رفع رسوم تصاريح العمالة.. يعمق جراح المزارعين

رفع رسوم تصاريح العمالة.. يعمق جراح المزارعين
الرابط المختصر

 

 

تفاقم أزمة نقص العمالة الوافدة الزراعية مشاكل القطاع الزراعي في ظل ارتفاع كلف الإنتاج وتراجع الأسعار نتيجة المعوقات التصديرية.

 

وفي الوقت الذي يعاني فيه المزارعون من أوضاع صعبة نتيجة الخسائر المتلاحقة التي حدت من قدرتهم على زراعة اراضيهم، تأتي الاجراءات التي اتخذتها الحكومة لتنظيم سوق العمل لتضاعف من معاناتهم، إذ أن هذه الاجراءات أدت الى رفع اسعار العمالة الزراعية أضعافا مضاعفة ووضعتهم تحت رحمتها.

 

 

ويلقي مزارعون باللائمة على سياسات الحكومات المتعاقبة، ومنها قرار الحكومة بتوحيد ورفع رسوم تصاريح العمالة الوافدة، الذي "سيؤدي إلى الحاق أضرار كبيرة بالقطاع، بشكل عام، بجميع مكوناته، كونه سيعمق من جراح المزارعين ويدفع بغالبيتهم إلى التوقف عن العمل بالزراعة".

 

 

لا يقتصر تذمر وخوف المزارعين عند هذا الحد، بل يلوح مزارعون باتهامات لحملة وزارة العمل التي لا تستهدف  سوى عمالة وافدة بعينها "تعتبر عصب القطاع الزراعي رغم وجود عدة جنسيات اجنبية اخرى باتت تتغول على القطاع الزراعي وتنافس المزارع الاردني؟".

 

 

شكوك بالاستهداف

 

أي نتائج للسياسات الحكومية في القطاع الزراعي تظهر فورا. غير ان الشكوك تتسيد.

إذ يحمل الكثير من المزارعين، وحتى اتحاد مزارعي وداي الاردن اسئلة حول إذا كانت حملة وزارة العمل تستهدف عمالة بعينها وتنصب على تشغيلاخرى.

 

فالمزارع علي الرحامنة  يؤكد أن الحملات التفتيشية التي تقوم بها وزارة العمل حاليا، بثت الرعب في قلوب العمال الوافدين وخاصة من الجنسية المصرية ما ادى الى نقص العمالة الزراعية من جهة وارتفاع اجورها من جهة اخرى، مبينا ان اجرة العامل كانت 1.5 دينار للساعة وبعد القرارات الاخيرة لوزارة العمل ارتفعت لتصل الى 2 دينار واحيانا يطلب العامل 2.5 دينار للساعة والمزارع سيقبل بذلك رغما عن انفه.

 

 

ويتساءل الرحامنة مع غيره من المزارعين "لماذا لا تستهدف الحملة سوى عمالة وافدة بعينها التي تعتبر عصب القطاع الزراعي رغم وجود عدة جنسيات اجنبية اخرى باتت تتغول على القطاع الزراعي وتنافس المزارع الاردني؟"، لافتين الى ان هذه العمالة الاجنبية باتت تتحكم بجزء كبير من القطاع الزراعي، فهي لا تحتاج الى تصاريح عمل ولها الحرية المطلقة في الاستثمار في القطاع دون ادنى قيود.

 

 

 

حتى ان رئيس اتحاد مزارعي وادي الاردن عدنان الخدام يحمل وزارة العمل مسؤولية فشل الموسم الزراعي الحالي، مشيرا الى ان "غالبية القرارات التي اتخذتها الوزارة كانت ضد القطاع الزراعي على وجه الخصوص، الامر الذي زاد من معاناة المزارعين وقلل من فرص نجاح موسمهم الزراعي".

 

 

وأكد  الخدام ان الوزارة استهدفت عمالة بعينها والتي تعتبر الركيزة الاساسية للعمل الزراعي، في حين انصب توجهها نحو تشغيل العمالة السورية، رغم الفارق الكبير في المقدرة على تلبية متطلبات المزارعين، موضحا ان هذه الاجراءات المقصودة حدت من قدرة المزارعين على اتمام الكثير من العمليات الزراعية، في حين زادت الاعباء المادية على البقية اذ ان اجرة العامل ارتفعت لتصل الى ثلاثة دنانير للساعة الواحدة .

