مناظرة تبين توجهات أحزاب تجاه حرية الرأي والتعبير في الأردن
في أولى سلسلة المناظرات الإذاعية التي أطلقها راديو البلد حول الشأن الانتخابي، تناولت العديد من الملفات المتعددة بين الأحزاب المتنافسة في الانتخابات النيابية المقرر اجراؤها في العاشر من شهر أيلول المقبل، حيث تم مناقشة واقع الحريات العامة وحرية الرأي والتعبير في الأردن، والتغييرات التي تسعى الأحزاب لتحقيقها في حال وصولها إلى قبة البرلمان.
وبثت المناظرة عبر تطبيق زووم، وأدارها الصحفي محمد العرسان، الذي استضاف ممثلين عن حزب جبهة العمل الإسلامي، والحزب الديمقراطي الاجتماعي، وحزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني، وحزب تقدم، لمناقشة واقع الحريات العامة في الأردن.
أهداف الأحزاب
بدأت المناظرة بتعريف كل حزب بقيمه الأساسية وبرامجه الرئيسية، بالإضافة إلى استعراض برنامجه الانتخابي وأهدافه المستقبلية.
أمين عام الحزب الديمقراطي الاجتماعي سمر دودين، وهي المفوضة عن التحالف المسمى بالتيار الديمقراطي، تقول أن الحزب الحزب يرتكز على ثلاث قيم أساسية، الحرية، العدالة الاجتماعية، والتكافل، من مبادئه الرئيسية تعزيز المواطنة وسيادة القانون وتوفير فرص متكافئة من خلال تحسين التعليم والخدمات الصحية والنقل الآمن.
كما يركز على تعزيز الاستثمار ودعم الشركات الناشئة لضمان النمو والتنمية المستدامة، بالإضافة إلى حماية الفئات الاجتماعية وتعزيز المسؤولية الاجتماعية للقطاع الخاص، كما يولي الحزب اهتماما خاصا لملف الحريات العامة، بما في ذلك حرية الرأي والتعبير وحق التنظيم.
ممثل حزب جبهة العمل الاسلامي المحامي بسام فريحات وهو رئيس لجنة الحريات في الحزب يوضح أن اللجنة تتابع واقع الحريات في كافة أنحاء المملكة منذ ما يقارب الـ 20 عاما.
ويشير فريحات إلى أنه بعد أحداث "طوفان الأقصى" في السابع من شهر أكتوبر العام الماضي، شهدت المملكة حراكا شعبيا قابلته انتهاكات لحقوق التعبير والتظاهر السلمي، حيث تعاملت اللجنة مع نحو 2500 حالة اعتقال، بالتعاون مع نقابة المحامين، وتمكنت من الحصول على براءات لكثير من القضايا، مع استمرار متابعة المعتقلين.
أما نائب أمين عام حزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني الدكتور عصام خواجا ، يقول إن الحزب يستند إلى نصوص الدستور التي تضمن حق التعبير عن الرأي، ومع ذلك، يعاني الحزب وأعضائه من ضغوط وملاحقات بسبب مواقفهم السياسية، خاصة خلال العدوان الإسرائيلي على غزة، مشددا على أهمية معالجة ملف الحريات وتقييد صلاحيات الحكام الإداريين التي تتجاوز النصوص الدستورية.
وتحدث عضو الأمانة العامة في الحزب، سعد أبو قديس، أن الحزب بدأ بإنشاء منتدى للسياسات العامة يضم خبراء في مختلف المجالات، و رغم إصدار أوراق تتعلق بالخدمات والمواضيع التي تهم المواطنين، لم تأخذ هذه الأوراق بجدية، يدرك الحزب بأهمية استعادة الثقة في العملية السياسية من خلال تحديث القوانين المتعلقة بالأحزاب والانتخابات، و يركز على تحسين الخدمات الصحية والتعليم والنقل، ويعبر عن قلقه من بعض القوانين التي تحد من حرية الرأي والتعبير بسبب تعريفات غير واضحة قد تستغل ضد أصحاب الآراء.
ملف الاعتقالات
عبرت دودين عن رفضها للاعتقالات التي تنفذ بحق الصحفيين والناشطين، والتي كان آخرها بحق الصحفي أحمد حسن الزعبي.
وتؤكد أن موقف الحزب واضح تماما، حيث يلتزم بحماية حق الصحفيين في التعبير عن أنفسهم دون تقييد الحريات، ويجب أن يعمل الصحفيون في بيئة قانونية توفر لهم الاستقلالية دون ملاحقة أمنية.
