مصير الإسرائيليين قتلة زعيتر ما يزال مجهولا
أكثر من أربعة أشهر على مقتل القاضي الأردني رائد زعيتر، الذي قضى نحبه على يد جنود من جيش الاحتلال على الجانب الفلسطيني المحتل من جسر الملك حسين بتاريخ 10 آذار/ مارس الماضي، ولا نتائج حتى الآن للجنة التحقيق الأردنية- الإسرائيلية.
و قُتل القاضي زعيتر رميا بالرصاص، على يد جنديين إسرائيليين، وحسب شهود عيان رافقوا القاضي في رحلته إلى المعبر، فإن الشهيد كان يحاول الصعود إلى حافلة الركاب، عندما دفعه أحد جنود الاحتلال الإسرائيلي، فسقط على الأرض، ثم نهض وقام بدفع الجندي الإسرائيلي، فأطلق الجندي عليه النار، ولم يصبه في الطلقة الأولى، ثم قام بإطلاق ثلاث رصاصات أصابته في صدره، وأدت إلى استشهاده.
وتدعي الرواية الإسرائيلية أن "القاضي زعيتر حاول الاعتداء على الجندي الإسرائيلي، وقام الأخير بالدفاع عن النفس".
"شح المعلومات والتكتم" هو سيد الموقف في التصريحات الحكومية الأردنية بخصوص مخرجات هذه اللجنة، إذ يكتفي الناطق باسم الحكومة الأردنية وزير الإعلام محمد المومني بالقول إن "التحقيق ما زال جاريا".
ولم تتعد الرسالة النصية التي بعثها الوزير المومني " التصريحات الحكومية السابقة في ردها حول "مخرجات لجنة التحقيق". ويقول المومني: "التحقيق مستمر وسيعلن عنه حال انتهائه من قبل اللجنة المشكلة".
تصريح حكومي لم يقنع المشككين بجدية الحكومة الأردنية بالقصاص، من قتلة القاضي الأردني الذي يعمل في قصر العدل.
النائب في البرلمان الأردني طارق خوري، يشكك في وجود لجنة تحقيق من الأصل، ويقول "موقف الحكومة الأردنية موقف استسلامي فهي تخدم إسرائيل أكثر من الحكومة الإسرائيلية نفسها، فلجنة التحقيق التي قالت الحكومة إنها شكلتها لم تحصل على تصريح لدخول إسرائيل ولم تجتمع لهذه اللحظة".
وبحسب خوري فإن "الحكومة الأردنية تراوغ وتماطل بالموضوع حتى ينسى الشعب القضية".
وكان رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور، قد وعد مجلس النواب الأردني بتشكيل لجنة تحقيق ومحاسبة القتلة، وأعلنت الحكومة أن اللجنة مشكلة من خمسة أعضاء يرأسها أحد أعضاء النيابة العامة الأردنية، وتضم في عضويتها مندوبا عن وزارة الخارجية وشؤون المغتربين ومندوبا عن وزارة الداخلية ومندوبين عن القوات المسلحة الأردنية.
وقال النسور أمام مجلس النواب الأردني: "نحن ملتزمون بإحاطة مجلس النواب الموقر علما بمسار وتطورات التحقيق هذا بشكل منتظم حتى انتهائه وتقديم التقرير النهائي بشأنه إلى المجلس، وهذه النتائج، سنقوم بإجراء تقييم لها حال ورودها، وبالبحث في الخيارات التي تتيحها نتائج التحقيقات
هذه لنا كدولة، بما في ذلك إمكانية مخاطبة المنظمات والهيئات الدولية ذات العلاقة لاتخاذ الإجراءات المناسبة حيثما كان هذا الأمر متاحا لنا وتوجد له الأسانيد الضرورية في نتائج التحقيق".
إلا أن رئيس لجنة فلسطين النيابية النائب يحيى السعود، غير متفائل بلجنة التحقيق، ويقول إن "ضعف الحكومة الأردنية سيجعل الشعب الأردني ينتظر 4 سنوات للاطلاع على نتائج لجنة التحقيق، عازيا ذلك لاستباحة الدم العربي بشكل عام".
وكان مجلس النواب الأردني ربط بين مقتل القاضي زعيتر والإفراج عن الجندي أحمد الدقامسة المسجون منذ 13 آذار/ مارس 1997 بعد أن أطلق النار من سلاح رشاش على طالبات إسرائيليات عند الحدود الأردنية الإسرائيلية فقتل منهن سبعا، ولوح المجلس حينها بحجب الثقة عن الحكومة في عدم الإفراج عن الدقامسة و عدم طرد السفير الإسرائيلي من عمان، إلا أن الحكومة خرجت منتصرة بحصولها على ثقة 81 نائبا حضروا الجلسة من أصل 130 حضروها.
