"قضية الجفر".. أسباب "التضارب" وارتدادات الحكم

"قضية الجفر".. أسباب "التضارب" وارتدادات الحكم
الرابط المختصر

رغم انشغال الشارع الأردني بمتابعة ومواكبة آخر التطورات الإقليمية الدراماتيكية، إلا أن الحكم بالسجن المؤبد مدى الحياة الصادر عن محكمة أمن الدولة بحق العسكري معارك أبو تايه على خلفية ما عرفت بـ"قضية الجفر"، وردود الفعل عليه، كان له صداه بين أعمدة الرأي بقراءة لخلفيات الحادث ونتائج الحكم فيه.

 

الكاتب فهد الخيطان، يرى أن الاحتجاجات العشائرية التي أعقبت صدور الحكم،مردها بدايات القضية وليس نهاياتها في المحكمة، مشيرا إلى ما رافق الحادثة عند وقوعها من تصريحات وروايات رسمية "متضاربة وغامضة"، والتي فهم منها أن الجندي أبو تايه تصرف دفاعا عن النفس، وطبق قواعد الاشتباك المقررة.

 

ويضيف الخيطان "أن الجانب الأردني الرسمي حاول في وقت مبكر تذكير مختلف الأطراف أن المعلومات الأولية لا تكفي للوصول لخلاصات قاطعة بشأن ما حصل عند مداخل القاعدة، وطالب الجميع بالتروي لحين الانتهاء من التحقيقات، لكن الرواية الأولى كانت قد استقرت، ومدعومة بشعور تلقائي لتبرير فعلة الجندي الأردني.

 

و"بعد أشهر من التحقيقات، تجمع لدى جهات التحقيق ما يكفي من الأدلة لتوجيه اتهامات تدين الجندي أبو تايه. لم تكن واشنطن بعيدة عن أجواء التحقيق. في الأثناء كانت عائلات الجنود الثلاثة تتابع عن كثب المجريات، وتصعّد حملتها ضد الأردن للمطالبة بتعويضات وقصاص عادل لمرتكب الحادث. ونجحت هذه الحملة في لفت نظر كبريات الصحف ووسائل الإعلام الأميركية".

 

ويقول الكاتب "صحيح أن العلاقات مع واشنطن هي ثابت استراتيجي بالنسبة للأردن، مثلما هي نظرة واشنطن لدور الأردن المحوري في أمن واستقرار المنطقة، لكن الأردن ورغم ما يعاني من ظروف اقتصادية بالغة الصعوبة، وحاجته الماسة للمساعدات الأميركية، ما كان ليغامر بفبركة أدلة لإرضاء الجانب الأميركي".

 

وينتهي الخيطان إلى القول "إن ردود الفعل على حكم القضاء غير النهائي تعود لأسباب خارج نطاق القضاء، وتتطلب معالجة رسمية حكيمة لإصلاح أخطاء ناجمة عن اجتهادات غير موفقة. ينبغي على جميع الأطراف فصل المسارين تماما؛ هنا في الجفر وهناك في أميركا".

 

أما الكاتب باسم الطويسي، فيلفت إلى أن هناك شعورا عاما واسعا  بحق العسكري المحكوم بالبراءة أو بحكم مخفف، "ولكن إلى هذا الوقت لا يجوز بأي شكل تخطئة المحكمة بل احترام حكمها وعدم السماح بالمس بمكانة القضاء والمطالبة بذات الآلية القضائية بمراجعة الحكم والطعن به في مرحلة الاستئناف".

 

ويعرض الطويسي أربعة محددات تحكم المصلحة العامة في هذه القضية:

 

الأول: ضبط ردود الفعل الشعبية وتفويت الفرصة على كل من يحاول استغلال مثل هذه الاحداث، والثاني: أن من حق المجتمع الأردني ومن حق الحويطات وأهل المحكوم ان يلمسوا توجها رسميا واضحا ومحددا بان مرحلة استئناف الحكم لن يشوبها اي غموض وأن تتم بشفافية عالية، والثالث: هو الحاجة الى المزيد من الوضوح السياسي والإعلامي في التعامل مع هذه القضية وردود الأفعال وغيرها.

فيما يتمثل الأمر الرابع بأن هذه القضية تفتح بوضوح ملف تنمية البادية الجنوبية، وحجم الإخفاق الذي حصدناه خلال عقود من التنمية الشكلية، ما يستدعي اليوم مشاعر غاضبة وشعورا عاما وسط هذه المجتمعات بالظلم وأنها همشت طويلا، وهو ما يجعل من السهل وصولها الى استنتاجات وخلاصات غاضبة تنسحب على موقفها من الدولة ومن المؤسسات العامة.