هل أصبحت هيبة الدولة على محك العنف المجتمعي؟

هل أصبحت هيبة الدولة على محك العنف المجتمعي؟
الرابط المختصر

طرحت أحداث الشغب التي شهدتها منطقة الرصيفة الأيام الماضية، العديد من التساؤلات حول غياب الدور الأمني في التعامل مع ما تشهده مناطق في المملكة من مشاجرات، واللجوء الى التدخل العشائري لتطويقها أو لتحصيل الحقوق.

 

ويتخوف مواطنون من تراخي القبضة الأمنية، في بعض مناطق المملكة، الأمر الذي قد يؤدي الى اختلالات وعدم استقرار أمني مجتمعي.

 

المحلل السياسي لبيب قمحاوي، يرجع عدم التدخل الأمني في بعض الأحداث كالشغب أو الجرائم، إلى تعامل الأجهزة الأمنية معها "بشكل انتقائي"، ووفقا لتقديراتها لدرجة أهمية الحدث.

 

كما يعتبر قمحاوي أن "موارد الجهاز الأمني أصبحت موجهة لمحاربة الإرهاب والتعامل مع الخلايا النائمة، للحفاظ على الأمن الداخلي،على حساب تدخلها بالقضايا المجتمعية".

 

في وقت يؤكد فيه الناطق الإعلامي باسم مديرية الأمن العام الأسبق العقيد بشير الدعجة، أن "جهاز الأمن العام لا يزال يتمتع بالقوة والاحترافية، إلا أن ضعف بعض المسؤولين السابقين المتمثل باتباع سياسات يصفها بالخاطئة، أدى إلى إضعاف جهاز الأمن.

 

ويشير الدعجة إلى أن رفع شعار "الأمن الناعم" برغم إيجابيته في التعامل مع المواطنين، إلا أنه أسيء فهمه من قبل بعضهم وبعض الخارجين عن القانون ورجال الأمن أنفسهم، الأمر الذي أدى إلى منح بعضهم  القوة للسيطرة مقابل إضعاف رجال الأمن.

 

"يتابع "بعض التعليميات والأوامر الصادرة من قبل بعض القيادات وأخذ العطوات العشائرية من قبل جهاز الأمن العام في حادثة سابقة، للظهور أمام منظمات حقوق الإنسان بتعاملها الإيجابي، أدت إلى إضعافه وتراجع هيبته"، بحسب الدعجة

 

إلا أن قمحاوي يرى أن غياب الدولة وتراجع هيبة الأمن العام، "لعب دورا كبيرا في توغل العشيرة واستفحالها وذلك بقيامها بأدوار ليست من صلاحياتها، إضافة إلى تقصد الحكومة بوضع العشائر في الواجه للتعامل مع بعض القضايا والعمل على حل الخلافات الاجتماعية".

 

بينما يرى محمد يوسف العبادي أحد شيوخ العشائر أن "الدولة لم تمنح العشائر مساحة للتدخل في معالجة بعض القضايا، وإنما سمح عدم التدخل الأمني بتفعيل دور العشائر والمجتمع المحلي لحماية نفسه والدفاع عن حقه".

 

ويعتبر العبادي أن أهم مقومات الدولة تتمثل بالحفاظ على هيبتها، لكي لا يضطر المجتمع إلى تحصيل حقوقه بالطريقة التي يراها مناسبة دون الالتفات إلى عواقبها كما حدث في بعض الحوادث.

 

ويشير إلى أن العديد من الأحداث التي وقعت خلال الفترة الأخيرة، لم يتمكن الجهاز الأمني من التعامل معها ولا تزال عالقة، الأمر الذي خلق شعورا لدى المواطنين بأنهم مسؤولون عن أخذ حقوقهم بأيديهم نتيجة هذا التقصير.

 

ويلفت العبادي إلى أن طول أمد التقاضي في أروقة المحاكم  لتحصيل حقوق المواطنين، دفعت بعضهم للجوء إلى الأحكام العشائرية.

 

كما يرى العقيد الدعجة أن تأخر صدور الروايات الأمنية لتوضيح حقيقة الأحداث، دفع المواطنين للجوء للبحث عن المعلومات من العديد من المصادر الإعلامية ووسائل شبكات التواصل الاجتماعي، وهو ما قد يزعزع ثقة المواطنين بالجهاز الأمني.

 

"ضعف الاعلام الامني واستخدامه للوسائل التقليدية في ظل الفضاء الواسع بنقل المعلومات اضعف الرواية الامنية لدى المواطنين وتصديقها" بحسب الدعجة.

 

 

ويرى الشيخ العبادي أن "ابتعاد القبضة الأمنية أدى الى حالة من الانفلات الاجتماعي، وذلك باستقواء بعض الخارجين عن القانون وسهولة اقتنائهم واستخدامهم للأسلحة".

 

فيما يعتبر قمحاوي أن "غياب الأمن سيولد اختلالات في المجتمع، نتيجة عدم الانضباط ومحاسبة المتجاوزين، مشيرا إلى أن حماية المواطن وممتلكاته الخاصة أمر هام لا يمكن تجاهله، والأمن عبارة عن منظومة متكاملة وليست منقوصة في التعاطي مع كافة القضايا."

 

والمطلوب، بحسب العبادي، من الجهاز الأمني توفير توعية أمنية داخل المجتمعات وإشراك المجتمعات المحلية بالأمن لصالح الوطن، إضافة إلى تطبيق القانون على الجميع وبعدالة .

 

 

ويعتقد الدعجة أن هناك ضرورة باتت ملحة بإعادة ترميم تلك المفاصل وإعادة الخطط الأمنية والروح المعونية لرجال الأمن العام، ومعالجة السياسات التي  أربكتهم.

 

 

يشار إلى ما تضمنته رسالة الملك عبدالله الثاني، الموجهة إلى لجنة الملكية لتطوير الجهاز القضائي وتعزيز سيادة القانون، من تأكيد على ضرورة تطوير كفاءة الجهاز القضائي، وقدرته على العمل ضمن منظومة متكاملة مع باقي سلطات الدولة وأجهزتها المعنية بترسيخ سيادة القانون، وذلك بتطبيق القانون على الجميع دون تمييز أو محاباة.

 

 

كما شدد الملك في ورقته النقاشية السادسة، على أن  الجهاز القضائي بحاجة إلى استراتيجية شاملة لتطويره وتعزيز إمكانياته، على ان تعمل اللجنة على تطوير الجهاز وتعزيز سيادة القانون من خلال استراتيجية شاملة لمعالجة التحديات ومواصلة عملية التحديث والتطوير والارتقاء بأداء السلطة القضائية.

 

 

أضف تعليقك