائقين. و أن "مطلب اللجنة بتشكيل جمعية أو نقابة للعاملين على التطبيقات ليس من صلاحيات الهيئة، وهناك جهات أخرى معنية بالموافقة والسماح بذلك."

أما فيما يخص عمليات فصل وحظر السائقين،أكدت وشاح أن "العمليات مراقبة ومتابعة من قبل الهيئة، حيث تقوم الشركات المشغلة بتزويد الهيئة بأسماء الذين تم فصلهم وحظرهم مع بيان الأسباب، ويحق للسائقين مراجعة الهيئة للنظر في الأسباب."