طلبة التوجيهي يُحيرهم المستقبل.. ما الحل؟

الرابط المختصر

بين فرحة النجاح وحيرة المستقبل، يعيش طلبة الثانوية العامة "التوجيهي" في الأردن حالة من الترقب والقلق، فبعد عام دراسي طويل، يواجهون تحدي اختيار التخصص الجامعي المناسب، وسط ضغوط اجتماعية وأسرية متزايدة.

قرار اختيار التخصص الجامعي، هو واحد من أهم القرارات التي يتخذها الطالب في حياته، حيث يشكل نقطة تحول حاسمة في مساره المهني والمستقبلي. وفي ظل التغيرات السريعة التي يشهدها سوق العمل يزداد هذا القرار أهمية وتحدياً.

 

بين طموحها وتوقعات الأهل

في خضم فرحة النجاح التي اجتاحت قلب هند بعد حصولها على معدل 91 بالمئة في الثانوية العامة الفرع العلمي، بدأت تساؤلات جديدة تلوح في الأفق، فبعد كل هذا الجهد والتعب حان الوقت لاتخاذ القرار الأهم في حياتها، اختيار التخصص الجامعي الذي سيحدد مسارها المهني والمستقبلي.

هند، شأنها شأن العديد من الطلاب تشعر بالحيرة والتردد، فمن جهة تتوق إلى دراسة تخصص يحفز شغفها وقدراتها، ومن جهة أخرى تواجه ضغوطاً عائلية تدفعها نحو اتخاذ قرارات معينة، فوالداها يريان في الهندسة مستقبلاً واعداً ومستقراً لها.

تقول هند في حديثها لـ"صوت شبابي" إنها تحب التخصصات العلمية ولكنها ليست متأكدة من أن الهندسة هي شغفها الحقيقي، "أجد نفسي منجذبة أكثر إلى مجالات مثل التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، ولكنني أخشى من رد فعل عائلتي".

وتوضح هند أنها تشعر بضغط كبير لاتخاذ القرار الصحيح، فالمستقبل يعتمد على هذا الاختيار، وتريد أن تدرس شيئاً تحبه وتتميز فيه، ولكنها أيضاً تريد أن تجعل عائلتها فخورة بها.

 

 

بين الفرحة والحيرة

أما خالد حقق معدلاً يُقدر بـ 75 بالمئة في امتحانات الثانوية العامة بفرع الأدبي، فرحة النجاح غمرت قلبه وعائلته التي لم تتوقع أنه سيحصل على هذا المعدل، ولكن مع هذا النجاح جاءت حيرة جديدة، حيرة اختيار التخصص الجامعي المناسب.

والدا خالد، يؤكدان أنهما يدعمانه في أي قرار يتخذه بشأن مستقبله الدراسي، هذه الحرية التي منحها له والداه زادت من حيرته، فبدلاً من أن يشعر بالارتياح شعر بعبء المسؤولية عن اختيار طريقه المستقبلي.

يقول خالد في حديثه لـ"صوت شبابي" إنه يحب المجالات الأدبية وفي الوقت نفسه مهتم بالتاريخ والفلسفة، ويفكر في دراسة علم النفس ولكن كل هذه تخصصات غير مطلوبة للعمل، "المشكلة أنني لا أستطيع تحديد شغفي الرئيسي، وكل مجال يجذبني بطريقة مختلفة".

ويوضح خالد أنه يشعر بالضغط لاختيار التخصص المناسب من أول مرة، فهو يريد أن يدرس تخصص ضمن اهتماماته وفي الوقت ذاته يكون مطلوب في سوق العمل، ويخشى  أن يندم على قراره في المستقبل.

 

يجب قراءة سوق العمل العالمي

بدورها، تقول أمين عام وزارة التربية والتعليم السابق نجوى القبيلات إلى "صوت شبابي" إن رغبة الطالب في اختيار التخصص الذي يريد أمر مهم، وترك أولياء الأمور حرية الاختيار لأبنائهم باختيار التخصص الذي يتوافق ورغباتهم وعدم مقارنتهم بأقرانهم من الأقارب والجيران في اختيار التخصص الجامعي.

وتوضح أن العالم على أعتاب الثورة الصناعية الخامسة التي عنوانها الاستثمار في الطاقة المتجددة والمواد الطبيعية، وعلى الطلبة الناجحين اختيار تخصصات متعلقة بهذه المجالات والابتعاد عن التخصصات الراكدة مثل التخصصات الهندسية.

وتشير إلى أن فرص العمل في الأردن تقل في ظل ازدياد عدد الخريجين، في المقابل هناك تنافس شديد في الأسواق العالمية على الخريجين الأردنيين، وهنا يجب أن نقرأ سوق العمل العالمي عند اختيار التخصصات الجامعية.

وتلفت إلى أن هناك طلب في سوق العمل على التخصصات المتعلقة بعلوم الإدارة والمحاسبة وأيضاً التخصصات في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.

وترى القبيلات أن هناك مسؤولية على وزارة التربية والتعليم وهيئة الخدمة والإدارة العامة (ديوان الخدمة المدنية سابقاً) بإرشاد الطلبة إلى التخصصات المطلوبة في سوق العمل المحلي والعالمي والابتعاد عن التخصصات الراكدة، بالإضافة إلى أن دور الإعلام والصحافة مهم وحيوي في تعريف الطلبة في التخصصات المناسبة لهم.

