في حديث الملك عن "الفتنة" وأصحابها...!

في حديث الملك عن "الفتنة" وأصحابها...!
الرابط المختصر

لم يكن لحديث الملك عبد الله الثاني حول "الفتنة" ورفض "الوطن البديل" أصداء عبر مختلف وسائل الإعلام إخباريا فقط، فقد كان مادة لتحليل كتاب الرأي لقراءة ما بين سطور ذلك الحديث وخلفياته.

الكاتب ماهر أبو طير، يشير في مقال له إلى أنها المرة الأولى التي يحدث الملك فيها عن "مؤامرة"، متسائلا أولا عن مفهوم "الوطن البديل" الذي يأخذ أكثر من معنى حيث أن لها دلالة لدى معارضها الإسلامي، وغيرها لدى اليميني أو لاجئ في المخيم أو كاتب سياسي.

ويرى الكاتب مهند مبيضين أن في حديث الملك رغبة كبيرة بتجاوز الكلام المصفوف عن مخاطر موهومة، أو مخاطر يتعمد البعض إيقاظها، أو العيش عليها، ومن يعيش او يقتات على وعي الناس البسطاء والمساكين.

كما أن في حديث الملك، بحسب مبيضين، عودة لفتح السؤال ليس عن الوطن البديل، بل عن مقدرة النخب والناس في التفكير في مشاكلها اليومية وتحدياتها الماثلة، وعن صنع الحلول وبلورة الرؤى.

ويخلص أبو طير إلى ضرورة الاعتراف بثلاث حقائق: أولها أن هناك شرفاء في الاردن وفلسطين، يرفضون أي حلول تصفوية، وثانيها أن الأغلبية الشعبية في الأردن وفلسطين، "على باب الله" وتريد ستر أعراضها وتدبّر شؤون حياتها، ولا يمكن أن نتهمهم مسبقا بالخيانة،

وثالث النقاط ما يقول إن هناك انخفاضاً في منسوب الشفافية الرسمية، ما يولد دوما هذه العواصف التي تديرها نخبة تتاجر بها، أو نخبة وطنية وقومية ودينية، بحسب أبو طير.

ويعتبر الكاتب خالد فخيدة أن قول الملك خلال حديثه إن "الأردن هو الأردن، وفلسطين هي فلسطين" كان بمثابة دق المسمار الأخير في نعش "بعبع الوطن البديل واوهامه"، ويشكل تنبيها حتى يلتزم الجميع بالمصلحة الوطنية العليا بعدم المساس بالثوابت الأردنية والتي منها حل القضية الفلسطينية في الأرض المحتلة على أساس الدولتين فقط.

أصحاب "الفتنة" وغاياتهم:

يقول الكاتب أبو طير أن "عاصفة الوطن البديل تهب كل شهرين على عمان، ومع خطة كيري غير المعتمدة رسمياً حتى الآن هبّت هذه العاصفة بكل سمومها وشكوكها على الأردن وتكويناته الاجتماعية".

ويوضح أن حديث الملك أشار إلى "تلك المجموعة التي تدير هذه الحملات كل عام، في معرض التمييز لوجودهم، أو بشكل أدق لغايات رفع شعبيتهم في الشارع باعتبارهم وطنيين يعارضون كل حل تصفوي".

"وهذا الكلام ينطبق على مسؤولين شبعوا من صدر الدولة مالا ونفوذا، لكنهم يبحثون اليوم عن شعبية، وطلاء جديد لوجوههم في الشارع، رغم أن الأسرار تكشف احيانا انهم جزء من تدمير بنى الأردن الاقتصادية والاجتماعية والسياسية... إلا أن هناك نخبة عاقلة، مُسيسة، لها موقف ثابت، وتقف ضد تصفية القضية الفلسطينية، لاعتبارات وطنية ودينية، بعيداً عن المتاجرة بالعناوين"، يكتب أبو طير.

ويستحضر الكاتب عريب الرنتاوي وصف الفتنة بـ"المنتنة"، "لأن بعض الأصوات التي تتخذ مما يواجه أهل فلسطين من ضغوطات للقبول بما لا يخدم حقوقهم ومصالحهم، وسيلة لإذكاء النزاعات وصراع الهويات المفتعل، عندنا هنا في الأردن".

ويشير إلى أن هذه الفئة ذاتها تؤْثِر “البيات/ الكمون الشتوي”، لتطلع علينا في “الربيع” لتبث سموم الفتنة، على حد تعبيره.

ويقول الكاتب خالد فخيدة "وإذا كان ما يرتكبه هؤلاء من جريمة بحق الاردن وقيادته وشعبه باثارة فتنة الوطن البديل، فالمطلوب من النخب والرأي العام أن لا يتفاعل مع سموم هؤلاء لمحاصرتهم وابطال مفعول اجنداتهم التي من اهدافها ايضا تدمير منجزات الدولة الاردنية التي وضع رواسيها الاجداد وبناها الاباء وعزز بنيانها الابناء.

"وإذا كان هدف اصحاب الفتنة الترويج للمشروع الصهيوني بين الاردنيين على امل خدمة مخطط الدولة اليهودية العنصرية، فان المخفي فيها ايضا اعاقة عملية الاصلاح الشامل التي رسمها الملك والاردنيين في عز الخطر والنار اللذين اجتاحا المنطقة ووضعت لها خارطة طريق للعبور الى المستقبل بمزيد من الامن والاستقرار والازدهار"، بحسب فخيدة.

من جانبه، يرى الكاتب فهد الخيطان أن شعار "الوطن البديل" لم يترك سوى الخوف في نفوس الأردنيين من الوطن البديل والتوطين، وأشعل في القلوب هاجس الهوية، حتى تحول إلى حالة مرضية، مشيرا إلى أن السياسة الصهيونية وعتاتها من أقطاب اليمين، كانت تغذي هذه المخاوف، لا بل وتتبناها نهجا وسياسة.

ورغم أن كل من كان يدعو من قادة إسرائيل لدولة فلسطينية شرق النهر، صار في عداد الموتى، إلا أن الشعار الهاجس ظل حيا في نفوس جيل من السياسيين الأردنيين الذين عاشوا عقود العلاقة المضطربة. وللدقة أكثر، تحول هذا الشعار إلى الأزمة في الخطاب السياسي الأردني، بحسب الخيطان.

الكاتب رومان حداد، يؤكد من جانبه أن "من يثير قضية الوطن البديل، رافضاً أو مؤيداً للفكرة، إنما يحاول إعطاء الطرح شرعية مقبولة لدى الشارع عبر تكرار الفكرة على مسامع العامة، ومحاولة للسحب دائماً من رصيد الدولة الأردنية التي واجهت هذا المشروع بقوة، عبر الإيحاء أن الأردن قابل بتمرير قرارات ضد مصالحه الوطنية العليا.

ويرى حداد أن على الأردن القيام بعدة خطوات ومهام كي يخلق حالة عامة من الارتياح،أولاها أن يستعيد الأردن دوره كجهة قادرة على حل الخلاف الفلسطيني الفلسطيني، كما لا بد من ميثاق أردني يحدد أركان وعناصر الهوية الأردنية بصورة توافقية على المستوى الوطني.

أضف تعليقك