خلوة حكومية نيابية لإنقاذ الاقتصاد الأردني..وإحباط شعبي
كشف مصدر خاص عن جلسة عقدت في أحد الفنادق الفاخرة في العاصمة عمان، استغرب فيها مسؤولون أردنيون حالة "الإحباط والسودواية" التي يعيشها الشعب الأردني؛ بسبب الظروف الاقتصادية.
استغراب المسؤولين الأردنيين جاء خلال خلوة نيابية-حكومية، مساء الثلاثاء، بمشاركة رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة، ورئيس الوزراء عمر الرزاز، ونواب ووزراء، وممثلين عن القطاعات الاقتصادية.
أحد المشاركين في الخلوة الحكومية النيابية التي عقدت بعيدا عن الإعلام، أسبابها، وما جاء فيها، وقال المصدر -الذي فضل عدم ذكر اسمه- أن "الخلوة تأتي استباقا للمنتدى الاقتصادي الثاني الذي سينظمه مجلس النواب في البحر الميت في أيلول المقبل".
وحسب المصدر، وجه نواب وقطاعات تجارية نقدا لاذعا لسياسة الحكومة الاقتصادية، الأمر الذي أثار انزعاج نائب رئيس الوزراء رجائي المعشر، الذي انتقد ما أسماه حالة الإحباط والسوداوية، معتبرا أن الاقتصاد الأردني بخير.
وطالب المشاركون في الخلوة الحكومة باتخاذ قرارات إجرائية عملية لإنقاذ الاقتصاد، عند حضورها للمنتدى، من أبرزها تعديل قوانين مثل قانون ضريبة المبيعات، وتخفيض الضريبة على السلع، وخلق شراكة حقيقية مع القطاع الخاص، ووضع استراتيجية واضحة لجذب الاستثمار، وتطوير القطاعات الاقتصادية التي تأثرت بسبب عوامل عديدة، منها ارتفاع مدخلات الإنتاج، وتراجع القوة الاستهلاكية للمواطن؛ بسبب ارتفاع الأسعار".
وحسب المصدر (وهو مسؤول في القطاع التجاري)، دعا الحضور الحكومة لوضع وصفة وطنية اقتصادية بعيدا عن إملاءات صندوق النقد الدولي، وإعادة مراجعة اتفاقيات التجارة، وتفعيل الاستيراد والتصدير من سوريا، وإعادة فتح اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا التي أوقفت الحكومة العمل بها".
مواطنون، بدورهم، استغربوا من استغراب المسؤولين لحالة الإحباط لدى الأردنيين، رغم إقرار الفريق الاقتصادي أمام نواب فشل السياسات الحكومية الاقتصادية في زيادة النمو الاقتصادي، وعلى رأسها فرض الضرائب والرسوم ورفع الأسعار.
الكاتب الصحفي، إيهاب سلامة، يرى أن "حالة الإحباط الجمعي لدى الأردنيين باتت مقلقة، ويمكن رصدها على شبكات التواصل الاجتماعي؛ نتاج حقبة طويلة من معاناتهم المعيشية والاقتصادية، وسلسلة متواصلة من السياسات والقرارات الحكومية المتعاقبة التي أوصلتهم إلى الحائط المسدود، وخذلانهم الدائم من سلطتهم التشريعية والتنفيذية، وفقدانهم الأمل القادم". كما يقول لـ"عربي21".
ويضيف سلامة: "نصف الأردنيين يفكرون بالهجرة، ومليون 750 ألف أردني مصابون بأمراض نفسية، وجولة سريعة على مواقع التواصل الاجتماعي تشعرك بحالتي الإحباط والسخط التي يمر بهما الأردنيون".
واعتقد أن "مخاطر الأمر هو أن الدولة التي تعتقد أنها تمكنت من تفكيك الحراكات وإضعافها، واحتواء الحركة الإسلامية والنقابات والقوى السياسية... الخ، لا تدرك أنها تواجه حالة فوضى مجتمعية جمعية خامدة على الأرض، وملتهبة على العالم الرقمي، والأكثر خوفا أن ينفجر بركانهم فجأة جراء قرارات مباغتة، تلهبهم، وتخرجهم عن طورهم إلى الشوارع".
وحسب الكاتب: "المواطن الأردني بحاجة إلى أثر ملموس على حياته المعيشية، دون ذلك فالأمور تتجه نحو التصعيد والمجهول".
وأظهرت دراسة حديثة، أجرتها الجامعة الأردنية، أن خمسة وأربعين في المئة من الأردنيين يفضلون الهجرة إلى الخارج؛ بهدف تحسين أوضاعهم المعيشية، في ظل التباطؤ الاقتصادي.
الأردن: 45% يفكرون بالهجرة وغالبية ترى الفساد منتشرا
اقتصاديا، يرى الخبير الاقتصادي، فهمي الكتوت، حسب قوله لـ"عربي21"، أن "الحكومة تدرك أن الطريق التي تسلكها لن تُخرج البلاد من الأزمة، ومدركة لفشل سياساتها منذ اليوم الأول لتشكيلها، لكن ما يجري في بلادنا أن الحكومات في لا تملك الولاية، وليست مؤهلة لمواجهة الأزمات الاقتصادية، كونها تخضع لتعليمات جهات خارجية، منها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي".
ويرى الكتوت أن المطلوب لوقف الانهيار الاقتصادي هو تغيير النهج، من خلال تبني نهج ديمقراطي تقدمي"، متسائلا: "ما هو المطلوب بعد اعتراف الحكومة بفشل برنامجها الاقتصادي؟ ليس من الممكن أن تحصل الحكومة على فرصة جديدة، المطلوب من الحكومة المغادرة، على أن يغادر النهج، وتأتي حكومة من طراز جديد صاحبة نهج جديد، حكومة تحمل برنامجا انتقاليا، وتحضر لقانون انتخاب ديمقراطي وانتخابات حرة ونزيهة؛ لإفراز نواب قادرين على محاسبة الحكومة".
وكان خبراء اقتصاديون أردنيون دقوا ناقوس الخطر في يوليو/ تموز الماضي، داعين إلى ملتقى وطني يجمع الحكومة والقطاعات المعنية؛ لوضع خطة لإنقاذ الاقتصاد، إذ سلم مركز دراسات الشرق الأوسط بالتعاون مع عدد من الخبراء الأردنيين في المجال الاقتصادي، الأحد، الحكومة وثيقة بعنوان "واقع وآفاق الاقتصاد الأردني، وسبل مواجهة ما يتعرض له من أزمات".