طريق الفن.. درب يسلكه شباب لخلق فرص عمل

الرابط المختصر

اختيار الفنون والأشغال اليدوية وصناعة قطع فريدة تحمل في طياتها حكايات أصحابها، أو تعكس معانٍ فنية أو تُصنع خصيصًا لمناسبة سعيدة، هذا ما فضله شباب اختاروا الطريق الفني وتجسيد شغفهم واقعًا، عوضًا عن قلة فرص العمل أو حصولهم على فرص لا تناسب ظروفهم الحياتية.

يقول الشاب محمد دحبور الدارس لنظم المعلومات الحاسوبية   ل "صوت شبابي" "إن موهبته الفنية كانت جليَّةً منذ الطفولة وكان معروفًا خلال مشواره الدراسي برسمه المميز، ما جعله يطوِّرُ هذه الموهبة على مدار السنوات، يوضح "بدأت تطوير رسمي من خلال دروس في اليوتيوب وصرت أخصص مبلغ من مصروفي لشراء أدوات احترافية للرسم، وصرت أوثق أعمالي من خلال فيديوهات أنشرها في مواقع التواصل الاجتماعي وكانت تلقى إعجابًا كبيرًا"

ويتابع أنه شارك في العديد من المسابقات والفعاليات بلوحات فنية كمعرض "نفرح بالحسين" بالإضافة إلى رسم جداريات مدارس وروضات "وهذا كان يضيف عندي شيء جديد و يحفزني أطور من نفسي أكثر" 

ويذكر دحبور أنه رغم بحثه عن فرص عمل في تخصصه بعد التخرج إلا أنه لم يعثر، ما جعله يتجه بشكل أكبر لتكريس جهوده على موهبته والاستفادة منها ماديًا، موضحًا أنه عمل على بدء مشاريع فنية كالرسم على الفخار والكؤوس وتشكيل الصلصال، "إلا أن رسم البورتريه كان أكثر الأعمال التي جذبت الناس ويطلب مني على الدوام رسم الوجوه" فاتخذ الرسم مصدر دخل له.

ويضيف أنه ينشر باستمرار أعماله الفنية المختلفة على وسائل التواصل الاجتماعي حول قضايا اجتماعية تهم المجتمع، كما يأمل أن تنتشر أعماله بشكل أكبر وتحقق نجاحات أوسع.

 

يرتفع الفن بالذائقة العامة للمجتمعات، ويدفع لتحسين الذوق العام، كما يعتبر وسيلة مهمةً للتعبير عن القضايا والمشاعر و"الحديث دون كلمات" ففي كل قطعة ينتجها فنان يرسل للمجتمع رسائل يبقى أثرها طويلًا في الأذهان.

بيان سويد، فنانة وضعت بصمات واضحة في الكثير من أنواع الفنون باعتبار الفن "أسلوب حياة" وطريقًا لطرح القضايا بالجمال، فقد انشأت مؤخرًا مشروعًا لصناعة "ميداليات" لدمى ترتدي الثوب الفلسطيني للتعريف بالتراث عن طريق الأشغال اليدوية.

تذكر سويد أنها كانت تميل لدراسة الفنون فشغفها منذ صغرها وإبداعها الفني خلال المرحلة المدرسية كانا دافعين لجعل الفنون خيارها الأول إلا أن عائلتها كانت ترغب في دراستها للهندسة، مبينةً أنها درست الهندسة المدنية ومنذ ذلك الوقت تصنع العديد من القطع الفنية وتبيعها كاللوحات والأكواب "والطارات" وفساتين الأطفال ما ساعدها بشكل كبير في مصروفها.

وتضيف  ل "صوت شبابي" بعد تخرجها لم تفضل العمل في مجال الهندسة، ما دفعها للحاق بشغفها والالتحاق بمدرسة كمعلمة للأنشطة الفنية "فكنت أبذل بكل حب وأعلم الأطفال صناعة قطع فنية مميزة وكنت سعيدة جدًا بعملي في مجال أحبه، وأعتمد عليه كمصدر دخل"، لافتةً إلى أنها باتت تنصح اليافعين باكتشاف مواهبهم الفنية وتطويرها فالفن مجال كبير لتفريغ الطاقات وقد يكون في المستقبل مصدر دخل لهم.

 

 

اكتشاف المواهب الفنية، وتنمية المهارات منذ الصغر في مجال الفنون والأشغال اليدوية أمر يمتد أثره عند الكبر، فالكثير من الشباب الموهوبين استثمروا في تنمية موهبتهم للاستفادة منها ماديًا بعد إتقانها.

 

تقول غدير أبو قشه ل "صوت شبابي" إنها تعلمت على أيدي جدتها منذ صغرها "فن الكروشيه" ما جعلها تصنع قطعًا فنية يمتزج فيها الإتقان مع الإبداع، موضحةً أنها كانت تصنعها كهواية وتزين بها منزلها إلا أن الأقارب أشاروا عليها بأن تفتتح مشروعًا وتبيع هذه القطع.

تتابع أبو قشه أنها بعد دراستها للسكرتاريا وإدارة الأعمال وزواجها لم تجد فرص عمل مناسبةً لها، ما دفعها للتفكير مليًا في استثمار موهبتها في الكروشيه وافتتاح مشروع لعرض أعمالها الفنية، تقول "بدأت مشروعي بعمل ديكورات كروشيه على شكل يقطين وعرضها، ثمَّ طوَّرت من الأعمال وأصبحت أصنع توزيعات يدوية من الكروشيه لمختلف المناسبات وكانت تلقى إقبالًا واسعًا"

وتضيف أن هذا المشروع حقق لها مردودًا ماديًا جيدًا في بداياته، وتسعى لانتشار هذا المشروع وتوسعه مستقبلًا بشكل أكبر.

بينما يقف الكثير من الشباب مكتوفي الأيدي بعد تخرجهم من تخصصات راكدة أو عدم حصولهم على فرصة عمل في مجالات تخصصهم، يقوم كثيرون باختيار صناعة يدوية يستطيعون من خلالها كسر حاجز البطالة وفرض أنفسهم من خلال منتجات فنية يقدمونها للمجتمع.

خريجة تخصص معلم صف، آية سعيد تذكر في حديثها لـ "صوت شبابي" أنها بعد تخرجها اصطدمت بسوق العمل الذي لا يوفر فرصًا للخريجين الجدد، توضح "أقل مدرسة تطلب خبرة سنة وسنتين ونحن خريجون جدد ليس لدينا خبرة، وتقدمت لعدد كبير من المدارس ولم أجد أي رد"

وتبيِّن أنها أرادت أن تستثمر وقتها وعدم حصولها على فرصة عمل فقامت بشراء مجموعة كبيرة من الأحجار والأدوات اللازمة لصناعة الاكسسوارات وبدأت تصنعها وتعرضها عبر صفحة انستقرام "تقول استطعت أن أبيع هذه الاكسسوارات التي أصنعها، وأطور من أشكالها وتحقق لي دخلًا جيدًا وأريد أن أتوسع في هذا المجال لأشمل قطعًا وموديلات جديدة تجذب عددًا أكبر من الزبائن". 

وتقول أن المجال الفني ربما ينأى عنه كثير من الشباب ويعتبرونه "مجرد تسلاية" وليس عملًا مفيدًا بعد دراسة تخصص مغاير، "إلا أنه برأيي مجال إبداعي واسع ويستطيع فيه الفرد أن يحقق أرباحًا مادية"