حادثة السفارة.. بين الإدارة الحكومية والعنجهية الإسرائيلية
لا تزال تداعيات حادثة السفارة الإسرائيلية، مثار نقاش وخاصة بالتعامل الحكومي معها، أو ما جرى من استقبال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للحارس الأمني للسفارة والضالع بمقتل مواطنين اثنين.
الكتاب محمد أبو رمان، يقول "لم يتفوّق على شعور الأردنيين بالحزن الشديد والأسى على المواطنَيْن اللذين سقطا في حادثة السفارة، إلا غضبهم وحزنهم وألمهم من طريقة إدارة الحكومة للأزمة، وتصرّفات الطرف الآخر، بعنجهية ولؤم، ما جعل شعور الإهانة عاماً في أوساط الرأي العام، وحتى النخبة السياسية".
ويضيف أبو رمان "إذا كانت خياراتنا القانونية محدودة فعلاً، فإنّ ذلك لا يعني أنّنا لم نكن نملك خيارات سياسية، وأن نصنع "حزمة متكاملة" في التعامل مع الجانب الإسرائيلي، بما يحافظ على كرامة الوطن وسمعة الحكومة ومؤسساتها".
وبحسب الكاتب عريب الرنتاوي، لم يجد رئيس الوزراء الإسرائيلي غضاضة في احتضان قاتل الشاب والطبيب الأردنيين، حتى قبل أن تجف دماؤهما عن يدي القاتل القذرتين.
و"ما كان بمقدور الأردن أن يستمر في منع القاتل من السفر، فالأردن ليس دولة مارقة، والقانون والمعاهدات الدولية صريحة في مثل هذه الحالات ... لكن القوانين والأعراف ذاتها، تملي على الدولة المارقة غرب النهر، إحالة القاتل إلى القضاء، ليلقى جزاءه العادل".
ويقول الرنتاوي "لا ندري إن كانت هناك جوانب لا نعرفها من المفاوضات المكثفة التي دارت خلال الأيام الماضية، ونرجح أن الصورة الكاملة لم تتضح بعد ... الحكومة تنفي وجود “صفقة” أو حتى مفاوضات ... مع أن داني ياتوم، رئيس الموساد السابق، الذي رعى صفقة خالد مشعل – أحمد ياسين، هو ذاته الذي اقترح على نتنياهو صفقة “الحارس القاتل مقابل بوابات الأقصى الالكترونية”".
"ولو كان لدى الحكومة الأردنية كامل اليقين والاطمئنان لما أقدمت على نفي الصفقة أو التفاوض بشأنها، ذلك أن عودة الأمور في المسجد وأكنافه مقابل السماح لطاقم السفارة بمغادرة الأراضي الأردنية، هي صفقة جيدة عموماً، خصوصاً أنه لن يكون بمقدور السلطات الأردنية منع سفر هؤلاء طوال الوقت، او حتى لوقت طويل".
ويختتم الكاتب مقاله بالقول "يبقى أن حق الأردن وواجب حكومته، ملاحقة القاتل قضائياً، والطلب إلى حكومته تحويله للقضاء بتهمة القتل، وإن تعذر ذلك، فلا بأس من محاكمته أردنياً، وملاحقته في الدول التي تسمح أنظمتها القضائية بمحاكمته ... ويجب أن تكون الكيفية التي ستتعامل بها الحكومة الإسرائيلية مع مجرم من هذا النوع، هي معيار من المعايير الحاكمة للعلاقات الإسرائيلية – الأردنية".
الكاتب فهد الخيطان، يؤكد أن المقصود من خطوة نتنياهو "الاستعراضية" باستقبال الحارس الأمني، كان إهانة الأردن، وكسب الشعبية "الرخيصة".
"أما جريمة قتل الشاب الجواودة، فهي الأخرى وإن خضعت لاجتهادات عديدة تبقى جريمة، فالشاب وبصرف النظر عن دوافعه لا يحمل سلاحا قاتلا يستدعي استخدام المسدس لقتله بدم بارد"، يضيف الخيطان.
ويلفت الكاتب إلى أن على الحكومة أن تطلب من نتنياهو الاعتذار علنا عن سلوكه المخالف لأصول التعامل، والقواعد القانونية التي تحكم التعامل مع دبلوماسيين متورطين في القتل، واشتراط عدم السماح لسفيرته وطاقم السفارة بالعودة لعمان قبل تقديم المجرم للمحاكمة. والمباشرة الفورية بتحريك دعوى ضد القاتل. ومراجعة قواعد عمل الحراس الإسرائيليين في السفارة، واستثنائهم من قوائم الدبلوماسيين.
ويذهب الكاتب عمر العياصرة، إلى أن الملك معني جدا بقراءة حالة الغضب الشعبي الناجمة عن طريقة إدارة الحكومة لملف أزمة السفارة الاسرائيلية في عمان، والتي نتج عنها جروح عميقة في الكرامة الوطنية.
و"في النتيجة، لم تتطابق توقعات الناس مع سلوك الدولة، وبدا الارتباك وسوء الاداء وبؤس الاخراج واضحا جليا على اداء الحكومة بكافة وزرائها".
ويخلص العياصرة إلى القول إن "الحل، بعد كل هذه الشقوق، ورغم معرفتي بان اتخاذ القرار لم تكن الحكومة مسؤولة عنه بالكامل، الا أنني أرى ان بداية الترميم يكون برحيل الحكومة، على أقل تقدير كتغيير سيكولوجي يعمل على تهدئة هياجنا النفسي العارم".