في وداع عام ثقيل على كاهل الأردنيين

في وداع عام ثقيل على كاهل الأردنيين
الرابط المختصر

عام مثقل أمنيا

 

يودع الأردنيون عامهم الحالي على وقع حادثة الكرك والعملية الأمنية التي شهدتها، بمشاعر ممزوجة ما بين الحزن والفخر، بعد استهدافها بهجوم مسلح راح ضحيته 12 شهداء من رجال الأمن العام والدرك والمدنيين، إضافة إلى سائحة  كندية وعشرات المصابين.

 

ولم تكن أحداث الكرك الوحيدة التي شهدتها المملكة خلال هذا العام على الصعيد الأمني، إذ سبقتها حوادث، كان أولها العملية الأمنية التي عرفت بقضية "خلية اربد"، في شهر آذار، والتي أسفرت عن استشهاد الرائد راشد الزيود، إضافة إلى مقتل 7 مسلحين إثر تبادل لإطلاق النار.

 

وفي السادس من حزيران، ومع استقبال الأردنيين لأول أيام شهر رمضان، هاجم مسلح مكتب مخابرات عين الباشا ومخيم البقعة، والذي أسفر عن استشهاد 5 من عناصر المكتب، وإلقاء القبض على الفاعل، الذي حكمت عليه محكمة أمن الدولة بالإعدام شنقا.

 

وبعد ذلك بـ15 يوما، وقع انفجار انتحاري بالقرب من مخيم الرقبانللاجئين السوريين، مقابل الساتر الحدودي، ما أسفر عن مقتل 6 عسكريين من قوات حرس الحدود.

 

المحلل السياسي جهاد المحيسن يصف عام 2016 بـ"المرير" والصعب على الأردنيين لما حمل في طياته من أحداث خطيرة على الصعيد الأمني، معربا عن أمله بأن تكون الحكومة أكثر حسما من خلال وضع خطط أمنية بديلة في ظل ما نشهده من توترات إقليمية.

 

أما الحدث الأخطر والأبرز الذي شهدته الممكلة خلال العام، إضافة إلى تلك الحوادث الأمنية، فيتمثل باغتيال الكاتب ناهض حتر في الـ 25 من أيلول، على أبواب قصر العدل بخمسة طلقات، على يد أحد المسلحين، الذي حكم عليه لاحقا بالإعدام شنقا أيضا.

 

ويشير إلى أن هذه القضية تسجل لأول مرة في تاريخ المملكة، والتي قد تؤدي إلى زعزعة النسيج الوطني، وفتح المجال أمام تصفيات سياسية جديدة.

 

انتخابات بمشاركة المعارضين:

 

سياسيا، صدرت الإرادة الملكية في شهر أيار بالمصادقة على التعديلات الدستورية، والتي منحت الملك مزيدا من الصلاحيات.

 

كما شهد العام إجراء الانتخابات النيابية في الواحد والعشرين من أيلول، وفقا لقانون الانتخابات الجديد، وبمشاركة القوى السياسية المختلفة، التي قاطعتها لعدة سنوات، ضمن قوائم وتكتلات جديدة.

 

ولم تخل العملية الانتخابية مما يعكر صفوها،  بما وقع من سرقة صناديق اقتراع في مناطق البادية الوسطى، ما أدى إلى تأخر إعلان نتائجها النهائية.

 

وحصد الإسلاميون "الذين أغلقت الحكومة عدة مقرات لجماعتهم الأم"، حوالي 15 مقعدا من مقاعد البرلمان، ضمن كتلة الإصلاح النيابية التي انخرطوا ضمنها في الانتخابات.

 

ومن الأحداث الهامة لهذا العام، قرار الملك بإعادة هيكلة الأجهزة العسكرية والأمنية المختلفة، وتكليف هاني الملقي بتشكيل الحكومة الجديدة خلفا لحكومة عبدالله النسور.

 

 

"غاز العدو..."

 

وقابلت شرائح واسعة من الشارع الأردني توقيع اتفاقية استيراد الغاز الطبيعي من الحقول الإسرائيلية، بالرفض، وتنظيم عدة حملات للمطالبة بإسقاطها.

 

ونظم ناشطون وحزبيون العديد من الاعتصامات وحملات لقطع التيار الكهربائي كتعبير احتجاجي عليها، فيما منع إقامة فعاليات أخرى.

 

أعباء اقتصادية:

 

واستمرت الإشكاليات الاقتصادية لهذا العام، والتي ألقت بظلالها على الواقع المعيشي للمواطنين، وزادت من أعبائهم الضعف عن العام الماضي، بحسب الخبير الاقتصادي والاجتماعي حسام عايش.

 

ويعتبر عايش أن هذا التراجع الملحوظ اقتصاديا خلال العام ليس إلا امتدادا للعديد من القضايا  التي تم ترحيلها خلال الأعوام دون إيجاد حلول لها.

 

 

ويشير إلى أن الأردن عقد آمالا كبيرة على المؤتمر الدولي الرابع للمانحين والذي عقد في لندن في شهر شباط، لإيجاد حلول لدعم الاجئين السوريين والتقليل من الأعباء الإضافية على الدول المستضيفة لهم.

 

إلا أن نسبة تمويل خطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية من الجهات المانحة لم تتجاوز نسبة 38% حتى شهر تشرين الثاني، وسط توقعات حكومية بارتفاعها إلى 45 % في شهر شباط المقبل.

