تقرير يصف ظروف عمال البلديات في الشمال بالخانقة

تقرير يصف ظروف عمال البلديات في الشمال بالخانقة
الرابط المختصر

 

اكد  تقرير عمالي ضعف شروط الصحة والسلامة المهنية في بلديات إقليم الشمال، حيث تكثر إصابات العمل والأمراض المهنية بين العديد من فئات العاملين في البلديات، وخاصة عمال الوطن، عمال رش المبيدات، عمال صيانة الكهرباء، سائقي ضاغطات النفايات وعمال الزراعة، وهذا مرده عملهم في بيئات غير آمنة نتيجة تعامل بعضهم مع النفايات، ومعدات الرش والأسمدة.

 

وقال التقرير، الذي اصدره المرصد العمالي الأردني التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، بالتعاون مع مؤسسة فريدريش ايبرت الألمانية، ان شهادات العمال التي ادلوا بها لفريق اعداد التقرير، تؤكد وقوع العديد من إصابات العمل بينهم، خاصة عمال الوطن، اغلبها لا يتم التبليغ عنها نتيجة الخوف من الطرد من العمل او مخالفتهم لعدم ارتدائهم معدات الصحة والسلامة المهنية.

 

ومن المفترض ان يستلم العامل بمجرد تعيينه كمامات، خوذة، قفازات، احذية ثقيلة وامنة، معطف شتوي سميك بلون معين، لكن العمال يؤكدون ان جزء كبير منهم لا يستلم هذه المعدات الا بعد أشهر طويلة من الخدمة ما يجعله معرضا لإصابات وحوادث العمل بحسب التقرير.

 

ويورد التقرير شهادات للعمال يؤكد ممن استلم الأدوات منهم، ان نوعيتها رديئة جدا وانها تتلف سريعا، وبذلك  يلجأ العامل الى الاحتفاظ بها جديدة ليتجنب ان يدفع ثمنها بحال تلفها، في حين أكد بعض العمال أن معدات السلامة تعيق عملهم، لذلك لا يرتدونها، مثلا، أحدهم قال ان القفازات سميكة بحيث تمنع العامل من الإمساك بشكل جيد بالحاوية، وهذا ينجم عنه ان تفلت من بين يديه وأحيانا ترتطم بزميله او بحائط او سيارة قربيه، اما الحذاء فهو أيضا قاسي جدا ويسبب للعمال اوجاعا في ارجلهم ولا يجعلهم يتحركون بحرية.

 

ويتحدث  التقرير الذي حمل عنوان "ظروف عمل عمال البلديات في إقليم الشمال في الأردن ..ظروف عمل خانقة وسط اهمال رسمي لمطالبهم" عن ظروف عمل صعبة يعيشونها عمال البلديات في اقليم الشمال مثل  تدني الاجور، وصعوبة العمل، وعدم تمتعهم ببعض الاجازات والعطل الرسمية، فضلا عن عدم تطبيق نظام السلم الوظيفي والترقي، وهذا ينتج عنه بقاء الموظف لسنوات طويلة بنفس الوظيفة ونفس الراتب.

 

وبين التقرير، ان عدد العاملين في بلديات الشمال يبلغ حوالي (18) الف عامل 25% منهم من الاناث، كما يوجد بينهم نسبة قليلة من العمال المهاجرين، ويتوزع العاملون في البلديات على اربع بلديات كبرى هي: اربد، المفرق، جرش عجلون، ويتفرع عن البلديات الكبرى (42) بلدية متوسطة وصغرى، حيث تضم بلدية اربد (18) بلدية، المفرق (18) بلدية، جرش (5) بلديات، وعجلون(5) بلديات، حيث تتوزع الوظائف ما بين اطباء، مهندسين، محامين، محاسبين، مراقبين اسواق، رسامين معماريين، حراس حدائق عامة، مراقبين اسواق، سائقي ضاغطات نفايات، عمال رش، وعمال وطن..

 

ووصف التقرير أجور العاملين في البلديات بالمتدنية، حيث أن أغلب الشرائح العاملة في البلديات تترواح اجورها ما بين (220) الى (400) دينارا باستثناء الأطباء والمهندسين، وحتى هذه الفئة لا تزيد اجورها عن (800) دينارا، وبما انه تم ربط عمال البلديات بنظام الخدمة المدنية عام 2014، فإن راتب خريج البكالوريوس لا يزيد عن (340) دينارا عند التعيين، مع الإشارة الى انه قبل 2014 كان التعيين عن طريق البلدية نفسها وكانت الأجور، حتى لخريجي الجامعات لا تزيد عن (250) دينارا، وبقيت أجور من تم تعيينهم قبل الربط بنظام الخدمة المدنية كما هي، لذلك من الطبيعي أن تجد موظفين في البلديات تمتد فترة خدمتهم لأكثر من عشر سنوات ولا تزيد اجورهم الشهرية عن (340) دينارا.

