تغطية عنف الجامعات: الإعلام عندما يمارس رقابة ذاتية

تغطية عنف الجامعات: الإعلام عندما يمارس رقابة ذاتية
الرابط المختصر

اقتصر اهتمام الإعلام بظاهرة العنف في الجامعات الأردنية على تحليلات كتاب الأعمدة، في حين غاب الكثير من تفاصيل الأحداث عن التغطيات الإخبارية.

رئيس تحرير صحيفة العرب اليوم، نبيل غيشان، يعترف بتقصير الإعلام في “عدم تقديمه كامل التفاصيل للناس، كما أن الدولة مقصرة في عدم تنفيذ العقاب على المتسببين بالعنف”. وينتقد المواقع الالكترونية التي تعتمد تغطية مشتتة تسبب التوتير وشحن أطراف الخلاف، “عندما تنشر التطورات بشكل آني، كل تفصيلة في خبر منفصل ومجزأ. يجب نشر تقارير وافية مكتملة العناصر وبلا فلترة تحرر جيدا. فالمراسل في الميدان قد ينحاز إلى طرف ما”.

ويشدد غيشان على ضرورة أن يفصل الصحفي بين العشيرة كمكون اجتماعي وبين الفرد الذي يتحمل وزر أفعاله، لأن الخلط خطير فيصبح الحديث عن معارك داخلية وانشقاقات في المجتمع. “المتورطون في العنف لا يمثلون العشيرة ولا أرى مشكلة في ذكر أسماء المتورطين، فلان الفلاني، من دون ذكر اسم العشيرة، أما وضعها في إطار عشيرة ضد أخرى فهو غير واقعي”.

وللإعلام دور في تطبيع أحداث العنف في الجامعات، يقول الكاتب في صحيفة الغد والباحث، باسم الطويسي. فـ”نتيجة الطابع التقليدي في التغطية الإخبارية وتكرار حالات العنف الجامعي، عملت وسائل الإعلام على تطبيع الأحداث وكأن شيئا لا يحدث ولم يعد فيها جديدا”.

ويلفت الطويسي إلى قصور الإعلام في الاستقصاء الحقيقي والتحليل الإعلامي المعمق للكشف عن أسباب هذه الأحداث، “بل أن هناك ثقافة تستر على الأسباب الحقيقية، فلا أحد يتجرأ على الحديث عن دور العشائرية في العنف الطلابي وعن حجم تراجع استقلالية الجامعات”.

من تجربته الشخصية في تغطية أحداث العنف الأخيرة في جامعة مؤتة، يشكو مراسل صحيفة الغد في الكرك، هشال العضايلة، صعوبة الحصول على المعلومات. ويقول لعين على الإعلام أن “الكتابة في هذا الموضوع كان يمكن أن تثير حساسية في الأيام التي تلت الأحداث لأن كامل محافظة الكرك كانت منغمسة في الأزمة”.

ويروي العضايلة بعض التفاصيل الغائبة عن تغطية الإعلام للأحداث الأخيرة في مؤتة، بالرغم من أهميتها في تفسير ما جرى. “كان من المتوقع حدوث عنف على خلفية انتخابات اتحاد الطلبة، حيث قررت الحركة الإسلامية المشاركة بعد مقاطعة استمرت 5 سنوات، وجاءت مشاركتها هذه المرة بالتحالف مع عشيرة واحدة موزعة بين الكرك والطفيلة ومادبا، تنافست مع تحالف طلاب من الكرك”.

“في محافظات مثل محافظة الكرك، يوضح العضايلة، يوجد محاذير شديدة كالتي نتعرض لها نحن الصحفيون في قضايا أكثر بساطة، حيث تعرضنا للاعتداء وللتهديد بالقتل. وهذه المسألة ليست مرتبطة بعشيرة ما وإنما بأشخاص لا يمثلون تلك العشيرة أو الجهة”.

ويضرب الصحفي مثلا حادثة تعرضه قبل ثلاث سنوات للتهديد بالقتل من شخص معلوم على خلفية مشاجرة بين عشائرتين في إحدى القرى. “وتوجهت للجهات الرسمية وقدمت اسمه ورقمه لكن المدعي العام لم يحرك أي قضية ضده. فتوجهت لصحيفتي ولم تقصر وقام محاميها باللازم. لكن في المحافظات وفي مناطق الأحداث يترك الصحفي وحده في مواجهة الأزمة”.

قضية حماية الصحفي، وفقا للعضايلة، أكبر من من كونها شأنا إعلاميا. “في أحداث قرية فقوع التي وقعت على إثر وفاة الطالب في عنف جامعة مؤتة لم تستطع الأجهزة الأمنية حماية المركز الأمني ومديره الذي تلقى ضربات ويرقد حاليا في قسم العناية الحثيثة في المستشفى العسكري في الكرك، فكيف يمكن أن توفر حماية أمنية لصحفي”.

“لذلك فإن ذكر اسم العشائر قد يلحق الضرر بالإعلاميين، ولا يوجد حماية لنا، باستثناء الحماية القضائية التي توفرها صحيفتي”، يقول مراسل الغد.

الخوف لدى الصحفيين مبرر جزئيا، يقول الكاتب الطويسي لعين على الإعلام. “أحيانا نحن نخلق الخوف ونعطي للآخر الشرعية لممارسة الابتزاز. فعندما صمتنا عن العشيرة التي هاجمت الصحيفة ولم نقاضيها قانونيا أوجدنا مبررات لكل من يستقوي بالعشائرية. الإعلام مسؤول عن ذلك عندما صمت مرارا عن حالات ابتزاز باسم العشائر”.

وفي حين غابت أصوات الطلاب أنفسهم عن تغطية الإعلام لقضية تخصهم، أعد الكاتب الطويسي بحثا اعتمد على استطلاع آراء طلاب لتتبع الخطاب الطلابي نفسه في مجموعة من المفاهيم المرتبطة بالثقافة السياسية والمجتمعية. وخرج بنتائج تتعلق بالعنف الجامعي لم يتطرق لها الإعلام، مثل ضعف مفهومي الوطن والدولة وربطه بمفهوم العشيرة لدى الطلاب، بالإضافة إلى ممارسات أصبحت أشبه بتقليد راسخ في بعض الجامعات، تحتكر رئاسة اتحاد الطلبة وهيئتها الإدارية في عشيرة واحدة ويبقى بقية طلاب الجامعة مهمشون لا دور لهم.

للاطلاع على تقارير: عين على الإعلام

أضف تعليقك