بني ارشيد: مستقبل الحركة الإسلامية مرهون بإعادة إنتاج ذاتها

بني ارشيد: مستقبل الحركة الإسلامية مرهون بإعادة إنتاج ذاتها
الرابط المختصر

أكد نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين السابق زكي بني ارشيد، أن مستقبل الحركة الإسلامية مرهون بقدرتها على إعادة إنتاج ذاتها، وبناء منظومة علاقاتها مع الآخر.

 

وأوضح بني ارشيد في ورقة قدمها خلال مؤتمر حول مستقبل الإسلام السياسي، بأن المطلوب من جميع أطراف المعادلة الوطنية القيام بمراجعة الواقع والموروث وليس الحركة الإسلامية فقط.

 

وأما فيما تعلق بحالة الاختلاف والانقسام التي شهدتها الحركة الإسلامية خلال الفترة الماضية، لفت بني ارشيد إلى أن هذه الحالة ليست الأولى في تاريخ الحركة الإسلامية، فيما بقيت الجماعة الفاعل الأكثر حضورا وتواصلا وتمثيلا لجمهورها وتيارها.

 

وأشار إلى أن الجماعة تسير في نفس الاتجاه، وأن من أهم الموضوعات التي تراجعها الجانب الفكري، والموروث التراثي والمواطنة، والموقف من الآخر والتعددية الفكرية والسياسية والدينية، والحريات العامة والمجال الفني والأدبي، والفصل بين الدعوي والسياسي وغيرها من الموضوعات التي سيعلن عنها بعد اعتمادها.

 

وتاليا نص الورقة:

 

جماعة الاخوان المسلمين تقدير الموقف وقراءة المستقبل

 

اذا كان قانون التحدي والاستجابة هو أحد أهم محركات التاريخ في كافة العصور، وقانون السببية الذي ارسى قواعده عالم الاجتماع الفذ ابن خلدون كفيل بتفسير حركة التدافع  السياسية والاجتماعية التي شهدتها المنطقة في السنوات القليلة الماضية ،  فيصبح  من الاهمية بمكان أن نفهم طبيعة المتغيرات الكبرى التي اجتاحت الواقع المحلي والإقليمي والدولي خلال العقد الثاني من القرن الحالي ، ومن الضروري أيضأ ادراك مآلات ما جرى على جميع المستويات والأصعدة ، واثر ذلك كله على واقع جماعة الإخوان المسلمين ومستقبلها، وهو موضوع البحث.

 

فالجماعة تأسست بعد سلسلة من النكبات التي لحقت بالأمة الإسلامية ، ونتج عنها  خضوع الوطن العربي لهيمنة الاستعمار الأجنبي وللتجزئة والتقسيم، فكان رد الفعل الطبيعي أن تلتهب الحماسة الدينية والدعوة إلى الجامعة الإسلامية ووحدة العالم الإسلامي  ، ومواجهة الحملات غير المسبوقة ضد هوية الامة ودينها من جانب المستشرقين وغيرهم ، وهكذا تشكلت منطلقات مدارس الأحياء والاصلاح الإسلامي ، بعدما بدا واضحا لهم أن الدعوة للتحديث والعصرنة لم تكن بمعنى التطوير وإستبدال أساليب الإدارة والحكم والتعليم بمناهج حداثية قادرة على الاستجابة للمتغيرات الجديدة المطلوبة ، بل صار المطلوب حسب تقديرهم –سواء بوعي أو بلا وعي- القضاء على تراث الأمة وعقيدتها.

 

في هذه الظروف نشأت الدعوة إلى استئناف الحياة الإسلامية وإقامة المشروع الإسلامي ، وانطلقت الجماعة لتحقيق أهدافها وخاضت مجموعة من التجارب المختلفة سياسية وتنظيمية ودعوية واجتماعية وحققت نجاحات احيانا واخفقت احيانا أخرى، وصولا إلى اللحظة الراهنة التي نشهدها، والتي يرى فيها البعض ان حركة التاريخ الحتمية في طريقها الى طي صفحة الاخوان المسلمين من التاثير في المشهد السياسي والواقع الاجتماعي ، ويحلو للبعض ايضا ان يرى الجماعة في طريقها الى الانكماش والتراجع ، ويستند اصحاب هذه القراءة الى النتيجة التى انتهت اليها الحركات القومية واليسارية ، وذهب بعضهم للبحث عن البدائل المتوقعة لملء الفراغ الناشئ عن غياب ليس جماعة الاخوان المسلمين فقط ، وانما ايضا للبحث عما بعد (  الاسلام السياسي ) ، فهل هذه القراءة واقعية ولها ما يبررها ؟ ام انها قراءة رغائبية لا تستند إلى قواعد الاجتماع وعلم السياسة؟.

 

قبل الإجابة على هذه الاسئلة لا بد من التمهيد بمقدمات منطقية تساعد على تشخيص الحالة وتقدير الموقف والتعبير عن المستقبل ، وعلى النحو التالي.

 

اولا : حركة الربيع العربي كانت نتيجة طبيعة لانسداد الافق السياسي العربي وتفشي حالة الفساد واحتكار السلطة وقمع الراي المخالف وامتهان كرامة المواطنين وانتهاك حقوق الانسان وما رافق هذه الحالة من فشل مشروع النهضة والتنمية الاقتصادية وتوسع حالة الفقر والحرمان وغياب العدالة الاجتماعية ، واذا كانت البداية  التي اطلقت مفاعيل الربيع العربي - اذا كانت البداية مفاجئة - توقيتاً ومكاناً، فان استمرار تجاهل حالة الاحباط المتراكمة تعبر عن عدم قدرة أصحاب القرار على فهم حركة التاريخ ، وهي العبارة التي ذكرها اكثر من رئيس عربي قبل ان يواجه مصيره، وقولهم العبارة المشهورة : (الآن فهمتكم).