 

ومع انخفاض مستوردات المملكة من المشتقات النفطية بما يزيد عن 30%، تباطأ مسار استثمار الزيت الصخري واستخراج هذه الثروة التي كانت من المفترض ان تكون محركا اقتصاديا خلال العام بحسب عايش، في ظل آمال الحكومة ببدء الإنتاج الفعلي في هذا المجال في شهر أيار العام المقبل.

 

وأظهرت موازنة عام 2016 عجزا كبيرا عن موازنة العام الماضي، الأمر الذي يدلل على عدم تجاوز إشكاليات موازنات الدولة بتوزيع النفقات، بحسب عايش.

 

ويشير إلى ارتفاع المديونية خلال العام من 10 مليار دينار إلى نحو 26 مليار دينار مع نهاية العام، ما يؤكد عدم نجاح الحكومة بضبطها.

 

ويرجح عايش أن يكون الأردنيون على موعد مع قرارات اقتصادية جديدة وصعبة خلال العام المقبل، في حال تنفيذ الحكومة لتوصيات صندوق النقد الدولي، والتي تتضمن توحيد ضريبة المبيعات على مختلف السلع "المعفاة وغير المعفاة" عند نسبة 12%.

 

 

 

ضغوطات اجتماعية:

 

يلفت عايش إلى الانعكاسات السلبية اجتماعيا، لارتفاع نسب البطالة خلال العام إلى معدلات غير مسبوقة، حيث بلغت 16% بعد أن كانت نحو 14%، وهو ما يصفه بالأمر بالخطير.

 

ويؤكد أن المستوى المعيشي للفرد تراجع بشكل كبير، مدللا على ذلك بتراجع معدل نصيب الفرد السنوي من الناتج المحلي الإجمالي بما نسبته نحو 4 آلاف دولار.

 

كل ذلك، أدى إلى نشوء العديد من المشاكل والقضايا الاجتماعية التي شهدها هذا العام، كالعنف المجتمعي، وجرائم القتل العائلية غير المسبوقة، وارتفاع نسب حوادث السير، وانتشار تعاطي المخدرات وضبط العديد من القضايا وخاصة لمادة الحشيش الصناعي "الجوكر"، بحسب عايش.

 

واتسم بعض الجرائم التي وقعت خلال العام بالقسوة، فلم يكن وقع حادثة قطع رأس سيدة على يد ابنها في تشرين الثاني من العام بالأمر الهيّن على نفوس الشارع الأردني، كما لم تكن حادثة قتل أب لزوجته وابنه وابنته في اربد في كانون الثاني من العام أقل بشاعة، إضافة إلى رفع نسب جرائم القتل باسم الشرف.

 

ويشدد عايش على ضرورة أن تكون هناك وقفة لمراجعة كافة الأحداث التي سجلت خلال العام لتحديد نقاط القوة والضعف فيها، والعمل على معالجتها لتجنب ترحيلها إلى العام الجديد.

 

بين أروقة الجامعات:

 

ومن الأحداث التي شهدها خلال العام، اعتصامات الطلبة في الجامعات الرسمية على قرارات إدراتها، والتي كان أبرزها اعتصام طلبة الجامعة الأردنية المفتوح، احتجاجا على قرار رفع رسوم برنامج الموازي والدراسات العليا.

 

ويصف منسق الحملة الوطنية للدفاع عن حقوق الطلبة "ذبحتونا" فاخر دعاس" ذلك الاعتصام  بالإنجاز التاريخي للحركة الطلابية، نتيجة تراجع الإدارة عن القرار.

 

وعلى المقلب الآخر، لم يغب العنف عن باحات الجامعة الأردنية، بسبب المشاجرة التي استمرت على مدار أربعة أيام، وخلقت حالة من القلق الشديد لدى المجتمع الأردني، بحسب دعاس.

 

 

كما استمرت، بحسب دعاس، سياسات الخصصة ورفع الرسوم الجامعية وبرامج الماجستير والتنافس في العديد من الجامعات الرسمية وغير الرسمية.

 

وفي الجامعة الهاشمية، صدرت قرار بفصل الطالب إبراهيم عبيدات لمدة عامين، ومنع تنفيذ مسيرات ضد اتفاقية الغاز، ما اعتبر تضييقا على الحراك الطلابي.

 

ويتوقع دعاس تكرار تلك الإشكاليات خلال العام المقبل، نظرا للتغيير المستمر لوزراء التعليم العالي، واعتمادهم على سياسة واحدة تسري على كافة الوزراء دون وضع استراتيجيات بعيدة المدى لحل مشاكل القطاع.

 

أبو غوش.. إنجاز رياضي تاريخي

 

أما على الصعيد الرياضي، فقد حقق الأردن إنجازا كبيرا من خلال فوز اللاعب أحمد أبو غوش بالميدالية الذهبية بالتايكوندو في أولمبياد ريو دي جانيو 2016، التي تعد الذهبية الأولى في تاريخ مشاركة المملكة أولمبيا.

 

كما شهد هذا العام، استضافة الأردن لكأس العالم لكرة القدم للسيدات تحت سن الـ17 للمرة الأولى.

 

وتبقى عيون الأردنيين، شاخصة للعام الجديد، مترقبين ما يحمله لهم، على مختلف الأصعدة.

هذا التقرير أعُد ضمن مشروع “إنسان” 

أضف تعليقك