 

وقال التقرير انه في الوقت الذي يحظى موظفو القطاع العام بعطلة يومين في الأسبوع هما الجمعة والسبت، الا ان عمال البلديات لا يعطلون سوى يوم الجمعة، وقال بعضهم ان طبيعة عملهم تقتضي منهم الدوام يوم السبت، كونهم يعملون في مؤسسات خدمية يراجعها البعض يوم السبت، فمن المتعارف عليه ان اغلب المواطنين يؤجلون زيارتهم للبلديات، لتسيير معاملاتهم الى يوم السبت كونهم مرتبطون بأعمالهم بقية أيام الأسبوع، لكن عمال البلديات لا يتقاضون أي زيادة على اجورهم الشهرية بدل دوام عطلة السبت.

 

وفيما يخص العمل الإضافي، اشتكى العمال في البلديات من اجبارهم على العمل يوم الجمعة والأيام الأخرى بعد انتهاء ساعات الدوام، في حين أن القانون يعطي الحرية للموظف بأن يوافق او يرفض العمل يوم اجازته او في العطل الرسمية او بعد انتهاء ساعات الدوام، والمنتقد أكثر ان البلديات لا تعترف بإعطاء العامل بدلا إضافيا يوازي 150% من اجره المعتاد بدل عمله ساعات إضافية، حيث تحتسبه كساعات الدوام العادية، الامر الذي يلاقي استياء وشكوى لدى العاملين.

 

فيما يخص حق العمال بتأسيس والانضمام لنقابة، لفت  التقرير الى بدء العاملون في قطاع البلديات بحراك على مستوى المملكة لتأسيس نقابة مستقلة للعاملين في البلديات، بعد شعورهم بعدم اهتمام  النقابة العامة للعاملين في البلديات وامانة عمان بتحسين ظروف العاملين في البلديات. استمرت محاولات تأسيس نقابة لهم على مستوى المملكة حوالي سنتين، الا انها لم تر النور، نتيجة ضعف خبرات التنسيق لدى المجموعة التي حاولت زرع بذور التأسيس، وشكل عامل البعد الجغرافي معيقا امامهم حيث كان من الصعوبة بمكان ان يجتمعوا دوريا في ظل عدم وجود أي دعم مالي او لوجستي لهم.

 

لكن بذور التأسيس لم تمت تماما، حيث قرر مجموعة من النقابيين العاملين في بلديات الشمال معاودة نشاطهم لتأسيس نقابة لبلديات الشمال، وتكللت جهودهم بالنجاح ليعلنوا تأسيس نقابتهم المستقلة في اذار "مارس" من عام 2014 مستندين  في اشهار النقابة الى أحكام المادة (16) من الدستور الأردني والتي تنص على أن "للأردنيين الحق في تأليف الجمعيات والنقابات والاحزاب السياسية على ان تكون غاياتها مشروعه ووسائلها سلمية وذات نظم لا تخالف احكام الدستور" ، ونص الفقرة "و" من المادة (23) من الدستور والتي تضمن للأردنيين حق تشكيل نقابات.

 

المؤتمر التأسيسي، الذي شهد الإعلان عن اطلاق النقابة المستقلة للعاملين في بلديات إقليم الشمال، اعلن منظميه بأن منتسبيها حتى يوم حفل التأسيس بلغ (700) عضوا، يمثلون حوالي (35) بلدية، واليوم بلغ عدد أعضاء المنتسبين للنقابة (6200) منتسبا.

 

مدير المرصد العمالي احمد عوض اكد ضرورة تعديل أحكام قانون العمل المتعلقة بتشكيل نقابات عمالية، والاعتراف بحرية تشكيل نقابات لجميع العاملين بأجر في الأردن، فضلا عن تعديل نظام الخدمة المدنية بحيث يسمح للعاملين في القطاع العام بإنشاء النقابات على النحو الذي يرونه مناسبا، والتصديق على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 87 حول الحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي.

 

كما دعا عوض الى تعديل النصوص الواردة في قانون العمل المتعلقة بمفهوم النزاع العمالي بما يضمن الاعتراف بجميع النزاعات العمالية والاعتراف لجميع العاملين والمنظمات النقابية على حدٍ سواء في حق المفاوضة الجماعية مع اصحاب العمل والادارات العامة وتقنين آليات تسوية النزاعات العمالية بشكل متطور لتشمل آليات وتقنيات جديدة لتسوية النزاعات العمالية  مثل الوساطة والتحكيم، والغاء النصوص القانونية في نظام الخدمة التي تسمح بمعاقبة العاملين في القطاع العام الذين يشاركون في الاضرابات ومنها الاضرابات العمالية.

 

واكد عوض انه يجب احتساب العمال على ساعات العمل الاضافي بحسب ما يقتضيه قانون العمل بالنسبة للخاضعين له، ولديوان الخدمة المدنية للخاضعين له، بحيث يحسب بدل الأجر الاضافي 150% من الاجر العادي، ومساواة عمال البلديات، من حيث الاجور والعلاوات، بالعاملين في الوزارات الاخرى.

 

وقال عوض: "يجب تحسين شروط الصحة والسلامة المهنية، من حيث عقد دورات رفع توعية للعمال، وتوفير معدات الصحة والسلامة المهنية لهم، والرقابة والتفتيش على ضمان التزامهم بها".