هل تستطيع الأحزاب حمل الشباب للمراكز القيادية في الأردن؟

الرابط المختصر

عمر الدهامشة، 32 عاماً، شاب يحمل طموحات كبيرة بأمل في أن يجد بيئة تدعمه وتفتح له أبواب القيادة، خاصةً في ظل التحديثات السياسية التي تشهدها البلاد؛ عندما انضم إلى حزب إرادة بذل الدهامشة جهودًا ملحوظة على مدى أكثر من عامين، حيث عمل على توعية أقرانه الشباب والصحفيين بأهمية التحديث السياسي وتعزيز قوة الجبهة الداخلية وتماسكها حول القيادة الهاشمية.
 

بناءً على إنجازاته ومشاركته الفعالة، تم اختيار الدهامشة للترشح كممثل للشباب في قوائم الحزب للانتخابات النيابية المقررة لعام 2024، حيث أعلن الأمين العام للحزب نضال البطاينة أن ترتيب الدهامشة في القائمة الحزبية رقم واحد، ودعاه للمشاركة في الحملة الانتخابية وتغطية نفقات الدعاية.

استجابةً للدعوة، قام الدهامشة بدفع نفقات الحملة عبر شيكات بنكية، وتم صرف المبالغ وفقًا للتفاهمات مع الأمين العام. لكن بعد 12 يومًا فقط من تلقيه التبليغ الرسمي؛ ولكنه فوجئ بإبلاغه بقرار استبعاده من القائمة. 

هذا القرار أثار استغراب الدهامشة، الذي اعتبر أن استخدام اسم المؤسسات الوطنية في هذا السياق غير مبرر وقال: "هذا الأمر يثير تساؤلات حول دور هذه الجهات وكيفية اتخاذ القرارات، خاصة بعد تأكيدها ثلاث مرات في وقت سابق".
 

قال الناطق باسم الهيئة المستقلة للانتخاب محمد خير الرواشدة، إن الهيئة جهة تُنفذ أحكام قانون الأحزاب النافذ، ومعنية بالنظر بشروط ترخيص الأحزاب ومتطلبات الالتزام بأحكامه كما النظر بموازنات الأحزاب السنوية والتأكد من سلامة مصادر التمويل الحزبية. 
 

وشدد أن الهيئة لا تملك ولا تطلب الوصاية على الأحزاب، وتؤمن بأنها مؤسسات سياسية مستقلة بذاتها ويحكمها أنظمتها الداخلية، وأشار أن لا أحد يملك التدخل بالشؤون الحزبية الداخلية، ولكن في حال تقديم شكوى لسجل الأحزاب عن أي ممارسة حزبية مخالِفة نستلمها ونطلب توضيح حيثياتها من الحزب نفسه خلال مدد قانونية، وفي حال عدم الإجابة تتم الإحالة للقضاء. 
 

"إن الأحزاب عليها واجب استقطاب المنتسبين والمؤازرين، والشباب من أهم الفئات التي يجب استهدافها بالبرامج والمبادرات الحزبية. وهم من الروافع الضرورية للعمل والانتشار، وأي تجاهل لرؤى وتطلعات الشباب لن تكون في مصلحة أي تجربة حزبية"... وفق الرواشدة

ومن جانبه، قال أمين عام حزب الوحدة الدكتور سعيد ذياب، إن الملاحقات الامنية جرت بحق القيادات الشبابية في الحزب، وتم توقيف البعض منهم فترات زمنية متفاوته؛ لمشاركتهم في نشاطات شعبية، حيث تم فصل طالب من الجامعة الاردنية بسبب مشاركتة بوقفة احتجاجية ضد الجسر البري. 

ورأى، أن الاعتصامات الاخيرة امر طبيعي وواجب علينا ان نخرج ونعلن دعمنا للشعب الفلسطيني واهلنا في غزة والضفة في مواجهة حرب الابادة التي يشنها الكيان الصهيوني، وأيضاً علينا التحرك لمطالبة الحكومة بوقف التطبيع ووقف العمل بالمعاهدات الموقعة مع الكيان. 
 

ولفت أبو ذياب أن المطالب التي رفعها حزب الوحدة في الحراك لا تختلف عن مطالب الجماهير المشاركة والتي كانت تعبر عن نفسها بإغلاق السفارة الإسرائيلية وطرد السفير والدعم الواضح والصريح للمقاومة باعتبارها خط الدفاع الأول عن الاردن.
 

وأشار إلى أن وسائل حماية الشباب من الملاحقة الأمنية تنطلق من أن هذه الممارسات مخالفة للقانون والدستور الاردني والاستفادة من وسائل الإعلام، وتعبئة الشباب بالتمسك بحقهم الدستوري.

و وجّه أبو ذياب رسالة للشباب بقوله:"  عليكم التخلص من الخوف فلا قيمة للحياة بدون حرية ولا يمكن الوصول الى الحرية إلا بالنضال والتخلص من العبودية الطوعية" معتقداً أن ما نشهده من تحرك في الجامعات والشوارع ما هو الا ارهاصات شعبية وشبابية واعدة.
 

