حق الأطفال باللعب .. الانفاذ بحاجة لتجاوز الالتزام النظري (انفوجرافيك)

حق الأطفال باللعب .. الانفاذ بحاجة لتجاوز الالتزام النظري  (انفوجرافيك)
الرابط المختصر

بعينين تملؤهما الدموع، وصفت سماح -اسم مستعار- شعورها عندما ودعت ابنها ذي 12 عاماً آخر مرة في مركز إصلاح وتأهيل الأحداث بعد أن حكم بالسجن لعامين بعد سرقته متجرا قريبا من منزله ليتمكن من دفع ثمن تذكرة مركز ألعاب.

 

تقول "ابني ضحية لعدم اهتمام أحد برغبة من في سنه باللعب.. بمن لا يستطيع تأمين ألعاب لأطفاله.. لا يوجد مكان ليلعب فيه في حينا".

 

 

وقال الحدث الذي أفرج عنه بعد انقضاء محكوميته: "ضايقني تمكن زملاء مدرستي من ارتياد مركز ألعاب يطلب تذكرة بـ5 دنانير .. لدخول منافسات ألعاب الفيديو كل مرة.. أهلي لا يملكون مالاً كافياً..". مضيفاً وهو يحني رأسه للأسفل "لم أجد نفسي إلا وأنا أفرغ درج (الكاش) في جيبي.. أريد أن ألعب".

 

تكشف حادثة الطفل السابقة، عن سؤال مهم وهو هل يستوفي الطفل حقه في اللعب باعتباره أحد الحقوق التي يلتزم بها الأردن وأكدت عليها الاتفاقيات الدولية؟ وهل إنفاذ الحكومة لهذا الحق عن طريق توفير المرافق كافٍ ومناسب للالتزامات الدولية، رغم انها لم تصدر قانون حقوق الطفل حتى الان؟

 

غياب المرافق الصديقة للطفل وعلاقته بالجريمة

 

تكمن أهمية المرافق الصديقة للطفل ومنها مرافق اللعب انها توفر "نموا سليما وآمنا" للأطفال في بيئة توفرها السلطات المعنية. وربما هذا مايفسر، باعتباره أحد العوامل، ارتفاع نسب جرائم السرقة لدى الاحداث، إذ تظهر إحصائيات الأمن العام حول سرقة الأحداث انها بلغت بالنسبة للسرقة الجنائية 542 عام  2014 و684 عام 2015، فيما بلغت السرقة الجنحوية للأحداث 925 حالة في عام 2014 و1010 حالة عام 2015، لتشكل في مجموعها 3161 حالة.

 

لا ننسى وجود عوامل أخرى تسهم في ارتكاب الحدث للسرقة منها عوامل مجتمعية واقتصادية كالفقر والوضع الاسري الذي يعيش في كنفه.

 

وحسب مختصين للعب قيمة مهمة في صقل شخصية الطفل، إذ يقول أمين عام المجلس الوطني لشؤون الأسرة اللواء فاضل الحمود إن "الحق في اللعب من أبرز حقوق الأطفال التي تناولتها أغلب المواثيق الدولية وأفردت لها العديد من البنود والنصوص، مشيراً إلى أن اللعب في حياة الطفل يعد من الوسائل المهمة في نمو الطفل نمواً سليما وتكوين شخصيته المتميزة، فالطفل بحاجة أن يعبر عن ذاته من خلال اللعب وأن يطور مهاراته ويكتشف الجديد من حوله بهذه الوسيلة".

 

يضيف الحمود أن" البحوث التربوية أكدت أن الأطفال كثيراً ما يخبروننا بما يفكرون فيه وما يشعرون به من خلال لعبهم التمثيلي الحر واستعمالهم للدمى والمكعبات والألوان والصلصال وغيرها، إذ يعتبر اللعب وسيطاً تربوياً يعمل بدرجة كبيرة على تشكيل شخصية الطفل بأبعادها المختلفة؛ وهكذا فإن الألعاب التعليمية متى أحسن تخطيطها وتنظيمها والإشراف عليها تؤدي دوراً فعالاً في تنظيم التعلم".

