قضية أبناء غزة... إلى الواجهة من جديد

قضية أبناء غزة... إلى الواجهة من جديد
الرابط المختصر

عادت قضية أبناء قطاع غزة اللاجئين في الأردن، لتفرض نفسها على واجهة الأحداث بعد أن أصدرت الحكومة قراراً يقضي بالزامهم استصدار تصاريح عمل، مما يعني معاملتهم كعمالٍ وافدين في ظل ظروفهم المعيشية الصعبة ومطالباتهم المتكررة بتخفيف القيود المفروضة عليهم في بلدٍ استضافاتهم منذ عشرات السنين.

 

وكانت الحكومة فعلّت في منتصف الشهر الماضي قراراً يقضي بإلزام أبناء قطاع غزة باستصدار تصاريح عمل ودفع الرسوم البالغة نحو 180 ديناراً أردنيّاً بشكل سنويّ، ثم تراجعت عنه واكتفت بوجوب استصدار التصاريح دون دفع الرسوم.

 

إلا أن قرار مجلس الوزراء جاء بعدها ليعفي أبناء القطاع من رسوم تصاريح العمل عن الأعوام الماضية، واسيتفاء رسوم هذه التصاريح اعتبارا من بداية هذا العام كي يتمكنوا من الحصول على مدخراتهم في الضمان الاجتماعي من خلال اقتطاع مبلغ 300 دينار أردني عن كل سنة عمل من مدخرات ابن غزة في الضمان الاجتماعي.

 

جاء على إثره تلويح الغزيين بالاعتصام أمام مجلس النواب احتجاجا على القرار الذي اعتبروه مجحفا بحقهم خصوصا أنه يعني تآكل قيمة مدخراتهم في الضمان الاجتماعي

 

أحمد عمرة منسق حملة حقوق أبناء غزة في الأردن والتي دعت إلى هذا الاعتصام  يقول: "إن قرار مجلس الوزراء بمعاملتهم كوافدين أثار حفيظة كل أبناء غزة المقيمين على الأراضي الأردنية منذ أكثر من 48 سنة وأدى إلى تحرك وغليان في الشارع "الغزي" فكان الاعتصام خيارهم إلا أننا تراجعنا عنه بعد اجتماعنا بلجنة فلسطين في مجلس النواب والتي وعدت بإيجاد حل وإلغاء هذا القرار.

 

ويضيف عمرة أن الحكومة بمجرد فرضها تصاريح عمل حتى لو من دون رسوم فأنها بذلك تغلق 13 مهنة أخرى أمام أبناء القطاع، غير تلك المهن التي لا يجوز لنا العمل فيها مطلقا، عدا عن نزع حقوقنا المدنية التي كنا نطالب بها أصلاً.

 

ولا يرى الكاتب والمحلل السياسي عمر كلاب أن هذا التضييق جاء من باب الخوف من التطوين كما بررته بعض الوسائل الإعلامية، مشيراً إلى أن أبناء غزة لا تتجاوز مطالبهم المطالب المدنية؛ فقصة التوطين والوطن البديل ليس لها أي صحة بدليل أن هذا الوضع قائم من عام 67 إلى اليوم وكان الملك في عام 2005 قد دعا إلى معاملة أبناء غزة كمدنيين لكن حكومة فيصل الفايز آنذاك التفت على الموضوع.

 

وكلاب الذي يؤكد على أن موضوع التصاريح يغلق عليهم 35 مهنة بدءا من عامل في محطة وقود إلى مهنة طبيب أشار في الوقت ذاته إلى أن الغزيين لا يتمتعون بأي رعاية من قبل الدولة.

 

ويرى كلاب أن الأخطر في الموضوع هو إسقاط صفة لاجئ عنهم وتحويلهم إلى وافدين مع فرض رسوم إقامة عليهم، فهذا بحسب كلّاب يعني أن من حقهم بعد 10 سنوات من الإقامة التقدم بطلب الحصول على الجنسيه وأن الدولة الأردنية تسهم في التوطين ولكن بالالتفاف على المسميات.

 

رئيس جمعية جذور لحقوق اللاجئين فوزي السمهوري يعرب عن خطورة هذا القرار الذي اتخذه الحكومة، فنزع صفة اللجوء والنزوح عن أبناء غزة وهم أصحاب الجوازات المؤقته سواء أكانوا نازحين أو لاجئين يخالف ما استقبلتهم الأردن على أساسه، على حد تعبيره، مضيفاً، الجواز المؤقت يعني الاإامة الدائمة ويعني أن له كامل الحقوق ما عدا الحقوق السياسية.

 

ويقول السمهوري إن ما تفعله الحكومات الأردنية المتعاقبة منذ سنوات هو التراجع التدريجي عن حقوق هذه الفئة، فبدأت في عملية منعهم من التملك ثم العمل وهو ما يتعارض مع الحماية التي تمنحها الدولة للاجئين.

 

ويضيف السمهوري بأن الحكومة الأردنية عندما تخرجهم من صفة اللجوء أو النزوح فهي تخرجهم من مظلة الأنوروا، وبالتالي المطالبة بضمهم فيما بعد إلى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، ونظامها الذي ينص على إعادة اللاجئين إلى وطنهم أو توطينهم في البلد الذي هم على أرضه أو توطينهم في دولة ثالثه.

 

ويتسائل السمهوري  إذا ما كان هذا القرار خطوة باتجاه الماده 8 من المعاهدة الأردنية الإسرائيليه واذا لم يكن، فما هو الهدف الرئيسي من ذلك،؟ مرجحا عدم صحة ما يتبادر للبعض بأن الهدف من هذا القرار هو الجباية المالية، مبرهنا على ذلك، بأنه لو كان الهدف الجباية  لما جاء القرار للإعفاء من الرسوم والابقاء على التصاريح.

 

و طالب السمهوري الحكومة بالتراجع والالتزام بالمعطيات التي قبلت على أساسها أبناء غزة كنازحين ولاجئين يتمتعون بالحقوق المدنية الكاملة والتي تعني كافة الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية دون الحقوق السياسية، مشيرا إلى أن منع التوطين يتطلب شطب المادة 8 من المعاهدة الأردنية الإسرائيلية.

 

هذا ويبلغ عدد أبناء غزة في الأردن 156 ألفا حسب أرقام دائرة الشؤون الفلسطينية، أما من يملكون جوازات سفر مؤقته فيبلغ عددهم ما يقارب 640 ألفا.

أضف تعليقك