"حجر" ترامب في المياه الراكدة

"حجر" ترامب في المياه الراكدة
الرابط المختصر

لا تزال ردود الفعل على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول القدس، العنوان الأبرز في الشارع الأردني والعربي، وهو ما واكبته جملة من الآراء بين كتاب المقالات في الصحف اليومية.

 

فالكاتب موسى شتيوي، يرى أن قرار ترامب الأخير، وبالرغم من سوئه، قد يعمل على خلق ديناميكية جديدة في الصراع العربي الإسرائيلي، حيث أدى إلى إعادة إحياء القضية الفلسطينية والقدس تحديداً، ووضعها في الواجهة مجدداً بعد أن كانت في المقعد الخلفي لسنوات طويلة.

 

وأولى النتائج الإيجابية غير المقصودة لقرار ترامب، تمثلت بحسب شتيوي، بتحريك الشارع العربي والمنظومة الرسمية العربية والإسلامية وحتى المحافل الدولية التي تمخضت عنها مواقف مشتركة حيال الاحتلال الإسرائيلي والقدس، وإعادة التعاطف مع القضية الفلسطينية: شعبياً ورسمياً.

 

كما يقول الكاتب ماجد توبة، أن الرئيس الأمريك بقراره، ينطبق عليه المثل  "مجنون ألقى حجرا بالبئر.. وألف عاقل لا تطلّعه"، مشيرا إلى أن أغلب العالم؛ حكومات وكيانات سياسية استهجنوا القرار الذي يصب النار على زيت عدم الاستقرار في الشرق الاوسط والعالم، ويضرب عملية التسوية السياسية بمقتل.

 

فيما لا يرتقي كثير من ردود الفعل العربية والإسلامية الرسمية إلى مستوى التحدي وخطورة القضية الفلسطينية ورمزية القدس الشريف لدى العرب والمسلمين والمسيحيين، يضيف توبة.

 

أما المطلوب من الشعوب العربية ونخبها وقواها السياسية ومثقفيها فلا يقل أهمية وخطورة عما هو مطلوب من الجانب الرسمي، فثمة العديد من الخيارات والجهود المطلوبة في هذا الجانب لنصرة القدس وفلسطين والحقوق العربية، فإضافة الى الفعاليات الشعبية والسياسية التي تعد مطلوبة وملحة لمواجهة الانحياز الإميركي للكيان الاسرائيلي رغم خرقه كل القوانين الدولية، فالمطلوب أيضا وبصورة ملحة إطلاق حملات شعبية واسعة لمقاطعة الولايات المتحدة.

 

 

فـ"من المطلوب أن تسير المعركة الشعبية العربية والإسلامية نصرة للقدس ولعدالة القضية الفلسطينية بالتوازي مع التصدي سياسيا وإعلاميا وثقافيا للخطاب المتطرف لـ"داعش" والقاعدة وأخواتهما ممن يلتقون مع ترامب واليمين الصهيوني والأميركي في الانغلاق والخطورة على أمن الإنسانية واستقرار العالم".

 

ويؤكد الكاتب خالد الزبيدي، على ضرورة العودة إلى الأسلحة المهمة والمؤثرة وأولها المقاطعة الاقتصادية التي عملت ردحا من الزمن ليس فقط للشركات الاسرائيلية وانما الامريكية والعالمية التي تدعم الكيان الصهيوني.

 

فـ"مع مقاطعة المنتجات الاسرائيلية والامريكية ..كانت حياتنا افضل حيث لم نتأخر، وعندما تم التوقف عن المقاطعة خسرنا الكثير من مقدراتنا وضعفت صناعاتنا، والأصعب من ذلك تمادت الإدارات الامريكية علينا أكثر..اوروبا تقف اليوم بقوة تقاطع منتجات المستوطنات الاسرائيلية، وترفض قرار ترمب باعتبار القدس عاصمة للكيان الصهيوني..فهل نقوم بما يجب علينا القيام به"، يقول الزبيدي.

 

 

ويذهب الكاتب حسين الرواشدة، أن الردود على قرار ترامب تبدو مفهومة ومشروعة، فقد خرج الشارع للتعبير عن غضبه واحتجاجه، كما أصدرت الحكومات بيانات رفض وإدانة، لكن يبقى الأهم من ذلك سؤالان: الأول لماذا حدث ذلك ولماذا فاجأنا ومن يتحمل مسؤوليته فعلا نحن ام ترامب،؟ اما السؤال الثاني فهو: ماذا بعد، أقصد ماذا سيترتب على القرار من تغييرات على صعيد القضية الفلسطينية وانعكاسات استحقاقاتها علينا، ثم كيف سنتعامل مع القرار ومع تداعياته ايضاً.

 

والإجابة عن سؤال لماذا حدث ذلك لا تتعلق فقط بما فعله الآخرون بنا، ابتداء من واشنطن الى تل ابيب ومعهما الذين يبحثون عن مصالحهم في سياقات “لعبة الأمم” ? وانما ما فعلناه نحن بأنفسنا، ليس فقط على مدى السنوات الستة المنصرفة وما جرى فيها من محاولات لإجهاض إرادة الشعوب في التحرر والاستقلال ?ولكن على امتداد العقود الماضية التي فشلنا فيها بإقامة الدولة الوطنية والمشروع الوطني و”السوار” الإقليمي المتماسك.

 

ويضيف الرواشدة، "صحيح ان الجسد العربي تحرك انتصاراً للقدس التي تشكل في عمق الذاكرة الشعبية العربية “مرتكزاً” للتحرر والاستقلال، تحرك رغم المحاولات التي جرت لإسكاته بل ونعيه ايضاً، لكن الصحيح ان هذا الجسد ما زال بلا رأس".

 

ويبقى السؤال الأخير: ماذا بعد؟ هنا يمكن الإشارة الى مسألتين، الأولى ان القرار الأمريكي اصبح واقعاً لا مجال لتغييره لأنه يعبر عن تحولات جوهرية في السياسة الأمريكية تجاه المنطقة، بما فيها القضية الفلسطينية، وبالتالي فإن السؤال عن التعامل معه والتقليل من تداعياته أفضل من الرهان على إلغائه.