الوصاية الهاشمية على القدس.. ما أساساتها الدينية والقانونية؟

الوصاية الهاشمية على القدس.. ما أساساتها الدينية والقانونية؟
الرابط المختصر

أعطى تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح قرار يدعو الولايات المتحدة إلى سحب اعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل، زخما للوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس، بعد أن قادت المملكة الأردنية حراكا دبلوماسيا أمميا مكثفا؛ لمواجهة قرار الرئيس الأمريكي.

إلا أن هذا الزخم أبرز أيضا "أشقاء منافسين يحاولون كسب نفوذ لهم في القدس، انطلاقا من سلطة المال"، إذ يشير صحفيون مقدسيون في حديث لـ"عربي21" إلى "وجود نشاط واضح للمملكة العربية السعودية في شراء عقارات، والتغلغل في القدس القديمة؛ من خلال صرف الأموال".

الشهية السعودية لإيجاد نفوذ لها على المقدسات بدأت تطفو على السطح، بعد ملاسنة كلامية شهدتها كواليس اجتماع الاتحاد البرلماني العربي، الذي انعقد في المغرب، بين الوفد السعودي والأردني حول ولاية ووصاية الأردن على الأوقاف والمقدسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس المحتلة. لتمتد الأجواء المتوترة إلى ندوة عقدتها نقابة الصحفيين الأربعاء الماضي، عندما قال رئيس الديوان الملكي الأردني الأسبق، عدنان أبو عودة، إن هنالك "محاولة سعودية لمنافسة الأردن على الوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس المحتلة". ما أدى إلى نشوب ملاسنة مع المستشار السياسي في السفارة السعودية في الأردن، الذي كان بين الحضور.

السفير السعودي في عمّان، الأمير خالد بن فيصل بن تركي آل سعود، دخل على الخط لاحقا، ليصف في حديث لصحيفة الدستور الأردنية "الوصاية الهاشمية على القدس بالحكيمة، وبأنها تعاملت مع الاعتداءات الإسرائيلية باقتدار".

نشاط سعودي في القدس

الصحفي المقدسي، داود كتاب، يؤكد لـ"عربي21" أن أطرافا عربية وإقليمية تحاول أن تجد موطئ قدم لها في القدس"، فيقول: "تلعب السعودية دورا في القدس بالتغلغل؛ من خلال صرف الأموال؛ لشراء بعض العقارات في البلدة القديمة، في محاولة إبراز دور لها في القدس على الأرض".

أما الحكومة التركية -يقول كتاب- فـ"تقوم ببناء علاقات ثقافية، وتدعم مؤسسات مجتمع مدني في القدس، وتملك قنصلية في القدس الشرقية، ستحولها لاحقا إلى سفارة، كما أعلن الرئيس التركي".

تركيا -بدورها- أكدت على لسان الرئيس رجب أردوغان دعمها للوصاية الهاشمية على المقدسات، ووصف الرئيس التركي الملك عبد الله الثاني بـ"حامي المقدسات الإسلامية في القدس ضد الاعتداءات الإسرائيلية"، خلال مؤتمر القمة الطارئ لمنظمة التعاون الإسلامي، التي عقدت في 13 من كانون أول/ ديسمبر في اسطنبول.

كما احتل ملف المسجد الأقصى مساحة واسعة من مناقشات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، في زيارة الرئيس التركي لعمان في آب/ أغسطس الماضي، شدد فيها الرئيس التركي على "أهمية الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، والدور الخاص الذي يضطلع به الأردن في تحمل هذه المسؤولية".

أبعاد دينية وقانونية للوصاية الهاشمية



وترتكز الوصاية الهاشمية على جوانب دينية وقانونية، كما يقول مدير شؤون الأقصى في وزارة الأوقاف الأردنية، عبد الله العبادي، مبينا لـ"عربي21" أن "الوصاية الهاشمية مثبتة من ناحية دينية وعقائدية وسياسية؛ فالملك هاشمي من حفدة الرسول عليه السلام، والمسجد الأقصى والمسجد الحرام مربوطان معا عقائديا في القرآن الكريم".

أما سياسيا، فيقول: "القدس والضفة الغربية كانتا تابعتين للمملكة الأردنية الهاشمية في عام 1967، ثم جاء قرار فك الارتباط القانوني والإداري، لكن بقيت القدس والمقدسات تابعة قانونيا للمملكة، ومنصوص على ذلك في المادة التاسعة من اتفاقية السلام، ولولا ذلك لأصبح هناك فراغ كبير، ولسيطر الاحتلال على كل المقدسات، وغيرت الوضع القائم، خلافا للقانون الدولي".

وحول محاولة بعض الدول فرض وصايتها على المقدسات، دعا العبادي الدول العربية والإسلامية لدعم الوصاية الهاشمية في المحافظة على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس.

وتعود الأصول التاريخية لسيادة الأردن على المقدسات في القدس لعام 1924، عندما بويع الشريف حسين، مطلق الثورة العربية الكبرى، وصيا على القدس، مرورا بسيادة الأردن على القدس الشرقية عام 1948 و1967.. وحتى بعد فك الارتباط بين الضفتين عام 1988، فإنه لم يتخل الأردن عن السيادة على المقدسات.

كما يدعو النائب أحمد الرقب، مقرر لجنة فلسطين النيابية في البرلمان الأردني، إلى "العودة بالقدس والقضية الفلسطينية إلى العمق العربي والإسلامي؛ لتشكيل درع قوي يضيق الخناق دبلوماسيا وسياسيا على الاحتلال".

يقول لـ"عربي21": "الوصاية الهاشمية بعمقها العربي والإسلامي أمر مبتوت به تاريخيا ودينيا وسياسيا، وبالتالي فأي محاولة لخطف هذه الوصاية هي خارج السياق وناشزة، ستؤدي إلى حالة من الاتهام والتآمر إلى أي دولة، سواء كانت خليجية أو إسلامية، تحاول انتزاع هذه الوصاية".

وثبتت المملكة الأردنية وصايتها على المقدسات قانونيا؛ من خلال الاتفاقية الموقعة بين الملك عبد الله الثاني ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، في عام 2013، بالإضافة لإعلان واشنطن، الذي أكد على هذا الحق.

ونصت الاتفاقية مع عباس على المبادئ التاريخية المتفق عليها أردنيا وفلسطينيا حول القدس، التي تمكّن الأردن وفلسطين "من بذل جميع الجهود بشكل مشترك لحماية القدس والأماكن المقدّسة من محاولات التهويد الإسرائيلية".