ومن جهته، قال عضو المجلس المركزي في الحزب المدني الديمقراطي مصطفى أبو داري إن بعض الأحزاب ما زالت تضع في برامجها مصطلحات مثل "تمكين الشباب" علماً إن الشباب مُكّن في إطار قانوني تشريعي ولم يعد خطة استراتيجية بل هدف منجز .
 

وأضاف، من المهم أن نذهب لهدف أوسع وأشمل ألا وهو بناء القدرات السياسية الأساسية سواء للشباب أو لغيرهم وبرأيي أن هذا الهدف لا يتحقق بمعزل عن استحداث مدارس حزبية تساهم في بناء الوعي السياسي والثقافي لدى الأفراد، مشيراً أنها تلعب دورًا محوريًا في تشكيل القيادات المستقبلية والسّعي لتوحيد الخطاب وتعزيز العمل الجماعي الرامي لتعزيز هيكلية الحزب وتنظيمه الداخلي.
 

وتساءل أبو داري: "هل استطاعت الأحزاب الوصول لصياغة مدارسها الحزبية؟ لافتاً أن المدرسة الحزبية ستلعب دوراً مهماً في إنتاج نُخب الحزب وتحديداً الشبابية منها". 

وفي ذات السياق، قال مساعد الأمين العام لشؤون الشباب والجامعات في حزب إرادة إن بعض الأحزاب مهتمة بالشباب كجزء من خططها الاستراتيجية وتتركز هذه  الجهود في تنمية مهاراتهم القيادية والسياسية من خلال التدريب والتوجيه والتثقيف، وأيضاً إدماجهم في في تجارب عملية كـ الترشح للإنتخابات ومجالس المحافظات والبلديات وغرف الصناعة والتجارة واتحادات الطلبة واعطائهم فرص تولي مناصب قيادية داخل الحزب .

وبيّن، أن مشاركة الشباب تلعب دورًا مهمًا في نهجهم للمشاركة بالأحزاب، حيث أنها تعكس على توجهاتهم واحتياجاتهم المجتمعية، لتجسيد أصواتهم وتحقيق تأثير فعّال في العملية السياسية، فهم يمتلكون طاقات وآراء جديدة قادرة على إثراء الحوارات والنقاشات داخل الأحزاب.

"هناك تحديات تواجه الشباب أثناء مشاركتهم في هذه الأحزاب تتمثل بـ نقص الخبرة السياسية والقيادية، مما قد يجعلهم يواجهون صعوبة في المنافسة مع أعضاء آخرين ذوي تجارب أكثر، وأيضاً هناك تحديات تواجه الشباب ذوي الرؤى الجديدة والمبتكرة من قبل الجيل الأكبر أو الهياكل التقليدية داخل الأحزاب"... حسب بواعنة.

وعن تجاوز هذه التحديات، قال إنه من الواجب على الأحزاب توفير بيئة داعمة للشباب، تمكنهم من التعلم واكتساب الخبرة تتضمن ورش عمل وتدريبات تعزز من مهارات القيادة والتواصل وصنع القرار. من جهتهم، ويجب على الشباب الاستفادة من الفرص المتاحة لهم للتعلم والتنمية الشخصية، والتفاعل مع أعضاء آخرين من مختلف الأعمار والخلفيات.

وفي سياق منفرد، أبدت الباحثة الدكتورة زهور الغرايبة رأيها حول بناء قدرات الشباب الحزبي وقالت: باعتقادي إن الأحزاب جميعها وخاصة الحديثة لم تتضح بعد خططها التنفيذية والاستراتيجية بعيدة او قصيرة المدى وخاصة لفئة الشباب.

وأشارت، أن بعض الأحزاب (قديمة/ جديدة) لا نرى لها تدريبات للشباب وخاصة الفئات المنظمة حديثاً، مؤكدةً أننا لا نريد إخراج الأحزاب من عملها الأساسي، ولكن لا بد أن تركز على بناء قدرات الشباب المنظمين لها، وتعليمهم أساسيات الخطاب، وفرض عليهم ساعات معرفية، لبناء معرفتهم، والقراءة، وخاصةً التاريخ الأردني.

"لا نريد شباب وشابات ينتمون إلى احزاب بمجرد أنهم ارقام، بل نريد شباب حزبي مثقف وواعي، يعي ما هي المشاكل والقضايا التي يعاني منها المجتمع الأردني، واساسياتها، ويفكر أبرز الحلول التي عليه ان يحملها عند توليهم المناصب القيادية وصنع القرار".. وفق الغرايبة.

واختتمت، على الرغم من أن مؤسسات المجتمع المدني تقوم بهذا الدور، وتعلم وتؤهل وتمكن الشباب، لكن هذا الأمر لا يعفي الحزب من ذلك.