 

ثانياً : نجاح الثورات المضادة مرحلياً والعودة الى مرحلة الفساد والاستبداد لا تعني انتهاء الارادة الشعبية لإحداث التغيير اوتوقف مسار التحول الديمقراطي ، وبخاصة  مع الفشل الذريع في ادارة الدول التي انقلبت على خيارات شعوبها ، وغياب الامن والاستقرار وبروز الازمات الإقتصادية والإجتماعية والثقافية والسياسية ، وازدياد الأسباب الموجبة لموجة أخرى من محاولات النهوض والاصلاح ،

 

ثالثاً : حالة الربيع العربي لم تقتصر على الانظمة فقط وانما هي مناخ جديد اقتحم جميع المكونات الرسمية والشعبية والاهلية والمدنية ، باعتبارهم كائنات حية، تحكمهم قوانين السببية ونواميس الكون التي هي قاهرة بالتأكيد لمن صادمها. ويمكن قراءة مستقبل اي حركة استناداً الى قدرتها على الاستفادة من جملة التجارب و الاحداث والمتغيرات واجراء المراجعات الجادة والتقويم المستمر والافادة من النقد الذاتي، والحركة الإسلامية وهي  تعيش ألم المخاض ولحظة التدافع الداخلي ، مرشحة للتقدم نحو المستقبل وربما تشهد نجاح  المصألحة الداخلية وعودة الاندماج والتماسك التنظيمي كما حصل في الجزائر وقد تشهد مغادرة فوج جديد للاطار التنظيمي الأمر الذي يعتبره البعض فشلا اضافيا ، ينظر له اخرون من زاوية مغايرة كضرورة لإستعادة لياقة الحركة ورشاقتها ، وخوض تجارب أخرى خارج المحضن التنظيمي وربما تشكل روافد مساندة للمشروع الإسلامي وعلى قاعدة التكامل وتوزيع الادوار.

 

ما يعني ان مستقبل الحركة الإسلامية مرهون بقدرتها على اعادة انتاج ذاتها ، وبناء منظومة علاقاتها مع الآخر .

 

رابعاً : المطلوب من جميع اطراف المعادلة الوطنية القيام بمراجعة الواقع والموروث وليس الحركة الإسلامية فقط ،

 

خامساً : لا غنى عن ادارة حوار وطني جاد يشارك فيه المجموع الوطني  ، ويؤسس لعقد اجتماعي جديد  يواكب الصيرورة الحداثية وينهي حالة المراوحة في نفس المكان ويُمكّن الشعب من الشراكة السياسة والتداول السلمي للسلطة .

 

في ضوء هذه المقدمة يمكن تحديد مستقبل ومسار جماعة الاخوان المسلمين ، وهذا المستقبل تصنعه إرادة الجماعة وقدرتها على العبور وتجاوز المرحلة  واغتنام الفرص المرافقة لمجمل التحديات او صناعة الفرص الجديدة. والعلامة الفارقة هي القدرة على التخطيط الاستراتيجي الصحيح، فالمستقبل ليس فيه مكان للعجزة  او الكسالى ، والحمقى والموتى هم الذين لا يغيرون آراءهم ابدا حسب ارنست هيمنغواي في رائعة (الشيخ والبحر) .

 

اما فيما تعلق بحالة الاختلاف والانقسام التي شهدتها الحركة الإسلامية خلال الفترة الماضية ، ومع التاكيد على ان هذه الحالة ليست الاولى في تاريخ الحركة الاسلامية فقد سبق ذلك تشكيل حزب التحرير الإسلامي وكذلك حزب الوسط الإسلامي أيضأ. وبقيت الجماعة هي الفاعل الأكثر حضورا وتواصلا وتمثيلا لجمهورها وتيارها.

 

سادساً : وبالمجمل فان جل الحركات المنبثقة او المنشقة عن اصولها لا  يكتب لها النجاح، هذه هي القاعدة التي لا يمكن إبطالها بالحالات  الاستثنائية.

 

والميدان السياسي يتسع للجميع ونجاح اي حالة يعزز من فرص المشروع الذي ينتمي له الجميع.

سادساً : حزب جبهة العمل الاسلامي في الاردن بدا بعملية المراجعة وتحت عنوان اعادة الهيكلة ، واذا استطاع الحزب ان ينجز هذه العملية فيمكن اعتبار ذلك بمرحلة التاسيس الثانية للحزب ، لانها تشكل طرحا حداثيا متقدما ، يلامس الأنموذج المستوعب لمجمل المتغيرات والتحديات، لا سيما وان التعديلات تناولت الافكار والاسس والمبادئ والرؤية والاهداف ، مرفق نسخة من المشروع .

 

وفي ذات السياق فان الجماعة ايضا تسير في نفس الإتجاه ومن اهم الموضوعات التي تراجعها الجماعة الجانب الفكري والموروث التراثي والمواطنة  والموقف من الاخر  والتعددية الفكرية والسياسية والدينية والحريات العامة والمجال الفني والادبي   والفصل بين الدعوي والسياسي وموضوعات اخرى سيعلن عنها بعد. اعتمادها.

أضف تعليقك