 

وتظهر دراسة سوق العمل الاردني لعام 2016 والصادرة عن وزارة العمل مديرية السياسات والتعاون الدولي – قسم السياسات والمسوحات انخفاض عدد العمالة الوافدة العاملة بالزراعة والحراجة وصيد الاسماك بين العامين (2014-2015 ) بواقع  (108 آلاف – 97 ألف) اي بفارق نحو 10 آلاف عامل، في حين أن عدد العاملة المصرية انخفض بنحو 20 الف عامل وافد للعامين (2014- 2015) بواقع (211700- 194000(.

وكشف مسح أجراه مؤخرًا الاتحاد الوطني للمزارعين، أن 47% من الشركات التي توفر العمالة بمجال الزراعة قالت إنها لا يتوفر لديها أعداد كافية من العمال لتلبية مستوى الاحتياجات التي كانت قائمة خلال الفترة بين يونيو (حزيران) وسبتمبر (أيلول) من العام الماضي.

 

 

ونفذت وزارة العمل حملة لقوننةوتوفيقاوضاعالعمالةالوافدة، منذ شباط 2017 بموجب تعليمات قالت انها  ساهمت خلالالربعالاولمنالعامالحالياصدارنحو 146 الفتصريحعملبزيادةمقدارهانحو60.4بالمائةعننفسالفترةمنالعام2016 كماتماستقدام 11488 عاملامقارنةبـ 22505 عمالوبانخفاضمقداره 50%عنذاتالفترةمنالعام2016.

 

 

وبمقارنة ارقام الانخفاض عن العامين (2014- 2015)، قبل بدء الحملة، ونسبة الانخفاض التي تعترف بها وزارة العمل للعامين (2016- 2017) ، بعد بدء الحملة، يتضح أن مخاوف المزارعين بتاثير هذا الانخفاض على زراعاتهم وربما استهداف العمالة المصرية له ما يبرره.

 

"الموسم الاسوأ"

 

يدق المزارعون نواقيس الخطر حيال إمكانية ضياع المحاصيل من الفواكه والخضراوات التي قد تبقى في المزارع حتى تذوي ويصيبها العفن هذا الصيف، بسبب التردد الذي يبديه أبناء المزارعين في التوجه الى الزراعة في ظل نقص العمالة الزراعية.

 

 

ومع ذلك، يؤكد القائمون على الصناعة الزراعية أنهم يجابهون بالفعل أزمة نقص في العمالة.

 

 

وفي الوقت الذي يعاني فيه المزارعون من أوضاع صعبة نتيجة الخسائر المتلاحقة التي حدت من قدرتهم على زراعة اراضيهم تأتي الاجراءات التي اتخذتها الحكومة  لتنظيم سوق العمل لتضاعف من معاناتهم، إذ أن هذه الاجراءات أدت الى رفع اسعار العمالة الزراعية أضعافا مضاعفة ووضعتهم تحت رحمتها.

 

وتشير أرقام وزارة العمل إلى أن أغلب تصاريح العمل تمنح للعاملين في قطاع الزراعة، وتقدر بنحو 40% من إجمالي التصاريح، نتيجة اعتماد هذا القطاع بشكل مباشر وكلي على العمالة الوافدة.

 

 

ويرى المزارع حامد الوشاح أن الخاسر الأول والاخير من هذه القرارات هو المزارع والقطاع الزراعي ككل، مبينا أن أجور العمالة الوافدة تستنزف ما يقارب من ثلث إنتاج الموسم الزراعي لأي مزارع وفي ظل الاجراءات الأخيرة فإن هذه النسبة ارتفعت لتصل الى ما يعادل 50 %.

 

 

ويوضح الوشاح  أن المزارع عادة ما يعتمد على الشركات الزراعية التي تموله لبدء موسمه الزراعي على ان يتم السداد حين بدء الإنتاج اما مشكلة العمالة الزراعية فانها ترفض العمل إلا بعد الحصول على أجورها، لافتا الى ان الاوضاع الصعبة التي يعيشها المزارع خاصة نقص السيولة وارتفاع اجور العمال جعلت من قدرته على مواصلة العمل امرا صعبا للغاية.

