بين مقابلة الملك ومؤتمر المانحين في لندن

بين مقابلة الملك ومؤتمر المانحين في لندن
الرابط المختصر

تسارعت التصريحات الأردنية الرسمية حول تزايد ضغوط اللجوء السوري على المملكة، وذلك عشية مؤتمر لندن للدول المانحة، وصولا إلى مقابلة الملك عبد الله الثاني مع هيئة الإذاعة البريطانية، التي كان لها قراءات بين أعمدة كتاب الرأي في الصحف اليومية.

 

الكاتب فهد الخيطان، يرى أن المقابلة حملت رسائل شديدة اللهجة للمجتمع الدولي بضرورة التحرك الفعلي والجاد لمساعدة الأردن على تحمل عبء اللاجئين السوريين، وترجمة الوعود إلى أفعال ملموسة.

 

ويضيف الخيطان أن أقوال الملك عكست إلى حد كبير، المزاج الشعبي الأردني المستاء من إلقاء العبء الأكبر على الأردن وحده، وعدم اكتراث المجتمع الدولي بمعاناة الأردنيين، شعبا وحكومة، جراء ذلك.

 

كما أجوبة الملك خلال المقابلة، تحذيرا مبطنا باستعداد الأردن لمراجعة مقاربته حيال اللاجئين بشكل كلي، إذا لم يلتزم المجتمعون في لندن بواجباتهم ومسؤولياتهم تجاه الدولة المستضيفة واللاجئين، يقول الخيطان.

 

ويتوقع الكاتب ألّا يقل خطاب الملك خلال مؤتمر لندن وضوحا وحدّة، من تصريحاته في المقابلة الصحفية، وذلك في إطار استراتيجية أردنية لتصعيد الموقف إلى أعلى درجة ممكنة دبلوماسيا، لتحصيل أوسع حزمة ممكنة من المساعدات الاقتصادية.

 

ويوضح الخيطان أن تحرك الأردن الجاد والصارم بهذا الخصوص يعود إلى تعثر محادثات السلام السورية في جنيف، حيث لا يريد دفع  ثمن الإخفاق العالمي في معالجة النزاع السوري وحده.

 

وثيقة "عقد الأردن"

تشير الكاتبة رنا الصباغ إلى اطلاعها على وثيقة رسمية بعنوان "عقد الأردن: طريقة شمولية جديدة بين المملكة الأردنية الهاشمية والمجتمع الدولي للتعامل مع أزمة اللاجئين السوريين"، والتي ستطرح خلال مؤتمر لندن، بما تشمله من منح بعضهم حق العمل في مهن مختارة، وتحسين البنى التحتية، ورفع سوية خدمات الصحة والتعليم، مقابل نيل 8.13 مليار دولار على شكل منح وقروض ميسرة بين 2016 و2018.

 

وتضيف الصباغ أن "هذه الصفقة الشمولية غير المسبوقة للحصول على مساعدات اقتصادية حاسمة، تقوم على "عقد" (Compact) ينطوي على ضمانات ستوفرها المملكة للمجتمع الدولي "لتحويل مأساة اللجوء إلى فرصة لتنمية حقيقية لهم وللمجتمعات التي تستضيفهم"، مقابل سلسلة مكاسب متبادلة قد تخفّض مغريات التسرب إلى أوروبا وأميركا وكندا، وعلى مبدأ "ساعدوا الأردن لكي يساعدكم".

 

وتحذر الوثيقة، بحسب الصباغ، من "أن استمرار أسلوب العمل الحالي يعني أن الاحتياجات الطارئة والضرورية للتعامل مع أزمة اللاجئين لن تلبّى، وعليه بات من الضروري تغيير المقاربة من خلال حفز التنمية الاقتصادية ودعم السياسات المالية والنقدية وخلق فرص عمل في الأردن لمصلحة الأردنيين واللاجئين السوريين".

 

وتلفت إلى أن تغير موقف الأردن حيال التعامل مع كارثة اللجوء لم يكن ممكنا لولا إحساس أوروبا بثقل تبعات تدفق أكثر من مليون لاجئ إليها العام الماضي، غالبيتهم رجال وأطفال فروا من سورية ودول الجوار بعد أن يئسوا من الأبواب الموصدة أمام فرص العمل والظروف المعيشية والسكنية البائسة"، إضافة إلى غضب الأردن من حصول تركيا على صفقة دعم أوروبي بقيمة 3 مليارات دولار لقاء إغلاق الباب أمام هجرة السوريين إلى أوروبا.

 

إلا أن ثمّة شعورا متناميا بأن الأردن يبالغ في رهانه على سرعة الحصول على مكاسب تسمح له بدخول سوق الاتحاد الأوروبي، ذلك أن تسهيل قانون قواعد المنشأ قد يأخذ وقتا طويلا، متسائلة عن "الجهة أو الجهات التي ستراقب امتثال الأردن للوعود التي يطلقها في وثيقة "العقد"، وبخاصة تلك المتعلقة بتنفيذ سياسات خلق فرص عمل للاجئين السوريين"، تقول الصباغ.

 

مؤتمر لندن والفرصة الفاصلة:

ويرى الكاتب ماهر أبو طير، أن أوروبا قررت "عكس بوصلة" الهجرات السورية إلى ذات المنطقة، عبر دفع الكلف المالية المترتبة على استقبال الأشقاء السوريين، للدول المستضيفة، جوار سورية، بدلا من استقبال ذات السوريين فيها.

 

ويؤكد أبو طير أن الأردن، كما الشعب السوري، تعرض للتضليل والتغرير، "فقد قيل للأردن أن المجتمع الدولي لن يتركه وحيدا إذا فتح حدوده، وقيل للسوريين أن الهجرة مغرية مادامت ستؤدي إلى فضح النظام، والنجاة بحياتهم، وأن كل القصة "مؤقتة""!

 

فـ"الأردن لم يستطع إغلاق حدوده بوجه الهاربين من الموت، أيا كان حجم المساعدات، لكنه وصل إلى مرحلة خطيرة للغاية"، وهو ما يفسر، بحسب أبو طير، الإشارات الأردنية المتتالية المتسارعة على لسان المسؤولين خلال الأيام الماضية، وكثرة التذكير بضغط الهجرات السورية إلى المملكة.

 

ويخلص الكاتب إلى القول إن الأردن أمام الفرصة الفاصلة لجعل كلفة اللجوء السوري إلى أراضيه، كلفة دولية، وليست كلفة محلية لا يقدر عليها.