في ازدواج الجنسية
لا تزال التعديلات الدستورية التي أحالتها الحكومة إلى مجلس النواب مؤخرا، شاغلة لمساحات واسعة من آراء كتاب الرأي والمقالات في الصحفاليومية، وخاصة فيما يتعلق بالسماح لمزدوجي الجنسية بتقلد المناصب العليا من نيابة وأعيان ووزارة.
الكاتب فهد الخيطان، يرى أن السجال الساخن الذي يدور حاليا حول مزدوجي الجنسية والتعديل الدستوري المقترح بهذا الخصوص، يحفّز على مقاربة المسألة من كل زواياها، مشيرا إلى عدم القدرة، رغم عمر الدولة الأردنية الذي يقارب المائة عام، على الوقوف على أرضية واحدة في تعريف الولاء والانتماء.
ويؤكد الخيطان أن الولاء المناطقي والجهوي والعائلي كان أكثر ضررا بمصالح الناس من مزدوجي الجنسية، متسائلا "أيهما أخطر وأكثر ضررا؛ رئيس وزراء يحابي الأقارب والأصدقاء على حساب المصالح الوطنية، ووزير يعين المحاسيب وأبناء العمومة، ويستثمر الوظيفة العامة لمصالح شخصية، ونائب يراكض لتعيين أقاربه ويتجاهل حقوق أبناء دائرته الانتخابية، أم مسؤول يحمل جواز سفر أجنبيا، يلتزم بتطبيق القانون وبالفرص المتساوية بين المواطنين على قاعدة الكفاءة والاقتدار".
ويلفت الكاتب إلى فهمه لدوافع الضجة المثارة حول تعديل المادة الدستورية المتعلقة بمزدوجي الجنسية، "فمحركها قلق اتجاه عريض في الشارع الأردني من عودة بعض الشخصيات السياسية المثيرة للجدل إلى مواقع المسؤولية، وليس موقفا عدائيا من حملة الجنسية الأجنبية بشكل عام".
ويذهب الكاتب نضال منصور، إلى أن منح الحق لمزدوجي الجنسية بتقلد المناصب العامة، كان الأكثر مجالا للجدل من بين التعديلات الدستوري، والذي يعني التراجع عن التعديل الدستوري الذي وضع العام 2011 وقيّد هذا الحق.
ويوضح منصور بأن بعض الأصوات التي ترفض التعديل تربط الولاء للأردن بعدم حمل المواطن الأردني لجنسية أخرى.. "والأدهى أن بعض من يعارضون ازدواجية الجنسية يتخذون موقفهم نكاية بأشخاص لاعتقادهم بأن هؤلاء سيأتون ليحرموهم من المناصب القيادية في الدولة".
ويضيف "منذ أن أقر منع مزدوجي الجنسية من تقلد المناصب العامة عارضته من منطلق حقوقي، لأنه لا يجوز تقييد الحق، فالمواطنة عندي لا تتجزأ، ومنعهم من تقلد المناصب العامة فيه حرمان من حق أصيل".
ويشير الكاتب صالح القلاب، إلى أن استقالة بعض "الذوات المحترمين"، عند إقرار منع ازدواجية الجنسية لشاغلي المناصب العليا، لم يكن لأنهم فضلوا الجنسية الأخرى الأجنبية على الجنسية الأردنية بل لأن هناك ضرورات فعلية تستوجب احتفاظهم بهذه الجنسية الأخرى إلى جانب جنسيتهم الأردنية.
ويؤكد القلاب أن الخيار بالنسبة لهؤلاء الذين لا يحق لأي كان "المزايدة" عليهم بوطنيتهم ، كان بين إحدى الجنسيتين لاختاروا جنسيتهم الأردنية وبدون أي مراوحة وأي تردد .
ويضيف بأنَّ النصَّ الحالي، الذي سيبقى ساري المفعول إلى أن يأخذ مجلس الأمة قراره النهائي بالنص البديل المقترح ويوشح بالإرادة الملكية، يحْرمُ الدولة من كفاءات أردنية هي بأشد الحاجة إليها، فجاء هذا التعديل المقترح، مشيرا إلى أن هذه الصيغة مأخوذٌ بها في كل دول الديموقراطيات العريقة ومن بينها بريطانيا.
أما الكاتب الساخر صالح عربيات فيتساءل "إن كان هناك من سيتفلسف ويقول من دافع خدمة الوطن، هناك من جنودنا البواسل من يخدم الوطن بأغلى ما يملكه الإنسان وهي حياته، فلماذا لايفتدي غيرهم الوطن بجنسيته وذلك بالاستغناء عنها لتولي المنصب العام، لماذا نبيح لهم الاحتفاظ بالجنسية، ولا نبيح للجنود الاحتفاظ بأرواحهم بإجازة الفرار من المعركة"!
ويضيف عربيات "إن كنا بحاجة فعلا لخبراتهم فما المانع من تشكيل مجلس استشاري للدولة يضم تلك الخبرات النادرة دون أن يكون له أي صفة رسمية بل بالتعاقد معهم، ويقدم تقاريره ورؤيته لصاحب القرار ليوجه الحكومة لتنفيذها دون حاجة لأن ندخل في متاهة الولاء المزدوج".
وينتهي الكاتب إلى القول إن "الوطن للجميع، وهناك من خدم الأردن ممن يحملون جنسيات أخرى أكثر ممن خدم الاردن بمواقعهم الرسمية وباستثماراتهم وتحويلاتهم، ولكن دعوا الموقع الرسمي بنكهة أردنية خالصة، فمن غير المعقول أن نرسل لأميركا بوزير خارجية أردني يحمل الجنسية الأميركية ويتم (لطعه) على الباب، فأغلب الدول لايوجد لديها بروتوكول لاستقبال مواطنيها".