وأصدر الحزب بيانا يرفض فيه اعتقالات الصحفيين والنشطاء، ولدى الحزب لجان متخصصة تعنى بمسائل الحريات، ويعتبر حماية حقوق الإنسان من المباديء الأساسية، بما في ذلك حرية التعبير والإعلام، بحسب دودين.
وتعتبر أن التقييد الحالي يتعارض مع روح الدستور، وخصوصا المادة 15 التي تكفل حرية الرأي والتعبير للمواطنين.
المحامي فريحات يشير الى أن أعضاء الحزب هم من بين الأكثر انخراطا في الدفاع عن الحقوق والحريات، حيث يشاركون في الوقفات الاحتجاجية ويتعرضون للاعتقالات.
ويوضح أن لجنة الحريات تتواجد في الأنشطة والاعتصامات، خاصة في محيط مسجد الكالوتي، وتتابع الحالات ميدانيا، وتقوم بتمثيل الأعضاء المعتقلين في القضاء وتقديم الأدلة للدفاع عنهم.
ويؤكد على أهمية حرية الرأي والتعبير، مشيرا إلى أن الصحفيين، كونهم ناقلين للمعلومات، يجب أن يحظوا بأولوية العناية في هذا الشأن، لكنه نبه إلى الانتهاكات الصارخة لهذه الحقوق، مثل حالة الصحفي أحمد حسن الزعبي.
أما الدكتور خواجا يرى أن الدفاع عن حرية الصحفيين والتعبير يبدأ بتعديل القوانين المتعلقة بالحريات، مثل قانون الجرائم الإلكترونية الذي يعتبر أداة قمع لوجهات النظر التي تعتبرها الحكومة مزعجة لها.
ويشير إلى أن العديد من أعضاء الحزب تم توقيفهم وحجز حريتهم دون سبب واضح، مما يعتبر بمثابة رسالة مفادها أنه إذا كنت مصرا على التعبير عن رأيك في الشارع، فإن الثمن هو فقدان حريتك.
ويؤكد على ضرورة إعادة النظر في قانون المطبوعات والنشر وقوانين الاجتماعات العامة، مشيرا إلى أنه إذا لم يتم تعديلها بما يتوافق مع الدستور، فلن يكون هناك مجال للحديث عن هامش الحريات.
من جانبه يؤكد أبو قديس، أن حرية الرأي والتعبير يجب أن تكون منضبطة لمنع الانفلات، ولكن هذا الانضباط لا يتحقق فقط من خلال التشريعات والقوانين التي تحد من حرية التعبير، وإنما الانضباطية يمكن تحقيقها أيضا من خلال زيادة الوعي والمسؤولية بين أصحاب الرأي، عبر قوانين تنظم الحفاظ على الأمن والاستقرار دون تقييد حرية الرأي.
في حال الوصول الى قبة البرلمان
في حال وصول الحزب الديمقراطي الاجتماعي إلى قبة البرلمان، تؤكد دودين، أن أول تشريع سيعمل عليه هو تعديل قانون الجرائم الإلكترونية، سيشمل ذلك مراجعة المواد الفضفاضة مثل المادة 15 و16 و17، بالإضافة إلى دراسة تقاطعات هذه المواد مع القوانين الأخرى التي تقيد الحقوق، كما سيتم مراجعة كافة القوانين المتعلقة بتقييد حرية النشر وموضوع هيئة الإعلام التي تدخلت كثيرا في تنظيم وسائل الإعلام.
من جانبه، يشير المحامي فريحات، إلى أن حزب جبهة العمل الإسلامي كان موجودا في مجلس النواب منذ عام 1989، وقد كانت الكتلة البرلمانية في المجلس السابق من أبرز المدافعين عن الحقوق والحريات، بما في ذلك مناقشات حول قانون الجرائم الإلكترونية وقانون الطفل.
بدوره، يقول أبو قديس، عضو الأمانة العامة في حزب تقدم، إن الحزب في حال وصوله إلى البرلمان سيعمل على تبني العديد من السياسات لدعم وتعزيز حرية الرأي والتعبير، وتوضيح مفهوم حرية الإعلان.
ومن أهم الإصلاحات التي سيقوم بها الحزب بحسب أبو قديس هي تعديل القوانين والتشريعات التي أثرت على حرية الإعلام والتعبير، مثل قانون الجرائم الإلكترونية وقانون المطبوعات والنشر وقانون العقوبات، بالإضافة إلى تعزيز الشفافية والمساءلة.