 

 

بدوره يؤكد رئيس اتحاد مزارعي وادي الاردن عدنان الخدام "اننا لسنا ضد اي اجراءات لتنظيم سوق العمل ومنع تسرب العمالة الزراعية بل نحن مع هذه الاجراءات التي من شأنها خدمة القطاع الزراعي"، مستدركا أن ما يجري على ارض الواقع عكس ذلك تماما إذ ان الحملات التفتيشية والملاحقات بحق العمال الزراعيين "لن تخدم القطاع بأي شكل"، لان هذه العمالة هي جزء رئيس من العملية الزراعية واي تضييق عليها سينعكس "بشكل سلبي" على القطاع بشكل عام.

 

 

وعلى رغم المعاناة المزمنة التي يعيشها القطاع الزراعي في وادي الأردن منذ عقود، غير أن الموسم الزراعي الحالي يعد الأسوأ في تاريخ الوادي، وفق مزارعين وخبراء، وهو ما قد يدفع صغار المزارعين إلى العزوف عن زراعة أراضيهم وتأجيرها.

 

وفي ظل انهيار أسعار المنتوجات الزراعية في الوادي إلى ما دون كلف الإنتاج، خاصة في ذروة الموسم، تكبد المزارعون خسائر كبيرة تراكمت عليهم خلال المواسم الأربعة الأخيرة، الأمر الذي يجعل من مواصلة مشوارهم الزراعي"كمن يلقى بنفسه إلى الهاوية"، بحسب وصفهم.

 

ويؤكد ممثل قطاع المواد الغذائية في غرفة تجارة الأردن، رائد حمادة، أن نقص العمالة سيؤدي حتما الى عدم قدرة المزارعين على تزويد السوق المحلية من المحاصيل والتي تعاني هي حاليا من ارتفاع في الأسعار.

 

 

وأضاف حمادة أن التقديرات الحكومية تشير الى تراجع المساحات المزروعة في وادي الأردن بما يزيد على 50 مقارنة مع المواسم الماضية، الأمر الذي يبين إغلاق عدد لا بأس به من المزارعين لأراضيهم وللمهنة.

 

 

 

وأشار حمادة إلى أن القطاع الزراعي في الأردن يعاني عددا من المعوقات منها مشاكل التسويق، وارتفاع مستلزمات الإنتاج والإجراءات والقرارات الحكومية، بالإضافة الى استمرار الأوضاع الإقليمية أو من العوامل الطبيعية.

 

 

وأضاف أن على الحكومة وخاصة وزارة الزراعة، الوقوف يدا بيد مع المزارعين لإيجاد حلول لمشاكل التصدير التي يعاني منها هذا القطاع المهم في ظل الظروف التي تعاني منها الدولالمجاورة.

 

 

 

 

"التنظيم ومنع التسرب"

 

من جانبه اوضح وزير العمل علي الغزاوي ان الاجراءات التي تقوم بها الوزارة تستهدف تنظيم سوق العمل ككل وبما يخدم القطاع الزراعي بشكل خاص.

 

 

وبين ان الوزارة تضع في اولوياتها النهوض بالقطاع الزراعي من خلال منع تسرب العمالة الوافدة الزراعية الى القطاعات الاخرى، وان الحملات التفتيشية جاءت بناء على شكاوى من المزارعين انفسهم.

 

وفي السياق، قال وزير الزراعة خالد حنيفات أنه تم مؤخرا تشكيل لجنة مكونة من وزارة الزراعة والعمل ومديرية الزراعة المعنية لتحديد الاحتياجات من العمالة الزراعية، بهدف توحيد الرسوم للحد من الاتجار بالعمالة الزراعية، وحتى يأخذ المزارع احتياجاته من السوق المحلية اذا رغب.

 

 

 

وبين الوزير حنيفات ان الهدف من استقدام العمالة الزراعية هو تنظيم سوق العمل والحد من الاتجار بالعمالة الزراعية،حيث يوجد نظام جديد لتنظيم العمالة الزراعية لكل مزارع لتلبية احتياجاته حسب المساحات المزروعة اذا كانت ارض فرعية مكشوفة أو بيوت بلاستيكية وعددها أو أشجار مثمرة.