ويتهم النائب السعود الحكومة والأجهزة الأمنية بممارسة ضغوط على مجلس النواب، أثناء مناقشة مذكرة طرح الثقة بها، ويقول إن الحكومة "لم تستجب لطلبات النواب وضربتها بعرض الحائط وحصلت على ثقة النواب بمعدل 81 صوتا، وبالتالي أصبح دور مجلس النواب هامشيا، وكان أولى على المجلس إسقاط الحكومة حتى يمارس دوره الرقابي الحقيقي".
شخصيات قانونية متتبعة للجنة التحقيق الأردنية التي يترأسها مساعد النائب العام القاضي رامي صلاح، أكدت " استمرار التحقيق في قضية مقتل القاضي زعيتر، مبينة أسباب سرية التحقيق.
يؤكد المحامي والخبير القانوني محمد الصبيحي لـ "عربي 21" أن "لا صحة لما يقال بأن الحكومة طوت ملف التحقيق أو ميعته، فلجنة التحقيق الأردنية ما زالت تواصل التحقيق واستمعت لعدد كبير من شهود العيان في الحادث تم استدعاؤهم من الضفة الغربية، كما أنه وصل للجنة مجموعة كبيرة من الوثائق والأفلام المسجلة من كاميرات المراقبة على المعبر، وستعلن نتائج التحقيق فور انتهائها".
وحسب الصبيحي، فإن لجنة التحقيق الأردنية "فضلت السرية في التحقيق كون الجانب الإسرائيلي يقوم بتوثيق كل ما ينشر في الإعلام الأردني من أخبار عن التحقيق واعتباره جزءا من التحقيق، لذا يؤكد الصبيحي – نقلا عن مصادر أردنية مطلعة- أن الحكومة قررت التوقف عن نشر أخبار لجنة التحقيق".
وكشف أن "لجنة التحقيق الأردنية لم تجتمع مع اللجنة الإسرائيلية أبدا"، معللا ذلك بأن "اللجنة الأردنية رأت أن لا جدوى من الاستماع للرواية الإسرائيلية والاستماع لأقوال الجندي الإسرائيلي الذي يدعي أنه قتل القاضي زعيتر دفاعا عن النفس".
ولكن ما هي الخيارات القانونية أمام الأردن في حالة إدانة قتلة زعيتر؟
يقول صبيحي: "إذا تبين وجود ردة فعل عنيفة من قبل الجندي فهي جريمة قتل بكل المقاييس الجزائية، في هذه الحالة وحسب الاتفاقيات الدولة تطبق قوانين الدولة في الطرف الآخر حيث يتم معاقبة الجاني ومن ساعده وتقديم اعتذار رسمي للمملكة وتعويض عائلة الضحية".
والد الشهيد علاء الزعيتر يؤكد أيضا أن التحقيق ما زال مستمراً في حادثة مقتل نجله، مبينا أن الادعاء العام الأردني استدعى مؤخراً ركاب الحافلة التي كان على متنها أثناء توجهه إلى فلسطين.
وحسب الزعيتر فإن "الادعاء العام استدعاه أيضا للاستماع إلى شهادته، كما أنه استدعى زوجة الشهيد واستمع إلى أقوالها".
وكان شهود عيان نقلوا تفاصيل حادثة مقتل القاضي زعيتر؛ فيقول أحد ركاب الحافلة ويدعى محمد زيد "عند أول استراحة إسرائيلية كنت أقف عند الباب الخلفي للحافلة، وكان الشهيد يقف عند الباب الأمامي، حيث سمعت صوت شجار مع الجنود الإسرائيليين والشهيد، دون أن أعرف من بدأ بالشجار".
وأضاف: "شاهدت الجنود يضربون الشهيد بالأرجل وألقوه أرضا، وكنت داخل الحافلة لحظتها، وعند التدقيق شاهدت الشهيد رائد وكان على الأرض، واستمر الجنود بضربه حتى تمكن من الوقوف للحظات على قدميه وكان يشير بيديه، وسمعته يقول: أنا قاض".
وقال: "أطلق الجنود رصاصة على رجله وأصابته، واستمروا بضربه حتى تمكن من السير والتقدم نحوهم وهو يصرخ حتى قام الجنود بإطلاق الرصاص على جسمه وظل ملقىً على الأرض حتى وصل الإسعاف بعد مرور نصف ساعة، حاول إسعافه إلا أنه كان متوفياً".
عربي 21