 

مناهج أكثر شمولية 

من جانبه، يقول الناطق الإعلامي باسم مجلس نقابة المعلمين السابق نور الدين نديم إلى "صوت شبابي" إن عدم الدراية بطبيعة التخصصات والتزاماتها المعرفية، وصعوبة اختيار التخصص الذي يرغبون به يرجع إلى المعدل أو لحالة التنافس في القبول الموحد أو لقلة ذات اليد وعدم تحمل التبعات المادية للدراسة في التخصص المرغوب.

ويوضح أن على الطالب دراسة معدلات القبول في السنوات الثلاث الماضية، والتعرف على التخصصات الراكدة والمشبعة، وقراءة ما متوقع لها بعد ثلاث سنوات أخرى، والتعرف على التخصصات المستحدثة وحاجات سوق العمل المحلي والعربي والدولي.

ويؤكد أن دور المدرسة والمؤسسات التعليمية مهم بتوجيه الطلبة، فغالباً الطالب يستقبل ويتقبل من معلمه أكثر من تقبله من أهله، والمعلم على مساس مباشر مع ميوله المعرفية، والأسرة مهمة بتخفيف الضغط ووضع مفاتيح الاختيار بين يدي أبنائهم، من خلال تأمين المعلومة وقراءة معدلات القبول والجامعات المشمولة بالقبول الموحد واحتياجات السوق، وأن يختاروا ما يرغبون ويميلون إليه ويمثل شخصيتهم.

ويشير إلى وجود خلل في اكتشاف مواهب وميول واتجاهات الطلاب منذ الصغر وتوجيههم لما يناسبهم، واكسابهم خبرة ومهارة حياتية في القدرة على اكتشاف أنفسهم ومعرفة اتجاهاتهم واتخاذ القرار الذي يناسبهم.

ويدعو نديم إلى تغيير جذري في المناهج وتأهيل وإعداد خاص للمعلمين والمرشدين التربويين، وإجراء اختبار وزاري استكشافي شمولي في نهاية المرحلة الأساسيّة الدنيا، على إثره يوجه الطلاب لمسارات أكاديمية ومهنية تتناسب وقدراتهم ومواهبهم وميولهم، واختبار وزاري تقييمي في نهاية الصف التاسع الأساسي لمعرفة مدى مصداقية نتائج الاختبار الاستكشافي السابق، وإعادة تموضع الطالب في الاتجاه والمسار الأكثر اختصاصاً الذي يناسبه.

 

تخصصات جديدة

أعلن المجلس التعليم العالي على موقعه الإلكتروني الرسمي العديد من التخصصات الجديدة في الجامعات الأردنية تتوافق ومتطلبات سوق العمل المحلي والعالمي. فيما استحدثت الجامعات الأردنية الحكومية 26 تخصصاً.

فالجامعة الأردنية استحدثت تخصصات (إدارة الضيافة، التصميم الجرافيكي والوسائط المتعددة، التصميم الداخلي)، وجامعة اليرموك استحدثت تخصصات (هندسة المدن الذكية والمستدامة، الواقع الرقمي وتطوير الألعاب، التكنولوجيا المالية، اللغة العربية التطبيقية، علوم الرياضة، التربية الفنية).

أما جامعة العلوم والتكنولوجيا استحدثت تخصصات (التصنيع الدوائي والبيولوجي، تكنولوجيا صيانة الطائرات، هندسة التخطيط الحضري والبيئي، علم الروبوتات، التغذية السريرية، الزراعة الرقمية).

فيما استحدثت جامعة آل البيت تخصصات (تقنيات الأشعة الطبية، التغذية السريرية والحميات، علوم السمع والنطق، علوم السمع والنطق، العلاج الوظيفي، العلاج التنفسي، العلاج الطبيعي)، وجامعة البلقاء التطبيقية السلط تخصص العلوم الحياتية التطبيقية، وجامعة البلقاء التطبيقية كلية الهندسة استحدثت التخصص التقني تكنولوجيا الطاقة الكهربائية، وجامعة الطفيلة التقنية استحدثت تخصص الفيزياء الطبية الحيوية.

 

تخصصات متوقفة 

بينما أعلن ديوان الخدمة المدنية (هيئة الخدمة والإدارة العامة حالياً) عن إيقاف استقبال التخصصات التالية بعد اصداره الكشف التنافسي لعام 2021، وهذه التخصصات: بكالوريوس ذكور تخصصات (علوم سياسية، معلم صف/ تربية وتعليم، علوم مصرفية ومالية، آثار، لغات أجنبية، فلسفة، اقتصاد، بيئة ودراسات بيئية، تربية ابتدائية وطفل، علوم ادارية).

بالإضافة إلى بكالوريوس إناث (علوم سياسية، علوم مصرفية ومالية، علم اجتماع، لغات أجنبية، آثار، فلسفة، اقتصاد، بيئة ودراسات بيئية، مكتبات ، ادارة اعمال ، نظم معلومات ادارية). فيما أوقفت جميع التخصصات في المهن التعليمية دبلوم للإناث والذكور، ودبلوم علوم مصرفية ومالية للإناث.

أضف تعليقك