 

 

وقال الوزير حنيفات ان القطاع االزراعي يعتبر رافدا من روافد الاقتصاد الوطني ويعتمد هذا القطاع الحيوي على أكثر من 20%من السكان كونه قطاع فاعل في تعزيزالامن الغذائي.

 

 

وتسعى الوزارة بالتعاون مع المزارعين لإدخال أساليب زراعية جديدة لزيادة الإنتاج وتقليل الاحتياجات المائية وحث المزارعين على التقليل من الزراعات التقليدية والتوجه نحو الزراعات الورقية ذات الجدوى الاقتصادية كذلك حماية المنتج المحلي بهدف دعم المزارعين وفتح أسواق تصديرية جديدة وارشاد المزارعين وتقديم دعم لمربي الثروة الحيوانية "اعلاف وخدمات بيطرية" او السماح لمربي الماشية بتصدير الأغنام لدول الخليج العربي وتقديم الخدمات بدون فوائد لدعم المزارعين كون القطاع الزراعي يعتبر مدخل من مداخل مكافحة مشكلتي الفقروالبطالة.

 

 

 

 

 

 

تهديد برسم التشريد

 

تكشف إحصاءات مديرية زراعة وادي الأردن  وجود 350 ألف دونم قابلة للزراعة في وادي الأردن، يستغل منها حوالي 275 ألف دونم تزرع سنويا، منها 110 آلاف دونم في الشونة الجنوبية لا يزرع منها غير 83 ألف دونم، بما فيها المساحة المستغلة لزراعة الموز، وفي ديرعلا 85 ألف دونم قابلة للزراعة يستغل منها 83 ألف دونم، وتعتبر نسبتها الأعلى، بينما يوجد في الشونة الشمالية نحو 135 ألف دونم يستغل منها 100 ألف.

 

 

يهدد الوضع الجديد لتصويب العمالة الوافدة، حسب خبراء، بـ"تشرد العديد من الأسر وانتشار الزراعات الممنوعة، وتزايد عدد متعاطي المخدرات، وارتفاع نسبة الجريمة، إضافة إلى انعكاساته التربوية وزيادة نسبة الأمية".

 

ويرى المزارع طعان السعايدة أن "قرار رفع رسوم تصاريح العمل، سيؤدي حتما إلى ارتفاع حاد في أجور العمالة الزراعية، ما سيقود الى ارتفاع كلف الإنتاج"، لافتا إلى أن "المزارع حاليا بالكاد يستطيع توفير أجور العمالة الزراعية التي تتقاضاها يوما بيوم، كما أن ارتفاع الأجور سيزيد من الأعباء المالية اليومية عليه".

 

ويضيف السعايدة أن "العمالة الزراعية تعد من أكبر الهموم التي تواجه المزارع، كونها تستنزف ما يزيد على ثلث عائدات الإنتاج الزراعي، كما أن رفع رسوم تصاريح العمل ووقف الاستقدام، سيزيدان من الأعباء التي تشكلها هذه العمالة على القطاع".

 

ويوضح أن هذه القرارات ستكون "القشة التي تقصم ظهر البعير"، لافتا إلى "السبب الرئيس في عدم زراعة نحو 50% من الأراضي في وادي الأردن هذا العام، خاصة الزراعات المحمية، يعود إلى عدم توفر العمالة الزراعية".

 

غير ان أرقام وزارة الزراعة\تشير إلى أن "عدد العمالة الوافدة الموجودة في السوق المحلية يقدر بنحو 800 ألف عامل وافد، 100 ألف منها فقط حاصلة على تصريح عمل".

كما تشير إلى أن "70% من الحاصلين على تصريح زراعي لا يعملون في الزراعة، بل في مهن أخرى، في حين أن تكلفة الهدر في تصاريح العمل نتيجة ذلك تقدر بنحو 21 مليوندينار".

 

وتوضح أن العمالة الزراعية وحدها، تشكل ما نسبتة 50 %– 70% من إجمالي التكاليف، بدءا من الحراثة وانتهاء بالقطاف، إذ إن موسمية وخصوصية العمل في القطاع الزراعي تقفان عائقا في استمرارية العمالة المحلية في هذا القطاع، مؤكدا أن أجور العمالة الوافدة ارتفعت خلال العشرين عاما الماضية بنسبة 500%.

 

 

أضف تعليقك