على عتبات الانتخابات
مع دنو الموعد المحدد لإجراء الانتخابات النيابية، يراقب المواطنون أينما ولوا وجوههم شعارات ولوحات دعائية، تحمل ما يراه كثير من المراقبين مجرد تكرار للشعارات السابقة "المستهلكة"، وذات الطريقة بالخطاب رغم تغير قواعد "اللعبة" الانتخابية هذه المرة.
الكاتب فهد الخيطان، يلفت إلى إلزامية الترشح عبر قائمة انتخابية، وفق القانون الجديد، وإلغاء الترشح الفردي، مشيرا إلى أن الهدف من وراء هذه الاشتراطات كان تكريس ثقافة الانتخاب على أساس القوائم والبرامج وليس الأفراد، لتحقيق الغاية المنشودة من تغيير القانون واعتماد نظام القائمة النسبية المفتوحة.
إلا أن جميع المرشحين تقريبا، بحسب الخيطان، تحايلوا على نصوص القانون والتعليمات؛ فما إن سجلوا قوائمهم الانتخابية حتى أداروا ظهورهم لها، وراح كل واحد منهم ينصب صوره وشعاراته في الشوارع بشكل فردي، ويكتفي بكتابة اسم القائمة ورقمها في أسفل الصورة، حتى أن بعضهم توجه لتوزيع بيانات انتخابية فردية، تتعارض في مضمونها أحيانا مع بيان القائمة.
ويرجع الكاتب ذلك، إلى أن غالبية المرشحين لاينتمون لأحزاب سياسية، ويخوضون الانتخابات لاعتبارات شخصية بحتة، ورغم أن عددا غير قليل يحملون برامج وطنية، إلا أنهم في النهاية أفراد، ويهمهم النجاح أولا.
ويضيف الخيطان "لا أعلم على وجه الدقة، إذا ما كانت تعليمات الترشح للانتخابات، تسمح بالدعاية الفردية أم لا، لكن احتواء هذه الظاهرة السلبية يستحق مراجعة التعليمات، لعل في نصوصها ما يسمح بمنع الدعاية الفردية، ويلزم المرشحين بسحب صورهم من الشوارع، والإبقاء فقط على اللوحات الإعلانية الخاصة بالقوائم.
أما الكاتب حمادة فراعنة، فيرى أن العقلية التي تتحكم بمسار حق الأردنيين الدستوري في انتخاب مجلس النواب، لا تزال عقلية عدم الثقة بقرارات الأردنيين وتوجهاتهم في كيفية إفراز قيادات برلمانية موثوقة تحمل تطلعات الأردنيين.
ويوضح فراعنة بأن "عقلية التجريب" هي العنوان السائد، وهي المضمون الحي، والمسار الأرجح في قوانين الانتخاب المؤقتة والمشرعة منذ عام 1989.
ويلفت الكاتب إلى أن "التجريب القانوني “ أدى إلى شيوع الارباك والتوهان وتغييب الخبرات ، وضياع التجارب وبوصلة الوصول إلى الهدف ، والهدف هو تمثيل حقيقي للأردنيين لدى المؤسسة التشريعية ، من أجل يكون مجلس النواب ، ممثل الشعب وأدواته ، في التحكم بالسلطة التنفيذية ، ومرجعيتها ، ومن خلال تشكيل حكومات برلمانية حزبية تعكس الأغلبية البرلمانية إنعكاساً لمصالح الشعب وأولوياته.
الكاتب فهد الفانك، يتناول في مقاله ما يعرف بـ"دائة الحيتان" في العاصمة عمان وهي الدائرة الثالثة، وغياب الشخصيات الوطنية ذات التاريخ السياسي وذات الثقل الوطني التي كانت عادة ما تترشح فيها.
ويذهب الخيطان إلى أن هذه الظاهرة قد تكون إيجابية إذا كان المقصود أن جيل العمالقة يريد أن يفسح المجال أمام جيل الشباب، أما من الناحية السلبية فإن غياب الشخصيات العامة ذات الخبرة والمراس، فقد يضعف دور البرلمان القادم ولا يسمح له بأن يكون نداً للحكومة.
ويلفت الكاتب إلى أن هذا الغياب لـ"الحيتان"، يستحق التحليل والتفسير، فلم يحدث مصادفة ، "فهل يخشى قيادي مثل طاهر المصري أو ممدوح العبادي مثلاً من الفشل؟ أم أنهم ، بسبب تجارب سابقة ، لا يثقون بنزاهة الانتخابات"؟.
ويستذكر الكاتب صبري الربيحات، إجراء الانتخابات قبل احتلال إسرائيل للضفة الغربية وحتى الثمانينيات من القرن الماضي، مشيرا إلى أن الأردنيين كانوا يعرفون جيدا مواصفات الأشخاص الجديرين بالترشح لملء المقاعد المخصصة لدوائرهم.
و"في تلك الأيام كانت المواطنة ممارسة لا شعارا وكانت المسافة بين القدس والكرك أقصر من المسافة بين مرشح وآخر على أي قائمة من القوائم النسبية المفتوحة هذه الأيام، فلا أهل القدس يدققون في بيانات الولادة والسكن للمرشحين ولا المرشح يكترث لغير الأفكار والأهداف التي يدرجها في البيان الانتخابي"، يقول ربيحات.
كما كان الرجال الذين يتسابقون على تمثيل مناطق البلاد وأهلها يعون، بحسب ربيحات، الأوجاع ولا يضمرون أن يتحدثوا عنها بلغتين، أو بخطابين أحدهما في القاعات المغلقة والثاني أمام كاميرات التلفزة وميكروفونات الإذاعات.
"أما اليوك، وفي زحمة الصور والكلام والتحليلات، ليس من السهل أن نحدد من؟ يقول ماذا ؟ ولمن؟"