 

في موازاة ذلك يؤكد التعليق العام للجنة حقوق الطفل رقم (١٧) لعام ٢٠١٣، بشأن حق الطفل في الراحة ووقت الفراغ ومزاولـة الألعـاب وأنـشطة الاسـتجمام والمشاركة في الحياة الثقافية والفنون وفقا للمادة ٣١ من اتفاقية الطفل، التي صادق الأردن عليها عام 1991، على ضرورة ان: "..يسهم مقدمو الرعاية في تهيئة بيئات يمكن أن يحدث فيها اللعب، على أن يكون اللعب نفسه غير إلزامي، وتحدوه دوافع ذاتية."

 

اللعب والتزام الدولة

طبعا،"تـضمن الدول الأطراف الشروط المسبقة الضرورية والمناسبة للمشاركة من أجل تيسير وتعزيز فرص إعمال الحقوق المنصوص عليها في المادة ٣١ " حسب التعليق السابق، إذ لا يمكن للأطفال أن يعملوا حقـوقهم إلا إذا توفرت الأطر التشريعية والسياسية والميزانية والبيئية والخدماتية اللازمة.

 

كذلك تحترم الدول الأطراف وتعزز حق الطفل : توفير فرص متكافئة لكل طفل للتمتع بحقوقه المنصوص عليها في المادة ٣، حسب البند (ج) من الفقرة (2) المعلقة على المادة (31) من اتفاقية الطفل.

 

غير أن "واقع الطفولة في الأردن بحاجة إلى جهد مضاعف من العمل من أجل تحقيقها بأقصى الإمكانيات المتاحة"، بحسب العين هيفاء النجار، ذات الخلفية التربوية، مضيفة " ما زلنا حتى وقتنا الحاضر نناضل من أجل زيادة عدد المراكز الثقافية والصالات الرياضية التي تخدم الطفولة وتساهم في ضمان طفولة سعيدة وآمنة."

 

إلا أن النجار تداركت بالقول إنه" بالرغم من كل التحديات فإن الأردن يسير بالطريق الصحيح، حيث صار المجتمع يعي تماماً أهمية الطفولة مؤكداً أنه مجتمع حنون وعاطفي حتى رغم مواجهتنا لبعض حالات العنف أحياناً".

 

"الاردن ملتزم جدا"

 

وعلى صعيد متصل، يؤكد الحمود أن المجلس يعمل منذ العام 2015 على إعداد مسودة قانون حقوق الطفل بالتشارك والتنسيق مع المعنيين والشركاء "ولا بد أن تتضمن مسودة القانون المقترح كافة الجوانب القانونية والاجتماعية والثقافية التي تتعلق بحقوق الطفل بشكل عام وحقه في الراحة واستغلال وقت فراغه ومزاولة الألعاب بشكل خاص".

 

وحول التزام الأردن بتعهداته الدولية بشأن توفير مرافق ترفيه تضمن حق اللعب للأطفال، قال الناطق باسم وزارة التنمية الاجتماعية الدكتور فواز الرطروط إن "هذا الموضوع لا تستطيع الوزارة قياسه بمفردها فهو يحتاج لقياس من كافة المؤسسات والوزارات المعنية والمهتمة ومن بينها وزارة الشباب".

 

وأوضح الرطروط أن الأردن ملتزم "جداً" وتوجد شواهد على ذلك؛ منها دور الحضانة ودور رعاية الأطفال فاقدي النسب، التي لا يسمح بترخيصها إلا إذا وفرت الألعاب الآمنة داخل وخارج الحضانة.