تحقيق التوازن بين حرية الرأي وضبط الفضاء الإلكتروني
تؤكد دودين أن التحرير هو الأساس وليس التقييد، نحن نشهد ازدواجية في معايير الحرية والإعلام، والتوازن يمكن تحقيقه من خلال التحرير، معتبرة التقييد يؤدي إلى انتهاك حريات التعبير وحبس الصحافيين دون محاكمات عادلة، مشيرة إلى أنه إذا أسسنا نمطا جديدا من التعليم والثقافة، سيكون هناك توازن يحد من الاستقواء والجهل الذي نراه اليوم بين طلبة الجامعات.
من جهته، يرى المحامي فريحات أن حرية الرأي والتعبير ليست ترفا بل أساسا، فالإنسان المضطهد لا يمكنه بناء مجتمع، وبالتالي يجب أن يتمتع بهذه الحرية، مشيرا إلى أن التوجهات الرسمية التي نسمعها تختلف عن ما يتم تنفيذه على أرض الواقع.
أما الدكتور الخواجا، فيرى أن التجربة الطويلة على مدى السنوات الماضية تكشف عن تناقض بين ما يقال ويعلن عنه من قبل الجهات الحكومية حول الحريات وممارسة العمل الحزبي، وما يحدث فعليا على الأرض.
ويضرب الخواجا مثالا بأن الجامعات، التي يفترض أن تكون مساحات للتعبير السياسي، تتناقض مع ما يمارس فعليا حيث تشهد دعوات للمشاركة السياسية، لكن الواقع يختلف تماما.
بدوره يعتبر أبو قديس أن استمرار التجربة الحزبية أمر في غاية الأهمية، رغم ما قد يواجهه من مضايقات في البداية، مشددا على أن الحزب يجب أن يعمل ضمن المحددات في بدايته حتى يحقق الطموحات المطلوبة، ويجب الاستمرار في المطالبة بالمزيد من الحريات.
حقوق المرأة
المحامي فريحات يشير إلى أن حزب جبهة العمل الإسلامي يعد من أكثر الأحزاب اهتماما بحقوق المرأة، ومع ذلك، تحفظ الحزب على بعض القوانين المتعلقة بالمرأة في مجلس النواب، نظرا لمرجعيته في الشريعة الإسلامية، موضحا أن منح الحرية الكاملة، سواء للرجل أو المرأة، ليس دائما مناسبا، حيث يمكن أن يؤدي إلى سوء استخدام هذه الحرية، لذا يجب أن تكون الحقوق ضمن إطار محدد لضمان تنظيم المجتمع بشكل صحيح.
أما دودين تؤكد أن الحزب يرفض جميع أشكال التمييز التي تعيق حقوق المرأة ويدعم حقها في العمل والتنقل، موضحة أن الظلم يقع على المرأة عندما نعلن أننا نعمل من أجل المساواة، في حين لا نمنحها حقوقها كاملة.
الدكتور خواجا يرى أن حقوق المرأة ترتبط بشكل وثيق بحقوق المجتمع ككل،و يجب أن تكون حقوق المرأة جزءا من الحقوق التي تضمن لكل فرد في المجتمع، بما في ذلك العمل والتعليم والتعبير عن الرأي والوصول إلى المناصب السياسية.
ويضيف خواجا أن هناك إشكاليات ناتجة عن مفاهيم منظمات غير حكومية التي قسمت مفهوم الحريات، خاصة فيما يتعلق بحقوق المرأة مثل مكافحة العنف وحق المساواة في المناصب الإدارية، معتقدا أن معالجة حقوق المجتمع بشكل شامل سيساهم في حل قضايا المرأة بشكل متكامل.
من جانبه يؤكد أبو قديس أن الحزب يفتح أبوابه لجميع الأطياف ويدعم الشباب والمرأة، مشيرا إلى أن المرأة في الحزب تشغل مناصب إدارية متقدمة، وهناك فرص متساوية للجميع.
ويشير إلى أن قانون الانتخابات خصص مقاعد للمرأة، مما يمنحها فرصة قد تتجاوز فرص الرجل، كما يرى أن الإسلام كرم المرأة ومنحها حقوقا متعددة، ويؤمن بأن المرأة تشكل نصف المجتمع، مضيفا إلى أن الأردن من الدول الرائدة في منح المرأة حق التعليم، حيث يشكل الإناث أكثر من نصف عدد الطلاب في الجامعات.