مع مواصلة جيش الاحتلال الإسرائيلي شن غاراته على مختلف مناطق قطاع غزة في اليوم الـ34، تجري مباحثات حول امكانية التوصل إلى هدنة إنسانية، ولكن حتى اللحظة لا يزال هذا الأمر قيد النقاش، في وقت تخشى فيه الولايات المتحدة، والاحتلال الاسرائيلي من أن تستغل حركة حماس أي وقف لإطلاق النار كفرصة لإعادة ترتيب صفوفها.
وناقشت الإدارة الأمريكية والاحتلال الاسرائيلي إمكانية تنفيذ هدنات تكتيكية تهدف إلى تمكين المدنيين من مغادرة المناطق المعرضة للقتال بأمان، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين، وربما إطلاق سراح رهائن محتملين، ومع ذلك، هذه القضية لا تزال تحت التفاوض.
وفقا للمتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي، فإن الحكومتين الأمريكية والإسرائيلية سيستمران في التواصل لتحقيق مثل هذه الهدنات المؤقتة المحتملة وأن بايدن ونتنياهو اتفقا على مواصلة المحادثات في الأيام القادمة.
وفي ظل الحديث عن احتمالية حدوث هدن تكتيكية تستمر الأنظار على المستوى العالمي والعربي في متابعة التطورات المحتملة، مع إعلان وزارة الصحة في القطاع عن ارتفاع عدد الشهداء منذ بدء الحرب إلى 10 آلاف و569، بينهم 4324 طفلا و2823 امرأة، في حين بلغ عدد المصابين أكثر من 26 ألفا، ونزوح 70% من سكان قسرا عن منازلهم، وفق المكتب الإعلامي الحكومي في القطاع.
الخبير العسكري والاستراتيجي الدكتور هشام خريسات يقول إن مواصلة الاحتلال في استهداف المستشفيات هو نتيجة لتداعيات الاسرائيلية ضمن تقريرها العسكرية، بأن قيادة حماس العسكرية والسياسية تدير عملياتها الحربية من مجمع الشفاء تحت الأرض، مما يجعلهم محاصرين في تلك المنطقة.
وبحسب خريسات، يبدو أن هذا الوضع يزيد من صعوبة قبول أو تنفيذ وقف إطلاق النار، يدفع نحو رفض او تاجيل الهدنة، مشيرا إلى أن الهدنة التكتيكية الإنسانية تعني وقف إطلاق النار مؤقتا، ولكن إذا ظهر هدف طارئ سياسي أو عسكري، سيتم استئناف القصف فورا، مشددا على أهمية رفض هذا التوجه الإسرائيلي لضمان عدم العودة إلى الوضع السابق.
ويعزى تأخر إسرائيل في تنفيذ الهدنة إلى وجود خطة تخفيها ورفضها للضغط الدبلوماسي من الولايات المتحدة والدول الغربية، وفي حال قبلت إسرائيل فكرة منح مهلة للهدنة، فإن شروطها قد تكون صارمة، مثل وقف إطلاق النار لفترات قصيرة في اليوم، ومنح كميات محدودة من الوقود بنسبة 50 ألف لتر من الديزل، وهو ما لا يلبي الاحتياجات الضرورية خلال هذه الأزمة، ومع ذلك، من المتوقع أن تستمر إسرائيل في تنفيذ عمليات اغتيال ضد حماس.
فيما يتعلق بردود الفعل الشعبية الدولية والإقليمية، يرى خريسات أنها يمكن أن تلعب دورا في تسريع وقف الحرب، ومع ذلك، يشير إلى أن الضغط الأكبر على إسرائيل يأتي من أهالي الأسرى لدى حماس، وهم الذين يمكن أن يكونوا قادرين على وقف الحرب.
الوضع الكارثي يتطلب هدنة
بينما يتم مناقشة إمكانية التوصل إلى هدنة تكتيكية لتقليل دائرة العنف في المنطقة، يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي غاراته على مناطق متفرقة من القطاع، في وقت كبدته فصائل المقاومة خسائر فادحة، حيث أعلن أبو عبيدة، المتحدث باسم كتائب القسام الذراع العسكرية لحركة "حماس" الفلسطينية، أن المقاومة في قطاع غزة دمّرت 136 دبابة وآلية عسكرية إسرائيلية في المواجهات البرية التي يشهدها قطاع غزة.
ويصف الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء المتقاعد محمود ارديسات الوضع الحالي في قطاع غزة بالكارثي، خاصة من الناحية الإنسانية، فهي منطقة تعتبر محتلة ومحاصر منذ ما يقارب 16 عاما ، وتتعرض لهجمات قوية باستخدام أشد الأسلحة من مختلف الجهات، الأمر الذي بات يتطلب هدنة لإيقاف الحرب.
بالرغم من جهود المقاومة للقيام بواجبها قدر الإمكان، إلا أن هناك مأساة إنسانية حقيقية تؤثر على المدنيين، وتظهر إسرائيل نفسها كمهاجم للمقاومة، ولكن في الواقع، تستبيح غزة بأكملها، باعتبارها مهد المقاومة، بحسب ارديسات.
بالإضافة إلى ذلك، يقول ارديسات إن إسرائيل تستخدم الأساليب النفسية لنشر الرعب في قلوب سكان غزة لعدم معرفتهم بما يجري من حولهم. هذا يعد جريمة إنسانية ضد المدنيين ويؤثر بشكل كبير على حركة المقاومة في غزة.
وفي هذا السياق، يؤكد نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي على أهمية وقف الحرب العنيفة في قطاع غزة والتي تسببت في معاناة إنسانية جسيمة، مشددا على ضرورة ضمان توفير المساعدات الإنسانية الضرورية والعاجلة للشعب الفلسطيني.