 

وبين الرطروط أن دور الوزارة في تثبيت حق اللعب للأطفال تمثل في تحضير نظام ترخيص نوادي لليافعين وهو قيد التحضير "حكومياً" ليكون شاملاً لصلاحيات القطاع الخاص وذلك سعياً لتطوير الخصائص النمائية للطفل بالإضافة إلى تقديم الجانب الترفيهي لهم على أوسع نطاق.

 

وفي السياق ذاته، قالت وزارة الشباب إن "مراكز الشباب" البالغة 190 مركزاً موزعة على محافظات المملكة، تستقبل نسبة من الأطفال الذين تزيد أعمارهم عن 12 عاماً حسب أنظمتها، في حين أن المرافق الرياضية المكونة من 5 مدن  و11 تجمعاً رياضياً وغيرها من ملحقات الأندية التي تزيد عن 340 نادياً، تسمح باللعب للأطفال دون هذا السن تحت إشراف أولياء الأمور.

 

بدوره قال وزير الشباب السابق رامي الوريكات إن: "برامج وخطط الوزارة في تطوير المراكز لأدائها وفق الإستراتيجية الوطنية للشباب الجديدة المنتظر إطلاقها في نيسان 2017، تضع في أولويتها استقطاب الأطفال وترغيبهم بالاندماج في اللعب والترفيه الجماعي لما يحققه من استقلالية وصقل للخبرات لديهم وبناءً لقدراتهم".

 

تحدي الميزانية

غير أن أرقام الموازنات العامة خلال الفترة من 2014 وحتى 2018 التي تظهرها بيانات دائرة الموازنة العامة عبر موقعها ما زالت تصارع حاجز الـ 14%  الذي لم تتمكن من الوصول إليه حتى موازنة عام 2017 التي وصلت المخصصات المقدرة للطفل 13.6% فقط من إجمالي نفقات الدولة بينما يشكل الأطفال من (الميلاد وحتى سن 15) 33.7% من الأردنيين المقيمين في المملكة حسب نتائج إحصائيات تعداد السكان والمساكن لعام 2015.

 

في هذا الصدد  أشار الحمود إلى سعي المجلس لتمكين موازنة الطفل خلال إعداد الموازنة العامة كل عام، بتقديم أهم احتياجات الأطفال وأكثرها أولوية.

 

بدورها أكدت النجار على وجود نقص  في جهود الجهات المعنية  لتحقيق كافة بنود اتفاقية حقوق الطفل، قائلة: "إننا نحتاج إلى استثمار كبير من الدولة في قطاع التعليم العام والخاص لإيجاد مراكز ترفيه تدعم إبداع الطفل وتنميته بطريقة إيجابية كما إن توفيرها سيساهم في دعم الاقتصاد بتقديم منتج متمكن لسوق العمل لاحقاً وحماية للمجتمع من توجه أولئك المواطنين سلباً إلى السلوكات المرفوضة مجتمعياً وأمنياً."

 

و كشف التقرير الدوري لأحوال الأسرة الأردنية، الذي أعده المجلس للنشر خلال العام 2015، عن قلة خدمات وأماكن الترفيه والتسلية لإفراد الأسرة الأردنية والمتمثلة بالأندية النهارية والحدائق العامة وحدائق للأطفال ومكتبات عامة ومكتبات للأطفال؛ فكان أكثرها توفراً الأندية الرياضية بنسبة (46.9%)، ثم الحدائق العامة بنسبة توفر (44.9%)، وفي الدرجة الثالثة المكتبات العامة بنسبة توفر (35.6%)، يليها في الدرجة الرابعة المكتبات العامة الخاصة بالأطفال وبنسبة (26.2%)، وبين التقرير مدى حاجة الأسر الأردنية للحدائق العامة بنسبة (83.1%).

 

إلى ذلك، أوصى التقرير ضرورة توفير أماكن للترفيه للأسرة بشكل عام وللأطفال بشكل خاص من خلال توفير مساحات للعب والحدائق في كل محافظات المملكة.

 

 

أضف تعليقك